ترجمات

قراءة أوجالان من منظور امرأة جنوب آسيوية

بينما أكتبُ هذه المقدمة (١)، لا أستطيع التعبير عما سيكون عليه شعوري بتناولِ كتب أوجالان، فيما لو أمْكَن الجلوس معه وجهاً لوجه ومناقشة القضايا التي يثيرها أوجالان في هذا المجلد “المجلد الثاني (المدنية الرأسمالية) من سلسلة مانيفستو الحضارة الديمقراطية”، مع كوب من الشاي كما هو معتاد في الأوساط الاجتماعية الشرقية. نأمل أن يتم إطلاق سراح أوجالان، حيث سيكون من الممكن سماعه يتناول كتابه بشكل مباشر. كتب أوجالان هذا الكتاب على شكل “مذكرة دفاع” مُقَدّمة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في عام 2008.  يعتبر مثول أوجالان أمام المحكمة – الفرصة الوحيدة المتاحة له في مشاطرة أفكاره مع بقية العالم – شهادة على الحالة الراهنة للعالم الذي نعيش فيه؛ حيث تحتجز فيه “الديمقراطية” الحريات، وتتحول أفكار رجل واحد إلى “تهديد أمني” للدول التي تمتلك مخزوناتها أكثر أسلحة العالم فتكاً على الإطلاق. لكن على نحو غريب، وفي خضم الرؤى البائسة والتنافر الفكري الذي يغلف العالم اليوم، فإنّ ما يبعث على الطمأنينة هو أنّ القول المأثور ” حد القلم أمضى من حد السيف” لا يزال صالحاً.

ليس بإمكاني قراءة كتاب أوجالان إلا كامرأة جنوب آسيوية. يعّج هذا الكتاب بالمصطلحات والمفاهيم والمراجع التاريخية والأحداث وأنماط التفكير والرموز والمقارنات وغير ذلك الكثير مما يرتبط بمنابع المعاني المشتركة بين الثقافات. فمن الناحية الجغرافية والثقافية، يقع الشرق الأوسط بين الشرق والغرب. فلكل من جنوب آسيا والشرق الأوسط روابط تاريخية وثقافية وفكرية وسياسية وثيقة والتي تعود إلى أولى حضارات وادي نهر الفرات ودجلة (ميزوبوتاميا)، ونهر النيل (مصر)، ونهر إندوس – السند (الهند). لا شيء أفضل من اللغة الأردية في تفسير تقارب هذه الحضارات، حيث تعتبر اللغة الأردية تجسيداً لالتقاء الحضارات في الشرق الأوسط، وإيران، والهند، هذه اللغة المولودة من التواصل بين العرب والفرس والأتراك والهنود. حيث حدثت مناظرات سياسية وفلسفية عظيمة وتبادلات ثقافية من العصور القديمة، بين المفكرين من الشرق الأوسط، وبلاد فارس، وجنوب آسيا قبل الاستعمار الأوروبي لأراضينا، وشعوبنا، وعقولنا. حدث التقاء بين الفكر اليوناني والهندي على ضفاف نهر دجلة، في ظل الخلافة العباسية في القرنين الثامن والتاسع الميلادي. ونتج عن التقاء الفكر الغربي والشرقي، ازدهار الفلسفة، والشعر والعلوم والموسيقى في مراكز بغداد، والكوفة، وسنجار(شنكال). واليوم، فإن هذه المواقع اجتاحها الدمار، وحلّت بها مأساة إنسانية غير مسبوقة. تحمل أسماء تلك الأماكن معاني مثيرة للجدل، تلك الأسماء التي توارثها أطفال جنوب آسيا من خلال القصص والحكايات الشعبية، مثل: غرائب نصر الدين خوجا (جحا)، أو قصة جلال الدين الرومي عن الببغاء والتاجر في رحلة إلى بلاد الهند، والتي تملأ عناصر اللاوعي داخل تصوراتنا الجيوسياسية المعاصرة للأحداث في المنطقة. قد تكون الكوفة، وسنجار (شنكال) مجرد أسماء أمكنة يسمعون عنها من مقتطفات الأخبار في قنوات التلفاز، بالنسبة للعديد من الشباب الأوروبيين والأمريكيين الشماليين. وتحمل هذه الأماكن، أصداء تاريخية بالنسبة لشعوب جنوب آسيا. وعندما قرأت الكتاب، تساءلت عما إذا كان القراء من الأصول الأوروبية-الأميركية والقراء من الشرق الأوسط وآسيا، سيخلصون إلى تصورات مختلفة تماماً من كتاب أوجالان.

لتحميل المقالة كاملةً

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى