دراسات

إعادة الإعمار في سوريا بين التنظير وصعوبة التطبيق

مقدمة

إن الحرب حين تطأُ أيّة أرض، تحولها إلى ركام، وتحرق في طريقها الأخضر واليابس، وبعد انتهائها – بانتصار أحد الأطراف، أو حتى من دون انتصار أحد – تكون قد تدمّرت الكثير من إمكانات البلاد، وتبددت مواردها، حيث يكون الجميع قد استنفد طاقاته فيها. وهنا يأتي دور صنّاع القرار، بتداول مصطلح إعادة الإعمار، كما يحدث اليوم في سوريا، وربما من يبني هو نفسه الذي كان له الدور الرائد في التدمير، في ظل المنظومة الرأسمالية العالمية التي تساهم بصورة أو بأخرى في عمليات التدمير بعد افتعال الحروب والأزمات التي تنشط سوق الأسلحة المختلفة وترفع من مستويات أرباح شركاتها، ثم تأتي عملية البناء بعد إنهاك الأطراف المتصارعة، فتبدأ الجهات الأكثر فاعلية وقوة في تلك الأزمات بأخذ الامتيازات مقابل القروض المانحة، وبربط مبادئ إعادة الإعمار بمصالحها ورؤاها حول شكل الحل النهائي فيبدأ الصراع مجدداً حول من سيعيد الإعمار.

إن عمليات إعادة الإعمار بعد الحروب تعد من أكبر التحديات وأعقدها، وهي ليست بقضية اقتصادية بحتة، بل هي قضية سياسية في المقدمة، تتحكم بها مصالح الدول، لأنها لم تصنع الأزمات لتترك الإعمار بيد الآخرين، إنما يجب أن يكون لها حصة الأسد في هذه العملية.

لا يكاد يمر عقد على منطقة الشرق الأوسط دون أن يتلوّن بالدماء والخراب، فإما حرب أهلية أو حرب دولية. فتكون تلك الحرب الأداة التي تدمّر كل شيء، من المدن إلى القرى، من الطرقات إلى الأبنية، والمعامل والمدارس، إن هذه الحروب لا تحصل مصادفةً، بل ما يدفع إلى كل هذه الحروب هو الجشع والاستحواذ على السلطة والهيمنة.

وما تعيشه سوريا منذ عشر سنوات جزءٌ من هذا الصراع ، حيث بدأت الأزمة بشكلٍ سلميّ، ولكن سرعان ما تحولت الى صراع مسلح دموي، فكانت نتيجتها تدخل القوى الإقليمية والدولية في المنطقة، لا شك إنك إن سافرت برّاً من أي مكان في سوريا، ستصادف بطريقك حجم الدمار الذي خلفتها هذه الحرب، حتى أن الكثير من المدن لا تبدو سوى أكوام من الخراب، مسروقٌ حديدها، فقد تركت هذه الحرب القائمة أضراراً بالغة على البيئة الاجتماعية والثقافية والعمرانية،  وعلى كافة مناحي الحياة.

إشكالية الدراسة

تنبع إشكالية هذه الدراسة من التحديات التي تواجه إعادة الإعمار في سوريا؛ في ظل عقدة التدخلات الخارجية، وتنوع الأجندات الداخلية على الساحة السورية، وصعوبة التوافق بين كل هذه الجهات، لذلك يمكن طرح إشكالية الدراسة بصيغة السؤال التالي:

  • كيف سيكون إعادة الإعمار في ظل كل هذه التدخلات الإقليمية والدولية؟

هذا ما نحاول أن نسلط الضوء عليه في دراستنا هذه.

لتحميل الدراسة كاملة

زر الذهاب إلى الأعلى