ترجمات

الرضوخ لأردوغان سيكون سهلاً, ولكن على ترامب أن يطالب بالمزيد

كان انتصار الجيش التركي على القوات الكرديّة في بلدة عفرين الشمالية السورية مكلفاً, فقد استغرق الأمر ثمانية أسابيع، وأزهقَ عدّة آلاف من الأرواح, وشرّد بضع مئات الآلاف من المدنيين, كما نُهبَت المدينة, ذات الغالبيّة الكرديّة، بعد أن دخلتها القوات التركيّة، وفي نهاية المطاف، عمّق القتال الشّرخ بين إدارة ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي احتفل بفوزه متفاخراً بأنَّ قواته ستتقدّم في شمال شرق سوريا, وهذا من شأنه أن  يضعها في مواجهة مع القوات الأمريكية.
السيد أردوغان، الذي يبدو أنّ هوس السلطة لديه ينمو بشكل مطّرد, من المرجّح أن يكون مخادعا, لكنّ الولايات المتحدة تواجه الآن مشكلة استراتيجية حادّة في سوريا, تتمثّل بكيفية الحفاظ على سيطرتها الفعلية على امتدادٍ شاسع من الأراضي شرق نهر الفرات, دون خوض حربٍ ضدَّ حليفٍ للناتو، فهناك حاجة لوجود أمريكيّ مستمرّ لاستكمال هزيمة الدولة الإسلامية، ومنع إيران من تعزيز السيطرة على البلاد, والاستفادة من تسوية مقبولة للحرب الأهليّة السوريّة. إلا أنّ الحفاظ على التحالف مع تركيا هو مصلحة أمريكيّة مهمة أيضاً، والطريقة الأسهل للخروج من المأزق هي الرضوخ للسيد أردوغان, لكنّ ذلك سيثير المزيد من المشاكل لإدارة ترامب في كلٍّ من سوريا وتركيا.
محور نزاع الحلفاء هو الشراكة الأمريكية مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تقودها حركة كرديّة سوريّة متحالفة مع المقاتلين الأكراد في تركيا, فقوات سوريا الديمقراطية حاسمةً في هزيمة الدولة الإسلامية في شرق سوريا، وبإمكانها أن تساعد في استقرار ذلك الجزء من البلاد في ظلّ إدارة مدنيّة جديدة، ومع ذلك، فإنّ السيد أردوغان، الذي كان ملتزماً بالسلام مع الأكراد حتى عام 2015، يصرّ على أنّ الأكراد السوريين إرهابيون، ويحاول إخراجهم من الأراضي القريبة.
بدا أنّ النقاش المشحونَ بين الحلفاء يتحسّن بعد محادثة طويلة بين السيد أردوغان ووزير الخارجية ريكس تيلرسون الشهر الماضي, وقال الأتراك لاحقاً, إنّه تم التوصّل إلى اتفاق لإجلاء قوات سوريا الديمقراطية من بلدة منبج ذات الغالبية  العربية, إلا أنّ السيد تيلرسون عزل منذ ذلك الحين, وقالت وزارة الخارجية الأمريكية الأسبوع الماضي إنّه لم يتم التوصّل إلى اتفاقٍ نهائيّ.
من المُمكن أن نتصوّر تسويةً توافقيّةً يتمُّ بموجبها نقل القوات الكردية إلى شرق نهر الفرات، وإبقاء القوات الأمريكيّة في منبج للمساعدة في حماية المدنيين, لكن يبدو إنّ السيد أردوغان يريد المزيد, ربما يرغبُ – مثل روسيا وإيران – في دفع الولايات المتحدة بالكامل خارج سوريا، فيجب على إدارة ترامب رفض هذا الخيار، الذي سيتطلّب منها التخلّي عن القوى التي ساعدت في دحر الدولة الإسلامية, والتي لا تزال ضروريةً لمنعها من الظّهور مجددّاً.
علاوةً على ذلك، لا يمكن إصلاح العلاقات مع تركيا ما لم تطلب واشنطن المزيد من السيد أردوغان، كبدايٍة، ينبغي أن يُصرّ السّيد ترامب على أن تقوم تركيا بإطلاق سراح مواطني الولايات المتحدة الذين تحتجزهم قسراً كرهائن، وأن يتم تخفيف القمع الداخلي.
يجب دفع السيد أردوغان لإعادة فتح مفاوضات السّلام مع الأكراد، لأنّه إذا استمر في نهجه الحالي المتهوّر، فإنّ الشرخ في الحلف سيكون حتميّاً، عاجلاً أم آجلاً, ولا يجب التضحية بأكراد سوريا لمنعه.

هيئة التحرير | واشنطن بوست
ترجمة مركز الفرات للدراسات – هوزان هادي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى