ترجمات

حان الوقت بالنسبة للولايات المتحدة أن تقوم بإزالة حزب العمال الكردستاني من قائمة الإرهاب – الجزء الأول

يصادف شهر نوفمبر/تشرين الثاني الذكرى الأربعين لتأسيسه. ومنذ تأسيسه، اكتسب مكانة جيوسياسية أعظم مما حصل وسيحصل عليها المنظمات الأخرى اللادولتية. تدعمه الملايين من الكرد – أكبر أمة في العالم بدون دولة ومضطهدون من قبل الدول الاستعمارية التي تحتل أراضيهم – وينظرون إليه – أي الحزب – على أنه ممثلهم السياسي على المسرح العالمي. في الصراع ضد الاحتلال والحرمان من الهوية الكردية، قام بتطوير إيديولوجيا قائمة على الديمقراطية المباشرة، الإيكولوجيا، التعددية وتحرير المرأة، التي تقدم إجابات على الأسئلة التي تطرحها الحركات السياسية لأجيال في جميع أنحاء العالم.

إنه حزب العمال الكردستاني – بالكردية (Partiya Karkerên Kurdistan – PKK)، تأسس في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1978 على يد مجموعة صغيرة من الثوار الذين شعروا بأن الحركات اليسارية التركية لم تعالج القضية الوطنية الكردية بشكل كافٍ، تحول الحزب إلى حركة تتألف من جماعات مسلحة ومنظمات سياسية مدنية في المناطق الكردية في كل من العراق وتركيا وإيران وسوريا. بدأت حربها ضد الدولة التركية في 15 أغسطس/آب 1984، وهو تاريخ لا يزال يحتفل به الكرد حول العالم. تطور الصراع طوال فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، حيث كثفت الدولة التركية قمعها الممنهج باسم “مكافحة الإرهاب”، قامت القوات التركية بتدمير القرى ونزوح مئات الآلاف من المدنيين وخنق المعارضة المدنية وقامت بحظر اللغة والثقافة الكردية.

وفي عام 1999، اختُطف مؤسس حزب العمال الكردستاني وزعيمه عبد الله أوجلان من نيروبي بكينيا وأُعيد قسراً إلى تركيا. أثار اعتقاله ومحاكمته غضباً عارماً ضمن المجتمعات الكردية على الساحة الدولية – ولا زال حتى يومنا هذا. لمدة عشر سنوات من حكمه، كان أوجلان السجين الوحيد في جزيرة إيمرالي، ولم يُسمح له بمقابلة عائلته أو محاميه منذ عام 2011.

يناضل ويقاتل حزب العمال الكردستاني والمنظمات الكردية المنفصلة التي تتبنى إيديولوجيتها من أجل ما يسمونه الحكم الذاتي الديمقراطي في تركيا والعراق وإيران وسوريا بناءً على أفكار أوجلان – وهو شكل من أشكال الديمقراطية الشعبية والتنظيم الذاتي الذي يحمي حقوق الشعوب بدون إنشاء دولة قومية تتجاوز حدود الدول. على الرغم من مواجهتها تهديدات وجودية من الدكتاتوريين والإسلاميين في المنطقة، فقد حققوا نجاحات كبيرة في هذا المشروع.

إن تاريخ حزب العمال الكردستاني عبارة عن قصة كلاسيكية من الاضطهاد والمقاومة – مثلها مثل الكثير من حركات التحرر في جميع أنحاء العالم، فقد تم تصوير مقاومته وكفاحه من قبل الدول القوية التي تستفيد من الوضع الراهن على أنه “إرهاب”. قامت الولايات المتحدة، التي تعتبر تركيا تاريخياً كحليف استراتيجي وحامية مهمة للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، بتصنيف حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية عام 1997. في تلك الفترة، وصلت صفقات الأسلحة الأمريكية مع تركيا إلى مستوى عالٍ – حيث وجد في العام 1999 تقرير صادر عن اتحاد العلماء الأمريكيين يفيد بأن مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى تركيا من العام 1992 إلى العام 1998، قد زادت بأكثر من أربعة أضعاف من قيمة مجمل مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى تركيا من العام 1950 إلى العام 1983.

تحولت هذه الأسلحة دون شك، ضد المدنيين الكرد. فقد وجدت منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) أن أكثر من 3000 قرية على امتداد الولايات الكردية قد هجرت ودمرت. وفي وثيقة صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 1994 بعنوان “تقرير عن مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان من قبل الجيش التركي وعن الوضع في قبرص”، اعترفت بأن الأسلحة الأمريكية كانت منتشرة في كل مكان ضمن حملات التهجير القسري. وإلى جانب كميات كبيرة من المعدات العسكرية ومعدات الشرطة، كانت جميع المقاتلات التركية ولا تزال تأتي من الولايات المتحدة. إذا كان قرار تسمية حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية مرتبطاً بمبيعات هذه الأسلحة بشكل مطلق، من الواضح حينها أن أكبر تأثير مباشر لها هو مساعدة الدولة التركية في حربها ضد المدنيين الكرد وزيادة التواطؤ الأمريكي.

بعد تصنيف حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية من قبل الاتحاد الأوروبي ودول أخرى منذ عام 2002، دعت الحركة الكردية في أوروبا مؤيديها للتعبير عن معارضتهم لهذا التصنيف، حيث تم استخدامه لإضفاء صفة التجريم على المقاومة الكردية ومشاركتها السياسية على كافة المستويات. أشار العديد من النشطاء الكرد في هذه الحملات إلى أن التبريرات التقليدية لتسمية الإرهاب نادراً ما تنطبق على حزب العمال الكردستاني، وأن إدراج حزب العمال الكردستاني يظهر كيف أن هذه التبريرات تخدم في الغالب مصالح سياسية قصيرة الأجل للتقييمات الحقيقية الخاصة بالأمن وحقوق الإنسان. وقد كتبت الأكاديمية والناشطة في الحركة النسائية الكردية دلار ديريك عام 2015:

“في أوروبا، لا يحتاج الشخص إلى ارتكاب جرائم ليتم اعتقاله بسبب عضوية حزب العمال الكردستاني. ففي ألمانيا مثلاً، التي تنتهج أكثر الأساليب عدوانيةً نظراً للتعاون السياسي والاقتصادي القديم بين ألمانيا وتركيا، فإن معايير العضوية يمكن أن تكون مجرد تعاطف متعمد يتم الرد عليه من خلال التنصت عبر الهاتف والعنف النفسي والجسدي في المظاهرات والاقتحامات المنزلية وإغلاق المؤسسات الاجتماعية والسياسية. تعتبر المشاركة في الأحداث الاجتماعية والسياسية التي تعد عادة حقوقاً ديمقراطية محمية بموجب الاتفاقيات الدولية، معايير عضوية. إن المكاتب المسجلة قانوناً والمنظمات الطلابية والمراكز المجتمعية موضع شك مستمر.”  

هل مبررات تصنيف حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية أكثر شرعية في الولايات المتحدة منها في أوروبا؟ إن مراجعة المعايير التي تحدد الولايات المتحدة بموجبها المنظمات الأجنبية المقاتلة، ونشاطات حزب العمال الكردستاني طوال تاريخه والمشهد السياسي للشرق الأوسط يشير إلى أنها ليست كذلك. مرة أخرى، فإن التسمية هي مجرد إشارة سياسية لدعم تركيا، وتذكير للشعب الكردي بأن الولايات المتحدة تعتبرهم أداة يمكن التخلص منها في السياسة الخارجية. هنا، سأوجز كلاً من الأسباب القانونية والسياسية التي تجعل التسمية غير صحيحة وغير شرعية على حد سواء، وكيف ستبدو طريقة انعكاسها.

المبررات القانونية الأمريكية

في حين أن عملية الإزالة من القائمة هي عملية سياسية بطبيعتها – يمكن أن يتم ذلك من خلال تصويت الكونغرس، وتعكس طبيعة الضغوط والتغييرات المتوقعة في المصالح الوطنية – من المهم أن نوضح أولاً أنه هناك حجة قانونية لإزالة حزب العمال الكردستاني من قائمة المنظمات الارهابية. تتعلق النقاط التالية بالعملية القانونية والتعاريف ذات الصلة في الولايات المتحدة لإزالة اسم حزب العمال الكردستاني من القائمة وعلاقة نشاطه به.

وفقاً لوزارة الخارجية الأمريكية، فإن المعايير القانونية لمنظمة إرهابية أجنبية هي:

“يجب أن تكون المنظمة الإرهابية أجنبية، تنخرط المنظمة في نشاط إرهابي أو تحتفظ بالقدرة والنية على الانخراط في أي نشاط إرهابي، والنشاط الإرهابي أو إرهاب المنظمة يهدد أمن مواطني الولايات المتحدة أو الأمن القومي للولايات المتحدة.”

من أجل إدراج منظمة ما على قائمة الإرهاب، يتوجب على وزارة الخارجية أن تثبت أن هذه المنظمة ارتكبت المعايير التي ذكرت أعلاه. بالمقابل، إذا رغبت وزارة الخارجية في إزالة المنظمة من القائمة، عليها أن تبرهن أن الظروف التي كانت سبباً في إدراج المنظمة قد تغيرت.  

هل استوفى حزب العمال الكردستاني تلك المعايير؟ ترتكز الحجة الأكبر لإزالة الاسم من القائمة حسب شروط الحكومة الأمريكية الصارمة على الفقرة القائلة: “والنشاط الإرهابي أو إرهاب المنظمة يهدد أمن مواطني الولايات المتحدة أو الأمن القومي للولايات المتحدة”. لا تقوم هذه المنظمة بأي من هذه النشاطات، كما لم تقم بها في العام 1997. من المفارقات، أن حزب العمال الكردستاني اليوم لا يشكل تهديداً لأمن الأمريكيين بدرجة أقل من الدولة التي دفعت الولايات المتحدة لإدراجها، ألا وهي تركيا.

منذ فترة ليست ببعيدة، هدد إبراهيم كالن، المتحدث باسم الرئاسة التركية، بخطف شخصيات معارضة لأردوغان ومقيمة في الولايات المتحدة قائلاً: “إن عمليات مماثلة لتلك التي كانت تنفذ في كوسوفو، يمكن تنفيذها في بلدان أخرى”، فقد اختُطف أتراك يعيشون في كوسوفو وتمت إعادتهم إلى تركيا دون علم عائلاتهم بمصيرهم. لم يرتكب حزب العمال الكردستاني مثل هذه العمليات كما أنه لم يشكل تهديداً ضد الولايات المتحدة أو شخصيات تعيش هناك. في مايو/أيار 2017، قام أفراد من عناصر أمن أردوغان – بعضهم مسلحين – بضرب متظاهرين سلميين مؤيدين للكرد بقسوة أمام البيت الأبيض، ما أدى إلى دخول عدة أشخاص إلى المستشفى وإصابتهم إصابات طويلة الأمد، وتشير لقطات فيديو لأردوغان وهو يتشاور مع حراسه الشخصيين قبل الهجوم إلى أنه هو نفسه قد أمر بها. طيلة السنوات الأربعين من وجوده، لم يسبق لحزب العمال الكردستاني أن ألحق الأذى بشخص واحد داخل الولايات المتحدة. يجب على أي مراقب محايد أن يقف متحدياً ويعترف مرة أخرى أن الدولة التي ضغطت على الولايات المتحدة لإدراج حزب العمال الكردستاني إلى قائمة الإرهاب هي أكثر تدميراً بكثير من حزب العمال الكردستاني نفسه.

سبق للولايات المتحدة أن شطبت منظمات أصابت وقتلت مواطنين أمريكيين – مثل منظمة مجاهدي خلق الإيرانيين، التي تستضيف واشنطن مؤتمراتها ويحضرها نخبة من شخصيات أمريكية، وتتمتع هذه المنظمة بعلاقة وثيقة مع مستشار الأمن القومي جون بولتون. وقد أشارت وزارة الخارجية الأمريكية في بيانها الذي أعلن فيه عن تغيير وضع تلك المنظمة إلى ما يلي:

“بغض النظر عن أنشطتها الحالية، لا تتجاهل الوزارة ولا تنسى الأعمال الإرهابية السابقة لمنظمة مجاهدي خلق، بما في ذلك تورطها في قتل المواطنين الأمريكيين في إيران في سبعينيات القرن الماضي وهجومها على الأراضي الأمريكية في العام 1992. كما أن لدى الإدارة مخاوف جدية بشأن منظمة مجاهدي خلق، لا سيما فيما يتعلق بادعاءات الإساءة المرتكبة بحق أعضائها.”  

تشمل الجرائم المذكورة هنا محاولة اغتيال السفير الأمريكي في إيران، تورطها في أزمة الرهائن الإيرانيين في أواخر السبعينيات، عملية القتل الناجحة لمراقب مالي أمريكي والهجوم المسلح على البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة في نيويورك والتي أصيب فيها العديد من الأفراد. تشكل هذه المنظمة تهديدات أكبر لأمن الأمريكيين أكثر من أي نشاط قام به حزب العمال الكردستاني.

هناك نقطة يجب التطرق إليها، تشير الوقائع مرة أخرى إلى دور المنظمات التي تتبنى إيديولوجية الكونفدرالية الديمقراطية في محاربة داعش، وأن حزب العمال الكردستاني والجماعات الأخرى التي تشارك هذه الإيديولوجية، قد قام في الواقع بحماية المدنيين في الولايات المتحدة وفي كل أنحاء العالم من هجمات إرهابية محتملة. ووفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي، فإن الإرهاب العالمي قد تراجع خلال السنوات الثلاث الماضية على التوالي – وهي نفس السنوات الثلاث التي قامت خلالها المنظمات الديمقراطية المستقلة بتطهير المزيد من الأراضي في سوريا من داعش أكثر من أي جهة فاعلة أخرى في الصراع السوري وتحرير المدن الرئيسية مثل الرقة وإعادة هيكلة المجتمعات الضعيفة مثل الإيزيدية في شنكال للدفاع عن نفسها. إن هزيمة داعش عسكرياً وبناء مجتمعات مرنة تقاوم التطرف دون تدخل خارجي تجعل العالم أكثر أمناً، وهذا ما قامت به المنظمات الكونفدرالية الديمقراطية، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني.

من الواضح أن العبارة ذات الصلة باستهداف الأمريكيين هي الجزء الأكثر ملاءمة لمعايير التصنيف التي تتحدى هذه الحالة: إنه نشاط لم تفعله المنظمة ببساطة، ولا تهدد بفعله. ومع ذلك، يمكن أيضاً تقديم مرافعة قوية بأن أنشطة حزب العمال الكردستاني لا تشكل إرهاباً، بل مجرد صراع من أجل التحرر الوطني ومقاومة الاحتلال، أو تمرد، أو أعمال حزب شرعي في حرب أهلية. لا تعتبر هذه السياقات مرادفاً للإرهاب.

تشير مجموعة كبيرة من الأعراف والقوانين الدولية إلى أشكال النضال التي تمت ممارستها في فلسطين وجنوب أفريقيا، وتؤكد على حق المقاومة المسلحة للاحتلال. يفيد قرار الأمم المتحدة رقم 37/43 الذي تبنته الجمعية العامة عام 1982 إن الأمم المتحدة “تؤكد على شرعية كفاح الشعوب في سبيل الاستقلال والسلامة الإقليمية والوحدة الوطنية والتحرر من السيطرة الاستعمارية والأجنبية والاحتلال الأجنبي بجميع الوسائل المتاحة، بما في ذلك الكفاح المسلح” و”تؤكد حق جميع الشعوب الخاضعة للسيطرة الأجنبية والاستعمارية في تقرير المصير والاستقلال الوطني والسلامة الإقليمية والوحدة الوطنية والسيادة دون تدخل خارجي”. كما يدين الدول الغربية التي لها “علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية ونووية واستراتيجية وثقافية ورياضية” مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ودعا القرار جميع الدول إلى دعم حظر الأسلحة المفروض عليها. كما أنه يدين جرائم الحرب الإسرائيلية، بما في ذلك أنشطتها “التوسعية” وقصف المدنيين الفلسطينيين.

تُظهر هذه الوثيقة الملفتة للنظر أنه حتى الأمم المتحدة – وهي ليست بالضبط معقل التطرف – دافعت عن الحق في الكفاح المسلح قبل عامين من إطلاق حزب العمال الكردستاني أول ضرباته ضد القوات التركية. ليس من الصعب العثور على القواسم المشتركة بين سلوك الأنظمة التي يدينها القرار وسلوك الدولة التركية تجاه الأقلية الكردية على أرضها واتجاه المدنيين الكرد في العراق وسوريا – حيث هناك أمثلة كثيرة على إنكار الحقوق الأساسية القائمة على الأصل العرقي والدمج القسري والهجمات العسكرية على السكان المدنيين والسياسة التوسعية، يمكن العثور عليها كلها على مدى التاريخ الطويل للعلاقة التركية مع الشعب الكردي. في الواقع، لم تصنف الأمم المتحدة حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية، ولم تفعل اثنين من أعضاء مجلس الأمن – وهما روسيا والصين – ذلك أيضاً.  

لقد قام ريتشارد فولك الذي عمل لمدة ست سنوات كموفد خاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بإعداد ملف دفاعي قانوني دولي عن المقاومة الفلسطينية المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي له أيضاً تأثيرات ذات صلة عند النظر إلى ماهية الإرهاب. وقد اكتشف فولك ما يلي:

“إن إخفاقات إسرائيل في الالتزام بالقانون الدولي، كمحتل محارب، كانت بمثابة إنكار رئيسي لحق تقرير المصير، وبشكل أكثر عمومية لاحترام إطار الاحتلال الحربي – مما أدى إلى حق الفلسطينيين في المقاومة. وقد ناقشنا أساساً بأن الانتفاضة الأولى كانت تعبيراً صحيحاً عن حق المقاومة هذه – وليس سلوكاً غير قانونياً أو إجرامياً من جانب الفلسطينيين، على الرغم من أن الأفعال الفلسطينية المحددة لا تزال خاضعة لمعايير القانون الدولي الإنساني السارية المفعول.”

ما فعلته تركيا بحق الشعب الكردي طوال تاريخ وجوده كدولة انتهكت القانون الدولي، لا يمكن وصفه بأي شيء آخر سوى “إنكار رئيسي لحق تقرير المصير” – ويمكن أن يؤدي هذا إلى زيادة الطلب في حق الكرد في المقاومة.

ويمكن أيضاً اعتبار الكفاح المسلح لحزب العمال الكردستاني بمثابة أنشطة تقوم بها جماعة متمردة أو طرفاً في حرب أهلية – ولا يعتبر إرهاباً. في الواقع، ترفض الولايات المتحدة إدراج الجماعات المتمردة التي تتلاءم مع معايير تحديد صفة الإرهاب أكثر بكثير من حزب العمال الكردستاني. فحركة طالبان الأفغانية، على وجه الخصوص، ليست منظمة إرهابية مسلحة، على الرغم من هجماتها المستمرة ضد المواطنين الأمريكيين ودعمها للهجوم الإرهابي الأكثر دموية في تاريخ الولايات المتحدة – إلا أن الولايات المتحدة تشعر أن مثل هذا التعيين سيعرقل المفاوضات مع المجموعة.  قال الممثل الأمريكي السابق لأفغانستان وباكستان جيمس دوبينز في مقابلة أجريت معه عام 2017 مع إذاعة صوت أمريكا إنه “لا شك أن طالبان تهاجم من حين إلى آخر المدنيين عن قصد وليس عن طريق الخطأ، وهذا هو تعريف الإرهاب. وبالتالي، فإن التسمية ستكون دقيقة بما فيه الكفاية. والسؤال هو ما إذا كانت ستخدم هذه الخطوة أهداف الحكومتين الأمريكية والأفغانية أم لا.”

تدرج الولايات المتحدة 67 كياناً ضمن لائحة المنظمات الإرهابية، وهذا جزء بسيط من عدد الجهات الفاعلة غير الحكومية المشاركة في النزاعات المسلحة حول العالم اليوم. بالطبع، إن حزب العمال الكردستاني ليس طرفاً سيئاً بشكل فريد من نوعه – في الواقع، لقد وقع على اتفاقيات جنيف، وأعرب مراراً عن استعداده للمشاركة في مفاوضات السلام مع الدولة التركية، وكما كان يشار إليه من قبل، كان له دور فعال في هزيمة أسوأ طرف في الصراع السوري وإنقاذ أقلية دينية ضعيفة.

كيف يمكن أن يتم ذلك؟

هناك حالياً طريقتان لشطب المنظمات من اللائحة الإرهابية. ينص قانون الولايات المتحدة على أنه يمكن للكونغرس إلغاء تسمية “الإرهاب” أو إزالتها بعد خضوعها لمراجعة من قبل وزير الخارجية أن “الظروف التي كانت أساس التصنيف، قد تغيرت بطريقة تبرر الإبطال”. ويمكن للمنظمة نفسها تقديم طلب للمراجعة، في حال إذا مرت خمس سنوات دون مراجعة، يجب على وزير الخارجية إجراء مراجعة واحدة على الأقل. ينص البند 219 من قانون الهجرة والجنسية الذي يحكم هذه العملية على أنه يجب على المنظمة التي تقدم طلب مراجعة أن “تقدم دليلاً في هذا الالتماس على أن الظروف ذات الصلة الموصوفة في الفقرة (1) تختلف اختلافاً كافياً عن الظروف التي كانت موجودة بالأساس عند تأسيس المنظمة.”

لكل طريقة ممكنة إيجابيات وسلبيات، لم تتشكل المؤسسات الحاكمة في الولايات المتحدة حتى تكون متساوية – فالكونغرس ككل هو أكثر انفتاحاً من وزارة الخارجية على التغيير الجذري في السياسة الخارجية التي تفضل الحلفاء الراسخين مثل تركيا. يمكن أن يستغرق مشروع القانون عدة أشهر، إن لم يكن سنوات لتمرير الكونغرس، ومن ثم يجب أن يوقع عليه الرئيس – وهي عملية تستغرق الكثير من الوقت ويجب أن تضمن موافقة العديد من الناس. وسيكون استعراض وزير الخارجية أسرع ويتضمن مصادر إدخال أقل. كما أن التركيبة الحزبية والشخصيات المعينة التي تلعب دوراً مهماً – والانقسامات الحالية داخل الكونغرس والإدارة حول العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا توضح ذلك. يعتبر مسؤولو وزارة الدفاع والمبعوث الخاص للتحالف الدولي ضد داعش، بريت ماكغورك، على سبيل المثال الأكثر استعداداً لدعم وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا على حساب التفضيلات التركية من الأفراد المنتمين إلى إدارة الدولة ووكالة المخابرات المركزية. حتى هذه الانقسامات موجودة داخل الوكالات الفردية نفسها، فوزير الخارجية مايك بومبيو أكثر تصادماً مع تركيا من وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، كما هو الحال مع أندرو برونسون. يجب أن يأتي التماس لإعادة النظر مباشرة من المنظمة نفسها – في حين أن الضغط من أجل إلغاء الكونغرس سوف يعتمد على الضغط من الأفراد والجماعات غير المحظورة داخل الولايات المتحدة.

إنه خارج نطاق أو نية هذه المقالة لاقتراح الطريق الأكثر ملاءمة لعملية شطب فعالة. ومع ذلك، فإن كلا الطريقين لهما مزايا وعيوب يجب اعتبارهما أمراً مهماً لأي شخص يفكر في جميع الجوانب العملية للمرحلة.  

من المهم أيضاً أن نلاحظ أنه بالنسبة لكلتا العمليتين، يجب أن يكون هناك دليل على أن الظروف اليوم “مختلفة بشكل كاف” عن الظروف التي تم بموجبها اعتبار حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية في عام 1997، ويجب أن تكون هناك إرادة سياسية للرفع من القائمة – يجب على السياسيين في الولايات المتحدة أن يكونوا قادرين على أن يقولوا لماذا يتخذون هذا الخيار. هناك العديد من الحجج التي من المحتمل أن تلبي وتتجاوز هذا المعيار. سيتم تقديمها في الجزء الثاني من هذه المقالة.  

حان الوقت بالنسبة للولايات المتحدة أن تقوم بإزالة حزب العمال الكردستاني من قائمة الإرهاب – الجزء الثاني

ترجمة عن الانكليزية: جوان شكاكي.

المصدر: The Region 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى