دراسات

التكلفة الاقتصاديّة والمخاطر البيئيّة والصحيّة لعوادم السيّارات في شمال وشرق سوريا

"إقليم الجزيرة أنموذجاً"

لا تقتصر الآثار التي تتركها عوادم السيارات على الأضرار التي تلحقها بالبيئة وحسب، بل تتجاوزها إلى ارتفاع في التكاليف الاقتصادية الكلية. وتتسبب في العديد من الأمراض للسكان، والناجمة عن تلوث الهواء، والتغيرات المناخية، التي تنتج عن ذلك. إضافة إلى إلحاق الأذى بالأطفال، وخاصة حديثي الولادة، الذين تتزايد لديهم نسب الإصابة بالأمراض الرئوية، كالربو والتحسس، وعدم اكتمال نمو الرئتين، بسبب الغازات الملوثة الناجمة عن احتراق وقود السيارات.

وعلى الرغم من أن الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا أظهرت اهتمامها منذ المراحل الأولى من تأسيسها بالمسألة الإيكولوجية، وضرورة الحفاظ على البيئة النظيفة، إلّا أن الممارسات اللاحقة -الخاصة بالبيئة- لم ترتقِ لتلك الأسس النظرية التي وضعتها سابقاً. وخاصة فيما يخص موضوع تلوث الهواء، الناجم عن الغازات الصادرة عن وقود السيارات، نتيجة استخدام الأساليب البدائية في تصفية النفط، وبالتالي إنتاج الوقود بأنواعه الديزل والبنزين والكاز بجودة سيئة، والتي تحتوي على الكثير من الشوائب، وخاصة الرصاص وأكسيد الكربون. بل – وأكثر من ذلك – السماح باستيراد أساطيل من السيارات القديمة إلى المنطقة، التي تتسبب في إصدار غازات ومواد ملوثة للهواء ومضرّة بالبيئة المحيطة بشكل كبير.

في الجهة المقابلة، لم تُقْدم المؤسسات المعنيّة بالمسائل البيئية داخل الإدارة الذاتية على أية خطوات ملموسة وحقيقية للحفاظ على البيئة، وخاصة في مجال عوادم السيارات، وما ينجم عنها. ولم تلتزم الجهات المسؤولة عن استيراد السيارات، أو توزيع المحروقات بمعايير جودة معينة، تحافظ من خلالها على التقليل من مستويات التلوث في الهواء، الذي بتنا نشعر به جميعاً وبدرجات عالية.

   مشكلة البحث

غابت عن سياسات وقرارات الجهات المعنيّة باستيراد السيارات إلى مناطق الإدارة الذاتية العديد من الآثار البيئية والاقتصادية السلبية، التي خلفتها هذه الظاهرة، والتي حدثت بإفراط، ودون دراسات مسبقة. وقد أدى الاستمرار بها إلى تفاقم المشكلة لدرجة لم يعد بالإمكان حلها بسهولة، أو خلال مدة قصيرة، أو حتى على المدى المنظور. من هنا، يمكننا وضع التصور الأساسي لمشكلة البحث التي تتلخص في السؤالين التاليين:

  • هل تمتلك الإدارة الذاتية أية خطط مستقبلية بخصوص هذه الظاهرة الخطيرة؟ إن كان الجواب “لا”؛ فإلى متى ستستمر مسألة استيراد السيارات التي تعمل على المازوت؟
  • ما هي كميات التلوث التي تلحقها ظاهرة انبعاث عوادم السيارات بالهواء في المنطقة؟ وما هي الأثار التي تتركها على النسيج الحياتي فيها؟

أهمية البحث

تنطلق أهمية هذا البحث بالدرجة الأولى من أهمية المواضيع البيئية، وعلاقتها بالطبيعة وبحياة الناس اليومية، وما تخلفه من آثار عليهم. فلم تعد ظاهرة انبعاث عوادم السيارات في مناطق الإدارة الذاتية بحاجة إلى الكثير من التمحيص لإدراكها، بل باتت مكشوفة وظاهرة للعيان. لذلك ارتأينا ضرورة الوقوف عندها بشيء من التفصيل، وتبيان ما تخلفه من تكاليف اقتصادية عالية على كاهل الإدارة أولاً والمجتمع ثانياً، فضلاً عن قراءة الأثار البيئية، وخاصة تلوث الهواء، ومقدار ما تلحقه من أضرار بيئية ومجتمعية، وما تخلفه من أمراض ستؤثر مستقبلاً على مستويات الأداء الاقتصادي، وتراجع إنتاجية العمل داخل اقتصاد مناطق الإدارة الذاتية.

كما تأتي أهمية هذا البحث، من خلال وقوفها على مسألة التكلفة الاقتصادية للآثار البيئية لعوادم السيارات، وما تشكله من أعباء مالية حالية على موازنة الإدارة الذاتية، وأخرى مستقبلية تتعلق بمستويات الأداء الاقتصادي، وتداعياتها على قضايا النمو والتنمية في المنطقة.

أهداف البحث

تتلخص أهداف البحث الحالية في:

  • تبيان حجم الأضرار البيئية والصحية التي لحقت بمناطق الإدارة الذاتية خلال الفترة الماضية، نتيجة تلوث الهواء الناجم عن انبعاثات الغازات السامة من السيارات.
  • قراءة التكاليف الاقتصادية لهذه الظاهرة، وما تخلفه من آثار سلبية على الحياة الاقتصادية في مناطق الإدارة الذاتية، بشكل عام.
  • تقديم بعض الحلول والمقترحات، التي من شأنها لجم هذه الظاهرة الخطيرة، والبحث في طرح حلول أخرى تقلل من آثارها، سواء على الصحة العامة أو البيئة أو الاقتصاد.

 

محتويات البحث

تمهيد.

الفصل الأول -الآثار الصحية والبيئية.

الفصل الثاني -التكلفة الاقتصادية للتلوث الناجم عن عوادم السيارات.

النتائج والمقترحات.

لتحميل الدراسة كاملة

زر الذهاب إلى الأعلى