دراسات

فيدراليتا ميديا والشمال السوري

مدخل

الفيدرالية كنظام سياسي واقتصادي ومجتمعي لم تكن وليدة العصر الحديث، بل تجلّت مظاهر هذا النظام منذ مئات السنين قبل الميلاد، وكانت الفيدرالية في إمبراطورية ميديا 612 قبل الميلاد في أعالي ميزوبوتاميا من أزهى أشكال الفيدراليات، ويمكن اعتبارها القاعدة الأساسية للفيدراليات التي ولدت بعدها وحتى الآن، لكن في كلّ عصر ومع تشكيل دول وظهور ثقافات وأنماط من الاقتصاد، كانت هناك إضافات لجسد هذه الفيدراليات، وفي العصر الحديث اعتمدت أكثر من 34 دولة في العالم النظام الفيدرالي نظاماً رسمياً لها، وتعتبر هذه الدول الأكثر استقراراً سياسياً واقتصادياً، لأنّها تعتمد على دستور يضمن حقوق كلّ المجموعات والأفراد دون أيّ اعتبار دينيّ أو عرقيّ أو طائفيّ.

تبقى مفاهيم الفيدرالية ومنذ آلاف السنين الأرضيّة الخصبة لإنتاج مجتمعات واعية بالوحدة الداخلية والإيمان والانتماء بشكلٍ حرّ لهذا النظام، لأنّ الديمقراطية المباشرة من أهمّ ما تعتمد عليه هذه الفيدرالية، وهي قراءة يومية وعلميّة للحالة السياسيّة والاقتصاديّة والمجتمعيّة، وتبقى الفيدراليّة الحكْم الذي يميّز بين الأزمة التي تعيشها المجتمعات العالمية من خلال تداخل ثقافي في دولة واحدة، ومدى إمكانية العمل على الصراع الثقافي أو الحوار الثقافي، ومن هنا نجد بأنّ الفيدرالية تحسم الإشكالية، ويعلن عن طريق حوار الثقافات في دولة واحدة، والعمل على مفاهيم أخلاقية تلتقي فيه كلّ المكونات.

المجتمعات البشريّة وحتى الآن عجزت عن اكتشاف أيّ نظام أفضل من الفيدرالية، لهذ عندما اعتمدت أمريكا وكندا وسويسرا وألمانيا وروسيا والهند وغيرها من الدول على النظام والدستور الفيدراليّ، لم تكن خطوة وضرباً من الجنون أو الاحتمالات، بل كانت متأكدة بأنّ الفيدراليّة البوابة الحقيقيّة لنظام اقتصادي يخدم كافة المجموعات  والأفراد، وباتت هذه الدول الفيدرالية تنتج أكثر من 40 % من المنتوج العالمي.

مفهوم الفيدرالية

للفيدرالية تعاريف عدّة، وقد تختلف هذه التعاريف من وقت لآخر، أو من دولة لأخرى، وكلّ هذه التعاريف تتمحور حول غاية واحدة، وهذه الغاية تكمن في الدعوة إلى نظام سياسي بين عدّة قوميات، تتنازل فيه كلّ قوميّة عن بعض من صلاحياتها وامتيازاتها واستقلاليتها لمصلحة سلطة عليا موحدة، تمثلها خارجيا وتقوم بنفس الوقت بتوفير مستلزمات الحفاظ على السيادة والأمن والدفاع والسياسة الخارجية.

وأثناء الخوض في تفاصيل التعريف والمصطلح مع كثير من الباحثين واللغويين والقانونيين والساسة العرب وغير العرب نجد شبه إجماع على تشابه اللفظين من حيث المدلول السياسي، هذه المدلولات تتمحور تماماً حول معنى الاتحاد، وتبتعد عن مضمون كلمة التفرقة والانفصال أو الاختلاف، وبالمحصلة فالفيدرالية كلمة لاتينية مشتقة من (فيدوس) وتعني التحالف أو التعاقد، وتتلخّص مفاهيمها بالمشاركة السياسية والاجتماعية في الإدارة بين مكونات وشعوب دولة واحدة، وبمعنى آخر هو اتحاد طوعي بين عدّة مقاطعات أو أقاليم تهدف إلى غاية واحدة ومصير مشترك، وتبقى الفيدرالية وبمعناها البسيط والسهل الاتحاد الاختياري؛ أي التعايش المشترك بين الشعوب والأقلّيات وحتى بين الشعب الواحد في أقاليم متعددة.

فيدرالية ميديا

ميديا تداخلت فيها الشعوب والثقافات، وتجلّت حقيقة هذه الشعوب في المبدأ والنظام الفيدرالي، وخلق ثقافة مجتمعيّة تليق بوحدة الشعور والمصير، ولأنّ ميديا من عمق التاريخ وتميّزت بنظام فريد ومختلف عما سبقه من أنظمة دكتاتورية ووحشية، لهذا يمكن البدء بسهولة، ولكن من الصعوبة بمكان أن نحدّد النهاية أمام امبراطورية بحجم فيدرالية ميديا.

ميديا كجغرافية تقع في القسم الشمالي من بلاد ما بين النهرين وتسمى أيضاً ميزوبوتاميا العليا، الشعب الميدي كان يرزح تحت الاحتلال الآشوريّ ويتعرّض لأبشع أنواع القتل والسلب والنهب، مثله مثل بقية شعوب المنطقة من بابليين وفرس وغيرهم.

في 650 قبل الميلاد وكردّ فعل لهذا المحتل عمل دياكو (ديوسيس) عند هيرودت على بناء عاصمة ميديا اقباتانا (همذان حالياً) حين جميع الشعوب الميدية على كلمة واحدة وفكر واحد قوامها فلسفة زرادشت، وجاء كي آخسيار (كي خسرو) وأكمل ما بدأ به دياكو واتحد مع البابليين بقيادة (نبوخذنصر) وأعلنوا الثورة على الآشوريين فكان الانتصار لهما على قوى الظلم والاحتلال.

من منطلق التاريخ يتبيّن لنا بأنّ شعوب وأقوام ميديا في الألف الأول قبل الميلاد كانت تعيش في فوضى من الأحداث السياسية والاجتماعية، إلا أنّهم بنوا فيدراليتهم على أسس ثقافية وأخلاقية مجتمعية مستمدّة من الثقافة النيوليتية والثورة الزراعية، وتمخضت عنها ثقافة كونية عمّت أرجاء المعمورة، وتشكلت ميديا من عدّة قبائل رئيسية مثل لولو وكوتي وكورتي وجوتي وجودي وكاساي وسوبارتي وخالدي وميتاني وهوري ونايري، والبعض يقول بأنّهم ستة قبائل رئيسية هم بوزا وبارتياك وسترو خات وآريا و بودي وموغي وأطلق عليهم اسم الآريين.

هيرودوت: في 727 قبل الميلاد كانت الأقوام الميدية في اتحاد واحد، لكن في 673 قبل الميلاد قام دياكو (ديوسيس) بإعلان الثورة بوجه الآشوريين معتمداً على فلسفة زرادشت كعقيدة وثقافة أجمع عليها الكلّ، وفيما بعد باتت ميديا الحضارة الأولى التي حضنت ووحدت كلّ المكونات والإثنيات والشعوب في فيدرالية قوامها العدالة والمساواة، وقد اعتمد الميديين على أسلوب مختلف عن باقي الإمبراطوريات والممالك التي سبقتها.

حين طبقت مبدأ أن يحكم كلّ قوم نفسه بنفسه، وكون الميديين يسكنون العاصمة (هينكمتانا ـ اكباتانا)  كانوا يحكمون الكلّ، ومن هنا تحوّل مفهوم القبيلة والقرية إلى الأمة ـ الدولة، لأنّ العاصمة لم تكن مركزاً للتجارة والصناعة التي كانت مركزاً لجميع طرق التجارة حينذاك فحسب، بل أصبحت مركزاً لسنّ القوانين والمراسيم والتشريعات، أما كي آخسيار الذي  حكم ميديا أكثر من أربعين عاماً، فرسّخ خلال هذه المدة مبادئ الفيدرالية بكلّ تجلّياتها، معتمداً على الحالة الإيكولوجية بين الإنسان والطبيعة، بينما عاشت المرأة في أزهى قيمها الإنسانية والمجتمعية وكأنّها تعيش الثقافة التي كانت زمن الثورة الزراعية.

لقد اعتبر المؤرّخون حضارة تل حلف 6000 ـ 4000 قبل الميلاد العصر الذهبي للحضارة الإنسانية، كونها عاشت بمفاهيم الثقافة النيوليتية المجتمعية، وبنفس المقاييس الثقافية عاشت شعوب ميديا قرابة مائة عام أزها الثقافات الإنسانية، لأنّها هي أيضا جعلت من هذه الثقافة قواعد وأسس في ترسيخ مفهوم الفيدرالية بين شعوبها.

 فيدرالية شمال سوريا

قد يتساءل البعض لماذا فيدرالية ميديا التي مضت عليها أكثر من 2600 عام؟!

وما المراد منها ومن قواعدها وأسّسها والفائدة منها في مقارنة ومقاربة بينها وبين فيدرالية شمال سوريا؟

تاريخ هذه المنطقة (بلاد ما بين النهرين) وتحديداً ميزوبوتاميا العليا مليء بالثقافات والشعوب، ولا يمكن أن تستقر المنطقة سياسياً واجتماعياً إلا من خلال نظام سياسيّ يجمع الكلّ في خيمة واحدة، والنظام الفيدرالي وبكلّ محتواه القانونيّ والدستوريّ والمجتمعيّ كفيل بأن يحافظ على هوية كلّ مكوّن، والخلاص من هذه الفوضى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والعيش في ظلّ أخوة في الهدف والمصير.

الذي أساء فهم الفيدرالية في سوريا، لابد أن يعلم أولاً بأنّها تناسب كلّ المكونات السوريّة لأسباب بسيطة وبعيدة عن المصطلحات الفلسفية والمعرفية والقانونية، فهي وبلغة كلّ البسطاء تدعو إلى بناء دولة اتحادية طوعية، كونها تلائم واقع المجتمع السوري المجتمعيّ والتاريخيّ، ذو الثقافات المتعدّدة والمختلفة في الدين واللغة والتراث والعادات والتقاليد المتنوعة، لهذا كلّه اختار المجلس التأسيسي المنبثق عن كل المكونات والشعوب على اختيار الفيدرالية كنظام سياسيّ ومدنيّ، ومن هنا أعلن المؤتمرون بأنّ الفيدرالية ضمان للعيش المشترك وأخوة الشعوب، وهي بمثابة خارطة طريق لكلّ السوريين للخروج من هذه الأزمة، ففي منتصف آذار 2016 اختار هذا المجلس الفيدرالية مشروعاً اتحادياً لشمال سوريا، ففي البداية طرح هذا المجلس 13  هدفاً أو بنداً على أن تستكمل الدراسة لاحقا.

لم يأت هذا المشروع من فراغ، فبعد اعلان الإدارة الذاتية في المنطقة عمل الكرد وبقية المكونات على بناء مؤسّساتهم المدنية والعسكرية، التي حقّقت الأمن والاستقرار والتعايش السلمي، وضمنت الحقوق السياسية والثقافية لكلّ المكوّنات، ويعود الفضل بالدرجة الأولى للذهنية الجديدة التي تؤمن بالآخر دون أيّ إقصاء أو الغاء لأيّ طرف، لهذا نجد بأنّ العرب والكرد والسريان والتركمان والآشوريين وغيرهم من المكونات وبكلّ شفافية أعلنوا عن الفيدرالية كنظام مجتمعي بعيد عن مفهوم السلطة والتحزّب.

وفي الشهر السادس من عام 2016 أعلن عن مسودة العقد الاجتماعي للفيدرالية الديمقراطية لروج آفا ـ شمال سوريا، والتي تتضمن أربعة أبواب، الباب الأول يتعلّق بالمبادئ العامة والثاني بالحقوق والحريات العامة والثالث بالنظام المجتمعي والرابع بالأحكام العامة، ولكلّ باب مجموعة مواد توضح آليات العمل وفقها.

ويمكن أن نلخّص هذه الأبواب بمجموعة أمور، منها أنّ الفيدرالية هو الضمان والأساس من خلال أسس دستورية، لأنّ الدستور هو القانون الذي يؤسّس عليه البناء التحتي في الدولة، لأنّ الكلّ وخاصة من يعمل في أعلى الهرم يخضعون للمساءلة مجرد أن يحاول أحدهم خرق هذا القانون أو الدستور، ولا يحقّ لأحد أن يسنّ أي قانون أو تشريع وفق مصالحة أو مزاجه، كما نراه في الأنظمة الفردية أو الشمولية.

الفيدرالية تكاتف اجتماعي

الفيدرالية اتحاد طوعي بين مجموعة قوميات أو مكونات و تنظيم المجتمع تنظيماً كوموناليا، ويمثّل هذا التنظيم كافة الشرائح والفئات مستفيدين من ثقافة المجتمع الأيكولوجي الديمقراطي، بكلّ أبعاده الإدارية والمجتمعية وخاصّة تحرير المرأة وحصولها على حرياتها السياسية والاجتماعية.

ربما يتبادر إلى ذهن القارئ لماذا الفيدرالية تحديداً؟

بكلّ اختصار لأنّها تحتفظ لكلّ مكون بهويته الثقافية والتاريخية، ولا يمكن إلغاء أو إقصاء أيّ مكوّن، بل يحافظ على التنوع الإثني والقومي والطائفي كلاً حسب انتمائه، ولا تسمح الفيدرالية أن تستفرد أيّ طبقة أو حزب بالسلطة، بل الكلّ يمارس حريته، ولكلّ مقاطعة أو محافظة إدارته، والكلّ مرتبط بالمركز طواعية بما يخدم الوطن، وكلّ الأفراد متساوون أمام القانون.

من جهة أخرى تركز الفيدرالية على البعد الفكري الوطنيّ من خلال خلق مجتمع سياسيّ وأخلاقيّ، بعكس ما كان، وهو التركيز على البعد القومي والمذهبي، ومن هنا يمكن لكلّ المكونات المساهمة وبشكل فعّال في خلق سورية ديمقراطية، ومن خلال هذه المشاركة المجتمعية يمكن أن تسير سوريا نحو التحوّل الذي يحلم به كلّ سوريّ، هذه الإدارة المنبثقة من الفيدرالية هي وحدها كفيلة بالحفاظ على وحدة الشعوب والأرض السورية، والفيدرالية تحقّق لكلّ مكوّن حقوقاً قومية بما يشبه حقّ تقرير المصير، هذا الحقّ الذي ألغته الدولة القومية وعملت على تهميشه منذ تأسيس هذه الدول.

وهذه الحقوق المهضومة كانت تقف عائقاً أمام تطوّر شعوب الشرق الأوسط، كون هذا الاقصاء لم يتوافق الآن أمام تطلعات الشعوب وتخالف مواثيق وحريات هذا العصر، ولأنّ المرأة كانت ومازالت تشكل العنصر الرئيس في بناء الوطن والإنسان وهي صاحبة افضل الثقافات المجتمعية، لذا لابدّ من منحها كامل حقوقها السياسية والمجتمعية، ولا يمكن أن تكون الفيدرالية في سوريا الا بالتخلص من الصناعوية الرأسمالية والعمل وفق نظام اقتصادي كومونالي إيكولوجي.

هذه المفاهيم الفيدرالية تبعث في المجتمع كلّ القيم النبيلة المتعلقة بالسلام والحرية والمساواة والديمقراطية، وتبدو الحلول ناقصة ما لم تقترن بذهنية مجتمعية تحتضن كافة المكونات في انسجام وتوحد، وبقدر ما تتوفر هذه المفاهيم والقيم والذهنية الجديدة بقدر ما تبقى الحاجة للسلطة وأدواتها القمعية بشكل أقل، بل يبقى الشغل الشاغل للأفراد العمل على تنظيم سوريا اجتماعياً وجغرافياً وتاريخياً وديمغرافياً واقتصادياً وثقافياً، وبالتالي تدخل سوريا من خلال الفيدرالية على خلق إنسان حرّ، من خلال تشكيل المؤسّسات المجتمعية التي هي بدورها تحقّق الحريات السياسية والشخصية ضمن وحدة الأرض والمجتمع، من خلال دستور يجتمع عليه كلّ السوريين، أن أمة بلا حكومة وطنية، هي مشهد مريع وأنّ إقرار الدستور في زمن استتباب السلام بموافقة الشعب كلّه واختياره إنّما هو إنجاز استثنائي.

تشابه الفيدراليات

على سطح كوكبنا أكثر من 30 دولة فيدرالية، وتتمّيز كل فيدرالية بخصوصية تناسب واقعها الثقافي والتاريخ والديمغرافي، ومن المسائل الحيوية التي تشترك فيها أغلب الفيدراليات ومن ضمنها فيدرالية شمال سوريا، أنّها تقسّم الإدارة بين الأقاليم والكانتونات والتي هي عبارة عن وحدات دستورية، تتحد جميعها من خلال السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية.

ومن جهة أخرى يتم تنظيم تلك الأقاليم والكانتونات من خلال دستور تتفق عليه كلّ المكونات، كي تقف الحكومة المركزية عاجزة عن تغيير أيّ بند من الدستور إلا بموافقة كلّ المكونات من خلال استفتاء أو استبيان شعبيّ، ومن خلال هذا النظام والتنظيم والدستور التي ستكون هي السلطة العليا في الدولة، إلى جانب وجود قضاء حرّ ومستقل، وهذا يضمن لكلّ فرد ومكوّن حريته وهويته الثقافية واللغوية والتاريخية.

الخلاصة

إنّ العمل على إنشاء الفيدرالية في شمال وعموم سوريا هي ضرورة تاريخيّة قبل أيّ مطلب أخر، لأنّ هذه الضرورة والايمان بها والعمل من أجل تحقيقها تؤكد على خلق مجتمع سوري حرّ، ولا يمكن تحقيق ذلك ما لم يكن في البدء حبّاً وعشقاً للأرض والمجتمع، ولا يمكن التكهّن بالوقت الذي سوف يتحقّق فيه هذا المشروع، بل يتعلق بالإمكانات العملية والذهنية الجديدة والصادقة، والفيدرالية السويسرية أنموذج صارخ في الحياة, فهم لم يتوصلوا لهذه الحالة الراقية بين ليلة وضحاها، بل عملوا ولسنين طويلة وبكلّ حب وانتماء لإنجاح فيدراليتهم وترسيخ مفاهيمها في بنية كلّ فرد مهما كان مختلفاً عن الآخر.

بالمحصلة ومهما اختلف الناس في أبعاد ومعاني وفضائل الفيدرالية، فهي تعني دائماً بأنّها حالة تجميعية اتحادية، بعيدة عن التقسيمية والتفكيكية، وهذا الاتحاد يتم بين مجموعة أقاليم أو كانتونات متجاورة وتقويتها وليس إضعافها، وهي أولاً وأخيراً خيار ونتاج نابع من إرادة الشعوب والمكونات التي تعيش في تلك الأقاليم والكانتونات، وتدعوا وبكلّ شفافية إلى الاستقرار الأمنيّ والمجتمعيّ، وبناء مؤسّسات مجتمعية تعنى بحقوق المواطنة وتراقب العمليّة الديمقراطية بكلّ جدية.

من هنا لابد العمل وبكلّ صدق على تطبيق الفيدرالية في سوريا وبثقافة مجتمعية   والنظر إليها بأنّها المنقِذ والمخلِّص لكلّ السوريين من هذه الأزمة التي عصفت بالبلاد، والانتهاء من كلّ أشكال القتل والتهجير والتدمير، والبدء برسم خارطة طريق تليق بالإنسان السوريّ من خلال تطبيق الفيدرالية بين كلّ المكونات والشعوب السورية والحفاظ على ثقافاتهم المتنوعة التي تعطي لسوريا وجهها الحقيقيّ والتاريخيّ، ويبقى هذا الاتحاد الاختياري أحد ممارسات حقّ تقرير المصير التي أكدت عليها العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة, وهذا الطرح بما يحمله من حقوق للشعوب بكافة ألوانه المذهبية والقومية والعرقية  تشبه في مضمونها الفعليّ فيدرالية ميديا التي مضى عليها قرون وقرون.

 


المراجع

ـ هرودت، تاريخ هرودت، ترجمة عبد الإله الملاّح، ط1 (المجمّع الثقافي، دبي، الإمارات العربية المتحدة، 2001).

ـ محمد أمين زكي، خلاصة تاريخ الكرد وكردستان، ترجمة محمد علي عوني، ط1 (مطبعة السعادة، مصر، 1939).

ـ دياكونوف، ميديا، ترجمة وهيبة شوكت، ط 1 (الناشر محمود أيوب، دمشق، 1998).

ـ كامل وزنه، الفيدرالية نشأتها ونظامها السياسيّ، ط 1 (معهد الدراسات الاستراتيجية، 2007).

بهزاد علي آدم، الفيدرالية والكونفدرالية والفرق بينهما، مقال، موقع الحوار المتمدّن، آخر زيارة 29/3/2018 (https://goo.gl/ba6zc7).

ـ وثيقة النظام الاتحادي الديمقراطي لروج آفا ـ شمال سوريا، 2016.

– مسودة العقد الاجتماعي للفيدرالية الديمقراطية لروج آفا ـ شمال سوريا، 2016.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى