ترجمات

ترامب يعِّين “الصقر الخارق” بولتون كمستشار للأمن القومي

من “قصف إيران لإيقاف قنبلتها” إلى ضربة استباقية لكوريا الشمالية، مسؤول بوش السابق يعدُ بسياسة خارجية أكثر عدوانية.


بقلم: كولوم لينش وإلياس جرول / foreign policy
ترجمة مركز الفرات للدراسات – هوزان هادي

اختيار الرئيس دونالد ترامب لجون بولتون مستشاراً للأمن القومي يضع متشدّداً متفرّداً ومدافعاً شرساً عن القوة العسكرية في قلب البيت الأبيض.
وقد دعا بولتون صراحةً إلى توجيه ضربة استباقية إلى كوريا الشمالية، وإلى توجيه غارات لفرض تغيير النظام في إيران، ويريد وجوداً عسكرياً مفتوحاً في أفغانستان، كما دعا إلى وقفةٍ أكثر تصادميّة ضد الصين، بما في ذلك نشر القوات الأمريكية في تايوان.
لكن على النقيض من المحافظين الجدد من الجمهوريين، الذين انضمّ إليهم في حثّ الرئيس جورج دبليو بوش للإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين عام 2003، فإنّ بولتون لا يهتمُّ كثيراً بتصدير القيم الأميركية مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وقد خدم في وزارة الخارجية وعمل سفيراً للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة خلال إدارة بوش.
ويشترك بولتون مع الرئيس في تجاهله للاتفاقيات الدولية، وازدراءه للمنظمات متعدّدة الأطراف مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وميله إلى توجيه إهانات جارحة إلى العديد من أعدائه السياسيين, ففي مذكراته ( الاستسلام ليس خياراً, دفاعاً عن أمريكا في الأمم المتحدة ) يشير بولتون مراراً وبشكل مهين إلى البيروقراطيين الأوروبيين.
وقد قضّ تعيينه، الذي شاع لعدة أسابيع, مضجع خبراء السياسة الخارجية من واشنطن إلى برلين الذين يشعرون بالقلق من أنّ خلع ماكماستر وتعيين بولتون يمكن أن يضع الولايات المتّحدة على الطريق نحو صراعات متعددة.
“لا يؤمن بولتون بالدبلوماسية القسرية”، هكذا غرّد مايكل ماكفول، وهو سفير أمريكي سابق لدى روسيا خلال إدارة الرئيس باراك أوباما على موقع تويتر, وأضاف: “عوضاً عن ذلك، فهو يعتقد أنّ تغيير النظام هو الهدف, واستخدام القوة العسكرية هو الوسيلة الواجب استخدامها في أماكن مثل كوريا الشمالية وإيران. نظرياته حول السياسة الخارجية الأمريكية معيبة بشدّة”.
سوف يحلُّ بولتون محلَّ مستشار الأمن القومي السابق, الجنرال هربرت ريمون ماكماستر في أوائل نيسان / أبريل، وعوضاً عمّا أُشيع عن التوجّه إلى منصب من فئة أربع نجوم كتعزية لترك البيت الأبيض، فإنّ ماكماستر سيتقاعد، وقال مسؤول في البيت الأبيض: إنّ التغيير قد تم إجراؤه الآن من أجل “وضع الفريق الجديد في مكانه تجنّباً للتكهّنات المتواصلة”، وسيكون بولتون مستشار الأمن القومي الثالث لترامب في غضون ما يزيد قليلاً عن عام.
إنّ تعيين بولتون، الذي لا يتطلّب مصادقة مجلس الشيوخ عليه، من المرجّح أن يزيد فقط من غريزة الصّقر لدى إدارةٍ قامت بحملة بُنيت على وعدٍ بتقليص المغامرة الأمريكية في الخارج، لكن ذلك الذي يتولّى المنصب اعتنق رؤيةً أكثر عسكرة للسياسة الخارجية الأمريكية. (مثله مثل ترامب، انصرف بولتون إلى الدراسة للتهرّب من الخدمة في فيتنام، وهي الحرب التي أيّدها).
في ما يلي بعض النقاط العالمية الساخنة التي تهدّد فيها وصفات سياسة بولتون بإعادة تشكيل السياسة الخارجية للولايات المتحدة بشكل جذري.

قنبلة إيران

إنّ اختيار بولتون كمستشار للأمن القومي يضع مؤيداً قديماً للعمل العسكريّ ضدّ إيران موضعَ الساعد الأيمن لترامب، تماماً كاستبدال ترامب لوزير الخارجية ريكس تيلرسون بمدير وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) مايك بومبيو, هذه التغييرات تضعُ الصقورَ المتربّصة بإيران خلف مقود السائق مباشرةً.

طرح بولتون دعواه الصريحة للحرب مع إيران في عنوان مقالٍ نُشر في رأسيّة افتتاحيّة صحيفة نيويورك تايمز عام 2015 قائلاً: “لإيقاف القنبلة الإيرانية, اقصفوا إيران بالقنابل”, دعا بولتون، والذي كثيراً ما استشهد باستحسانٍ الهجمات الإسرائيلية الاستباقية على المنشآت النووية لجيرانها، إلى ضربات عسكرية للمنشآت النووية، مدعومةً بقوات المعارضة الإيرانية المتعهّدة بالإطاحة بالنظام.

وبدعوته الملحّة إلى تغيير النظام في إيران، فقد دعم بولتون الجماعة المعارضة الإيرانية المتطرّفة ( مجاهدو خلق )، حتى عندما صُنِّفت كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة.
وفي معرض حديثه في أحد المناسبات في بروكسل عام 2011، قال بولتون: إنّه يدعم “بشكل لا لبس فيه” هدفَ الحركة في الإطاحة بالنظام الإيراني. ( العديد من الجمهوريين المعروفين، بمن فيهم عمدة مدينة نيويورك السابق رودي جولياني، وبعض الديمقراطيين، بمن فيهم حاكم ولاية فيرمونت السابق هاورد دين، قدّموا أيضاً الدّعم إلى الجماعة).

في عام 2009، بدا أنّ بولتون يؤيّد استخدام إسرائيل للأسلحة النووية ضدّ إيران, وقال خلال كلمة ألقاها في جامعة شيكاغو: “ما لم تكن إسرائيل مستعدّة لاستخدام الأسلحة النووية ضدّ البرنامج النوويّ الإيراني، فإنّ إيران سوف تمتلك أسلحة نووية في المستقبل القريب جداً”.

كوريا الشماليّة

بعد التقدّم الكبير الذي حققته كوريا الشمالية في مجال الأسلحة النووية وتكنولوجيا الصواريخ، أيّد بولتون القيام بضربة عسكريّة استباقيّة على كوريا الشمالية في محاولة للقضاء على ترسانتها النووية.

كتب بولتونَ في صحيفة وول ستريت جورنال في الشهر الماضي, حيث اعتبر أنَّ وقت الضربة قد حان الآن, وقال: “التهديد وشيك”، مستشهداً بأمثلةٍ على دبلوماسية مدافع الأسطول في القرن التاسع عشر، وأضاف: “بالنّظر إلى الثّغرات في المعلومات الاستخبارية الأمريكية حول كوريا الشمالية، يجب ألّا ننتظر حتى اللحظة الأخيرة. من شأن ذلك أن يشكّل خطراً على الضربة بعد أن تحصل كوريا الشمالية على أسلحة نووية قابلة للإطلاق، وهو وضع أكثر خطورة بكثير”.

ومن المرجّح أن تدعو مثل هذه الضربات كوريا الشمالية إلى توجيه ضربات انتقاميّة إلى كوريا الجنوبية وإلى القواعد الأمريكيّة في المنطقة, ويحذّر المسؤولون العسكريون الأمريكيون من احتمال أن يسفر ذلك عن عشرات الآلاف من القتلى الأمريكيين وعن نوعٍ من الحرب لم يشهدها جيلٌ على الأقل.

ومن غير الواضح أيضاً كيف ستتماشى لهفة بولتون لضربة استباقية مع خطط ترامب لمقابلة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون من أجل عقد قمة لمناقشة نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية.

في العام الماضي، رفض بولتون المفاوضات المباشرة مع كوريا الشمالية على أنَّها “استمرارٌ لسياسات أوباما”.

الصين

ومن المرجّح أن ترى بكين بولتون بشكل مثير للريبة, فقد حثّ بولتون، المؤيّد الصريح للحكم الذاتي التايواني، إدارة ترامب على مراجعة سياسة “الصين الواحدة” الممتدّة لعقود مع الصين, وقد دعا إلى زيادة مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى تايوان، وتعدّاها إلى نشر القوات الأمريكية هناك، مستنداً بذلك على مفهوم الجنرال دوغلاس ماك آرثر حول “حاملة طائرات غير قابلة للغرق” قبالة الساحل الصينيّ.

في المقابل، تنظرُ بكين إلى سياسة “الصين الواحدة” باعتبارها حجر أساس غير قابل للتفاوض في علاقاتها مع الولايات المتحدة، والتي يعود تاريخها إلى إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون.

في هذا الأسبوع، تعهّد الرئيس الصيني شي جين بينغ بلهجة شديدة بالدفاع عن “كل بوصة” من الأراضي الصينية، بما في ذلك ما تعتبره بكين مقاطعة تايوان المتمرّدة.

إسرائيل

من المتوقّع أن يقدّم بولتون دعماً لامحدوداً لإسرائيل, في حين أنَّ بعض المحافظين فتحوا النار على ماك ماستر بدعوى دعمه غير الكافي, ووصف دان غيلرمان، سفير إسرائيلَ السابق لدى الأمم المتحدة، بولتون ذات مرةٍ بأنَّه “سلاح إسرائيلَ السريّ”.

المؤسسات الدولية

إنَّ بولتون واحدٌ من أشدِّ منتقدي التعدّدية في البلاد، ويشكّك مراراً في التزام أمريكا بمعاهدات الحدّ من الأسلحة والاتفاقات الدوليّة الأخرى, والتي قد تحدُّ من قدرتها على استخدام القوة, لقد قال ذات مرة عن الأمم المتحدة – وهي المؤسسة التي وظّفته كمفاوضٍ في الصحراء الغربية -: ” إنَّ مبنى الأمانة العامة في نيويورك يحتوي على 38 طابقاً, إذا خسرتم 10 طوابق اليوم، فلن يُحدث ذلك فرقاً كبيراً “.

كتب بولتون في مذكّراته: “أسعدُ لحظاتي في الخارجيّة كانت – شخصياً – عدم التوقيع  على نظام روما الأساسي, الذي أُنشئت بموجبه المحكمة الجنائيّة الدوليّة … لقد أخبرتُ كولين باول إنّني شعرتُ كأنّي طفلٌ في يوم عيد الميلاد”.

إنَّ موقف بولتون تجاه المعاهدات الدوليّة ينسجم بدقّة مع موقف ترامب, فقد قال بولتون ذات مرّة: “المعاهدات هي قوانينٌ إلّا بالنسبة للشؤون الداخليّة الأمريكيّة”, وقال أيضاً: “إنّ المعاهدات في نطاق نشاطها الدوليّ هي ببساطةٍ سياسيّة, وليست ملزمةً قانوناً”.

يحتفظ بولتون بأكبر قدر من ازدرائه للمدافعين عن النظام الدولي، وعلى رأسهم البيروقراطيين في الاتحاد الأوروبي  ومسؤولي وزارة الخارجية، الذين يزعم أنّهم يفتقرون إلى الشجاعة.

وكتب في مذكراته: “المعادلة الأخلاقيّة مرضٌ معقدٌ، سائدٌ على وجه الخصوص بين دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي، وهو شديدة العدوى، يتفشّى بسرعة في البيروقراطية الثابتة للدولة”.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى