ترجمات

حوار مع مايكل روبين: من مواجهة ترامب مع إيران إلى خلافة علي خامنئي

ماذا ستفعل إدارة ترامب مع إيران؟ بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض، زادت التوقعات بشأن احتمال عودة استراتيجية “الضغط الأقصى” ضد الجمهورية الإسلامية.

أدت سياسة “الضغط الأقصى” التي انتهجها ترامب، خلال ولايته الأولى، إلى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات الواسعة على إيران، واغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس آنذاك، وإدراج الحرس الثوري الإيراني في قائمة المنظمات الإرهابية الأمريكية.

يبحث الجميع الآن عن إجابة لسؤال واحد: ماذا سيحدث هذه المرة؟ كيف سيكون مستقبل الجمهورية الإسلامية؟ هل أصبح النظام الإيراني على وشك السقوط، أم علينا أن ننتظر حدوث اتفاق جديد بين طهران وواشنطن؟

للعثور على إجابة لهذه التساؤلات، توجهنا إلى مايكل روبين؛ المؤرخ، وكبير الباحثين في معهد “إنتربرايز الأمريكي”.

السيد روبین، الذي عمل سابقاً مستشاراً في البنتاغون أيضاً، يعتقد أن الجمهورية الإسلامية ستلجأ إلى المماطلة وإضاعة الوقت خلال أول عامين من حكم دونالد ترامب، لأنها تدرك أنه بعد ذلك سيبدأ المسؤولون داخل الإدارة الأمريكية نفسها بالابتعاد عنه، استعداداً للانتخابات الرئاسية لعام 2028.

ويعتقد السيد روبين- الذي يقول إنه عاش في إيران لمدة سبعة أشهر خلال التسعينات- أنه ربما يمكن اقتراح شخص مثل حسين نوري الهمداني، رجل الدين البالغ من العمر 99 عاماً، كخليفة مؤقت لعلي خامنئي، حتى يتمكن مجتبى بعد وفاته من أن يصبح المرشد الحقيقي لإيران دون أن يُنظر إلى الأمر على أنه توريث مباشر للحكم.

وفي حين أنه يعتقد بأن احتمالية اندلاع مواجهة عسكرية بين إسرائيل وإيران تبقى قائمة، فإنه يحذر من سيناريو آخر قد يحدث بعد سقوط الجمهورية الإسلامية، وهو استيلاء العسكر في الحرس الثوري على السلطة في البلاد.

  • لتكن البداية بهذا السؤال: برأيك، ما هي الاستراتيجية التي سيتبعها ترامب في مواجهة إيران؟ هل سنكون أمام فصل ثانٍ من استراتيجية الضغط الأقصى، أم علينا أن ننتظر اتفاقاً نووياً جديداً بين إيران والولايات المتحدة؟
  • في الحقيقة، يرغب دونالد ترامب في كسر الأطر الدبلوماسية. إنه لا يعمل وفقاً للتوقعات وهو غير ملتزم بالأعراف الشائعة.

من ناحية أخرى، أعتقد أنه سيحاول التواصل مع إيران. وقد حصل ممثله في الشرق الأوسط ستيف فيتكوف، مسبقاً على تفويض للقيام بذلك. رغم أنني أعتقد أنّ الإيرانيين هم من سيسعون أكثر إلى التواصل مع ترامب، لأنهم قلقون جداً من العودة المحتملة للعقوبات. لكن ما يجعل ترامب مختلفاً عن باقي الرؤساء الأمريكيين الذين سعوا إلى اتفاقيات دبلوماسية هو أنه لا يخشى مغادرة طاولة المفاوضات.

لذلك، يجب على الحكومة الإيرانية أن تكون حذرة للغاية في التعامل مع أي مفاوضات محتملة مع الولايات المتحدة. إذا كان هدف طهران هو استخدام الدبلوماسية كأداة لكسب الوقت واستنزاف أمريكا، فسرعان ما سيتنبه ترامب لذلك، ويطبق الضغط الأقصى.

مع ذلك، وباعتباري محللاً وليس مؤيداً لطرف ما، فإنني أعتقد أنّ ترامب سيتجه إلى التفاوض مع الجمهورية الإسلامية، لأنه لا يدرك جيداً أنّ الأيديولوجية هي الأساس الذي يقوم عليه الحكم في إيران.

  • لكن لكي تتمكن من تحويل جهود التفاوض إلى اتفاق قابل للتنفيذ، فإنك تحتاج إلى فريق يتمتع بنفس التفكير لدفع هذه العملية وإيصالها إلى مرحلة التطبيق. على الأقل حتى الآن، لا نجد مثل هؤلاء الأشخاص في فريق دونالد ترامب الحالي، وقد عيّن هذا الأخير أشخاصاً يعارضون بشكل أساسي أي حوار مع الجمهورية الإسلامية. ألا يعني هذا الوضع أنه حتى لو تم التوصل إلى اتفاق، فإنه مصيره سيكون مشابهاً لاتفاق ترامب مع زعيم كوريا الشمالية؟
  • أنا أتفق معك تماماً. غالباً ما يتخذ ترامب قراراته بشكل مفاجئ، منتظراً أن يقوم فريقه بإكمال التفاصيل لاحقاً. ولكن في حالة الجمهورية الإسلامية فإن هذا النهج خطير للغاية، لأن التفاصيل دائماً هي الحاسمة.

ما يقلقني أكثر هو أن ترامب ليس لديه، من الناحية السياسية، سوى عامين تقريباً للمضي قدماً في خططه. وبعد ذلك، حتى الجمهوريون داخل حكومته، سوف يبدؤون بالابتعاد تدريجياً ويستعدوا للانتخابات المقبلة.

ومن ناحية أخرى، أشعر بالقلق ألا تكون الحكومة الإيرانية صادقة بما فيه الكفاية، بشأن هذه القضية. إنهم يخافون من ترامب واحتمال عودة العقوبات الشديدة وتفعيل “آلية الزناد”، وربما يكون هدفهم الوحيد هو تجاوز هذين العامين دون صراع.

هذه النقطة مهمة، لأننا نعلم أن إيران لا تحتاج إلى مثل هذا البرنامج النووي لتأمين الطاقة، وتعلم أنها تستطيع خلال عامين مواصلة أنشطتها على مستوى أدنى دون تدمير هذا البرنامج بالكامل، من أجل كسب الوقت، وتعمل على توسيعه بقوة أكبر، بعد انتخابات عام 2028.

النقطة الأخيرة، التي ربما أخطأتْ فيها إدارة أوباما ووزير الخارجية السابق جون كيري، هي أن الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه قبل عشر سنوات أعطى إيران الكثير من التنازلات منذ البداية، والآن لم يعد هناك الكثير مما يمكن للولايات المتحدة أن تقدمه لإيران في اتفاق جديد.

إنّ ما تريده إيران حقيقةً، هو الحصول على ضمانات بعدم مهاجمة إسرائيل لها. لكن على عكس ما يقوله بعض منظّري نظرية المؤامرة في واشنطن وطهران، فإن الولايات المتحدة لا تسيطر على إسرائيل، وليس من الواضح ما إذا كانت واشنطن تملك أي ضمان من هذا القبيل أصلاً.

  • ولكن إذا جرت مفاوضات بين الجانبين، فما نوع الاتفاق الذي سيتطلع إليه الطرفان؟ فهل ستركز العقوبات فقط على القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني، كما أعلن الرئيس الأميركي في مقابلته مع قناة فوكس نيوز، أم ستشمل أيضاً أنشطة إيران الإقليمية وكذلك برنامج الصواريخ للجمهورية الإسلامية، كما يريد كثيرون في الولايات المتحدة؟
  • إن تركيز السلطات الإيرانية الأولي ينصبُّ على “آلية الزناد”، وعلى بنود “الغروب” في الاتفاق النووي من وجهة نظر الاستراتيجيين الأميركيين، ولذلك، سيكون من الضروري في البداية مناقشة البرنامج النووي الإيراني وما سيحدث بعد انتهاء خطة العمل الشاملة المشتركة.

وهناك مسألة أخرى، وهي محدودية الوقت، حيث إنّ “آلية الزناد” صالحة فقط لفترة زمنية معينة؛ عندما تدخل أحكام “الغروب” حيز التنفيذ.

والآن، قد يتصور الأمريكيون أن الحكومة الإيرانية أصبحت في موقف دفاعي بعد العمليات الإسرائيلية في لبنان، والتي وجهت ضربة قوية لحزب الله، وأيضا بعد سقوط نظام الأسد.

لكنني أعتقد أنّ إيران تشتري الوقت. وهم لم يتخلوا بعد عن سوريا بشكل كامل. وعلى الرغم من أنه يتم الحديث كثيراً عن أبو محمد الجولاني قائد هيئة تحرير الشام، فهو يسيطر فقط على 35% من البلاد ولا يسيطر عليها بأكملها. وتأمل إيران أن تتمكن من لعب دور في سوريا، أو زعزعة الأوضاع على أقل تقدير.

القضية الكبيرة الأخرى ضمن إطار الأجندة الإقليمية تتعلق بمدى قدرة إيران على تقديم التنازلات فيما يتعلق بالحوثيين، وهل سينضم العراقيون أيضاً إلى هذا المسار أم لا.

شخصياً، أرجّح أن يكون العراقيون متعاونين في ذلك، لأنّ الكثير من القادة الموالين لإيران في العراق، مثل قيس الخزعلي، يريدون التحول من مجرّد أمراء حرب إلى رجال أعمال قانونيين.

لكن فيما يتعلق بالحوثيين، فإنّ السؤال الرئيسي المطروح هو هل تسيطر إيران بشكل فعلي عليهم أم لا؟ لأنه إذا أراد دونالد ترامب أن يتفاوض بشأن الحوثيين، وأقدم هؤلاء على القيام بأعمال تخريبية، فمن الممكن حينها أن يغضب من طهران، ويستنتج أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية غير قادرة على الإيفاء بتعهداتها.

إضافةً إلى كل هذا، هناك قضية أخرى مهمة أيضاً أمامنا؛ وهي المرحلة الانتقالية في إيران، لأنّ علي خامنئي يبلغ من العمر 85عاماً، وقد لا يكون في أفضل حالاته الصحية.

  • نصل الآن إلى مناقشة المستقبل السياسي في إيران، ولكن قبل ذلك أريد أن أسألك عن استراتيجية إسرائيل في مواجهة إيران. هل تعتقد سنكون أكثر قرباً من احتمال هجوم عسكري إسرائيلي على إيران في عهد إدارة ترامب الجديدة؟
  • إن ما تريده إسرائيل، باعتقادي، ليس أن تدعم الولايات المتحدة صراحةً هجوماً إسرائيلياً على إيران، بل ألاّ تفعل شيئاً من شأنه أن يعطل تلك المساعي. لذا فإن ما يريده الإسرائيليون هو القدرة. ولهذا السبب، طلبوا من الولايات المتحدة أن تزودهم بالعتاد اللازم للقيام بذلك بشكل مستقل.

وهذا الأمر يتوافق مع عقيدة ترامب، فهو يريد أن تكتسب الدول الإقليمية التي تعتمد على الولايات المتحدة القدرة على تولي مسؤولية أمنها. وهذا ما تقوم به إسرائيل.

ينبغي لإيران أن تدرك وتعي جيداً أن ترامب قد يعجبه النهج الإسرائيلي. لقد أظهر الإسرائيليون أنهم قادرون على الهجوم بدقة عالية، وبشكل يُفقد تأثير الدفاعات الجوية الإيرانية، وهذا ينبغي أن يكون مدعاةً للقلق بالنسبة للإيرانيين.

لكن المشكلة الرئيسية هي أن العديد من المحللين في الغرب يقولون إن السلطات الإيرانية لن تقدم على الانتحار. وحتى لو طوروا الأسلحة النووية فإنهم لن يستخدموا هذه الأسلحة ضد إسرائيل، لأن إسرائيل سوف ترد بالتأكيد، ولكن هذا استدلالٌ خاطئ في حقيقة الأمر.

إسرائيل ليست قلقة حيال ما إذا كانت السلطات الإيرانية ستقدم على الانتحار أم لا؛ بل إنّ ما يقلق إسرائيل هو ماذا سيحدث إذا أصبح النظام الإيراني مريضاً؟

إذا أنتجت إيران الأسلحة النووية، ستتولى هذه المهمة، مجموعة من القوات الموالية والمؤمنة بعمق بأهداف الجمهورية الإسلامية، وهي قوات خاصة أيضاً في الحرس الثوري. في الوقت نفسه، نحن نعلم أنّ نظام الجمهورية الإسلامية ليس لديه شرعية بين شعبه، وقد أظهرت حركة “المرأة، الحياة، الحرية” هذا الأمر.

المشكلة الآن هي، إذا كانت إيران تشهد انتفاضة أخرى من شأنها أن تؤدي إلى انهيار النظام، ما الذي يمنع وحدات الحرس الثوري التي تسيطر على الأسلحة النووية، من مهاجمة إسرائيل، في آخر 24 أو 48 ساعة الباقية من عمر النظام؟

في المقابل، هل سترد إسرائيل على دولة تشهد تغييراً للنظام؟ هل ستردّ على شعبٍ متظاهرٍ في الشوارع من أجل حركة “المرأة، الحياة، الحرية”؟ جوابي على هذا السؤال هو لا.

وفي المحصلة، هذا هو مصدر القلق الرئيسي من البرنامج النووي الإيراني، والذي تحوّل إلى تهديد وجودي لإسرائيل؛ أن تحصل إيران على القنبلة النووية، ثم ينهار النظام، وبعد ذلك لا أحد يعرف ما الذي سيحدث. لذلك قد تشعر إسرائيل أنّها لا تمتلك الوقت الكافي للمواجهة. ولذلك، أعتقد أنّ الصراع قادم.

– بعد هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول والأحداث التي تلتها، شهدت المنطقة الكثير من التطورات، فقد ضعفت إيران بشدة، وتعرضت الجماعات التابعة للجمهورية الإسلامية لضربات قاصمة. السؤال هو: هل هذه هي نهاية الهيمنة الإقليمية للجمهورية الإسلامية في المنطقة، أم أنها ستستعيد عافيتها وتلعب دوراً في المنطقة مرة أخرى؟

– إنه سؤال جيد جداً. أعتقد أنه ينبغي علينا أن نتفق أنهم لا ينوون الاستسلام لأننا أمام نظام عقائدي.

إنّ الهدف الرئيسي للحرس الثوري الإسلامي هو الدفاع عن الثورة والمثل الثورية. ولا ريب أنّ هدف الحرس إلى حد ما، في الميثاق التأسيسي له، هو تصدير الثورة، وقد رأينا أنهم لا يستخدمون الأساليب الناعمة فحسب، بل يستخدمون أيضا الأساليب الصلبة والقوة العسكرية لتحقيق هذا الهدف. إذاً، نحن أمام مشكلة، وهي أنهم سيستمرون في بذل هذه الجهود.

لا شك أنّ إيران فقدت جزءاً كبيراً من قوتها، كما أشرتم في سؤالكم، ولم يعد حزب الله قوياً كما كان في الماضي، رغم أنني قلق بشأن شبكته المالية المستمرة في أفريقيا. كما أن نظام بشار الأسد قد انتهى، وظهر بديل له قد يكون سيئاً بنفس القدر. لذا، ربما لم يعد لديهم القدرة المالية التي كانوا يتمتعون بها.

لكن إذا قررت الولايات المتحدة الخروج من العراق، كما تم نقاشه خلال فترة رئاسة بايدن- ويميل ترامب أيضاً إلى القيام بذلك- فإنّ ذلك من شأنه أن يمهّد الطريق أمام عودة الحرس الثوري، ولو بأعداد صغيرة.

علينا ألا ننسى أنّ الحرس الثوري ليس وحدة عسكرية إنفاقية فحسب، بل يعتبر مؤسسة عسكرية مدرّة للدخل أيضاً. وإذا تمكنوا هم ووكلائهم في العراق من كسب المال، وتحولوا إلى كيانٍ ربحيّ فقد يكون هذا، في نهاية المطاف، نقطة البدء لهم، لإعادة إحياء قدرتهم.

دعني أورد لك مثلاً بسيطاً. عندما تواجه حريقاً ضخماً، فإنّك لا تنتظر حتى ينطفئ الحريق بنسبة ثمانين أو تسعين بالمائة حتى تعود إلى البيت، وإنما تنتظر حتى تنطفئ النار بشكل كامل مئة بالمئة.

– كسؤال أخير، أود أن تخبرنا قليلاً عن المستقبل. كيف ترى الأفق أمام الجمهورية الإسلامية وجهود المعارضين للإطاحة بها؟ وإذا حدث ذلك، ما النهج الذي قد تتبعه الحكومة القادمة؟

قبل كل شيء، عليّ أن أقول إنني مؤرخ، لذل فعملي يتجاوز التنبؤاءت! والكثير من منتقديَّ يقولون أيضاً أنني حتى في هذا المجال لا أصيب إلا بنسبة خمسين بالمائة فقط.

ولكن إذا نظرنا إلى المستقبل، فإننا أمام مرحلة انتقالية. يريد مجتبى خامنئي خلافة والده، كما يريد خامنئي نفسه أن يحلّ ابنه مكانه. لكن المشكلة تكمن في أن هذه الخطوة ستوجه ضربة قوية لشرعية الجمهورية الإسلامية، لأنّ هذا النظام قدّم نفسه منذ البداية معارضاً لتوارث الحكم.

لذلك، قد يتم تعيين مرشد مؤقت للحفاظ على ظاهر الحكم، وقد يكون أحد كبار رجال الدين، مثلا نوري الهمداني، المتقدم في السن، ولن يكون أمامه وقت كافٍ لترسيخ سلطته. بعد ذلك، يمكن أن يتولى مجتبى الحكم، بحيث لا يبدو انتقال السلطة، ظاهرياً على الأقل، وكأنه وراثي بشكل مباشر.

لكن إذا نظرنا إلى إيران نظرة أكثر شمولاً، كما قلت ذلك من قبل، فإنني أعتقد أنّ الجمهورية الإسلامية ليست النقطة الطبيعية للتكامل السياسي والثقافي في إيران. هذه السلطة هي انحراف تاريخي، ويجب النظر إلى هذه المسألة على هذا الأساس.

المشكلة الرئيسية هي الحرس الثوري. ففي المحصلة، لا يهم ما تعتقده غالبية الناس، لأنّ الحرس على استعداد لاستخدام القوة العسكرية لقمع الاحتجاجات. وهذا ما لا يدركه مؤيدو الإصلاح في إيران، وكذلك الدبلوماسيون الغربيون. فعندما يكون السلاح بيد الحرس الثوري، لا يمكننا تأمل حدوث إصلاحات تدريجية.

إحدى الأحداث الحاسمة التي يجب أن تحدث، هو حدوث انقسام داخل صفوف الحرس الثوري. عادةً ما يتم الحديث عن الأجنحة السياسية مثل الأصوليين والإصلاحيين، لكن في داخل الحرس الثوري أيضاً توجد خلافات بين الأجنحة. والسؤال هنا هو: هل سيشهد الحرس الثوري يوماً ما انشقاقاً داخلياً، وكيف ستسير هذه العملية، في حال حدوثها؟

عندما تندلع الاضطرابات، فإنّ ما يقلقني هو أنه بعد وفاة المرشد، وسقوط الجمهورية الإسلامية، قد يستولي الحرس الثوري على السلطة كديكتاتورية عسكرية. في هذه الحالة، فإنّ السؤال الأساسي هو: هل ستظل هذه الديكتاتورية ملتزمةً بعقيدة آية الله الخميني، أم أننا سنشهد شيئاً أشبه بالحكم العسكري في مصر؟

مع ذلك، فإنّ ما يمنحني الأمل، هو حركة “المرأة، الحياة، الحرية”. لم يكن لهذ الحركة قائد “كاريزمي” محدّد ليلتف الجميع حوله، لكن قد لا يكون هذا الأمر نقطة ضعف.

إذا نظرنا إلى الثورة الدستورية، لم يكن هناك قائد واحد مؤثر، لكن في تلك المرحلة القصيرة، تأسست الديمقراطية في إيران. كذلك، بسبب تجربة الثورة الدستورية هذه، مطلع القرن العشرين، يمكننا القول إنّ الديمقراطية ليست مفهوماً غريباً على إيران، على عكس ما يدّعيه بعض أنصار الجمهورية الإسلامية. إنّ الديمقراطية متجذرة في إيران، وهي جزء من هويتها الوطنية.

على المدى الطويل، أعتقد أنّ إيران ستتجه نحو الديمقراطية، وستطيح بهذا النظام. لكن ما لا نعلمه هو المراحل التي سيمر بها هذا الانتقال والعقبات التي ستواجهه.

سيحدث التغيير في إيران، بلا أدنى شك، لكن لا يمكن التنبؤ بزمن حدوثه. لقد أثبت التاريخ أنّ أحداً لم يتمكن من التنبؤ بدقة بموعد حدوث أية ثورة، لكن عندما يحدث مثل هذا التحول، فمن المرجّح أن يكون أسرع بكثير مما رأيناه في أماكن أخرى.

  • ما هو رأيك في مستقبل العلاقات بين إيران والولايات المتحدة؟

  • فيما يتعلق بالعلاقات بين إيران والولايات المتحدة، فإنّ ما يمنحني الأمل هو أنه حتى خلال فترة الجمهورية الإسلامية، لم يكن مستوى العداء بين الشعبين الإيراني والأمريكي بحجم العداء بين بعض الدول الأخرى، مثلاً، في باكستان، عندما يتحدث الناس عن الهند، يمكنك أن تشعر بكراهية شديدة. ولكن لا يوجد مثل هذا الشيء بين الشعب الإيراني والشعب الأمريكي؛ إنها مشكلة سياسية ودبلوماسية بالدرجة الأولى.

ما يجب على الولايات المتحدة أن تأخذه بعين الاعتبار في المستقبل هو حساسية الإيرانيين تجاه مسألة القومية. لا ينبغي أن يكون النهج الأمريكي متعالياً أو مفروضاً. يجب أن يختار الشعب الإيراني مستقبله بنفسه ويشكل النظام الذي يريده.

إنّ كل من سافر إلى إيران- وقد أتيحت لي الفرصة أن أعيش في إيران لمدة سبعة أشهر، في عهد كل من رفسنجاني وخاتمي- كل من سافر، يعرف أنّ الإيرانيين شعب مثقف، وقوي، وذو ثقافة غنية. يجب علينا أن نقف إلى الوراء، ونسمح للشعب الإيراني أن يظهر إمكاناته الحقيقية.

لقد أخذوا العبرةً من الشعبوية التي مثلتها الثورة الإسلامية. وسيكون مستقبلهم أكثر واقعية، لكنهم سيواصلون الدفاع بفخر عن مصالحهم الوطنية.

سعيد جعفري

ترجمة عن الفارسية: مركز الفرات للدراسات- قسم الترجمة

رابط الحوار الأصلي

زر الذهاب إلى الأعلى