ترجمات

ينبغي على الولايات المتحدة الأمريكية إزالة هذه الجماعة الكردية الإيرانية من قوائم الإرهاب

لا يزال يتردد صدى المجزرة المروعة التي ارتكبتها حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، يوماً بعد يوم، والتي راح ضحيتها أكثر من 1200 إسرائيلي، إلى جانب العديد من الهجمات من قِبل وكلاء إيران ضد مواقع الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وسوريا وشبه الجزيرة العربية، والتي لم تصل إلى ذروتها بعد.

في ظل تجنب كل من إيران وأمريكا المواجهة المباشرة، تلعب الأخيرة -في الوقت الحالي- لعبة انتقامية حذرة، لكن استراتيجيتها تفتقر إلى العامل اللازم لكبح جماح تطلعات إيران نحو تقويض الاستقرار. فالولايات المتحدة الأمريكية لا تولي اهتماماً كبيراً لإمكانية وجود حلفاء فعّالين من غير الدول، للاعتماد عليهم. في المقابل، تعتمد إيران على وكلائها لشن هجمات غير تقليدية ضد المصالح الأمريكية.

لقد أثبت الكرد في العراق وسوريا أنهم يستطيعون القضاء على داعش في ظل وجود عدد قليل من القوات الأمريكية على الأرض، ومع ذلك، تواجه إداراتهم الذاتية خطراً وجودياً، بسبب تربّص الأطراف الموالية لإيران وتركيا بها، في الوقت الراهن.

وبالتالي، يمكن للولايات المتحدة البدء بالتصدي للمخططات الإيرانية، من خلال إحياء وتعزيز هذا الحاجز المضاد للإرهاب، وتوسيعه ليشمل كُرد إيران، دون الاضطرار إلى زيادة وجودها العسكري على الأرض.

إنّ إحدى الخطوات البسيطة التي يمكن اتخاذها، قد تتمثل في اتخاذ خطوة معاكسة لخطوة أوباما غير المحسوبة بعناية، والتي كان الهدف منها إرضاء إيران آنذاك. فبعد مرور أسبوعين فقط من تولي أوباما رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية عام 2009، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية حزب الحياة الحرّة الكردستاني (PJAK) ضمن لوائح المنظمات الإرهابية، على الرغم من أنّ هذا الحزب لم يشنّ، منذ تأسيسه في عام 2004، أي هجمات على المدنيين في إيران، أو أي مكان آخر، كما أنّه لا يستهدف في عملياته العسكرية أية حكومة أخرى، سوى الحكومة الإيرانية.

حزب الحياة الحرّة الكردستاني ينادي بالحريّة والديمقراطية في إيران

اكتسب حزب الحياة الحرّة الكردستاني شهرةً بسبب جذبه للقومية الكردية في كردستان إيران، أو روژهلات. ويدعو هذا الحزب باستمرار، من منظورٍ عَلماني، إلى الحرية وتحقيق الديمقراطية في الجمهورية الإسلامية. وتُعرَف القومية الكردية في كردستان إيران بقوّتها،وذلك بالمقارنةمع باقي الكرد في الشرق الأوسط، ويعود جزء من الفضل في ذلك إلى حزب الحياة الحرة الكردستاني.

لقد انطلقت احتجاجات “المرأة، الحياة، الحريّة” في إيران، على نطاقٍ وطني، مدفوعةً بالمشاعر القوية للكرد في إيران، وقد أصبحت مهسا أميني، التي فارقت الحياة في عام 2022، خلال اعتقالها من قبل الشرطة الإيرانية، رمزاً عالمياً لمقاومة النساء في إيران. ويغيبُ عن الكثيرين أنّ اسم هذه الفتاة الحقيقي هو ژینا أميني، ويعود تسميتها بمهسا، إلى منع الكرد من تسمية أطفالهم بأسماء كردية.

وفيما يتعلّق بإيران، فقد نجح حزب الحياة الحرّة الكردستاني في توديه ضرباتٍ أسفرت عن وقوع المئات من الخسائر البشرية، ضمن صفوف قوات النخبة في الحرس الثوري الإسلامي، الذي يُعتبر الهيئة الرئيسية المسؤولة عن تنظيم العمليات الإرهابية التي تقف إيران وراءها، في جميع أنحاء العالم. حيثُ يقوم الحرس الثوري بتدريب وتسليح حماس، والوكلاء الذين يستهدفون القوات الأمريكية، في جميع أنحاء المنطقة.

في الأشهر الأولى من إدارة ترامب، أضافت الولايات المتحدة، الحرس الثوري الإيراني إلى قائمة الجماعات الإرهابية، إلى جانب حزب الحياة الحرّة الكردستاني، في عام 2019.

وفي حين يتمتع الحرس الثوري الإيراني بقدر أكبر من الحرية في المنطقة، فإنّ الضغوط المكثّفة التي تمارسها إيران وحلفاؤها في العراق تعمل على إرغام المعارضة الكردية في إيران، على درجات متفاوتة من وقف إطلاق النار، بحكم الأمر الواقع. وتستعد الجماعات الكردية لاغتنام الفرصة المناسبة لاستئناف هجماتها، التي قد تبدأ عند حصولها على تضامن أخلاقي ودبلوماسي أكثر وضوحاً من قبل الغرب، أو عند حدوث اضطرابات جديدة في إيران، أو تلقيها دعماً خارجيّاً.

إنّ حزب الحياة الحرّة الكردستاني، هو ليس الجماعة الكردية المسلّحة الوحيدة التي تواجه النظام الإيراني، فهناك الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، وحزب كوملة، وحزب الحرية الكردستاني، وهم أيضاً جزءٌ من الصراع. لكنّ تصنيف حزب الحياة الحرّة الكردستاني كجماعة إرهابية يؤثر سلباً على قوّة جميع الكرد، وعلى المعارضة الإيرانية بشكلٍ عام، في توحيد صفوفهم وتشكيل جبهة موحّدة ضدّ النظام.

ويشرح قائد حزب الحياة الحُرَّة الكردستاني، سيامند معيني، أهدافهم المتمثلة في استبدال النظام بكونفدرالية ديمقراطية، قائلاً لمراسل صحيفة جيروزاليم بوست، الدكتور جوناثان سبير، في حزيران/يونيو: “إنّ الطريقة الوحيدة لاحتواء التهديد الإيراني، هي أن تكون هناك دولة لا مركزية، تُمنَح فيها السلطة للشعوب المختلفة داخل إيران، بهذه الطريقة فقط، يمكن أن تصبح إيران دولة طبيعية، بدلاً من أن تكون نظاماً عدوانيّاً يهدّد دول المنطقة”.

ولعلّ النقطة الجديرة بالملاحظة، هي تأكيد مُعيني على حقوق النساء وتمكين الأقليّات العرقية، مثل اليهود والبلوش.

في مقابلة أجريت عام 2017، صرحت قيادية كبيرة في الحزب، لكاتب هذا المقال، إنّ تصنيف الحزب كمنظمة إرهابية كان “هدية سياسية قدّمتها وزارة الخزانة الأمريكية للنظام الإيراني، إذ لا يُسمح لنا بالعمل أو جمع التبرعات فقط في الولايات المتحدة”. وأشارت إلى نقطةٍ مهمة؛ وهي أنّ

الحزب ليس ضمن قائمة المنظمات الإرهابية الخارجية الأكثر جدية لوزارة الخارجية الأمريكية.

حزب العمال الكردستاني، الذي ينتمي إليه حزب الحياة الحرة الكردستاني أيضاً، يستحق إعادة النظر في شأنه

وقد تمّ تصنيف حزب الحياة الحرة الكردستاني، لسببٍ صريح؛ وهو أنه تابع فكرياً وتنظيمياً لحرب العمال الكردستاني، الذي يخوض مقاومة تمتد لعقود ضدّ الحكومة التركية.

وعلى الرغم من وجود ذلك، تحافظ الإدارة الكردية ومقاتليها في شمال وشرق سوريا على بعض العلاقات مع حزب العمال الكردستاني، إلّا أنهم في الوقت نفسه، الركيزة الأساسية لهجوم الولايات المتحدة الناجح للقضاء على تنظيم داعش. وهم يلتقون في عدّة نقاط بحزب الحياة الحرة الكردستاني، فهذه القوات الكردية ذات الصلة بحزب العمال الكردستاني، لا تستهدف المدنيين في سوريا، وتدأب على وضع مسافة تنظيمية بينها وبين حزب العمال الكردستاني، كما أنها تدعم القيمة العلمانية والغربية.

خلال الشهر الفائت، دعا الدكتور مايكل روبن، الذي كان مسؤولًا سابقًا في وزارة الدفاع الأمريكية وزميلاً كبيراً في معهد المشاريع الأمريكي، إسرائيل إلى دعم حزب العمال الكردستاني من خلال إرسال أسلحة مضادة للطائرات، وطائرات مسيّرة إليهم. وسبق لروبن أيضًا أن حثّ الولايات المتحدة على إلغاء التصنيف الإرهابي لهذه الجماعة، بعد أن “قررت محاكم بلجيكا العليا أن حزب العمال الكردستاني ليس منظمة إرهابية، بل “طرف في نزاع مسلح غير دولي”.

في موازاة ذلك، تقوم تركيا بإيواء إرهابيي حماس باعتبارها جماعة ” تحرير”. على الرغم من أن حماس قامت بقتل أو اختطاف العديد من المواطنين الأمريكيين في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ومن غير المستبعد أن تكون تركيا سهّلت استعدادات حماس للعملية. وفي منتصف أيلول، اعترضت هيئة الجمارك الإسرائيلية 16 طناً من المتفجرات كانت متجهة من تركيا إلى غزة، ليتم استخدامها في صواريخ حماس. وتواصل أنقرة أيضاً مساعدة إيران وروسيا في مواجهة العقوبات الدولية، بعد ترسيخ نفسها كممرّ رئيسي لداعش في سوريا.

إن كبار صانعي القرار في الولايات المتحدة، مثل جيم ريش عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ (جمهوري – ولاية أيداهو)، والسناتورين كريس فان هولين (ديمقراطي – ولاية ماريلاند)، وريك سكوت (جمهوري – ولاية فلوريدا)، وليندسي جراهام (جمهوري – ولاية كارولاينا الجنوبية)، يطرحون تساؤلات حول مستقبل تركيا كحليف في حلف شمال الأطلسي (الناتو).

قد يساعد إزالة حزب الحياة الحرة الكردستاني من قائمة الإرهاب، على تعزيز أوراق الضغط الأمريكية، دون أن يشكّل أي تهديد لتركيا. كما أنّ ذلك قد يساعد في بناء علاقة أمريكية أقوى مع حزب العمال الكردستاني لتغيير تكتيكاتهم بشكل أكبر، وفتح الباب للوساطة في التوصل لاحقاً، إلى نهاية للصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني.


تظل الخطة البديلة للإدارة الأمريكية ضد إيران غير واضحة، حتى في عالم خالٍ من هجمات حماس. وذلك بعد فشلها على طاولة المفاوضات النووية. فالولايات المتحدة ليست في وضع يمكنّها من قيادة تحالف يستطيع استئناف “حملة الضغط الأقصى”، بفرض العقوبات كما كانت تفعل إدارة ترامب. ويمكن أن يبدأ ذلك من خلال إحياء وتوسيع التحالف الذي أنهى عهد إرهاب داعش بنجاح.

الكاتب: زاك د. هوف- خبير في الشؤون الكردية.

الترجمة عن الإنكليزية: مركز الفرات للدراسات – قسم الترجمة

رابط المقال الأصلي

زر الذهاب إلى الأعلى