ترجمات

استبدال (تيلرسون) بـ (بومبيو) سيكون إزاحة لمعتدٍ لصالح أحد الصقورِ

استبدال (تيلرسون) بـ (بومبيو) سيكون إزاحة لمعتدٍ لصالح أحد الصقورِ

الكاتب: مارك لاندلر من نيويورك تايمز  |  ترجمة مركز الفرات

رابط المقال : Mark Landler | nytimes

لطالما اعتبر وزيرُ الخارجية تيلرسون، على الرغم من كل زلاته الإدارية والسياسية، صوت الاعتدال داخل إدارة ترامب في تعاطيها مع العالم. سيختفي هذا الصوت إذا شرع الرئيس ترامب، كما هو متوقع، باستبدال السيد تيلرسون في وزارة الخارجية بمايك بومبيو عضو الكونغرس السابق المتشدد، والذي أضفى مسحة سياسية على وكالة الاستخبارات الأمريكية التي يترأسها.

السيد بومبيو، خريج جامعة ويست بوينت والمعروف بهجومه العنيف ضد طريقة تعاطي هيلاري كلينتون مع هجوم بنغازي الدموي في ليبيا، مقتل السفير الأمريكي (عندما كانت وزيرة للخارجية، قد دعا إلى إلغاء الاتفاق النووي مع إيران وقلل من شأن التدخل الروسي في انتخابات عام 2016 كما ولمح إلى أن الإطاحة بنظام كوريا الشمالية سيكون تغييراً محمودا.

هذه الآراء جعلته منسجماً مع السيد ترامب، الذي قال مساعدوه في البيت الأبيض إنه ثمّن آراء بومبيو اللاذعة ونهجه المتشدد خلال الملخص الرئاسي اليومي الذي يقدمه.

على النقيض من ذلك فقد قام ترامب بالتقليل من شأن تيلرسون، فيما رد وزير الخارجية على هذا التصرف من ترامب بطريقة مبهمة غير واضحة .

يقول بعض المحليين إن السيد بومبيو سوف يغني وزارة الخارجية بما من شأنه أن يجعله أكثر فاعلية من السيد تيلرسون، ليس أقله من خلال علاقاته السوية مع السيد ترامب، كما أن السيد بومبيو قد اكتسب رصيداً من خلال طريقة إدارته التشاورية مع موظفي وكالته المخضرمين، الشيء الذي على ما يبدو لم يقم به تيلرسون .

إلا أن بعض الخبراء يقولون إن السيد بومبيو، تبعاً لسجله السابق وكذلك تصريحاته، سيصطف مباشرة في صف الصقور داخل الإدارة التي هي في الأساس متشددة في قضايا معينة، بما فيها قضيتي البرنامج النووي الإيراني وكوريا الشمالية. يقول ستيفتن والت، بروفيسور العلاقات الدولية في كلية كينيدي – هارفاد، إن كل ما يقوله بومبيو هو أنه قد آن أوان انتهاج سياسة الحزم، وليس هناك من سبب يدعو إلى الاعتقاد إلى أنه سيغير من آرائه فيما لو أنه أصبح على رأس وزارة الخارجية. آراء بومبيو المتشددة كرئيس/مفترض/ للدبلوماسية الأمريكية ربما تقوي ميول السيد ترامب المتشددة عوض تخفيفها والذي من شأنه أن يجعل السياسة الأمريكية أكثر تشدداً تجاه إيران، فيما كان السيد تيلرسون مع وزير الدفاع جيم ماتيس يدفعان السيد ترامب لئلا يقوض الاتفاق النووي مع إيران والذي تم التفاوض عليه من قبل الرئيس باراك أوباما. بعد أيام من انتخاب                                                                                                                                                            ترامب غرد بومبيو على تويتر “أتطلع إلى إلغاء هذا الاتفاق الكارثي مع أكبر دولة داعمة للإرهاب في العالم”. لاحقا، في وكالة المخابرات المركزية قام بومبيو بالدفع باتجاه نشر وثائق سرية حول الغارة الأمريكية التي أودت بحياة أسامة بن لادن والتي احتوت دلائل على صلات إيران بالقاعدة. قال بومبيو بصدد ذلك إن هذا الامر قد جاء خدمة للشفافية في الوقت الذي أشار فيه بعض المنتقدين إلى  أن نشر هذه الوثائق كان بهدف التأثير على سير الاتفاق النووي مع إيران.

فيما يتعلق بكوريا الشمالية فإن السيد بومبيون قد تجاوز كل المسؤولين في الإدارة الأمريكية من خلال الدعوة في منتدى آسبن للأمن الذي انعقد في تموز إلى للإطاحة برئيس تلك الدولة،  كيم جونغ أون، قائلا ” الشيء الأكثر خطورة هي تلك الشخصية التي تسيطر على ترسانة كوريا الشمالية النووية، الشيء الأهم الذي يمكن فعله من وجهة نظر الإدارة هو الفصل بين هذين الأمرين، أليس كذلك ؟ الفصل بين المقدرة والشخص الذي يمكن ان يمتلك النية في استخدامها ”

السيد تيلرسون ببساطة كان قد استبعد من سياسة الإدارة تغيير النظام الكوري الشمالي، ففي المناقشات الدائرة في البيت الابيض كان يحث دائما لإبقاء الباب مفتوحا أمام الدبلوماسية بالرغم من تجارب اطلاق الصواريخ التي ينفذها السيد كيم وكذلك تهديد السيد ترامب باستخدام القوة العسكرية ضد كوريا الشمالية.

تصريحات وزير الخارجية تيلرسون في العلن تبدو أكثر اعتدالا من تصريحات الكولونيل ماكماستر، مستشار الامن القومي الذي تحدث عن إمكانية شن حرب استباقية ضد كوريا الشمالية، دعك من تصريحات الرئيس ترامب الذي وصف كيم أون برجل الصواريخ الصغير” و” الجرو المريض”.

على النقيض من ذلك، بدا السيد بومبيو صاخبا بشكل غير اعتيادي كرئيس للسي آي إي والذي تتمثل مهمته الأساسية تقليديا بتقديم معلومات استخباراتية للرئيس بدلا من الدخول والتأثير في الجدالات السياسية، فقد وصف في منتدى آسبن للأمن دور إيران في الاتفاق النووي بالطرف الذي لا يفي بالتزاماته. وعندما واجهته الصحافة بشان التدخل الروسي في انتخابات عام  2016 التدخل الذي أكدته السي آي إي بدا متضايقا من السؤال، تماما كالرئيس ترامب. بينما كان السيد تيلرسون أقل ارتياحا في التعامل مع هذه القضية، عندما قابل وزير الخارجية الروسي لافروف في الفلبين في آب قال انه قد أخبره ” كم أن هذه الحادثة جدية وكيف أنها قد آذت العلاقة بين الشعبين الأمريكي والروسي”.

قام السيد تيلرسون بالتدخل في الأزمة الخليجية واتخذ موقفا محالفا لما اتخذه الرئيس ترامب الذي ساند بشكل واضح المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في نزاعهما المرير ضد الجارة قطر، مؤكدا أن قطر تستضيف أكبر القواعد العسكرية الامريكية وداعيا الرئيس الامريكي للعب دور أكثر حيادية في تلك الأزمة كما وحث طرفي النزاع لإيجاد تسوية لنزاعاتهما .

بالنسبة للبعض في واشنطن، لعب السيد تيلرسون دور المشرف الناضج على الرئيس ترامب،  فهو، حسب رأي جون كروكر السيناتور عن ولاية تينيسي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، مع  السيد ماتيس وزير الدفاع والسيد جون كيلي كبير موظفي البيت الأبيض “يعّد من أولئك الرجال الذين جنبوا وطننا الفوضى”. إلا أن المنتقدين رأوا أن جهود السيد تيلرسون لم تؤد لحل الأزمة الخليجية بين السعودية وقطر كما أن جهوده الدبلوماسية لم تخفف من التوتر مع كوريا الشمالية .

أثار أسلوب إدارة تيلرسون المعزولة وعلاقاته الغير جيدة داخل وزارته تفوق أي آثار مفيدة لميوله المعتدلة. يقول السيد إليوت كوهين كبير موظفي وزارة الخارجية الامريكية في إدارة الرئيس جورج بوش الابن ومن أشد منتقدي الرئيس ترامب” إن الأذى الذي لحق بالولايات المتحدة ووزارة الخارجية في زمن تيلرسون عميق للغاية، تيلرسون أسوأ وزير خارجية في تاريخنا” . يقول إليوت لو أن بومبيو تم تعيينه فإنه من الممكن أن يستغل مهاراته السياسية بشكل أكثر فعالية فيما يتعلق بأمور الميزانية التي تخص وزارة الخارجية”. سيتعين عليه أن ينجح في ملئ الشواغر الفارغة في الوزارة كما ان قربه للرئيس ترامب يمنحه مصداقية أكثر لدى وزراء الخارجية الأمر الذي يفتقد إليه السيد تيلرسون”.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى