دراسات

التلوث. . وأهم مُسبباته في إقلـيم الجزيرة

تعريف عام للتلوث وتوضيح بعض مشاكل التلوث التي تتعرض لـها إقلـيم الجزيرة  

دراســـــــة علمية

1.  المقدمــــــــــــة           

2.  تعريف التلوث           

3.  أشكال التلوث:            

1.  تلوث الهواء

2.  تلوث المـاء

3.  تلوث التربة

4.  التلوث الضوضائي

5.  التلوث الإشعاعي

6.  التلوث بسبب الحروب

4.  مظاهر التلوث في إقليم الجزيرة:

1.الحراقات (المصافي البدائية)

2. المولدات الكهربائية وعوادم السيارات

3. التلوث بالنفايات

5.  الخاتمة  

 

المقدمة

لم يدرك الإنسان مقدار الخطر الذي كان ولايزال يمارسهُ على البيئة المحيطة به رغم ظهور العديد من المشاكل البيئية التي تهدد وجوده واستقراره على هذا الكوكب، ففي الوقت عينه نرى أن هنالك مفارقة غريبة عند الإنسان! خصوصاً في عصرنا الحالي فتجد أغلبهم حريصين كل الحرص على اقتناء أفضل وأجمل الأشياء في منازلهم ويحيطونها بعناية فائقة في الحفاظ على نظافتها وحمايتها من التلف، ولكن هذا الوعي سرعان ما يصبح في مهب الريح عندما يضحى خارج هذا المنزل.

فاستهتار الإنسان بالبيئة المحيطة به ومستقبلها ومستقبل الأجيال القادمة ليس له حدود، ففي الوقت الذي تعاني منه دول العالم أجمع من مشاكل بيئية بسبب سوء تصرف الإنسان بالدرجة الأولى، يأتي تهور الإنسان وسوء تصرفه مرة أخرى ليزيد الطين بلة في تفاقم الأوضاع بدون أي رقيب أو حسيب، ومن هنا فالإنسان هو المسبب الأول والرئيس لحدوث الكوارث البيئية التي تهدد كوكبنا، ففي الوقت الذي يتوجب عليه أن يستخدم عقله كسلاح للحفاظ على بيئته, نراه ينصاع وراء التقدم التكنولوجي والصناعي، فيطور تقنياته بشكل مفرط دون كبح لغرائزه وشهواته،  مما يؤدي إلى حدوث تغيرات عميقة في أسلوب حياته …

رغم ذلك يبقى الإنسان الوحيد القادر على تخليص الأرض من حجم الدمار والكوارث التي ألحقها بكوكبه وبكل الكائنات التي تعيش فيها وعليها.

فالبيئة التي نعيش فيها تحتوي على العديد من العناصر الهامة والهامة جداً والتي نتفاعل معها وبشكل دائم، حيث نؤثر فيها ونتأثر بها، ومن هذه العناصر كالماء والحيوان والنبات والتراب والهواء…الخ، وهي عناصر هامة لضمان الديمومة والاستمرارية على الوجه الأمثل والأكمل لحياتنا، فبدون هذه العناصر لن توجد هناك حياة سواء للحيوان أو للإنسان والنبات ولكل الكائنات الحية.

كما إن التقدم التكنولوجي والصناعي الذي وصل إليه الإنسان انعكس سلباً على توازن البيئة، فنجم عنه ظهور عدة مشاكل بيئية (كالاحتباس الحراري ومشاكل التلوث، الغذاء، الطاقة، الأوبئة والأمراض….) وكلها مرتبطة بالتدخل المفرط للإنسان في تكوينات بيئته.

ففي هذا البحث سوف يسلط الضوء على مشكلة التلوث التي باتت مشكلة حقيقية واساسية تعانيها المجتمعات بالرغم من وجود جهات خاصة ومعنية بهذه القضية إلا أن استمرار وتوسع هذه المشكلة تزيد المخاوف لدى الباحثين في هذا النطاق من انعكاس الممارسات المرتكبة بحق البيئة على المجتمع.

كما يتم تسليط الضوء على أمثلة مبسطة على أهم مُسببات التلوث في إقليم الجزيرة في سوريا وسيتم توضيح البرامج المطروحة من قبل المسؤولين المعنيين للتخفيف من ظاهرة التلوث.

2-تعريف التلوث:

التّلوث: التّلوث هو إدخال عناصر غير طبيعيّة إلى مكوّنات عناصر البيئة الطبيعيّة، أو القيام بأعمال ينتج عنها مخلّفات طبيعيّة ولكنّ بكميّات كبيرة، ممّا يتسبب في حدوث اختلال في التّوازن البيئي، وبالتّالي تهديد شكل أو مجموعة أشكال من الحياة فيها. 1

– ويعرف أيضا بأن التلوث: هو إدخال الملوثات إلى البيئة الطبيعية مما يلحق الضرر بها ويسبب الاضطراب في النظام البيئي.2

– شكلت التلوث مشكلة تهدد الوجود البشري, ففي مطلع عام 2002 ناشدت الأمم المتحدة دول العالم لمكافحة التلوث والعمل على الحد من انتشار التلوث إلى الفضاء وخارجه من تصاعد C.F.C)) كلوريد فلوريد كربون والغازات الناتجة عن المحروقات الصناعية والزراعية والنفايات وتجارب اسلحة الدمار الشامل، والتي فاقت 26 مليار طن سنويا وهذا أخطر تهديد للسلام العالمي وشعوبها. ومخاطره تهدد نواحي الحياة بحيث أصبح المجتمع الدولي يشعر بأن مخاطر التلوث تهدد الكون بأكمله دون استثناء.3

3-أهم أشكال التلوث:

أ-تلوث الهواء:

إن الهواء هو عنصر أساسي في كافة نواحي الحياة وتحتاجه جميع الكائنات الحية. فبينما يستطيع الإنسان البقاء عدة أسابيع دون غذاء وعدة أيام بدون ماء فإنه لا يستطيع أن يبقى بضع دقائق بدون هواء.

فالهواء يلعب دوراً أساسيا في صحة الإنسان في اليوم وتساوي كمية الهواء التي يتنفسها أكثر من عشر مرات كمية الماء التي يشربها، وكلما كان الهواء نقياً نظيفاً خالياً من التلوث فإنهُ يساعد على استمرار الصحة والنمو لجميع الكائنات الحية بصورة طبيعية دون حدوث تكاثر للأمراض الناتجة عن التلوث.

ويقصد بتلوث الهواء عندما تتعرض الغلاف الجوي لمواد كيماوية أو جسيمات مادية أو مركبات بيولوجية تسبب الضرر والأذى للإنسان والكائنات الحية الأخرى، أو تؤدي إلى الإضرار بالبيئة الطبيعية.4

وحسب تقارير منظمة الصحة العالمية فإن حوالي 570000 طفل دون سن 5 أعوام يموتون سنوياً من جراء أمراض الجهاز التنفسي من قبيل الالتهاب الرئوي الناجم عن تلوث الهواء في الأماكن المغلقة وفي الأماكن المفتوحة ودخان التبغ غير المباشر. 5

-أهم مصادر تلوث الهواء ترتبط بالأنشطة البشرية مثل:

من أهم مصادر التلوث الهواء كالمداخن ومحطات توليد الطاقة الكهربائية والمنشآت الصناعية (المصانع) ومحارق القمامة والمفاعل النووية ومحركات السيارات والمركبات البحرية والطائرات والحرائق بشتى الوسائل والأشكال.. الخ.

* أهم ملوثات الهواء:

– غاز أول أكسيد الكربون، ثاني أكسيد الكربون، أكسيد النتروجين، ثاني أكسيد الكبريت، الأوزون، الزرنيخ والزئبق والرصاص والغازات الدفيئة التي تزيد في مشكلة الاحتباس الحراري…

  الصيغة الاســـــــــــــــم
CO2  ثاني أكسيد الكربون
NO   أكسيد النتروجين
SO2 ثاني أكسيد الكبريت
 O3 الأوزون
AS    الزرنيخ
HG   الزئبق
PB    الرصاص
CO    أكسيد الكربون

 

– يشكل التلوث الجوي خطرا جسميا على صحة الإنسان في جميع أنحاء العالم، وذلك بناء على التقييم البيئي الصادر عن برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة (UNDP)، فإن حوالي 900 مليون من سكان المدن، أغلبهم في الدول النامية معرضون لمستويات غير صحية من ثاني أكسيد الكربون.6

 

 

– يقال عن الماء إنه ملوث عندما يفسد خواصه أو يغير من طبيعته، والمقصود بتلوث الماء هو عندما تتلوث مجاري الماء والآبار والأنهار والبحار والأمطار والمياه الجوفية مما يجعل ماءها غير صالح للإنسان أو الحيوان أو النباتات أو الكائنات التي تعيش في البحار والمحيطات.

ومن أهم ملوثات الماء: النفايات بكافة أشكالها، مياه المجاري، الأمطار الحامضية، المبيدات الحشرية والمخلفات الصناعية والنووية، التلوث الناتج عن تسرب النفط ومشتقاته في المحيطات والبحار.

– تقارير منظمة الصحة العالمية في هذا الشأن تشيرُ الى أن حوالي 361000 طفل دون سن 5 أعوام يموتون بسبب الإسهال، نتيجة لصعوبة الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي وخدمات الإصحاح.

وأن حوالي 270000 طفل يموت خلال الشهر الأول من عمره بسبب ظروف مثل الولادة المبكرة التي يمكن الوقاية منها من خلال الحصول على المياه النظيفة وتوفير خدمات الصرف الصحي والإصحاح في المرافق الصحية.8

 

-تعتبر التربة مصدر الخير والعطاء ومع ذلك تتعرض التربة ايضا للتلوث التربة من خلال تغيير بعض خصائصها الطبيعية أو الكيميائية أو الفيزيائية مما جعلها غير صالحةٍ للاستخدام.

فتلوث التربة هو التلوث الذي يصيب الغلاف الصخري والقشرة العلوية للكرة الأرضية9، كما هو في تغيير خصائص التربة الطبيعية والكيميائية والبيولوجية عن طريق إضافة مواد إليها أو نزع مواد منها.

تتلوث البيئة بشكل عام عن طريق إحراق المخلفات أو دفن المخلفات الصلبة أو عن طرق استخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية والأمطار الحامضية …

-تُعرف الضوضاء بالأصوات التي لا يرتاح لسماعها الإنسان.10  تعتبر الضوضاء من فصائل التلوث العديدة حيث أنها صنفت بأنها ضارة على صحة الإنسان، الحيوان، الطيور والنبات وأشياء غير حية أخرى، وإن مشاكل التلوث الضوضائي تزداد يوم بعد يوم وخصوصا في المناطق الحضرية “المزدحمة بالسكان”، بجانب المناجم، الطرق السريعة، المطارات، المناطق الصناعية ومناطق أخرى يوجد بها حركات إنشائية كالبناء وتنفيذ مشاريع…كما من المعروف أيضاً فالأذن تلتقط دائمًا حتى أثناء نومنا ليست كالعين التي تستطيع إغلاقها .11

ويسبب التلوث الضوضائي:

ردود فعل غير متزنة كالشرود الذهني وعدم القدرة على التركيز والشعور بالضيق 12، وأوجاع الرأس والشعور بالتعب والأرق وارتفاع ضغط الدم، والإفراز الزائد لبعض الغدد، مما يُسبِّب ارتفاع نسبة السكر في الدم، والإصابة بقرحة المعدة.

الشكل ( 1) https://www.almrsal.com/post/203549

-يعتبر من أخطر أنواع التلوث، فوجود نشاط إشعاعي في بيئة معينة يشكل تهديداً على المنطقة، فالتلوث الإشعاعي يصيب الماء والتربة والهواء ويكون تأثيره مباشر على الكائنات الحية. كما أنه لا يُرى ولا يُشم ولا يُحس وبسهولة ويسير وينتقل الإشعاع ويتسلل إلى الكائنات الحية.

وقد عرف الإنسان الآثار المدمرة للإشعاعات النووية في أعقاب إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما في ٦ أغسطس عام ١٩٤٥، ثم قنبلة ذرية أخرى على نكازاكي في ٩ أغسطس من العام نفسه، وأدت هذه التفجيرات النووية إلى وفاة عدد كبير جدا من الأفراد يزيد على ١٠٠٠٠٠ فرد، كما أصيب عدد كبير من سكان هاتين المدينتين بالحروق وغيرها من الإصابات، وتوفي منهم عدد كبير بعد ذلك بعدة سنوات من أثر إصابتهم بالإشعاعات.13

وتعتبر أهم مصادر هذا التلوث (المفاعلات النووية والنظائر المشعة ووقود الأقمار الصناعية وأبحاث الفضاء ومصانع معالجة الوقود النووي المحترق والمخلفات المشعة).14

-إن العلاقة بين البيئة والحرب علاقة تناسب عكسي أي إن نشوب الحروب يقابلها في الطرف الآخر دمار البيئة واستنزاف الموارد الطبيعية وخاصة الحروب التي تستخدم فيها الأسلحة النووية والكيمائية والبيولوجية فهي تدمر كل مقومات الحياة فتؤثر بشكل مباشر على الإنسان والحيوان والنبات, ففي الحروب يتم إحصاء عدد القتلى والجرحى والأبنية دون النظر لخسائر الطبيعة.

دمار البيئة =  +

كما إن الدمار الحاصل نتاج الحروب والصراعات دفع برنامج الأمم المتحدة لتخصيص يوم يكون فيه  اليوم الدولي لمنع استخدام البيئة في الحروب والصراعات العسكرية, بموجب قرارها  A\RES\56\4 المؤرخ  5 تشرين الثاني \نوفمبر لتكون خطوة مهمة في مجال الطبيعة .

ولإبراز أهم الأمثلة عن التلوث التي سببتها الحروب كما حدث في الحروب التي عرفها العالم في القرن الماضي، حيث أن آثارها على البشرية والكائنات الحية كانت بالغة الأضرار. وفي مناطق عديدة من العالم، ولاتزال البيئة تعاني من هذا التلوث منذ الحرب العالمية الأولى والثانية وبصماتها مازالت دامغة حتى يومنا هذا، ويتمثل في مدينتي (وناكازاكي وهيروشيما) في اليابان، وكذلك في فيتنام التي تعاني بشكل مستمر من خطر التلوث جراء تحويل غاباتها الى صحراء محروقة وملوثة جراء تساقط الأسلحة السامة من صواريخ وقذائف أثناء الحرب الامريكية على فيتنام والمحرمة دولياً.15

الشكل(2)  http://www.anbaelyoum.com

 

تختلف أشكال التلوث ومسبباته من مكان إلى آخر، ولكن النتيجة تكون واحدة وهي التلوث المؤثر على البيئة. ففي مناطق الجزيرة تتم مشاهدة العديد من الظواهر الملوثة للبيئية، وقد تكون ليست حديثة العهد ولكن بات يتطلب الحد منها أمراً عاجلاً، ولمعرفة سُبل الحل من هذه المشاكل يتطلب أحياناً دراسة المشكلة عينها ووضع فرضيات الحلول وطرح البدائل إن وجدت أما إذا كانت عديمة البدائل فيتطلب حينها طرح سُبل لتخفيف من شدة الأزمة بشكل مؤقت إلى حين الوصول إلى الحل.

ففي هذا السياق لو تم التمعن عن المشاكل التي نواجها في الجزيرة نلاحظ العديد من مظاهر تسبب التلوث لبيئتنا التي نعيش فيها، ومن أبرز هذا المظاهر:

أ-الحراقات (المصافي البدائية):

الشكل (3) http://v.ht/E8Rf.

– الحراقات البدائية عملية بدائية تقوم بتصفية النفط الخام لاستخلاص مواد بترولية مثل المازوت والبنزين.

وتعتمد الحراقة البدائية على الفيول في الحرق مما تسبب هذه العملية انبعاث كثيف من الدخان التي تلوث البيئة.

– للحراقات تأثيرات خطيرة على صحة الإنسان، فهي تؤثر على الجهاز التنفسي بشكل كبير وخاصة لدى الأطفال، فاستنشاق هذه الغازات الناتجة عن الاحتراق يؤدي في المستقبل إلى أمراض مزمنة في الرئتين والقصبات, فالدخان المتصاعد يصاحبه انبعاث العديد من الغازات شديدة السمية بالإضافة إلى انطلاق بعض العناصر المعدنية السامة مثل (الزئبق والزرنيخ)، والتي تسبب للإنسان العديد من الأمراض الخطيرة، إضافة إلى الإشعاعات الموجودة في النفط الخام فهذه الإشعاعات هي المسبب الرئيسي للإصابة بأمراض السرطان وبشكلٍ خاص سرطان الجلد والرئة، كما أن لها تأثير مؤكد على السلامة الوراثية.

– تنتشر هذه الحراقات في الجزيرة في قرى عمارات وتل المشحن والقلعة على الخط الدولي جنوب جل أغا حوالي 500 حراقة .15

ويعاني سكان هذه المنطقة من الدخان المتصاعد التي توثر على المحاصيل الزراعية والمواشي وبالتأثير المباشر عليهم.

ويتقدم سكان هذه المنطقة بشكاويها للإدارة على أمل حل ملموس لهذه المشكلة، وقال الرئيس المشترك لمجلس الشعب في منطقة تل كوجر نواف الخدعان: إن الكثير من الشكاوى تردهم من المواطنين فيما يتعلق بالدخان والغاز المنبعث من الحراقات والمعاناة التي يتعرضون لها.

وأكد خدعان: أنهم يعملون على التواصل مع اللجان المعنية لحل مشكلة الدخان المتصاعد من الحراقات في سبيل حماية سكان القرى المعرضة للدخان والآثار السلبية التي تتركها على حياة الأهالي وبشكل خاص الأطفال. 16

كما إن الجهات المعنية في هذا الخصوص سعت للحل أو لتخفيف الضرر التي تحدثه الحراقات، ففي لقاء مع الرئيسة المشتركة لهيئة البلديات والتي تتضمن مديرية للبيئة في هذه الهيئة سما بكداش قالت: مع بداية تأسيس هيئة البيئة التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية التي تحاول قدر المستطاع أن تخفف من هذا الخطر الملوث والمهدد للبيئة, حيث تم وضع شروط لتخفيف من نسبة التلوث فتم تخصيص أماكن محددة لهذه الحراقات كما وضعت شروط لآلية عمل هذه الحراقات مثلاً: تحويل الحراقات بدائية إلى كهربائية, ومع الأسف لم يتم التقيد بهذه الشروط بشكل كامل” . 17

فاستخدام الحراقات الكهربائية تخفف من نسبة التلوث عن استخدام الفيول لكنها لا تشكل الحل فتشير بكداش أن الظروف والحاجة الماسة للمواد البترولية دفعت المواطنين لاستخدام هذه سبل والتي تؤثر على البيئة، ولكن بقيت هذه الإشكالية حقيقية ملموسة تعكس التلوث الحاصل ويتطلب حل جذري لها.

ب-المولدات الكهربائية وعوادم السيارات:

 

لا تقتصر مسببات تلوث الهواء فقط على الحراقات فهناك العديد من المظاهر المساهمة في ذلك فمنها المولدات الكهربائية التي باتت شيئاً طبيعياً واعتيادياً تراهُ العين في مناطق الجزيرة فانقطاع التيار الكهربائي دفع المواطنين إلى تركيب المولدات الكهربائية كحل إسعافي للأزمة، وتزامنت مع الأحداث التي مرت بها البلاد وانطلاق ثورة روج آفا.

حيث يعد احتراق الوقود (المازوت) المصدر الرئيس لعدد كبير من الملوثات في الهواء، أبرزها غاز أول أوكسيد الكربونCO وهو غاز عديم اللون والطعم والرائحة، ويتكون بسبب عدم الاحتراق الكامل للوقود.

أما غاز ثاني أوكسيد الكبريتSO2 فهو من الغازات سهلة الإذابة في الماء، وينتج عن حرق المواد النفطية بسبب وجود نسب مختلفة من الكبريت فيه، والعديد من الغازات التي تؤثر بشكل مباشر على الإنسان والبيئة. هذا ويضاف إلى ذلك الضجيج التي تصدرهُ أصوات هذه المولدات والتي تصنف أيضاً من أشكال التلوث الضوضائي التي تؤثر على الجهاز العصبي عند الإنسان.

– كما إن تقلص الغطاء النباتي بسبب قطع الأشجار واستخدامها للحرق والتدفئة أزمت من المشكلة وجعلتها أكثر تفاقماً. حيث شهدت في مناطق الجزيرة وبشكل ملحوظ تقلص أعداد الأشجار في الآونة الأخيرة خاصة مناطق جبل كزوان والتي تقع غرب مدينة الحسكة، مما دفع المهتمين في هذا الشأن إلى الاهتمام بزراعة الأشجار وحمايتها، لكن ما يزيد الطين بلة هو ازدياد نسبة دخان السيارات في المدن لاستخدامها أنواع مختلفة من الوقود المحلي الصنع فيزداد نسبة التلوث في المدن بغازات هذه الأدخنة والتي تؤثر بشكل مباشر على الذين يعانون من الأمراض التنفسية.

ت-التلوث بالنفايات:

مع ازدياد التعداد السكاني والأنشطة البشرية تظهر الكثير من المشكلات المضرة بالبيئة وخاصة مشكلة النفايات وآلية التخلص منها، فتراكمها يؤدي الى أمراض تصيب المنازل التي تحيط بالحاويات المخصصة للنفايات. فرغم مساعي البلدية وعلمها الدؤوب والمتواصل بهذا الشأن، حيث تقدر كمية القمامة المذالة يومياً من مدينة قامشلو بحوالي 200 طن وتتضاعف هذه الكمية في فصل الصيف. 18

مما دفعت هيئة البلديات للبحث عن مشارع جديد لحل هذه المشاكل, فقد تم وضع مشروع فصل النفايات في مدينة تربه سبيه من خلال توزيع حاويات في المدينة ومن ثم تتم فصل النافية في المنزل سواء عضوية أو غير عضوية  ليتم لاحقاً الاستفادة من المواد التي تدخل في صناعة الأسمدة.19

 

 

– ومن المشاريع الحديثة التي تقدمها الجهات المعنية في مدينة قامشلو معالجة مشكلة المياه الملوثة المالحة والمنحدرة من نهر نصيبين والتي تجري بشكل مكشوف عبر منطقة آهلة بالسكان حيث أنهت بلدية الشعب في المدينة المرحلة الأولى من حل مشكلة المياه الملوثة القادمة من نصيبين، فيما ستبدأ بالمرحلة الثانية في وقت قريب.

وكما أن بعض الفلاحين المتواجدين بالقرب من الشريط الحدودي الفاصل بين مدينتي قامشلو ونصيبين في باكور كردستان يروون محاصيلهم الزراعية غارقة بمياه الصرف الصحي الملوثة القادمة من هذه المدينة، والتي تؤثر على الصحة العامة بالدرجة الأولى بالأخص أهالي كومين “الشهيد حاجي” التابعين لحي الهلالية بمدينة قامشلو بإقليم الجزيرة.

الجدير بالذكر إن هذه المياه تسير بين البيوت الواقعة على الحزام الشمالي لمدينة قامشلو، مسببة بذلك الروائح الكريهة وتتسبب بالأمراض، وعليه حيث قامت الجهات المعنية بوضع المشروع على مرحلتين:

المرحلة الأولى: هي عبارة عن حفر قناة من الصندوق المسلح وحفر 6 ريكارات في باطن الأرض بطول 80 متراً تبدأ من دوار أصمان صبري حتى بداية الملعب في حي الهلالية.

أما المرحلة الثانية: من المشروع فستبدأ البلدية بالتنسيق مع منظمة اليونيسيف بوضع قساطل لمجرى نهر نصبين المنحدر من الجانب الأراضي التركية وصولاً للأراضي الزراعية المحاذية للحدود بين مدينتي قامشلو ونصيبين وذلك لتحويل المياه المالحة إلى القناة الصندوقية وتجفيفيها ويبلغ طول امتداد المشروع من 100 إلى 700م وذلك بسبب الأضرار الجسيمة التي تلحقها هذه المياه بالمدنيين المتواجدين في تلك المناطق نتيجة ري الأراضي الزراعية بهذه المياه.20

مع ذلك يبقى السؤال معلقاً في الأذهان من المسؤول عن هذا التلوث؟

وضمن اللقاء الذي أجري مع الرئيسة المشتركة لهيئة البلديات سما بكداش: والتي تطرقت فيه إلى هذا الموضوع قائلةً بالرغم أن البيئة أساس مبادئنا لكننا لا نشاهد اهتمام بعض المواطنين في هذا الخصوص، فمسؤولية البيئة لا تتطلب منا فقط. فمهما ازداد عدد العاملين في مؤسساتنا وازدادت الإمكانيات فلن نستطيع التخلص من المشاكل البيئية بدون مساعدة وتعاون المواطنين. لأجل ذلك تقوم مديرية البيئة التابعة للهيئة بنشر المناشير وإقامة المحاضرات لنشر الوعي عند بعض المواطنين ولازدياد الشعور بالمسؤولية تجاه البيئة “.21   مع استمرار الجهود من قبل الطرفين بهذا الشأن والبحث عن حلول المناسبة لهذه الازمات أو التخفيف منها قدر المستطاع.

            

الخاتمة

 

للبحث عن سُبل الوصول إلى بر الأمان والتخلص من هذه المشاكل التي ترافقنا وتزداد تعقيداً يوماً بعد يوم. يتوجب مراجعة تلك العلاقة التي نتواصل بها مع البيئة التي تزيد من عرقلة طريق الحل، ويجب الإدراك والوعي الكامل بأهمية البيئة المحيطة بنا والوصول للقناعة المطلقة بأننا لا يمكن العيش بدونها.

أما بالنسبة للتلوث فالتفكير بحجم الخطر الحاصل ومقارنته بالحالة الطبيعية والمتوازنة التي كانت تعيشها الطبيعة حينها تزداد الرغبة بالعودة إلى تلك الطبيعة التي كانت كالأم والتي لا تبخل بخيراتها علينا وبعدها سنبدأ بالبحث عن كيفية الحد من هذا التلوث قدر المستطاع.

قد يكون التخلص من التلوث من المهام الأساسية للمؤسسات المعنية بذلك لكنها ليست بذريعة لعدم تحمل مسؤوليتها من قبل المواطنين والأهالي لأنهم يعتبرون المعنيين بالدرجة الأولى للمشاركة في الحفاظ على البيئة والمساهمة في التخلص من المشكلات البيئية، لذا يتوجب على كل مواطن أن يبدأ من نفسه لكي تتسع الدائرة لتشمل الكومين الذي يقطن فيه ومنه الى المجتمع ولتتحول لخلية النحل منتظمة وتتعاون فيما بينها لتحمي المحيط بها.

فلعلاج التلوث يجب الأخذ بعين الاعتبار وعدم نسيان أن الطبيعة وقبل تدخل الإنسان بها لم تتأثر بالكوارث البيئية الطبيعية كانت بحالة توازن. لذلك كخطوة أولى يجب أن نعيد كل ما تم القضاء عليه أو تخريبه من الطبيعة إلى حالتها الطبيعية ابتداءً من زراعة الأشجار والاهتمام بها وتوسيع مساحة الغطاء النباتي التي تلعب الدور المهم في استمرارية الحياة، فضلاً عن الأوكسجين التي نستخدمه بشكل مستمر في عملية التنفس، كما يتوجب أيضا حماية الموارد الطبيعية التي تعتبر مصدر الحياة سواء من الينابيع والأنهار… وعدم رمي النفايات إلا في الأماكن المخصصة لها.

كما يتطلب أيضا حلولاً علمية ومدروسة من قبل مختصين حتى ولو كانت إسعافية وصديقة للبيئة، فمثلاً استخدام فلاتر خاصة ومانعة لتلوث المولدات والسيارات بهدف التقليل من الأدخنة المتصاعدة، واستخدام أجهزة كاتمة للصوت تتركب في المولدات لتخفيف الصوت وبالتالي التقليل من نسبة الضجيج الصادر عنها، التطرق إلى الطاقة البديلة أو المتجددة التي تعتمد على مصادر الطبيعية كالشمس والماء والرياح …الخ.

لتوليد الطاقة وعلى مبدأ تحويلها إلى طاقة مفيدة للبيئة، فقد شُوهدت في الفترة الأخيرة ظاهرة استخدام الأهالي للطاقة الشمسة لتوليد الطاقة الكهربائية من خلال تركيب ألواح شمسية تحتوي خلايا فولتوضوئية، فهذه الطرق تعتبر بديلة عن الكهرباء وبالوقت عينه صديقة للبيئة وكما تخفف من حدة التلوث من خلال خفض الطلب على المولدات الكهربائية واستخدام المحروقات المؤذية …

وأخيراً: يتركز الجانب الأهم في التطبيق العملي للبرامج والمحاضرات التي تشرف عليها مؤسسات ومنظمات بيئية والتي تنشر الوعي للحفاظ على البيئة وتأمين سلامة وحماية الكوكب الذي نعيش فيه.

 

 


المراجع

  1. الدكتور عامر الطراف /التلوث البيئي والعلاقات الدولية /الطبعة الأولى 1429ه -2008م  / مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر .
  2. الدكتور وليد رفيق العياصرة/التربية البيئية واستراتيجيات تدريسها /دار
    أسامة –الأردن عمان.
  3. الدكتور أحمد محمد السريع /التلوث الإشعاعي للبيئة /مقرر لجنة الوقاية من الإشعاعات / 1418 ه-1998 م.
  4. الدكتور أحمد مدحت إسلام /التلوث مشكلة العصر/عالم المعرفة/اغسطس –أب 1990م .

 

المراجع الإلكترونية :

  1. موضوع.com تعريف التلوث   http://v.ht/qUey  .
  2. التقنيات البيئية الحديثة للسيطرة على التلوث  http://v.ht/74dV.
  3. موسوعة ويكبيديا     http://v.ht/3z9X .
  4. تقارير منظمة الصحة العالمية  http://v.ht/9MjG .
  5. موسوعة ويكيبيديا http://v.ht/vNLT .
  6. موضوع.com  http://v.ht/wo0c .
  7. موقع المرسال https://www.almrsal.com/post/203549 .
  8. محاضرة عن تلوث التربة http://v.ht/wKHu
  9. موسوعة ويكبيديا http://v.ht/9hOb
  10. وكالة هوار http://v.ht/XFzD .
  11. وكالة هوار http://v.ht/E8Rf .
  12. وكالة هوار http://v.ht/Rxtd .

  1. تعريف التلوث   http://v.ht/qUey  .
  2. التقنيات البيئية الحديثة للسيطرة على التلوث  http://v.ht/74dV .
  3. الدكتور عامر الطراف التلوث البيئي والعلاقات الدولية ص351 .
  4. تعريف لتلوث الهواءhttp://v.ht/3z9X.
  5. تقارير منظمة الصحة العالمية  http://v.ht/9MjG .
  6. ويكيبيديا http://v.ht/vNLT .
  7. موضوع.com  http://v.ht/wo0c .
  8. تقارير منظمة الصحة العالمية  http://v.ht/9MjG مرجع سابق.
  9. محاضرة تلوث التربة http://v.ht/wKHu .
  10. وليد رفيق العياصرة  التربية البيئية واستراتيجيات تدريسها ص137.
  11. المرسال. https://www.almrsal.com/post/203549 .
  12. مرجع سابق د. وليد رفيق العياصرة ص137.
  13.  التلوث مشكلة العصر الدكتور أحمد مدحت إسلام ص 163.
  14. التلوث الإشعاعي للبيئة د. أحمد السريع ص11 ص12 ص13.
  15. الدكتور عامر الطراف التلوث البيئي والعلاقات الدولية ص92.
  16.  وكالة هاوار http://v.ht/E8Rf.
  17. مقابلة حصرية مع الرئيسة المشتركة لهيئة البلديات الديمقراطية سما بكداش.
  18. وكالة هوار http://v.ht/XFzD .
  19. مقابلة حصرية مع الرئيسة المشتركة لهيئة البلديات الديمقراطية سما بكداش مرجع سابق.
  20.  وكالة هوار http://v.ht/Rxtd . 11.10.2017
  21.  مقابلة حصرية مع الرئيسة المشتركة لهيئة البلديات الديمقراطية سما بكداش مرجع سابق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى