دراسات

أثر منصات الإعلام الاجتماعي على المنظومة القيمية للشباب

(بحث تطبيقي على فئة الشباب في مدينة القامشلي)

المقدمة

أصبح الإعلام الاجتماعي مؤشراً لقياس الرأي العام الداخلي والخارجي، وفضاءً حرّاً لنشر الأفكار، كما لم يعد خافياً على أحد، الأثر الكبير الذي يتركه التقدّم التقني في ميداني الإعلام والاتصال، وما لازمهما من تحوّل للجمهور من استخدام النوافذ الإعلامية التقليدية ذات الأحجام الكبيرة، والنطاق المحدود زمنياً وجغرافياً في الربط والتواصل، إلى الشاشات الرقمية الصغيرة، التي تعزز لدى المستخدم – إيجاباً أو سلباً – أنماطاً متقلّبة من المفاهيم، والاتجاهات، والمعتقدات، موظفة في هذا المسار أحدث آليات الإقناع، والجذب، والقبول التي غيرت على إثرها طبيعة العملية الاتصالية، ومفاهيم العديد من النظريات الإعلامية المعنية بأصول التنشئة الاجتماعية، ومستقبل العلاقات الانسانية، والأبعاد القيمية لاستخدام الجمهور لمنصات الإعلام الافتراضية.

تلك الشبكة التي تم ابتكارها في الولايات المتحدة غداة نهاية الحرب الباردة، بدأت عملها المذهل، والمثير للخيال، معتمدة أيديولوجية قائمة على الانفتاح، والحرية، والتفاعل النشط بين الأفراد والجماعات والأمم.

كما رفدت «الإنترنت» الإنسانية بفوائد عظيمة، واختصرت قروناً من العمل في المعرفة والتواصل إلى سنوات، لكن بموازاة ذلك نشأت أربعة مخاطر؛ أولها درجة كبيرة من الاعتماد على الشبكة، التي استسلمت لنزوع احتكاري لعدد محدود من الشركات الأميركية، وثانيها قابلية كبيرة للتأثر بأنشطة ضارة وهدّامة على صعيدي الأمن الفردي والخصوصية، وثالثها ممانعة واضحة لجهود التقييد والضبط، أمّا رابعها أنها باتت أداة من أدوات الحرب، والصراع، والتدخلات في شؤون الدول. (1)

من هنا، فإن استثمار المتلقي للشبكات الاجتماعية الإلكترونية أخذ يحمل أبعاداً شديدة التأثير من النواحي السلوكية، والوجدانية، والمعرفية، وباتت بحكم جاذبيتها، وتنوع أدواتها، وشمول محتواها، وسيلة مؤثرة لتعزيز الهيمنة الثقافية، والرقابة المجتمعية؛ أضف إلى ذلك، إحداثها تحوّلات نوعية في أنماط الحياة المعاشة، وتغيير عادات الجمهور المستقبل للرسالة الإعلامية.

لذا تحوّلَ طيفٌ من المتلقّين من مرحلة التركيز والاستهلاك السلبي الجامد، وغير الواعي للمعلومة، إلى مرحلة المشاركة والتفاعل، وصنع أجندة خاصة به، تفرض – في أحياناً كثيرة – على وسائل الإعلام خيارات القبول والنشر الآني، سيما في ظرف لم يعد فيه الجمهور العام كتلة متجانسة من الأفراد المشتركين من حيث الخصائص والسمات، ولم تعد ملكاً لأحد، بل أصبح لكل فرد عالمه الخاص، ونمط حياته، الذي في حال تقاعست الوسيلة الإعلامية عن إشباع حاجاته، ومتطلباته، عندها بيده خيار التحول إلى وسيلة بديلة، دون أدنى جهد، أو تكلفة تذكر.

كما لا يمكن هنا التشكيك في الدور الجوهري للإعلام الاجتماعي، فيما يخص تحقيق النمو الاقتصادي، ودعم التواصل، والحريات، والتطوير الذاتي للمستخدمين.

أياً كان حجم التأثيرات، وعمق الارتدادات الناتجة عن تحديثات وسائل الإعلام الرقمي، إلا أنها تُعدّ – يقيناً – الوسيلة الأفضل للوصول إلى الشعوب، والفئات المهمّشة، كي تعبر عن أرائها واهتماماتها، وتعوّم حقوقها ومشكلاتها، فضلاً عن التخلّص من احتكار النخب، والشخصيات المؤثرة لمساحات النشر، وخلق نافذة عالمية لتوحيد الخطاب الجامع.

طبعاً لا يمكننا التسليم بهذه الرؤية الإيجابية من منظور قطعي، ففي النهاية يتوقف حجم تأثير الإعلام الرقمي على ما يتمتع به الجمهور – فرداً أو جماعة – من قدرات إدراكية، ووعي، وثقافة، وقيم راسخة، إلى جانب المناخ العام، وهذه العوامل تتحكم في توظيفه السلبي أو الايجابي للمنصات الرقمية، وبالتحديد نقصد هنا فئة الشباب التي تقود الإعلام الإجتماعي الجديد.

أهمية البحث: تنبع قيمة البحث بشكل أساسي من نقاط عدة، هي:

  • الدور الفعّال والحيوي لمنصات الإعلام الاجتماعي في التأثير على البنية القيمية للمجتمعات، واستقرار المسؤوليات الاجتماعية لأفرادها، سيّما مع تحوّل العالم من وسائل الإعلام التقليدية إلى الوسائل التشعبية والتفاعلية، التي تختزل العالم ضمن شاشة هاتف جوال، أو حاسوب.
  • أهمية دور منصات الإعلام الاجتماعي في خلق أو وأد القدرات الإدراكية، والمعرفية، والثقافية لدى المستخدمين، وترسيخ أنماط فكر نقدية أو سطحية تجاه القضايا.
  • اختيار فئة الشباب التي تُعدّ طاقة ديناميكية لإحداث التغيير الايجابي أو السلبي في المجتمع.
  • للقيم دورٌ رئيسي في تكوين شخصية الفرد، وتوجيهه سلوكياً، ومعرفياً، وعاطفياً، وهي مؤشر نوعي لتطور المجتمعات، أو انحدارها.
  • استخدام الشباب للإنترنت قد يزيد من إحتمالية تنامي النزعات الاستهلاكية، ومخاوف التقليد بدلاً من الابتكار، وتبني العزلة، والتطرف، سيما مع غياب الإجراءات التنظيمية، والتوجيهية في الاستثمار السليم، والهادف للإنترنت، لذا يستوجب التحليل بمنهجية علمية.

 أهداف البحث: يركز البحث على تحقيق جملة من الأهداف، هي:

  • التعرّف على منصات الإعلام الاجتماعي المفضلة لدى الشباب.
  • التعرف على المدة الزمنية التي يقضيها الشباب أمام منصات الإعلام الاجتماعي.
  • التعرف على دوافع استخدام الشباب لمنصات الإعلام الاجتماعي.
  • التعرف على التأثير الإيجابي أو السلبي للمنصات الاجتماعية على المنظومة القيمية للشباب.

لتحميل الدراسة كاملة 

زر الذهاب إلى الأعلى