دراسات

دراسة تحليلية حول ظاهرة الإرهاب

 المقدمة

بات واضحا للعالم أجمع أنّ الإرهاب ظاهرة خطيرة بكلّ المستويات, على المستوى الفردي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي, إذ يمثل الإرهاب خطرا حقيقيا يواجه الوجود البشري وحضارته وإنجازاته أيضا، لما يتسم به من عنف واستخدام غير مشروع للقوة، وغير مقيد بقانون أو بأخلاق، لا بل إنّه أصبح أداة لتحقيق مآرب وطموحات يعجز البعض عن تحقيقها بالوسائل العادية المشروعة.

ويثور التساؤل هنا، هل هذه الظاهرة قديمة؟ خاصة وأنّ استخدام العنف والقوة وبشكل يهدّد البشرية قديم، عرفته المجتمعات الإنسانية كافة عبر التاريخ، أم أنّ هذه الظاهرة حديثة؟ خاصة وأنّ معظم المفكّرين يتحدثون عن الإرهاب، وكأنّه ظاهرة جديدة، أبصرت النور في الستينيات من القرن الماضي، وأينعت في أحداث الحادي عشر من أيلول 2001.

إنّ من الإجحاف وصف الظاهرة زمنيا بالحديثة، فقد عرفت المجتمعات كافة هذه الظاهرة ومارسته جميع الأنظمة عبر التاريخ، ومورس على الصعيد الداخلي ضمن المجتمع الواحد من السلطة الحاكمة، ضدّ الطبقات المحكومة أو من فئة كبيرة ضدّ فئة قليلة أو العكس، أو من فئة تسعى إلى  مقاومة ظلم السلطة الحاكمة، وقد مورس على الصعيد الخارجي باعتداء الدول القويّة على الشعوب الفقيرة، ناهيك عن تدخل الدول الأجنبية في الصراعات المحلّية التي تنشب ضمن المجتمع الواحد، لا بل إنّ رقعة الإرهاب قد اتسعت لتشمل دولا ومجتمعات متعدّدة، وكانت دافعا للقول بالإرهاب الدولي، هذا الإرهاب الذي هو نوع من العنف يختلف عن الجرائم العادية، ويستخدم التقدّم العلمي والتقني الحديث في سبيل نشر المقاصد والأهداف المباشرة وغير المباشرة من وراء العمل الإرهابي، فاستقطبت هذه الظاهرة الاهتمام الدولي، ودعت إلى التفكير جديا باستراتيجيات مضادة لمكافحة الإرهاب، وتقليل آثاره وأدانته واعتباره نوعا من الإجرام الخطر والشذوذ عن المعايير الاجتماعية والأخلاقية والقانونية.

ويلاحظ وبشكل جليّ أنّ ظاهرة الإرهاب قد اتسعت في الآونة الأخيرة كمّا ونوعا، وبشكل ملفت للنظر، وصارت لها فلسفتها وأدواتها وأهدافها، بحيث تترك آثارا خطيرة في الأوضاع الدولية، لما تميّزت به من استخدام أساليب عسكرية، ووسائل تقنية متطورة تدعمها خبرة واسعة، وإمكانات هائلة تشكل خطورة تثير القلق.

وإزاء خطورة هذه الظاهرة وما يمكن أن يترتب عليها من نتائج وآثار، كان من الضروري على الباحثين والمهتمين بأبحاث العنف على وجه العموم، وأبحاث الإرهاب على وجه الخصوص أن يكرّسوا جهودهم من أجل إلقاء الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة، توضيحا لطبيعتها وتأصيلا لجذورها، وتنقيبا عن روافدها وبحثا عن دوافعها ومثيراتها، تحليلا لأسبابها للوقوف على مكامن الخطر، سعيا للعلاج واتخاذ ما يلزم للحدّ من خطورتها، أو بالأحرى القضاء عليها، وإذا كانت المؤسّسات البحثية في معظم الدول الغربية قد قطعت شوطا كبيرا في هذا المضمار، فإنّ الساحة العلمية العربية لا تزال خالية من الأبحاث والدراسات العلمية والقانونية الدقيقة، التي تتناول هذه الظاهرة بالدراسة والتحليل والتقويم، باستثناء محاولات قليلة ظهرت في الآونة الأخيرة لتمثل تطورا ملموسا في اتجاه البحث العلمي العربي لهذه الظاهرة.

وفضلا عما ذكرته آنفا من أمور تتجلّى فيها أهمية البحث في هذا الموضوع، فإنّ أهمية أخرى تضاف، تتمثّل فيما يشهده عصرنا الحالي بما يسمى بالحرب ضدّ الإرهاب، التي تتزعّم قيادتها الولايات المتحدة الأمريكية، محاولين من خلال هذا البحث بيان جذور وتاريخ الإرهاب ومفهومه وأشكاله وأسبابه والدوافع الكامنة وراءه والسبل والحلول الملائمة لمعالجة هذه الظاهرة.

وفي ضوء ذلك سنقوم بتناول الموضوع في محورين، نخصّص فيه المحور الأول بالتحدّث في مفهوم الإرهاب ونشأته وتناول الجذور التاريخية لهذه الظاهرة, إضافة لأشكاله أيضا.

أما المحور الثاني فسنتناول فيه “أسباب ودوافع الإرهاب” لما لهذا الموضوع من أهميّة تكمن في التعرّف على جملة الأسباب والدوافع التي تصنع الفعل والفكر الإرهابي مما يساعدنا على فهم الظاهرة بشكل أوسع لوضع الحلول المناسبة لها أخيرا، إضافة لبحث وذكر الجهود الدولية والإقليمية لمكافحة الإرهاب.

الإرهاب نشأته ومفهومه و أشكاله

نشأة الإرهاب ومفهومه

مما لا شكّ فيه أنّ الإرهاب أصبح ظاهرة خطيرة، وسمة من سمات العالم المعاصر وأصبح أداة لتحقيق مآرب وطموحات يعجز البعض عن تحقيقها بالوسائل العادية.

إلا أنّ هذه السمة لم تكن مفاجأة للعالم بظهور حديث لم يسبق له أي جذور، فالإرهاب موجود منذ أن وجدت البشرية والعلاقة بين الإرهاب والإنسان قديمة، إلا أنّ هذا الإرهاب له ألوان متموّجة عبر الزمان، بفعل التطوّر الذي يحصل من زمن لآخر، سواء في الوسائل أو الأساليب، وحتى في الأهداف، وفي هذا المبحث قمت في البحث عن نشأة الإرهاب ومفهومه وذلك لضرورتين, الأولى تكمن أهمية تأكيد وجود الإرهاب تاريخيا، وإثبات أنّه ليس وليد العصر الحديث كما يروّج له البعض من المفكرين والباحثين, والضرورة الثانية تكمن في بيان مفهوم هذه الظاهرة تسهيلا للتعمّق فيه واستبيان أصله.

المطلب الأول: نشأة الإرهاب

من المعروف أنّ ظاهرة الإرهاب ليست ظاهرة حديثة النشأة، بل قديمة كلّ القدم، إذ أنّ عوامل نشأتها حاضرة في التاريخ بشكل واضح، فالبعض يرجِع العمل الإرهابي إلى مئات السنين، وأنا أرجعها ربما إلى أزمنة أبعد تاريخيا، إذ أنّ الإنسان وكما هو معروف أنانيّ بطبعه، وميّال إلى حبّ التملّك، تبعا لذلك فإنّ الإرهاب وليد العصور القديمة، وليد ذاته ونشأته.

وجب التنويه أنّ اللجوء إلى استخدام القوة والعنف أمر فطري، وقد لجأ الإنسان إليه لتحقيق مصالحه المطلوبة، إلا أنّ فكرة القوة واستخدام العنف كامنة في النفس البشرية وتطورت بتطور الإنسان وظروفه، فانفلتت من المحيط الفردي والشخصي للإنسان، لتكتسب المنحى الشمولي للمجتمع، بما له من معطيات بنيويّة إنسانية واجتماعية واقتصادية.

إذ أنّها ظاهرة قديمة قدم الإنسان، وملازمة له بفعل الطبيعة السيكولوجية له، فالجريمة والعنف والإخافة وخلق جو من الرعب موجود في الحياة الاجتماعية منذ أن وجدت البشرية.

على الرغم من أنّ جوهر الإرهاب يظلّ واحدا، إلا أنّ الإرهاب القديم يختلف عما تشهده هذه الظاهرة في عصرنا الحالي، وهذا أمر محسوم، يعود إلى تأثير ما يفرضه تعاقب الأزمان من تطوّر، وبالتالي فإنّ أشكال الإرهاب وأدواته وتكتيكاته تختلف وتتطوّر بسرعة مع الزمن، كما يتأثر الإرهاب إلى حدّ كبير بخصائص النظام الدولي وتوازناته، والتي تترك بالضرورة تأثيرا جوهريا على ظاهرة الإرهاب، من حيث الأهداف والآليات وهذا ما سنبينه لاحقا.

الإرهاب في العصور القديمة

يرجع جمْعٌ كبير من الباحثين في الظاهرة وجذورها الإرهاب إلى الحقب القديمة في التاريخ، مستندين في ذلك إلى كثير من النصوص التي وجدت عن بعض أوجه العنف الذي ينتج عنها الفزع والرعب والترهيب الذي مورس قديما لأهداف ونوايا تجعل من الممارسة المذكورة سندا كبيرا في وصف الفعل بالإرهاب، كما يمكن التعرّف على شكل من أشكال الإرهاب في أحد البرديات من مصر القديمة التي تحدّثنا عن صورة للذعر والقسوة والعنف الناجمة عن صراع دموي بين أحزاب الكهنة وغيرهم من أصحاب الأفكار المضادة.[1]

وتنقل إلينا صراعات الأحزاب التي ميّزت حياة دول ومدن اليونان القديمة صورة أخرى للعنف الهادف إلى تحقيق نتيجة سياسية، مثل الصراع بين الأوليجارشية والديمقراطية في مدينة (CORCYCA) وما نتج عنه من آثار مادية ومعنوية لا تختلف كثيرا عما ينتج عن إحدى العمليات التي تقوم بها إحدى الجماعات الإرهابية في العصر الحديث.[2]

ويرى البعض أنّ اغتيال الإمبراطور يوليوس قيصر عام 44 ق. م  مثلا من أمثلة الإرهاب، تنطبق على حادثة اغتيال رئيس دولة ما في العصر الحديث.[3]

وإذا كانت صور العنف المتقطّع قد ملأت الحياة القديمة، إلا أنّه قد ظهرت أيضا صورة من العنف المنظّم الذي يرمي إلى تحقيق أهداف سياسيّة على أيدي جماعات استخدمت العنف كوسيلة وأداة لتحقيق أهدافها، يمكن أن نميّز منها ووفقا للترتيب الزمني حركة تتمثّل بجماعة السيكارى التي كانت تمثّل الإرهاب اليهودي، هذه الحركة أو الجماعة التي يعتبر وجودها مرحلة جديدة في انتقال الإرهاب من ممارسة فردية يقوم بها بعض الأفراد لغايات وأهداف معينة إلى ظاهرة تمارس بشكل منظّم من قبل حركات منظّمة، فكانت السيكارى أول حركة إرهابية ظهرت في التاريخ، وهي حركة يهودية نشأت في عهد الحكم الروماني في القدس في الفترة ما بين 73- 66 ق.م.[4]

ولقد تميّزت هذه الحركة السياسيّة الدينيّة المتطرّفة باستخدامها لوسائل غير تقليدية للقتال ضدّ الرومان، من حيث طريقة ارتكابها لأفعالها، والتي كانت تتمّ باستخدام سيوف قصيرة تسمّى “سيكا” والتي استمدوا منها اسم منظمتهم، كانوا يخبّئونها تحت عباءاتهم لينفّذوا عملياتهم في وضح النهار وأثناء الاحتفالات العامة وفي الزحام.[5]

المطلب الثاني: تعريف الإرهاب

  1. المعنى اللغوي لكلمة الإرهاب

الإرهاب في اللغة هو الإزعاج والإخافة، وترهب، يرهب، رهبة، ورهباً، ورهبا، خاف مع تحرّز واضطراب.[6] ولو رجعنا إلى  القرآن باعتباره مصدر مهما للبيان لوجدنا لفظ ارهاب رهب قد جاءت مشتقة في أكثر من موضع فيه، وهي جميعاً تشير إلى  معاني الخوف والفزع والرعب.[7] وإذا ما انتقلنا إلى  اللغتين الانكليزية والفرنسية لوجدنا كلمة  Terror في الأولى وTerreur  في الثانية تتطابقان مع ما يثيره لفظ ارهاب في العربية من  معاني الخوف أو التخويف والرعب أو الإرعاب.[8]

  1. محاولات تعريف الإرهاب

بعد أن تم بيان إشكالية وصعوبة تعريف الإرهاب، وما يترتّب على ذلك من نتائج خطيرة، والتسليم وفقاً لهذا بصعوبة الوقوف على تعريف قاطع محدّد – على الرغم من أهميته القصوى – نجد من المفيد التعرّض للمساهمات المختلفة في التعريف بالإرهاب، على أن نتبِع ذلك بمحاولة ذاتية لتقديم تعريف محدّد وشامل يغطي جميع جوانب موضوع البحث والدراسة، حيث سنتطرق للمساهمات بالشكل الآتي:

ا. الإرهاب كما عرّفته بعض الموسوعات.

ب. مساهمات الفقه الدولي في التعريف بالإرهاب.

ج. مساهمة المنظّمات الدولية، ممثّلة بالاتفاقيات الدولية في التعريف بالإرهاب.

أ-الإرهاب كما عرّفته بعض الموسوعات:

  • في موسوعة المعلومات الأمريكية نجد أنّ الإرهاب يعني “استخدام القوة أو التهديد باستخدامها، باللجوء وبشكل خاص إلى التفجيرات والخطف والاغتيال، من أجل الوصول إلى  هدف سياسي”.[9]
  • وفي موسوعة السياسة نجد أنّ الإرهاب يعني ” استخدام العنف – غير القانوني – أو التهديد به بأشكاله المختلفة، كالاغتيال والتشويه والتعذيب والتخريب والنسف بغية تحقيق هدف سياسي معيّن، مثل كسر روح المقاومة والالتزام عند الافراد وهدم المعنويات عند الهيئات والمؤسسات، أو كوسيلة من وسائل الحصول على المعلومات أو المال وبشكل عام استخدام الإكراه لإخضاع طرف مناوئ لمشيئة الجهة الإرهابية”.[10]
  • وفي موسوعة لاروس نجد أنّ كلمة إرهابTerrorisme تشير إلى  مجموعة أعمال العنف التي ترتكبها المجموعة الثورية، والإرهابي Terroriste هو ذلك الشخص الذي يمارس العنف، وقد ارتبط وصف إرهابي بزعماء الثورة الفرنسية من اليعاقبة الذين أقاموا حكما مبنيا على الرعب والإرهاب في فرنسا عام 1793.[11]
  • وفي الموسوعة البريطانية نجد أنّ الإرهاب يعني “الاستخدام المنظّم للرعب أو العنف غير المتوقّع ضدّ الحكومات أو الجماعات أو الأفراد، لتحقيق هدف سياسي”.[12]
  • ب. مساهمات الفقه الدولي

بذل المتخصّصون في القانون الدولي العام جهوداً ملموسة في مجال التعريف بالإرهاب وتحديد طبيعته وتوضيح جوانبه، ولكثرة ما ورد في هذا الشأن، فإنّنا سنتعرّض لأبرز وأوضح المساهمات.

  • فالدكتور عبد العزيز محمد سرحان يعرّف الإرهاب بقوله” يمكن تعريف الإرهاب بأنّه كلّ اعتداء على الأرواح والممتلكات العامة أو الخاصة بالمخالفة لأحكام القانون الدولي بمصادره المختلفة، وهو بذلك يمكن النظر إليه، على أساس أنّه جريمة دولية أساسها مخالفة القانون الدولي… ويعدّ الفعل إرهاباً دولياً، وبالتالي جريمة دولية، سواء قام بها فرد أو جماعة أو دولة، كما يشمل أيضاً أعمال التفرقة العنصرية التي تباشرها بعض الدول”.[13]
  • أما د.صلاح الدين عامر فيعرّفه على أنّه “الاستخدام المنظّم للعنف، لتحقيق هدف سياسيّ وبصفة خاصّة جميع أعمال العنف – حوادث الاعتداء الفردية أو الجماعية أو التخريب – التي تقوم منظّمة سياسية بممارستها على المواطنين، لخلق جو من عدم الأمن وهو ينطوي على طوائف متعدّدة من الأعمال أظهرها “أخذ الرهائن واختطاف الأشخاص وقتلهم ووضع المتفجرات أو العبوات الناسفة في أماكن تجمع المدنيين أو وسائل النقل العامة والتخريب وتغيير مسار الطائرات بالقوة”.[14]
  • بينما يرى الفقيه تورنتون Thoronton الإرهاب بأنّه استخدام الرعب: كعمل رمزيّ، الغاية منه التأثير على السلوك السياسيّ بوسائل غير اعتيادية ينتج عنها التهديد أو العنف.
  • أما نومي جال أور Noimi Gal – Or فينظر إلى  الإرهاب على أنّه “طريقة عنيفة أو أسلوب عنيف للمعارضة السياسية، وهو يتكوّن من العنف والتهديد به، وقد يتضمّن التهديد أو العنف البدني الحقيقي، وأيضاً يشمل ممارسة أو التهديد بممارسة العنف النفسي، وقد يمارس الإرهاب ضدّ أبرياء أو ضدّ أهداف لها ارتباط مباشر بالقضية التي يعمل الإرهابيون من أجلها”.
  • على حين تعرّف د.أمل يازجي الإرهاب بأنّه “جريمة مقصودة ذات دافع سياسي، إلا زمن الحرب، حيث يمكن أن تكون مجرّد تقنية عسكرية ترتكب من قبل فرد أو أكثر لصالح جماعة ما أو نظام حاكم يمثّل دولة، وتهدف إضافة إلى الذعر المحتمل، زعزعة نظام سياسيّ قائم، أو في طور القيام، أو محاولة القضاء عليه”.
  • في حين يعرف د. عصام رمضان الإرهاب بأنّه” استخدام أو التهديد باستخدام العنف ضدّ أفراد ويعرض للخطر أرواحاً بشرية بريئة، أو يودي بها أو تهديد الحريات الأساسية للأفراد لأغراض سياسيّة، بهدف التأثير على موقف أو سلوك مجموعة مستهدفة، بغضّ النظر عن الضحايا المباشرين”.

ج – مساهمات المنظمات الدولية

  • لقد كان للمنظمات الدولية الدور البارز في محاولة تعريف الإرهاب من خـلال ما أبرم من اتفاقيات تُعنى بموضوع منع وقمع الإرهاب، وفيما يلي توضيح مركز وموجز لهذه المساهمات.

  أولا. اتفاقية جنيف الخاصّة بمنع وقمع الإرهاب لعام 1937

  • تضمّنت هذه الاتفاقية في مادتيها الأولى والثانية تعريفين للإرهاب أحدهما وصفي، وقد ورد في المادة الأولى والآخر عددي أو حصري، وقد ورد في المادة الثانية منها، حيث نصّت المادة الأولى منها على أنّ الإرهاب يعني “الأعمال الإجرامية الموجّهة ضدّ دولة والتي يكون من شأنها إثارة الفزع والرعب لدى شخصيات معينة أو جماعات من الناس أو لدى الجمهور”.

بينما نرى المادة الثانية قد حدّدت وعدّدت مجموعة من الأفعال التي تعتبر أعمالاً إرهابية  وهذه الأفعال هي:

(1)- الأفعال العمديّة الموجّهة ضدّ الحياة أو السلامة الجسدية أو صحة أو حرية الفئات التالية:

(أ) رؤساء أو أشخاص يمارسون اختصاصات رئيس الدولة وخلفائهم بالوراثة أو التعيين.

(ب)أزواج الأشخاص المُشار إليهم في البند السابق.

(ج)الأشخاص المكلّفين بوظائف أو مهام عامة عندما ترتكب ضدّهم هذه الأفعال بسبب ممارسة هذه الوظائف أو المهام.

(2)التخريب أو الإضرار العمدي بالأموال العامة أو المخصّصة للاستعمال العام، المملوكة لطرف آخر متعاقد أو تخضع لإشرافه.

(3)الإحداث العمدي لخطر عام من شأنه تعريض الحياة الإنسانية للخطر.

(4)محاولة ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة.

(5)صنع أو تملك أو حيازة أو تقديم الأسلحة أو الذخائر أو المفرقعات أو المـواد الضارة بقصد تنفيذ جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة.[15]

ثانيا. الاتفاقية الأوربية لمنع وقمع الإرهاب لعام 1977

تضمّنت هذه الاتفاقية في مادتها الأولى تعريفا حصريا للإرهاب بمعنى أنّها قد أوردت طائفة من الجرائم – التي لا تعتبر من الجرائم السياسيّة خاصة في مجالات تتعلّق بتسليم المجرمين فيما بين الدول المتعاقدة – التي تعدّ من قبيل الأفعال الإرهابية وهي:

  • الجرائم المنصوص عليها في اتفاقية لاهاي 1970 والخاصّة بقمع الاستيلاء غير المشروع على الطائرات.
  • الجرائم المنصوص عليها في اتفاقية مونتريال 1971 والخاصة بقمع الأعمال غير المشروعة والموجّهة ضدّ سلامة الطيران المدني.
  • الجرائم الخطيرة التي تتضمّن الاعتداء على الحياة والسلامة الجسدية أو الحرية للأشخاص الذين يتمتّعون بالحماية الدولية والجرائم التي تشمل الخطف وأخذ الرهائن أو احتجازهم غير المشروع.
  • جرائم استعمال المفرقعات والقنابل والأسلحة الآلية والمتفجّرات والرسائل المفخّخة إذا ترتّب على هذا الاستخدام تعريض الأشخاص للخطر.
  • محاولة ارتكاب أيّ من هذه الجرائم السابقة أو الاشتراك فيها.[16]

ثالثا. اتفاقية منظّمة الدول الامريكية لعام 1971

تضمّنت هذه الاتفاقية في مادتها الأولى تحديدا لبعض الأفعال الاجرامية وعدّها إرهابية، حيث خصّت الاتفاقية بالذكر “الاختطاف والقتل وأفعال الاعتداء الأخرى على حياة الأشخاص الذين يجب أن تحميهم الدولة حماية – خاصة – بموجب القانون الدولي وعلى سلامتهم الجسديّة، وكذلك الابتزاز المتعلّق بهذه الجرائم” واعتبرت الاتفاقية جميع هذه الجرائم عادية، وذات أهمية دولية بغضّ النظر عن دوافعها.[17]

رابعا. جهود الامم المتحدة “متمثّلة في اللجنة الخاصة بالإرهاب”

واجهت اللجنة الخاصّة بتعريف الإرهاب المنبثقة عن اللجنة الخاصّة بالإرهاب التي شكّلتها الأمم المتحدة خلافات جوهرية وعميقة، فيما يتعلّق بمحاولة الاتفاق على تعريف محدّد ومقبول من سائر وفود مختلف الدول، وأدركت اللجنة أنّ وراء تلك الاختلافات مفاهيم اجتماعية وسياسيّة وقانونية وفكريّة متعارضة، ومن ثم وصلت إلى قناعة مؤدّاها استحالة التوصل إلى  تعريف محدّد يضمّ في جنباته ويصهر في بوتقته تلك الخلافات والاتجاهات المتعارضة، على أنّ هذا لا يمنعنا من استعراض بعض التعريفات التي تقدّمت بها وفود بعض الدول المشاركة في اللجنة.[18]

  • ففي عام 1973، قدّمت مجموعة عدم الانحياز مشروعا إلى اللجنة حدّدت فيه الأفعال – التي تدخل في سياق أفعال الإرهاب الدولي، بما يأتي:
  • أعمال العنف والقمع التي تمارسها الأنظمة الاستعمارية والعنصرية أو الأجنبية ضدّ الشعوب التي تناضل من أجل التحرّر والحصول على حقّها المشروع في تقرير المصير والاستقلال، ومن أجل حقوق الإنسان وحرياته الأساسيّة.
  • قيام الدول بمساعدة التنظيمات الفاشية أو المرتزقة التي تمارس أعمالها الإرهابية ضدّ الدول الأخرى ذات السيادة.
  • أعمال العنف التي يرتكبها أفراد أو مجموعات والتي من شأنها أن تعرّض للخطر حياة الأبرياء أو تنتهك الحريات الأساسية دون الإخلال بالحقوق غير القابلة للتنازل كالحقّ في تقرير المصير والاستقلال لكلّ الشعوب الخاضعة لسيطرة الأنظمة الاستعمارية والعنصرية أو أية أشكال أخرى من السيطرة الأجنبية أو الحقّ المشروع في الكفاح وبصفة خاصة كفاح حركات التحرّر الوطني.
  • أعمال العنف التي يرتكبها افراد أو مجموعات لتحقيق كسب شخصي والتي لا تنحصر آثارها في نطاق دولة واحدة.[19]
  • وفي عام 1973 أيضا، قدّمت فنزويلا مشروعا –للجنة الخاصة- يعرف الإرهاب الدولي بأنّه “كلّ استخدام للعنف أو التهديد به، يعرض للخطر أو يهدّد حياة الأبرياء أو يخاطر بالحريات الأساسية، يرتكبه فرد أو مجموعة من الأفراد على إقليم دولة أجنبية أو في أعالي البحار، أو على متن طائرة في حالة الطيران فوق البحار المفتوحة أو الحرّة بعد إثارة الفزع لتحقيق هدف سياسي، وذلك بالإضافة إلى أعمال الإرهاب الدولي غير الإنسانيّة التي تتخذها الأنظمة الاستعمارية والعنصرية”.[20]
  • ويشير الاقتراح الفرنسي إلى الإرهاب الدولي على أنّه “عمل مستهجن يتم ارتكابه على إقليم دولة أخرى بواسطة أجنبي ضدّ شخص لا يحمل نفس جنسية الفاعل بهدف ممارسة الضغط في نزاع لا يعدّ ذا طبيعة داخلية”.[21]
  • أما الاقتراح الأمريكي المقدّم بهذا الخصوص فقد تضمّن تعريفاً للإرهاب يشمل كلّ ما من شأنه أن يسبّب على وجه غير مشروع في قتل شخص أو إحداث ضرر بدني فادح به أو خطفه أو محاولة ارتكاب هذا الفعل أو الاشتراك في ارتكاب أو محاولة ارتكاب مثل هذه الجرائم.
  1. التعريف بالمفهوم

بعد أن أوضحنا الأسباب التي أدت إلى عجز المجتمع الدولي عن وضع تعريف جامع وشامل للإرهاب الدولي، وما أوردناه آنفاً من محاولات مختلفة بهذا الخصوص، فإنّنا نستطيع القول بأنّ عملية التعريف ليست بالمهمّة المستحيلة، بل الاستحالة في الأمر تتمثل في صعوبة توحيد مواقف الدول بسبب من مصالحها المختلفة، وبالتالي تأتي أهمية تكثيف الجهود الدولية بهذا الشأن – توحيد المواقف – لأجل تحديد تعريف شامل وجامع متفق عليه يرسم ملامح هذا المفهوم، إلا أنّ الاعتراف بالعجز المذكور لا يجعلنا نكتفي بما أوردناه آنفاً، بل حافزاً للمساهمة في محاولة وضع ما نجده مناسباً من تعريف، ففي ضوء جميع التعريفات التي قدّمتها الدول في السنوات الأخيرة في الأمم المتحدة والتعريفات التي توصلت إليها المنظمات الإقليمية والاتفاقات الثنائية وجهود الفقه الدولي، يمكن تعريف الإرهاب الدولي بأنّه “كلّ عمل خطير ومنظّم من أعمال العنف أو التهديد بارتكابه، يقوم به أفراد أو جماعات أو حكومات أو دول، لخلق حالة من الخوف أو الذعر أو اليأس، يستهدف أشخاصاً – طبيعية ومعنوية – وممتلكات – سواء أكانت متمتعة أو غير متمتّعة بالحماية الدولية، بقصد تحقيق أهداف عامة (سياسية، اجتماعية، اقتصادية…إلخ)، وبقصد الأضرار بالعلاقات الودية الدولية بين الدول أو بين رعاياها أو لابتزاز الدول والحصول على تنازلات منها، بالمخالفة لأحكام القانون الدولي بمصادره المختلفة”.

وبالاستناد إلى تعريفنا الآنف وإلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المرقّم 3034 في 18 كانون الأول 1972،[22] فإنّ أعمال القمع والتوسّع والاحتلال والاستغلال والهيمنة بكلّ أشكالها التي تمارسها الأنظمة الاستعمارية وأنظمة التمييز العنصري والهيمنة الأجنبية، تعتبر أعمالاً إرهابية، ولا تعتبر أعمالاً إرهابية نضال الشعوب وحركات التحرّر الوطني لأجل تقرير المصير والتحرّر والاستقلال.

  • ووفقاً لهذا فإنّه يمكن النظر إلى الإرهاب الدولي على أساس أنّه جريمة دولية أساسها مخالفة القانون الدولي بغضّ النظر عن القائم به (سواء كان فرداً أو جماعة أو دولة) وكما أسلفنا.

المبحث الثاني: أشكال الإرهاب

إذا كان الإرهاب عملا لاإنسانيا ولاأخلاقيا فإنّ هذا ينطبق على جميع أشكاله وصوره، وأيا كان مرتكبوه، وأشكال الإرهاب لا تقع تحت الحصر، وإذا كانت الإحاطة بجميع أشكال الإرهاب هي أمر بالغ الصعوبة، فلا أقل من أن تتناول أغلب هذه الأشكال خاصة تلك التي نالت حظا من التطبيق في الواقع العمليّ، ووفقا لهذا فإننا سنتناول الموضوع من خلال النظر إليه عبر جوانب الإرهاب الأربعة “الفاعل – الهدف- النطاق – الزمن “، وعلى النحو التالي:

  • أشكال الإرهاب وفقا لمرتكبيه.
  • أشكال الإرهاب وفقا للهدف منه.
  • أشكال الإرهاب وفقا لنطاقه “المعيار المكاني”.
  • أشكال الإرهاب وفقا لزمن وقوعه “المعيار الزمني”.

1-أشكال الإرهاب وفقا لمرتكبيه

يمكن تقسيم الإرهاب من حيث القائمين به إلى نوعين رئيسين هما: إرهاب الدول وإرهاب الأفراد والمجموعات، وقد يحدث تداخل بين هذين النوعين – وكما سبق لنا الإشارة – فالدولة ترتكب الإرهاب بنفسها أو بواسطة دعمها لبعض الأفراد أو الجماعات لتضعيف بعض الدول الأخرى المنافسة، كما أنّ الجماعات الإرهابية إذا نجحت وسيطرت على مقاليد السلطة قد تستمرّ في استخدام العنف والإرهاب، وهي في السلطة، وهذا ما حدث في عهد الثورة البلشفية.

أ-إرهاب الدولة: أوضحت اللجنة الخاصة بالإرهاب الدولي أن أسباب الإرهاب – والتي جعلت منها صورا لإرهاب الدولة – متعدّدة وصفتها بأنّها سياسيّة من خلال الاحتلال أو السيطرة على الأراضي أو إجبار السكان على هجر أراضيهم ومساكنهم، أو اقتصادية في حال الاستغلال الصارخ للموارد الطبيعية للدول الفقيرة، ومع هذا فالأمر لا يقتصر على ذلك، حيث تتعدّد وتتداخل صور إرهاب الدولة ويمكن تقسيمها من حيث نطاق العمليات الإرهابية، إلى إرهاب دولة في الداخل، وإرهاب دولة في الخارج.

فإرهاب الدولة على المستوى الداخلي قد يكون من خلال “التعسّف في السلطة” مثل أعمال التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والوحشية وتقييد الحريات الأساسيّة، ويرتدي – الإرهاب المذكور – دائما ثياب الشرعية القانونية التي يضفيها عليه ممارسوه من خلال قوننة عملياتهم الإرهابية، بتشريعات مطاطة وذات صلاحيات واسعة، ولا يكتفي بهذا، بل إنّ البعض يعتبر مخالفة الدول للمبادئ الأساسية والأحكام المستقرة في القانون الدولي بما في ذلك حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، من قبل إرهاب الدولة.

أما على المستوى الخارجي فالدولة تمارس الإرهاب على صورتين أحدهما مباشرة والأخرى غير مباشرة فالصورة المباشرة لإرهاب الدولة على المستوى الخارجي تتمثّل في تلك العمليات التي تنفّذها وحداتها العسكرية ضدّ المدنيين في دولة أخرى ويسمى بالإرهاب العسكري، وهو يفترق عن الإرهاب القهري من حيث الهدف، حيث يهدف الإرهاب القهري إلى تجميع الشعب بقصد السيطرة عليه، في حين يهدف الإرهاب العسكري إلى تفريق الشعب وإضعاف إرادته وتحطيمه.

ولكن في الغالب، الدولة تمارس الإرهاب على المستوى الخارجي بصورة غير مباشرة لتتجنّب بذلك مخاطر الحروب والمواجهات العسكرية مع الدول، من خلال دعم الإرهاب وجماعته في بعض الدول وإمدادها بالسلاح والأموال اللازمة لتمويل عملياتها بالإضافة إلى تدريب وتجهيز أفراد هذه الجماعات وتقديم الملاذ الآمن بعد ارتكابهم لعملياتهم في الخارج، وعلى هذا فإنّ صورة إرهاب الدولة تظهر في:

أولا. العنف الذي تنظّمه الدولة ذاتها بسبب قواعدها القانونية.

ثانيا. الدعم والمساعدة التي تمنحها بعض الدول لأشخاص يمارسون أنشطة إرهابية في الخارج.

ثالثا. اللجوء إلى القوة في العلاقات الدولية من خلال التدخلات المسلّحة – وهو إخلال بالمادة (2) فقرة (4) من ميثاق الأمم المتحدة والتي حرّمت استخدام القوة في العلاقات الدولية.[23]

ب– إرهاب الأفراد والجماعات أوضحنا فيما سبق أنّ الرد على إرهاب الدولة، وخاصة ذلك الذي يمارس ضدّ الأفراد المدنيين – وعلى الأخصّ داخلها- يكون بموجة عنف مضادة، كردّ على إرهاب السلطة أو الدولة، ويسمى بالإرهاب غير السلطوي، ويوجّه ضدّ الدولة من جانب الأفراد والجماعات المناوئة لها، ويطلق عليه البعض إرهاب الضعفاء – وكما أشرنا إليه سابقا- باعتباره صادرا عن يأس في نفوس الذين يمارسونه، فيترجمون هذا اليأس بموقف متشنّج شديد الخطورة، دون تفرقة بين الأهداف والوسائل الأخرى مهما بلغت حدا من العنف الجنوني واللاعقلاني، ومما تجدر الإشارة إليه – وإلى فترة قريبة – كان الاتجاه السائد في الغرب يميل إلى ربط الإرهاب بالأفراد دون الإشارة إلى إرهاب الدولة.[24]

وقد وجد هذا الاتجاه – الغربي – ما يسانده قانونيا، فبما أنّ الإرهاب عانى من الغموض في التعريف بخصوص الباعث والمجال والهدف والفاعل، فقد أصبح مقترنا، بقدر ما يتعلّق الأمر بالفاعل، والأفراد فحسب، وهكذا، فإنّ اتفاقية عصبة الأمم لعام 1937 بشأن حظر وعقاب الإرهاب، قصرت نصوصها على الأفعال المرتكبة من قبل الـ (فرد) والموجّهة ضدّ الـ(دولة)، ويتضح هذا من التعريف الذي تبنّته الاتفاقية لـ(اعمال الإرهاب) المادة (1/2)، ومن طبيعة الأعمال المحظورة بالمادتين (2 و3) ومن المادة (4) التي تحدّد بأنّ “المجرم” يعني الإنسان، وبالطبع فإنّ الاتفاقية بمجموعها تهتمّ بمبدأ (إما أن تسلّم وإما أن تحاكم) وهو مبدأ لا يمكن أن ينطبق إلا على الأفراد، ويمكن فهم هذا في ضوء البواعث الكامنة وراء الاتفاقية “اغتيال رئيس دولة – ودرجة تطور القانون الجنائي في ذلك الوقت” أي عدم وجود أفعال جنائية يمكن أن تعزى إلى الدول وعملائها على المستوى الدولي.

كما أنّ مشروع الاتفاقية الموحدة بشأن الرقابة القانونية للإرهاب الدولي والمقترح من قبل جمعية القانون الدولي في عام 1980 يوضّح نفسه بنفسه حينما يعرّف الإرهاب على أنّه أيّ عمل خطير من أعمال العنف أو التهديد به، يقوم به فرد من الأفراد يعمل بمفرده أو بالاشتراك مع أشخاص آخرين، ويوجّه ضدّ الأشخاص أو المنظّمات أو الأمكنة أو أنظمة النقل والمواصلات التي تتمتّع بحماية دولية ضدّ أفراد من الجمهور العام، وما تبقى من مشروع الاتفاقية يترك مجالا للشكّ في أنّ إرهاب الدولة لم يكن في ذهن واضعي المشروع بأيّة طريقة يمكن فهمها.[25]

ويبدو أنّ جمعية القانون الدولي لم تغيّر موقفها كثيرا في تقريرها الصادر عام 1984، فحينما تقدّمت لجنة الإرهاب باقتراح نصوص بيان المبادئ والتعريف الصالح للعمل بموافقة شبه جماعية، كان في ذهنها أولا وقبل كلّ شيء الأفراد وليس الدول أو حتـى الأفراد العاملين نيابة عن دولة من الدول، إلا أنّ اللجنة جعلت ذلك احتمالا واضحا، إذ يمكن للمرء مع هذا أن يدلّل على أنّه حينما يعدّ الأعمال إرهابية، سواء ارتكبت زمن السلم أو زمن الحرب، فإنّ ذلك يجب أن يشمل أعمالا ترعاها دولة من الدول، علاوة عن تلك الأعمال التي تضطلع بها جماعات أدنى من الدولة.[26]

هذا الإصرار على قصر الإرهاب على الأفعال المرتكبة من قبل الأفراد فقط غير سليم، لأنّه يتجاهل أفعال الإرهاب التي تماثلها في الخطورة، والمرتكبة من قبل الدولة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ومن الخطأ تجريم أفراد يعملون نيابة عن جماعة ما أو إذا توخّينا الدقة نيابة عن حركة سياسية في الوقت الذي نقوم به بتبرئة أفراد يقدِمون على ارتكاب الفعل نفسه أو الأفعال نيابة عن حكومة ما ضدّ أخرى أو شعب آخر، فالفعل والأفعال المرتكبة في كلا الحالتين لها الوصف الشائن نفسه والجدير بالشجب.[27]

ج. الإرهاب الاقتصادي : يمارس في الغالب على الصعيد الداخلي، عندما تعمل الدولة أو الفئة الحاكمة لصالح البرجوازية والطبقات المميّزة أو لصالح الفئة التي تستند إليها السلطة، سواء أكانت هذه الفئة من الأقلية أو الأكثرية، فالسلطة الحاكمة تصنع في الوظائف الرئيسية للأشخاص الذين هم من لونها السياسي والاجتماعي وتمنحهم سلطة القرار, فتعمل البيروقراطية هذه على منح الامتيازات والتسهيلات الاقتصادية لمؤيديها وتحرّم الفئات الأخرى وخصوصا المعارضة من موارد الدولة، مما يساهم في الخلل الاقتصادي والاجتماعي بين أفراد الشعب ويخلق الشعور لدى الفئة المحرومة بتحيّز الفئة الحاكمة وبالكراهية للطبقة المميزة والثرية.[28]

3-أشكال الإرهاب وفقا لنطاقه

4.أشكال الإرهاب وفقا لزمن وقوعه

إنّ استخدام المعيار الزماني للتمييز بين أنواع الإرهاب من جهة ولاتخاذه كنمط مميّز في استعراض أشكال الإرهاب، يفرز لنا طائفتين من أنواع الإرهاب؛ الأولى تتمثّل بإرهاب يقع زمن السلم، والثانية إرهاب يقع زمن النزاعات المسلحة.

أ-ارهاب زمن السلم: تقع معظم أعمال الإرهاب زمن السلم، فهي الوسيلة التي لا يستطيع البعض التعبير عن مواقفهم إلا بها، و ذلك عائد لأحد الأسباب التالية:

أولا: الضغط الذي تمارسه سلطات حاكمة بحقّ بعض الجماعات، والذي يقمع أيّ عمل ديمقراطي حرّ منظّم ومشروع، وقد يدفعها إلى الخفاء واستخدام العنف للتعبير عن الذات.

ثانيا: فشل جماعة ما في أن تطرح أفكارها بصورة مقنعة للمحيط، لكي يلتفّ الناس حول هذه المبادئ وتصبح عقيدة لهم، ويصبح هذا الفشل عادة عاملا للتراجع والانحسار والتقوقع على الذات للسقوط في أيديولوجية الإرهاب.

ثالثا: أما ما تلجأ إليه الدول عادة من إرهاب، ويكون عادة إما عن طريق أجهزة استخباراتها، أو عن طريق منظمات صورية داخل وخارج إطارها الجغرافي وحدودها، يكون لإرساء سياساتها أو لإبلاغ الأخرين موقفا ما من قضية محددة؛ أي أنّ الإرهاب هنا غالبا ما يكون مؤشّرا على طبيعة العلاقات بين الدول التي تعكس الكثير من التوتر أو بعضا منه.

ب-الإرهاب زمن النزاعات المسلحة: ميّز فقهاء القانون الدولي بين ثلاثة أنواع من النزاعات المسلحة: دولية، غير دولية، وداخلية “الحروب الأهلية”.

أولا: النزاعات الدولية المسلّحة والإرهاب: كان كلّ من قانون النزاعات المسلحة “قانون لاهاي” والقانون الدولي الإنساني “قانون جنيف” واللذان نظما طرق ووسائل سير العمليات القتالية، ثم حاولا أن يخفّفا من ويلات النزاع بتأمين الحماية لبعض الفئات والأعيان، قد حرما اللجوء إلى الإرهاب كوسيلة من وسائل الاقتتال. وما تجب الإشارة إليه في هذا الصدد، هو أن أعمال الإرهاب زمن النزاعات المسلحة الدولية هي فئة إضافية ومحدودة، تختلف عن الانتهاكات الأخرى التي حدّدها كلّ من القانونين السابقي الذكر، والتي يمكن تصنيفها في ثلاث طوائف من الجرائم : جرائم الحرب [29]، الجرائم ضد الانسانية[30]، وجريمة إبادة الجنس البشري.[31]

أما تحريم اللجوء إلى الإرهاب زمن النزاعات المسلحة الدولية، فهو التحريم الوارد على أفراد القوات المسلحة، وكل من يمكن استخدامهم من قبلهم من أفراد ومنظّمات باللجوء إليه كوسيلة للقتال، ويتميّز الإرهاب في هذه الحالة بالخصائص التالية:

  • إنّه استخدام غير مشروع للعنف المسلّح، زمن نزاع مسلّح، قد يكون مشروعا وقد لا يكون [32]. وبالتالي فالإرهاب هنا هو خرق لقواعد القانون الدولي والتي حرمت اللجوء إليه، إما مباشرة، كالنصّ الوارد في الاتفاقية الرابعة لجنيف عام 1949، والمتعلّقة بحماية المدنيين كضحايا لهذه النزاعات، والذي حرم “جميع تدابير التهديد والإرهاب”[33]. أو بنصوص تحضّ فئة من الأعيان أو الأشخاص، كالتحريم الوارد في المادة الرابعة من اتفاقية لاهاي لحماية الأعيان الثقافية لعام 1954، والتي تمنع أية أعمال عدائية ضد المنشآت الثقافية من تدمير وإتلاف وسرقة وتدابير اتفاقية، والمادة (46) من البروتوكول الأول لعام 1977 الملحق باتفاقية جنيف لعام 1949، والتي تحمي “المنشآت الهندسية أو المنشآت التي تحوي قوة خطرة ” كالسدود والجسور والمحطات النووية لتوليد الكهرباء”[34]. ويرى Hans Peter Gosser أن إجبار أسير الحرب على الإدلاء باعترافاته هو عمل إرهابي لأنّ الاتفاقية الأولى والثانية لعام 1949 في مادتها (12)[35]، والاتفاقية الثالثة في مادتها (13) [36]، قد نصت جميعها على ضرورة المعاملة الإنسانية[37].
  • إنّ مرتكبي هذه الأفعال هم عادة من العسكريين، لكن المدنيين الذين يقومون بهذه الأعمال يفقدون هذه الصفة، وبالتالي يفقدون ما قرّره القانون الدولي الإنساني من حماية للسكان المدنيين.
  • يقع الإرهاب ضدّ المدنيين وضدّ الأعيان المدنية والثقافية التي يوفّرها لها القانون الدولي الإنساني حماية خاصة، بينما لا تعدّ هذه الأفعال إرهابا عندما توجّه للعسكريين أو المنشآت العسكرية.
  • ينحصر دور العمليات الإرهابية زمن النزاعات المسلّحة الدولية في تحقيق هدفها المباشر “ضرب المصالح أو الاشخاص المعنيين” بينما يحاول الإرهاب زمن السلم تحقيق نتائج أخرى تضاف إلى الضرر المباشر في الأرواح والأعيان.

ثانيا : تعدّ الأعمال الإرهابية فئة مستقلة عن جرائم الحرب التي عدتها المادة (8/2 –ح-هـ) من النظام الأساسي لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية، والتي يبلغ عددها (16) انتهاكا، كما تختلف عما ورد في المادة (27) من الجرائم ضد الإنسانية، والمادة (6) المتعلقة بجريمة الابادة الجماعية.

وكانت المادة (44) من البروتوكول الأول لعام 1977 الملحق باتفاقات جنيف عام 1949، قد قرّرت شرطين لابدّ من توافرهما حتى يعدّ المقاتِل غير خارج عن قواعد القانون الدولي بهذا الشأن، هما وضع إشارة مميّزة، وحمل السلاح علنا، وإذا كان حمل الإشارة صعب التحقيق أو أنّها غير واضحة، فيجب أن يكون حمل السلاح علنا، وبالتالي يمكن لهؤلاء المقاتلين أن يستفيدوا مما قرّره القانون الدولي الإنساني وقانون المنازعـات المسلحة من حماية، وبذلك نرى أن سلوك عناصر المقاومة اللبنانية في حربها الأخيرة لتحرير جنوب لبنان، كانت تتقيّد بهذه القواعد، إضافة إلى استهدافها المواقع، وأهداف عسكرية وعسكريين إسرائيليين، ومن كان يتعاون معهم من جيش لبنان الجنوبي العميل، دون المساس بأهداف مدنية.[38]

على أنّ السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو كيف لأهالي مناطق محتلة أن يتحقّقوا، ضمن هذه الشروط ومن دون الإخلال بقواعد القانون الدولي في هذا الإطار، حقّ تقرير المصير، وتحرير الأرض والنفس؟ لأنّ ظاهر القاعدة يدلّ على أنّ عدم احتـرام قواعد القانون الدولي بهذا الشأن يعدّ ارتكابا لعمل ارهابي، وهذا الرأي يشايعه عدد كبير من فقهاء القانون الدولي. [39]

وفي هذا تجيب د. أمل يازجي، معبّرة عن وجهة نظر تعكس الواقع الذي نعيشه، وتقترب كثيرا من العدالة، غير باحثة عن الشرعية الدولية بقدر ما تبحث عن الحقّ، وبإيجاز: “ما يطلق عليه البعض عملا إرهابيا، والقائم به هو إرهابي، ما هي إلا أعمال مقاومة، ومنفذوها أبطال قوميون، وإن قتلوا فهم شهداء، والعكس بالعكس، أي إن مـا اطلقه النازيون من تسمية على مقاتلي الحرية الفرنسيين من أنّهم إرهابيون، لم تغير يوما من كونهم أبطالا قوميين، ولا يزال الأمر حتى يومنا هذا يكرّر نفسه في فلسطين، حتى ولو اعتبر من يشاء، أن قاتل المصلين في الحرم الإبراهيمي هو مجنون، وإنّ من قتل مستوطنا في غزة هو إرهابي”.

ثالثا. النزاعات المسلحة الداخلية والإرهاب: ويقصد بهذه الطائفة من النزاعات “الحروب الأهلية” وكانت المادة الرابعة – الفقرة الثانية من البروتوكول الثاني لعام 1977 الملحق باتفاقات جنيف لعام 1949، والمتعلق بضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية[40]، قد منع أعمال الإرهاب ضدّ الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة، أو الذين يكفون عن الاشتراك في العمليات العدائية، وتعدّ الحرب الأهلية اللبنانية التي بدأت عام 1975 حتى عام 1990 من أطول الحروب الأهلية في القرن العشرين، وقد عرفت هذه الحرب كلّ فنون الإرهاب من أخذ رهائن والتعدّي على أشخاص محميين دوليا إلى خطف الطائرات، وغيرها من عمليات تصفية وتخريب[41].

الأسباب والدوافع ومحاولة القضاء على ظاهرة الإرهاب

سنقوم هنا ببيان الأسباب والدوافع التي تؤدي للفعل الإرهابي، عن طريق شرحها على المستوى الفردي والوطني والدولي، ومن خلال هذا الشرح ستتشكل – بوجهة نظري – نظرة عامة حول مجموعة الأسباب والدوافع الكامنة وراء هذه الظاهرة، وذلك في المبحث الأول, أما في المبحث الثاني سنقوم ببيان مجموعة الجهود الدولية والإقليمية الهادفة لمنع انتشار ظاهرة الإرهاب والحد منها.

دوافع وأسباب ظاهرة الإرهاب 

مما لاريب فيه أنّ الإرهاب، على اختلاف أهدافه ووسائله، هو نتيجة لأسباب مختلفة متعدّدة، منها أسباب سياسيّة، وأخرى اقتصادية واجتماعية ونفسية.. إلخ، ومن المتفق عليه أنّ دراسة هذه الأسباب مهمّة صعبة، لأنّها تستلزم الغور في معظم المشكلات المعقدة التي تواجه الافراد والمجتمع الدولي على حدّ سواء، والتي تكمن فيها أسباب الإرهاب، وقد تذرّع البعض بهذه الصعوبة ورأى من الأصوب التركيز أولا على اتخاذ تدابير عملية عاجلة لمكافحة الإرهاب دون الانغمار في محاولة تحديد أسبابه المتعدّدة والمعقّدة[42]، ولكن هناك من رأى أن تحديد أسباب الإرهاب وإزالتها يجب أن يسبقا العمل على اتخاذ أية تدابير لمنع الإرهاب، وأكد أصحاب هذا الرأي استحالة القضاء على الإرهاب ما لم يكن ذلك جزءا من عملية مرسومة لاستئصال جذور الظاهرة، وحذروا من أن الإقدام على اجراءات متسـرّعة لن يؤدي إلا إلى تفاقم هذه الظاهرة.[43]

ونحن نرى أن تشخيص أسباب الإرهاب ولا سيما بعد توسعه في الفترة الأخيرة، لابد منه قبل الإقدام على أية اجراءات فعالة لاستئصاله في المدى البعيد. ولكن هذا لا يعني بأنّ العمل على اتخاذ تدابير لمنع الإرهاب يجب أن ينتظر، بالضرورة، تحديد أسباب الإرهاب وإزالتها، وذلك أنّ مقاومة حالة من حالات الإرهاب يمكن أن تتزامن والمساعي المبذولة لاستئصال جذورها، ونرى كذلك أن الإصرار على أولوية ما في معالجة مشكلة الإرهاب قد يؤدي إلى تجزيئية لا تفيد هذه المعالجة في شيء، وبصورة عامة، يمكننا القول بأنّ تشخيص أسباب الإرهاب يساعد على ايضاح مفهوم الإرهاب الدولي ذاته وإثارة مزيدٍ من الاهتمام بمكافحته.

دراسة الإرهاب باعتباره ظاهرة اجرامية

إنّ الإرهاب ظاهرة إجرامية أو سلوك منحرف عن قواعد السـلوك الاجتماعي السائدة في المجتمع، وذلك تأسيسا على أن السلوك الإجرامي ليس محض واقعة يجرّمها القانون، ولكنه سلوك يصدر من إنسان يعيش في بيئة معينة ووسط مجتمع معين، ومن ثم فهو سلوك اجتماعي منحرف، لذلك فإنّ دراسة أسباب ودوافع الإرهاب يعطي التفسير لهذه الظاهرة، وبالتالي فإنّ تفسير هذه الظاهرة ينطبق عليه ما يقال عن تفسير الظاهرة الإجرامية بصفة عامة، حيث يقرّر علماء الجريمة أنّها لا ترجع إلى مصدر واحد أو مصدرين، بل تنبع عن مصادر عديدة متنوعة ومتشابكة ومعقدة، وبالمثل فالإرهاب، كظاهرة إجرامية لها خصوصيتها بين غيرها من الظواهر الإجرامية الأخرى، ليس فعلا منعزلا أو عرضيا ولكنّه ثمرة تضافر عوامل عديدة تحركه وتحدد تكوينه وهيئته وظهوره.[44]

وبالنظر إلى هذا التعدّد (تعدد دوافع الإرهاب وميزاته)، فقد تعدّدت آراء الباحثين فيما يتعلق بالأسس التي عليها يتمّ التحليل ودراسة دوافع الإرهاب، إلا أنّنا سنتناول تحليل الموضوع، وكما أخذ بهذا معظم الباحثين في الظاهرة لتكون الدراسة أكثر اكتمالا وشمولا، على ثلاث مستويات:[45]

–  المستوى الفردي؛ أي الدوافع التي تجعل الفرد يتجه إلى الإرهاب ويختار النشاط الإرهابي كسبيل أساسي في حياته.

–  المستوى الوطني؛ أي الدوافع والميزات التي تدفع إلى الإرهاب على المستوى الداخلي في الدولة الواحدة.

–  المستوى الدولي، ويقصد بالدوافع على هذا المستوى مجموعة الأوضاع الدولية التي تشجع على الإرهاب كنظام تقسيم العمل الدولي الراهن وما يحمله في طياته من ضغوط ومظالم على بعض الدول.

المطلب الأول: دوافع الإرهاب على المستوى الفردي

تتعدّد الدوافع التي تقود الفرد إلى الإرهاب، وقد عرض كثير من الباحثين العديد من النظريات التي تفسر لماذا يندفع الفرد الى الإرهاب، فمنهم من يرى بوجود دوافع شخصية بذات الشخص، ومنهم من ركز على الجوانب السيكولوجية، ومنهم من ركز على الاعتبارات المادية، في حين ذهب فريق آخر إلى القول بأنّ ذلك يعود إلى الجوانب الوجدانية.

أ.الدوافع الشخصية للإرهاب[46]

باعتبار السلوك المنحرف يصدر عن إنسان، فإنّ علماء الجريمة عند بحثهم لدوافع هذا السلوك قد استرعى انتباههم مرتكب هذا السلوك وهو الإنسان، فبدأوا في محاولة تفسير السلوك الإجرامي بإرجاعه إلى شخصية الإنسان ذاته، سواء في تكوينه العضوي الخارجي، أو في تكوينه النفسي وإصابته ببعض مظاهر الخلل والاضطراب النفسي، وقد حاولوا إيجاد العلاقة بين الجريمة وبعض الصفات الشخصية في الإنسان مثل الوراثة والسنّ والجنس والعنصر (السلالة) والذكاء وبعض الأمراض المختلفة، ونظرا لخصوصية الإرهاب، فإنّ بعضا من هذه العوامل قد تمثل دوافع بالنسبة له، وليس جميعها، ومنها على سبيل المثال الذكاء، والعنصر والتكوين النفسي المرتبط ببعض الاختلالات العقلية، وسوف نقسم الدوافع الشخصية على النحو التالي :

 أولاً. الإرهاب والذكاء

ارتبط الإرهاب بالذكاء، نظراً لما يتطلّبه من تخطيط دقيق وتنفيذ أدق لعملياته لإحداث أكبر قدر ممكن من التأثير في الرأي العام، بما يخدم القضية التي يعلنها الإرهابيون، ولا شك أنّ عملية التمويل هي الأخرى تستلزم  قدرا كبيرا من الذكاء من أجل تأمين مصادر التمويل، وعلى الرغم من أنّ الكثير من علماء الإجرام يربطون بين ضعف الذكاء والجريمة بصفة عامة، فإنّهم يعترفون – مع ذلك – بأنّ هناك أنواعاً معيّنة من الجرائم تستلزم قدراً من الذكاء، ويذكرون منها النصب، واحتجاز الرهائن.

فذكاء الفرد إذا لم يحسن استغلاله فيما هو مفيد قد ينجح البعض من تسخير هذا الذكاء لخدمة أغراض إجرامية أو ارهابية، ومن ثم يصبح عاملاً مهماً لارتكاب جرائم الإرهاب.[47]

ثانياً. الإرهاب والعنصر والسلالة

السلالة هي انتقال مجموعة من الخصائص والصفات داخل مجموعة عرقية من الأفراد، فهي وراثة عامة يكتسب فيها الشخص صفات الجماعة العرقية التي ينتمي اليها، ولقد شهد التاريخ الإنساني دعوات لسيادة سلالة أو جنس على آخر، مما نتج عنه حروب عالمية أكلت الاخضر واليابس وراح ضحيتها ملايين البشر.[48] ولنا في هذا الدافع إيضاح أكبر سيتم تناوله لاحقاً لأهميته كسبب أو دافع في هذه الظاهرة.

ثالثاً. الإرهاب والجوانب السيكولوجية

تلعب الجوانب النفسية وما يعتريها من متغيرات دوراً هاماً في هذا الخصوص، ولا سيما عندما تتعرض تلك الجوانب لبعض الاضطرابات التي تأخذ صورة أمراض أو تقلبات نفسية حادة، هذه الاضطرابات النفسية قد تعود إلى أسباب وعوامل وراثية، كما تعود إلى ضغوط عصبية مفاجئة نتيجةً لمواقف معينة يتعرض لها الفرد، ومثل هذه الجوانب النفسية قد تكون الدافع الحقيقي للجوء العديد من الأفراد إلى الأنشطة الإرهابية.[49]

إلا أنّ التحليل الصحيح لتأثير الجانب السيكولوجي أو التكوين النفسي في الإرهاب، يجب أن يتناول العناصر الرئيسية لهذا التكوين والتي قد تدفع بدورها – وبشكل مؤثر – إلى الإرهاب.

فالتكوين العضوي للفرد يشمل جانبين: الجانب الأول هو الجانب الظاهري أو الخارجي، والذي يمثل الملامح الخارجية لجسم الإنسان، وقد حاول البعض إيجاد علاقة بين هذه الملامح وارتكاب الجرائم، ولكن هذه النظريات لم تصل الى نتائج ذات أهمية في هذا الاطار، والجانب الثاني هو التكوين الداخلي، ومن أهم عناصره التكوين النفسي للفرد، وقد تمكن علماء التحليل النفسي من الربط بين مظاهر الخلل النفسي وبين الاندفاع نحو طريق الإجرام، ولوحظ أن أهم العقد النفسية عند المجرمين هما عقدتا الشعور بالظلم والشعور بالنقص، فإلى أي مدى تدفع هاتان العقدتان إلى الإرهاب ؟[50]

  • (1) عقدة الشعور بالظلم

تأكد دور الشعور بالظلم واليأس والإحباط الذي يحمل بعض الناس على التضحية بأنفسهم أو بأرواح بشرية أخرى لإحداث تغييرات جذرية، في الدراسة التي أعدتها الأمم المتحدة عن الإرهاب في عام 1979، من خلال اللجنة الخاصة التي شكلتها لدراسة هذه الظاهرة، وما تفرّع عنها من ثلاث لجان فرعية، تبحث الأولى في تعريفه، والثانية في أسبابه، والثالثة في طرق مكافحته، فقد أعدت الأمانة العامة دراسة بعنوان “الأسباب الكامنة وراء أشكال الإرهاب وأعمال العنف التي تنشأ عن البؤس وخيبة الأمل والشعور بالظلم واليأس والتي تحمل بعض الناس على التضحية بأرواح بشرية، بما فيها أرواحهم محاولين بذلك “إحداث تغييرات جذرية”، فهذه العقدة تعني الإحساس بالظلم من جانب المجتمع، والجريمة في هذه الحالة ستكون هي الرد الطبيعي على هذا الظلم، وبذلك لا يتوانى الشخص عن الإقدام على الجريمة تحت تأثير ردع القواعد الاجتماعية أو القانونية حتى العقابية منها، فهل يمكن تفسير الإرهاب على أنّه نوع من أنواع السخط على المجتمع نتيجةً للظلم الواقع على الإرهابي؟ الواقع أنّ الإرهابي يتذرع دائماً بأنّ الإرهاب هو الوسيلة الوحيدة والأخيرة المتاحة للرد على المظالم التي يتعرض لها، ولا يجد منها فكاكا سوى الخروج على قواعد التنظيم الاجتماعي، والرد بعنف على المجتمع الذي لم يمنحه سبل العيش أو الحرية المنشودة أو غيرها.

وهذا المجتمع لا فرق فيه بين رجل السلطة والرجل العادي، فالكلّ مدان، والجميع مسؤول عن هذا الظلم الواقع عليه، ومن ثم فالمجتمع يستحق العقاب، فالشباب الذي يعيش في مجتمع مختلّ القيم يعاني فراغا ًروحياً، وتمزقاً فكرياً، وقلقاً اجتماعياً على مستقبله، مما يؤدي إلى الإحباط وفقدان الأمل ويولد الشعور بالعداوة والكراهية والرغبة في الانتقام، وهذا الشباب بميله إلى الاستقلال الذاتي والثقة بالنفس والاعتماد عليها، وعدم استطاعته تحقيق ذلك في ظلّ مجتمع تتزايد فيه الفوارق الاجتماعية ويتسم بعدم العدالة، وعدم تكافؤ الفرص، مما يدفعه للإحساس بالظلم والمهانة، فيتحرّك لرد هذا الظلم الواقع عليه أو على غيره، في صورة عنيفة، لعلّ إهمال هذا الدافع ينتج عنه قصور في وسائل مكافحة الإرهاب، حيث لن يتم التعرّف على هذا الدافع الحقيقي للإرهاب.[51]

(2)  عقدة الشعور بالنقص

الشعور بالنقص قد يشمل جانبا ماديا، وقد يشمل جانباً معنوياً، ويتمثل الجانب المادي في الشعور بالنقص جسمانياً كمن يصاب بعاهة دائمة تجعله عاجزا عن القيام بأعماله، مما يؤدي إلى الاستهانة به في الوسط الاجتماعي، وقد يكون الشعور بالنقص اجتماعيا؛ أي عجز الفرد عن تحقيق ما سعى اليه “ومنها قصور بعض الإمكانيات المادية عن تلبية بعض متطلبات الأفراد وحاجياتهم”، وفي الحالتين يحاول الفرد تعويض هذا النقص عن طريق ارتكاب بعض الجرائم، خاصة جرائم العنف التي يحقّق من ورائها الشهرة والظهور.[52]

رابعا. الإرهاب والمرض العقلي

قد يظهِر للخلل العقلي – في بعض الأحيان – دورا في تقديم تفسير بعض صور الإرهاب مثل جرائم الاغتيال السياسي وجرائم خطف الطائرات[53] التي يثبت فيها أن القائم بالفعل – رجل أو امرأة – مختل عقليا، ومع ذلك فدور الخلل العقلي في مجال الإرهاب يظلّ محدودا، ولا يصلح إلا لتفسير بعض الحوادث الفردية، ولكن الفرد قد يدّعي الجنون بعد ارتكاب الجريمة للهروب من المسؤولية الجنائية عنها، كما أنّ العمليات الإرهابية وما تنطوي عليه من تنظيم دقيق في تنفيذها، تجعل من النادر الإقدام عليها من جانب شخص يعاني خللا عقليا، وإذا وقع حادث اغتيال لأحد الشخصيات العامة من مجنون، فإنّ هذا الحـادث لا يدخل في نطاق عمليات الإرهاب.[54]

ب. دوافع مادية ” الإرهاب والجوانب المادية “.

تمثل الجوانب المادية نسبة لا بأس بها من الدوافع الكامنة وراء لجوء بعض الأفراد إلى الأنشطة الإرهابية فحين يثور التعارض بين الحاجة وإشباعها، وحين تقصر الإمكانيات المادية المتاحة عن تلبية متطلبات بعض الأفراد وحاجياتهم، وحين توفر المنظّمات الإرهابية الفرص الملائمة لهؤلاء الأشخاص في إشباع الحاجات العديدة المثارة لديهم يتجه ذوي النفوس الضعيفة إلى ممارسة الأنشطة الإرهابية من خلال منظّمات الإجرام الإرهابي.[55]

ولنا في تأثير الجوانب المادية حديث أوسع نتطرق اليه عند الحديث عن دوافع الإرهاب على المستوى الوطني.

جـ. الإرهاب والجوانب الوجدانية ” تأثير وسائل الاعلام “.

لا يخفى دور وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية في الجريمة، حيث إنّ طريقة نشر أنباء الجرائم وتفصيلاتها، وعرض أفلام العنف والجريمة، وإظهار المجرم في معظم الأحيان بدور البطل والتركيز على الجانب الإنساني فيه، وتضخيم المؤثرات النفسية المرتبطة بالحوادث الإرهابية، والعرض الهزلي للمحاكمات القضائية للمجرمين، لا شك أن كلّ ذلك يهيئ الظروف لارتكاب الجرائم وإذكاء نار العنف والإرهاب، وتحفّز وتشجع الافراد ذوي النفوس الضعيفة والضمائر الميتة على القيام بأعمال مشابهة للأعمال التي تتم في بلدان أخرى عبر الانخراط في مجموعات إرهابية، وبذلك فإنّ الإعلام يلعب دورا في الإرهاب، باعتباره دافعا ومحركا له، نظرا لما تتركه هذه الوسائل من تقليل لأثر الردع العام في النفوس – التي هي بالأصل مليئة بالإحباط واليأس، فتستسهل الجريمة وترى في ذلك أمرا اعتياديا، فتكون الاستهانة بالقانون والعقوبات التي يتضمّنها،.. إلا أنّ دور الإعلام في الإرهاب لا يقتصر فقط باعتباره دافعا ومحركا له، بل يلعب الإعلام دور آخر لا يقلّ أهمية عن دوره الأول يتمثّل بوصفه وسيلة يستهدف الإرهابي نشر قضيته من خلالها[56].

وقد اشار الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بطرس غالي إلى أهمية وسائل الإعلام، لكونها تشكل أحد الدوافع المهمة لفعل الإرهاب، ولا سيما أنّها تمنح الإرهابيين الدعاية التي يسعون إليها.[57]

 ء. أثر البيئة المحيطة بالفرد

إنّ عدم التطرق إلى أثر البيئة المحيطة بالفرد على الظاهرة، يجعل من دراسة الأسباب والدوافع للظاهرة مبتورة، نظرا لما لهذا الجانب من أهمية في صياغة شخصية الإنسان، وما نقصده بأثر البيئة هو البحث في دوافع الإرهاب الخارجية على المستوى الشخصي؛ أي تقصّي حقيقة العوامل المحيطة بالفرد والتي قد تدفعه – هو بالذات – دون غيره من أفراد المجتمع إلى ممارسة الإرهاب.

وإذا كان الفرد يعيش في ظلّ مجتمع معيّن فهذا المجتمع – بالنسبة له – يتدرّج وفقا للمراحل العلمية له، فالأسرة هي المجتمع الأول للشخص، ثم المدرسة أو الجامعة، ثم بيئة العمل – إن وجد – أو الفراغ، وكل هذه البيئات تؤثر في تكوين الفرد وصقله كإنسان يحترم قواعد السلوك الاجتماعي، أو إنسان متمرّد على هذه القواعد وكافر بها، وتأثير هذه العوامل يكون مباشرا على الشخص، حيث قد تدفعه دفعا إلى طريق الإجرام إذا نشأ في بيئة تتسم بالعنف والإجرام، وقد تكون – على العكس – هي السياج الذي يحميه من الانزلاق في مهاوي الجريمة[58].

وسوف نتناول دور كلّ من الأسرة والمدرسة أو الجامعة باعتبارها عوامل خارجية يختلف تأثيرها من شخص لآخر، ودورها في تهيئة المناخ الملائم للإرهاب، وذلك على النحو التالي :-

أولا- دور الأسرة

الأسرة هي نواة المجتمع ولبنته الأولى التي يقوم عليها بنيان المجتمع والحياة الاجتماعية، فإذا ما كانت تلك اللبنة سليمة كان البنيان قويا متماسكا، أما إذا كانت ضعيفة تعاني الجهل والتخلّف وتعيش في تفكك فإنّ ذلك يؤدي بالتأكيد إلى نشأة أشخاص غير أسوياء من السهولة إغوائهم واستهوائهم، ويتوفر في داخلهم الحقد على المجتمع ككل.[59]

فالأسرة يمكن أن تجعل من الطفل مشروعا لمواطن صالح، في حين أنه إذا فقد داخلها مقومات التنشئة التربوية السليمة فإنّه يكون مهيأ “لارتكاب الجريمة.[60]

ثانيا- دور المؤسسة التعليمية 

تبحث المنظمات الإرهابية عادة “عن أنصارها ومؤيدها بين صفوف الشباب المثقف والمتعلم، وذلك في المدارس والجامعات، حيث أنّها مكان مفتوح لتبادل الرأي والحوار وصقل الفكر بعد تكوينه، الأمر الذي يفرض مزيدا من المسؤولية على المؤسسة التعليمية- في أي دولة – في الوقوف ضدّ حركات الاستقطاب للطلاب بها، خاصة وأنّ التيارات الفكرية والسياسية – من واقع التاريخ تنشا أولا – وتتنامى- بين صفوف الشباب، خاصة في المدارس والجامعات والمعاهد التي تشكل أماكن تجمع الشباب فترات طويلة من العام.[61]

المطلب الثاني: دوافع الإرهاب على المستوى الوطني

تتنوع دوافع الإرهاب ومثيراته على المستوى الوطني – أي على مستوى الدولة الواحدة – وتختلف هذه الدوافع باختلاف الظروف التاريخية والجغرافية والديموغرافية للمجتمع، وهناك أهمية كبيرة لتقصي دوافع الإرهاب على المستوى الوطني، نظرا لما ينتج عن عملياته من خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، بالإضافة إلى ما تتكلّفه عمليات مكافحته من مبالغ طائلة*، الأمر الذي يدعو إلى تحديد الدوافع الكامنة والعوامل المساعدة على نمو الإرهاب أيا كانت صوره وأشكاله أو نوعية ممارسيه، وذلك لإمكان التغلب عليها وإصلاحها، لأنّ الوقاية خير من العلاج، وهذا التحديد ليس بالأمر الصعب، فالدوافع يمكن تحديدها بدوافع مباشرة للإرهاب على مستوى الدولة، تظهر كنتيجة مباشرة لممارسة السلطة، في حين هناك دوافع أخرى تكمن في السياسة العامة التي تنتهجها الدولة على مختلف الأصعدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا… الخ[62] وعلى ذلك يمكن تقسيم دوافع الإرهاب على مستوى الدولة الى قسمين؛ الأول يشمل الدوافع الناشئة عن ممارسات الدولة بصورة مباشرة، والثاني: يتناول الدوافع الكامنة في سياسات الدولة والتي تشجع على الإرهاب بصورة غير مباشرة.

آ الدور المباشر للدولة في الإرهاب على المستوى الوطني

قد تضطلع الدولة بدور مباشر في ميلاد بعض حركات ومنظمات العنف والإرهاب، وتتعدّد الأشكال التي يتخذها هذا الدور المباشر للدولة، فقد تسهم في نشأة هذه المنظمات من خلال سياساتها القمعية والتعسفية، وقد تخلق أو تنشئ هذه الجماعات والمنظمات لممارسة سياسة منظمة وحملة مطردة من العنف ضد السكان، وقد تنشأ أنواع أخرى من الإرهاب على مستوى الدول وبدعم مباشر منها، ومن أمثلة ذلك ما يلي:

أولا. إرهاب القمع والقهر، وإرهاب التمرّد والخلاص

إنّ المبالغة في استخدام العنف من جانب الدولة – فيما يعرف بإرهاب القمع أو القهر – يعطي المبرّر للأفراد والجماعات – كدافع أساسي – لممارسة نوع من العنف المضاد في الأمدين الطويل والمتوسط في صورة إرهاب التمرد والخلاص من هذا القهر.

وقد ينتشر هذا النمط المولد للإرهاب المضاد نتيجة لممارسات الدولة التعسفية في الأنظمة الشمولية، حيث خروج الحكام عن حدود الصلاحيات الدستورية المخولة لهم واستبدادهم وطغيانهم يعتبر أمراً هيناً، وحيث لا تمتلك الغالبية من سكانها وسيلة سلمية لإبداء آرائهم والدفاع عن مصالحهم، كما أنه يصاحب الأنظمة الشمولية عادةً حالة من التبعية لأحد القوى الخارجية لحماية مصالحها.

وقد أشير في مناسبات عديدة إلى إرهاب الدولة بوصفه دافعاً إلى ممارسة الإرهاب من جانب الأفراد، كما ركزت عليه اللجنة الخاصة بالإرهاب التابعة للأمم المتحدة، مشيرةً إلى أن سياسات الترهيب التي تمارسها بعض الدول ضدّ شعوبها بأكملها والهجمات المسلحة على الدول، هي من العوامل التي تسبّب عنف الأفراد، وركزت على الاستعمار كإحدى صور هذه السياسات، بوصفه سلوكاً غير مبرّر إذا كان علنياً أو مستتراً.

وقد لا يقف دور الدولة على الممارسات القمعية التي تتولد عنها أعمال الإرهاب، بل إنّها قد تشجع بصورة مباشرة قيام بعض الجماعات الراديكالية بهدف القضاء على بعض التغييرات التي لا ترغب في ظهورها.[63]

ب. الدور غير المباشر للدولة في الإرهاب على المستوى الوطني  

ونقصد بهذا الدور تلك الدوافع الكامنة في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية …والخ، مما تنتهجها الدولة، لأنّ هذه السياسات قد تؤدي في بعض الأحيان إلى توفير المناخ الملائم لعمليات العنف والإرهاب على مستوى الدولة،.. وسوف نتناول فيما يلي دور هذه العوامل على مستوى الدولة :

أولاً. العوامل السياسية تتعدّد العوامل السياسية التي تهيء المناخ للعمليات الإرهابية أو ممارسة الإرهاب على مستوى الدولة، ويمكن تلخيصها فيما يلي:

(1)  افتقاد الشباب للتربية السياسية السليمة، وعزوفهم عن المشاركة السياسية الواعية نتيجةً لعدم اقتناعهم بجدوى صوتهم في التغيير، إضافةً إلى افتقادهم الثقة في نتائج الانتخابات فشاعت مظاهر السلبية واللامبالاة وعدم الانتماء بين قطاعات الشباب.

(2)  غياب دور الأحزاب السياسية وانشغالها بالصراع على السلطة وزعامة الحزب، بل وتحالف بعضها مع بعض المؤسسات التي تدعم الإرهاب، وعدم تمثيل الشباب فيها.

(3)  غياب الحرية السياسية وعدم السماح لبعض الجماعات قانوناً بالتعبير عن نفسها من خلال القنوات الشرعية ووجود جماعات لا ترضى عن الأوضاع السياسية والاقتصادية في المجتمع دون وجود البديل لديها لهذه الأوضاع فترتكب جرائم العنف السياسي ضدّ رموز النظام، وقد يكون ذلك بسبب عدم ملاقاة أفكارهم صدى شعبياً لدى الجماهير.

(4)  الدعوة الى السلام ومناوئة الأحلاف العسكرية وهذا كنتيجة لانتشار القواعد العسكرية وتكديس أسلحة الدمار الشامل في بعض الدول، مما شجع ظهور جماعات رافضة لذلك، خاصة في ألمانيا الغربية على أيدي حركات السلام، وما قامت به من عملياتٍ إرهابية ضدّ حلف شمال الاطلنطي وقواته، بما في ذلك أفراد القوات الأمريكية.

(6) توجد بعض مراكز القوى المستترة داخل هياكل بعض الدول، خصوصاً في أجهزة الخدمة السرية التي تتورط في مذابح الإرهاب الأسود والإرهاب الأحمر في إيطاليا الذي يكشف عن نفسه في فترات عدم الاستقرار.

ثانياً العوامل الاقتصادية

يؤثر العامل الاقتصادي غالباً على كمّ الإجرام أو نوعية الجرائم المرتكبة، وتتعدّد مظاهر العامل الاقتصادي ذات الصلة بحركة الإجرام في المجتمع، كالتوزيع الطبقي للمجتمع الصناعي، ودور التقلبات الاقتصادية، كتقلّبات: الأسعار والدخول والفقر والكساد والبطالة، وقد بلغ من أهمية هذا العامل ظهور بعض النظريات في التحليل الوصفي للجريمة مرجعها إلى النظام الاقتصادي السائد في دولة معينة، وقد سلك هذا التحليل منهجين: أولهما يربط بين الجريمة ونظام اقتصادي معين هو النظام الرأسمالي، فيعتبر الجريمة منتجاً رأسمالياً، وثانيهما يربط بين بعض الظروف والظواهر الاقتصاديةـ دون ربطها بمذهب اقتصادي معين، وبين حركة الإجرام بصفة عامة، بحيث تتظافر هذه الظروف مع غيرها من العوامل لوقوع الجريمة.[64]

ومن جانبنا نؤيد المنهج الثاني على أساس أنه لا يمكن القطع بأنّ نظاماً اقتصادياً معيناً، رأسمالياً أو اشتراكياً أو مختلطاً ينتج عنه بذاته الجريمة، وذلك لأنّ القول لا يؤيده الواقع العملي الذي يثبت وجود الجريمة في جميع المجتمعات والأنظمة، فالجريمة ظاهرة اجتماعية مرتبطة بوجود الإنسان، بالإضافة إلى أنه لم ينجح بعد أيّ نظام اقتصادي في القضاء على جميع أشكال الإجرام، ومن ثم فإنّ العوامل الاقتصادية هي عوامل مساعدة على ارتكاب الجريمة، ولقد ركز الباحثون في مجال ظاهرة الإرهاب على العامل الاقتصادي باعتباره محركاً ودافعاً الى الجريمة الإرهابية، ويربط بعضهم بين الحالة الاقتصادية للمجتمع وبين ظهور بؤر إجرامية في بعض المناطق العشوائية.[65]

ثالثاً. العوامل الاجتماعية

نال العامل الاجتماعي اهتماماً كبيراً من جانب علماء الجريمة ومنظّري السياسة الجنائية عموما”، والباحثين في ظاهرة الإرهاب على وجه خاص، فيرجع الإرهاب – في نظرهم – إلى الكفر بالقيم الاجتماعية الحاكمة للبيئة، أو وصف المتمسكين بالتقاليد بالتخلّف والقصور في مجاراة العصر، وبذلك يفتقد الجسد الاجتماعي المناعة، فيكون عرضة للهزّات الاجتماعية العنيفة التي قد تدفع بعض فئاته إلى سلوك العنف والإرهاب، هذا بالإضافة إلى العزلة التي يعيشها بعض الشباب في مجتمعهم، واختفاء القدوة والمثل الأعلى بالنسبة  لغالبيتهم، وعدم الترابط والتناسق بين أساليب الضبط الاجتماعي بمفهومه الشامل، سواء داخل الأسرة أو خارجها، في المدرسة أو الجامعة، أو كافة مؤسسات المجتمع الرسمية والشعبية، كما لا يخفى الأثر المترتب على إهمال مشاكل الشباب وعدم الاهتمام الصادق بها، والسلبية الضاربة على عقول أغلب أفراد المجتمع – ومنهم المسؤولون والتي تعوق عن تفهم مشاكل واحتياجات الأجيال الجديدة من الشباب والتجاوب معهم في ظلّ الفراغ الذي يعانونه وعدم وضوح الانتماء لهدف معين، والمعاناة من مشاكل الحياة اليومية مما يجعل منهم فريسة سهلة للإرهاب.[66]

كما أنّه قد تعاني فئات كثيرة من المجتمع الحرمان الاجتماعي بدرجة أو بأخرى، ولسبب أو لآخر، حيث قد يكون ذلك لأسباب عرقية أو لغوية أو دينية أو مذهبية، لهذا الحرمان الاجتماعي والذي يعني عدم قدرة المجتمع على استيعاب تلك الفئات استيعاباً كاملاً، قد يؤدي إلى  نوع من العزلة التي يفرضها المجتمع على تلك الفئات، حيث تتقوقّع هذه الفئات في أماكن محدّدة ويسودها الشعور بالاغتراب.

المطلب الثالث: دوافع الإرهاب على المستوى الدولي

لاشكّ في أنّ الأوضاع الدولية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية..الخ  تؤثر على الإرهاب سلباً أو ايجاباً، زيادةً أو نقصاناً، وذلك يرجع بصفة خاصة إلى اكتساب الإرهاب – بعداً دولياً ظاهراً- بعد أن انقضت وتوارت طرق الصراع التقليدية، وانتهت فترة الحرب الباردة، فلم تعد هناك غير قوة واحدة تسيطر على العالم بما ينتج عن ذلك آثار عديدة على مختلف جوانب الحياة في الدول، ولهذا آثرنا أن نخصّص فرعاً خاصاً عن دوافع الإرهاب على المستوى الدولي، قاصدين من وراء ذلك أن نحدّد مدى إسهام الأوضاع الدولية الراهنة في تدعيم النزاعات الإرهابية لدى الأفراد والجماعات والدول، إضافة إلى دور بعض الدول في دعم ومساندة  الحركات الإرهابية في دول اخرى، أو قيام الدولة ذاتها بممارسة الإرهاب ضد دولة اخرى:

آ –دور الأوضاع الدولية في الإرهاب: أشارت دراسة تحليلية أعدتها سكرتارية الأمم المتحدة عن الإرهاب عام 1979 إلى أنّ هناك العديد من الأسباب الكامنة وراء قيام وممارسة الأنشطة الإرهابية، فهناك الأسباب السياسيّة والاقتصادية والاجتماعية.[67]

أولاً. الأسباب السياسية أنّ الحال التي آلت إليها الأوضاع الدولية على المستوى السياسي، لا شكّ توفّر البيئة المؤاتية لممارســة الإرهاب، ويمكن إيراد بعض هذه الدوافع على النحو التالي:

  • (1) سقوط الاتحاد السوفييتي وانفراد الولايات المتحدة بسلطة الأمر والنهي في المجتمع الدولي.
  • (2) الموقف السيء لما يسمى بالنظام العالمي الجديد، وعجز مجلس الأمن عن اتخاذ موقف قانوني أخلاقي جاد إزاء ما يحدث من انتهاكات لبعض الفئات للدفاع عن وجودها إزاء حملات الإبادة التي تتعرّض لها وكتعبير عن رفضها للأوضاع الدولية غير العادلة،.. ويكمن الخلل في تحكّم النظام الدولي ومواثيقه، فهذا النظام الذي وقّعته إحدى وخمسون دولة عام 1945، لم يعد يمثّل إرادة المجتمع الدولي، الذي تمثّله مائة وواحد وتسعون دولة عضواً في الامم المتحدة، ويضاف الى ذلك تركيبة مجلس الأمن الدولي، وتحكّم خمس دول دائمة العضوية فيه، بحيث باتت دولة واحدة منها تفرض إرادتها على المجتمع الدولي، كما حصل في قضايا فلسطين والعراق وليبيا والسودان.
  • (3) عجز بعض الشعوب حتى- الآن – عن الحصول على استقلالها وحقّها في تقرير مصيرها، رغم القرارات الدولية التي تجمع على حقها في التمتع بالاستقلال والحرية، الأمر الذي يدفع حركات التحرّر إلى القيام ببعض العمليات خارج حدود دولتها ضدّ مصالح الدولة المستعمِرة أو تلك الدول التي تؤيدها، لإضعافها وللفت نظر المجتمع الدولي إلى قضيتها، من خلال استخدام نفس اللغة التي تستخدمها تلك القوى الاستعمارية.
  • (4) وجود بؤر التوتر في معظم دول العالم، سواء في الشرق الأوسط أو امريكا اللاتينية أو أوربا، فضلا عن الرواسب الاستعمارية، الأمر الذي يسهم في القيام بالأنشطة الإرهابية.
  • (5) عدم قدرة المجتمع الدولي في شكله المنظّم (الأمم المتحدة) على تقديم حلّ عادل لمتطلبات العدالة الدولية المتزايدة، أو نشر الأيديولوجيات ” اليتوبيا، المدينة الفاضلة– UTOPIA” وفي أفكار تدعو إلى المثالية الاجتماعية، مما أعطى للجماعات التي تدافع عنها القوة والشرعية، ولذلك فإنّ المجتمع الدولي نفسه يقود أو يصادق – وأحيانا يعطي الشرعية – لبعض الحركات التي تمارس “الإرهاب”.
  • (6) التوسّع الإمبريالي الذي يحمل في طيّاته النزعة العدوانية لأنّه لا يحترم حدود الغير القومية والدينية والسياسية، فيؤدي إلى تدمير حضارات وفناء كيانات أو نشوء صراعات، بما يشجّع حركات العنف والإرهاب.[68]

ثانياً. الأسباب الاقتصادية والاجتماعية الدولية

لاشكّ أنّ الأوضاع الاقتصادية على المستوى الدولي تؤثر- بشكل أو بآخر- على اتجاه بعض الجماعات والدول إلى الإرهاب، حيث أنّ معظم الجماعات والدول المنخرطة في أعمال الإرهاب هي من الجماعات والدول الفقيرة نتيجة تدهور اقتصادها، بل إنّ هناك اقتصادات بعض الدول تقوم على أنشطة إجرامية، ومن ثم فإنّ هذه الدول تكون بيئة صالحة للإرهاب، من أجل الحصول على الدور الذي تبتغيه على المستوى الدولي، وقد تتمّ ممارسة الإرهاب على مستوى الدولة بقصد التخلّص من الاستغلال الاجنبي لمقدرات الشعوب ومواردها، أو للإضرار باقتصادات دولة معينة، بتدمير منشآتها الصناعية والتجارية، مما يشكّل وسيلة ضغط عليها لتغيير مواقفها السياسية والاقتصادية، كما قد تستخدم المساعدات الاقتصادية لبعض الدول كذريعة للتدخل في شؤونها الداخلية أو المحافظة على الاستقرار الدولي وحماية الأقليات، الأمر الذي يقابَل بالرفض من جانب البعض، ويدفعه إلى الوقوف ضدّه من خلال أعمال العنف والإرهاب، وبالنظر إلى ما يشكّله الجانب الاقتصادي من أهمية وتأثير مباشر سلباً أو ايجاباً – على الجانب الاجتماعي، فإنّه بالإمكان القول بأنّ العلاقة ما بين الجانبين، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، علاقة طردية تبرز من خلال تأثر الأوضاع الاجتماعية الدولية، وما ينتج عن هذا التأثير من نتائج سلبية قد تدفع إلى الإرهاب للتخلّص من الأوضاع الآنفة باعتبارها ظالمة. [69]

المبحث الثاني: الجهود الدولية و الإقليمية لمواجهة ظاهرة الإرهاب

بعد أن أوضحنا اسباب الإرهاب على كافة المستويات الفردية والوطنية والدولية، وجب علينا ختم الموضوع بذكر الجهود الدولية الرامية إلى منع ومكافحة الإرهاب الدولي، حيث سيتم تناول هذا الموضوع ببحث جهود الامم المتحدة لما لهذه المنظمة الدولية من دور كبير وجهود مستمرة في هذا الشأن اما الجزء الثاني فقد خصصناه للجهود الاقليمية بهذا الموضوع:

المطلب الأول: جهود الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب

سنتعرض لهذه الجهود عبر مطلبين نبحث في الأول جهود الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي الثاني جهود مجلس الامن لمكافحة الإرهاب:

الفرع الأول: جهود الجمعية العامة

إنّ اهتمام الأمم المتحدة بمكافحة الإرهاب ظهر بشكل لا يمكن التغاضي عنه من خلال بعض الوثائق التي تبنّاها أعضاء هيئة الأمم المتحدة، وخاصة في مشروع قانون الجرائم ضدّ السلام وأمن الإنسانية الذي تبنّته لجنة القانون الدولي في دورتها السادسة من 3-28 حزيران 1954، إلا أنّ هذا المشروع لم يتمّ تحقيقه، وذلك لأنّه حرم على الدول القيام بالأعمال الإرهابية وتشجيعها، لكنّه مع ذلك لم يتضمن أية إشارة إلى التدابير الواجب اتخاذها لمقاومة الأعمال الإرهابية التي ينفّذها الأشخاص ومنظماتهم.[70]

كما أدانت الجمعية العامة للأمم المتحدة مرتين في دورتها الخامسة والعشرين في بيانها المرقم (2625) في 24 تشرين الأول وبيانها (2734) في 16 كانون الأول 1970.

إلا أنّ الجهود الحقيقية للجمعية العامة ابتدأت، بعد حادثة ميونيخ التي وقعت في أيلول 1972 على إثر قيام فدائيين فلسطينيين بعملية فدائية ضدّ الرياضيين الإسرائيليين المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية المقامة هناك،[71] ونظرا للضجة التي أثارها إدراج البند والمعارضة الشديدة من قبل المجموعة العربية والإفريقية – لما تضمّنه الطلب الأمريكي – الإسرائيلي، وتصريح الأمين العام حينها من خلط بين الإرهاب والكفاح المسلح وبالتالي التعرض المباشر للمبادئ التي أقرّتها الجمعية العامة بخصوص الشعوب التي تجاهد للحصول على استقلالها وحريتها، فقد قام السكرتير العام بسحب اقتراحه بإحالة البند إلى الهيئة العامة، واستبدال ذلك باقتراح يقضي بإحالة هذا الموضوع بشكل معدّل إلى اللجنة السادسة، إذ طلب منها أن تدخل في إطار اهتمامها دراسة الأسباب التي تؤدي إلى الإرهاب الدولي.[72]

وعلى إثر ذلك تبنّت الجمعية العامة، في 18كانون الأول 1972، في دورتها السابعة والعشرين، قرارها المرقم (3034)، وقد تجلّت قيمة القرار في تأكيده القطعي على بطلان وعدم شرعية نسب النضال الوطني التحرّري إلى الإرهاب،[73] ثم توالت بعد ذلك الكثير من الدورات والندوات لتشكيل اللجان الخاصة بمكافحة الإرهاب، ولا نوردها هنا لضيق ونقتصر على ما يلي:

عقدت الجمعية العامة جلسات امتدت بين الأول والخامس من تشرين الأول 2001 خصّصت لمناقشة عامة حول البند المتعلّق بالتدابير الرامية الى القضاء على الإرهاب الدولي، ولم يصدر عن هذه المناقشات أيّ قرار سوى بيان رئيس الجمعية العامة لخّص فيه المناقشات التي اتسمت بالخلاف حول مدلول أعمال الإرهاب وتمييزها عن مقاومة الشعوب المستعمَرة بهدف تحريرها والحصول على استقلالها.

وعند مناقشة البند نفسه في اللجنة السادسة التابعة للجمعية العامة، اعتمدت مشروع قرار بتاريخ 19/11/2001 الذي أحيل إلى الجمعية العامة التي اعتمدته بقرارها (56/88) بتاريخ 12/12/2001، وتضمّن ديباجة من (14) فقرة، أشار إلى قرار الجمعية (56/1) بتاريخ 12/9/2001 الوارد أعلاه وإلى قراري مجلس الأمن (1368) في 12/9/2001 و (1373) في 18/9/2001 وإلى المناقشات التي جرت في الجمعية العامة بين 1-5 تشرين الأول 2001.

كما ضمّ القرار (21) فقرة عامة، من بينها فقرة عامة قرّر بموجبها أن تواصل اللجنة المتخصّصة التي أنشأتها الجمعية العامة لوضع اتفاقية شاملة بشأن الإرهاب الدولي كمسألة عاجلة وإنّ جهودها الرامية إلى تسوية المسائل المتعلّقة بوضع مشروع اتفاقية دولية لقمع الإرهاب النووي كوسيلة لمواصلة وضع إطار قانوني شامل من الاتفاقيات المتعلقة بالإرهاب الدولي، وإن تبقى مسألة عقد مؤتمر رفيع المستوى برعاية الأمم المتحدة لإعداد ردّ منظّم مشترك للمجتمع الدولي تجاه الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره مدرجة في جدول أعمالها.[74]

الفرع الثاني: جهود مجلس الأمن

بتاريخ 14/6/1989 اعتمد مجلس الأمن قراره (635) بشأن وضع علامات على المتفجّرات اللدائنية أو الصفيحية

وبتاريخ 3/4/1991 أصدر مجلس الأمن قراره (687) حول الحالة بين العراق والكويت بعد وقف العمليات العسكرية تجاه العراق.

ونتيجة لتداعيات حادث تفجير طائرة البان أميركان فوق لوكربي، فقد أصدر مجلس الأمن القرار (731) بتاريخ 21/1/1992 بإدانة العمل الإرهابي المذكور والطلب من الجماهيرية العربية الليبية التعاون لتحديد مسؤولية المشتبه بهم، وعندما عقدت قمة مجلس الأمن في 31/1/1992، أشار البيان الصادر عن القمة إلى ضرورة القضاء على الإرهاب الدولي بكافة اشكاله.[75]

وبتاريخ 31/1/1996 أصدر مجلس الأمن قراره (1044) الذي يطالب السودان بتسليم الأشخاص المشتبه بهم في محاولة اغتيال رئيس جمهورية مصر العربية في أديس أبابا بتاريخ 26/6/1995، إلى اثيوبيا لغرض التحقيق معهم ومحاكمتهم.

وعلى إثر أحداث تفجير السفارة الأمريكية في كلّ من نيروبي – كينيا ودار السلام- تنزانيا يوم 7 آب 1998، أصدر مجلس الأمن القرار (1189) بتاريخ 13 آب 1998[76].

أدى تعرض الولايات المتحدة الأمريكية لهجمات إرهابية في 11 أيلول 2001 إلى تبنّي واشنطن لحملة دولية لمكافحة الإرهاب وتكوين تحالف دولي واسع لهذا الغرض، اتسم قرار مجلس الأمن (1373) الصادر بتاريخ 28/9/2001[77]، بالانتقال إلى العمل وفق أحكام الفصل السابع من الميثاق، إلا أنّه اتخذ منحى مختلفا في الإجراءات الدولية لمواجهة هجمات أيلول، من خلال خلق ثلاث مجموعات من الالتزامات على الدول الأعضاء، تضمّنت المجموعة الأولى إلزام الدول الأعضاء بوقف ومنع تمويل الأعمال الإرهابية، والالتزام بتجريم كافة أشكال توفير وجمع الأموال التي تستخدم في تمويل الأعمال منهم. [78] وتشمل المجموعة الثانية الامتناع عن تقديم أيّ شكل من أشكال الدعم الصريح أو الضمني إلى الكيانات أو الأشخاص المتورطين في الأعمال الإرهابية.[79] بينما شملت المجموعة الثالثة: إلزام الدول الأعضاء بتبادل المعلومات الخاصّة بأعمال وتحركات الإرهابيين والشبكات الإرهابية، وتنفيذ كافة الاتفاقيات والبروتوكولات وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.[80]

وقد أنشأ القرار لجنة خاصّة تتألف من جميع أعضائه لمتابعة ومراقبة تنفيذ هذا القرار، كما ألزم الدول الأعضاء بتقديم تقارير دورية حول الإجراءات المتخذة لتنفيذ هذا القرار.[81]

المطلب الثاني: الجهود الإقليمية لمكافحة الإرهاب  

أوصت الجمعية العامة في الفقرة (10) من قرارها (34/145) ” بأن تنظر المنظّمات الإقليمية في تدابير لمنع ومكافحة الإرهاب الدولي كلاً ضمن مجال المسؤولية داخل منطقتها “، وفي الفقرة (14/ب) من نفس القرار “رجت الجمعية العامة الأمين العام أن يتابع تنفيذ توصيات اللجنة المخصّصة لموضوع الإرهاب الدولي”.[82]

الفرع الأول: جهود الاتحاد الأوربي

نتيجة لتزايد الأنشطة الإرهابية في القارة الأوربية، فقد تنبه المجلس الأوربي إلى ضرورة التحرّك لوضع حدّ لتلك الأعمال الإرهابية وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب والمحاكمة.

فقد أدانت الجمعية الاستشارية للمجلس الأوربي في توصيتها المرقمة 703 في 16/5/1973، عمليات الإرهاب الدولية واتخذت قراراً يقضي باتخاذ العقوبات الجنائية لمرتكبيها.

أما لجنة الوزراء لمجلس أوربا في دورته الثالثة والستين، فقد أوصت بالتأكيد على الدور المهم لمجلس أوربا في مكافحة الإرهاب، وذلك بوصفه منظمة “مكونة من دول ديمقراطية مبنيّة على سيادة القانون وتلتزم بحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية”.

وقد كان نتيجة هذا التعاون الأوربي المتصاعد من أجل وضع حدّ للجرائم الإرهابية، إن وقّعت الاتفاقية الأوربية لمنع وقمع الإرهاب لعام 1977.

الفرع الثاني: جهود جامعة الدول العربية

على الرغم من الاهتمام الكبير الذي أولته الجامعة العربية لموضوع الوقاية من الجريمة ومكافحتها والمعالجة من آثارها[83]. إلا أنّ معالجة لظاهرة خطيرة كالإرهاب لم تكن إلا بوقت متأخر قليلا، ولعلّ إنّ السبب قد يعود إلى اكتفاء الاتفاقيات المعقودة بين دول الجامعة العربية والخاصة بمكافحة الجريمة الدولية، وقد اصدرت الجامعة العربية عام 1998 قرارا تضمّن قلق الجامعة من اتخاذ الإرهابيين بعض الدول منطلقا لتدبير مؤامراتهم ونشر أفكارهم الهدامة مستفيدين من إقامتهم فيها وما تتيحه لهم هذه الدول من تسهيلات ودعم مادي إعلامي، ورفض المجلس وأدان الإرهاب بجميع صوره.

ومما لاشك فيه أنّ ثقل ما تعرضت له الساحة العربية من إرهاب لا يقلّ عن مستوى المخاطر التي تلقتها أوربا وأمريكا اللاتينية من جراء هذه الظاهرة، تعاظم هذه الظاهرة ومخاطرها أدى إلى  تتويج الجهود العربية بإبرام اتفاقية خاصة بمكافحة الظاهرة.

الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب

أبرِمت هذه الاتفاقية في القاهرة بتاريخ 22 نيسان 1998، وقد تضمّنت هذه الاتفاقية ديباجة وأربعة أبواب رئيسية تتضمّن (42) مادة تمثّل مجمل مواد الاتفاقية، وقد جاء في ديباجتها أنّ الدول العربية الموقّعة قد اتفقت على عقد هذه الاتفاقية منطلقة في هذا من:

– رغبتها في تعزيز التعاون العربي لمكافحة الجرائم الإرهابية.

-التزامها بالمبادئ الأخلاقية والدينية السامية –لاسيما الشريعة الإسلامية- التي تنبذ كلّ أشكال العنف والإرهاب.

-التزامها بميثاق الجامعة العربية وميثاق الامم المتحدة، وجميع العهود والمواثيق الدولية الأخرى التي تكون الدول المتعاقدة في هذه الاتفاقية طرفا منها.

-تأكيدها على حقّ الشعوب في الكفاح ضد الاحتلال والعدوان بمختلف الوسائل، وحقّها في تقرير المصير.

الخاتمة

أثار الإرهاب، ولا زال، جدلا عالميا واسعا لما يمثله من خطورة وتهديد لأمن وحياة البشر وحضارتهم وإنجازاتهم، هذا التهديد الخطير غير المقيد بقانون أو أخلاق، والمتسم بالعنف والاستخدام غير المشروع للقوة، يؤدي بين الفينة والأخرى بأعداد كبيرة من الضحايا الأبرياء ويدمّر الممتلكات ويخلق حالة من الخوف والذعر واليأس، ويستهدف تحقيق نتائج أكبر عبر الإضرار بالعلاقات الودية بين الدول أو بين رعاياها وبشكل يهدّد السلم والأمن الدوليين في الصميم.

هذه الظاهرة القديمة الجذور، تنبّهت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها السابعة والعشرون عام 1972، لوجوب تحديد أسبابها ومعالجتها كنتيجة منطقية تستلزمها ضرورات القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة.

وكون الإرهاب هو مفهوم قانوني ذو بعد سياسي، فان هذا الأمر انعكس في مسألتين، كانتا سببا في عدم التوصل إلى  نتائج حقيقية بصدد إيجاد معالجة شاملة جامعة للقضاء على الإرهاب، تمثّلت الأولى في عدم تناسق الآراء الدولية بشأن أسباب الإرهاب، والمسألة الثانية في عدم توحّد الآراء الدولية بشأن تعريف موحّد يعكس حقيقة المفهوم في ظلّ الوضع الدولي الحالي، وصولا إلى  وضع اتفاقية دولية شاملة لمكافحة الإرهاب.

هاتان المسألتان كانتا النتيجة الطبيعية للاختلاف الكبير والواضح بين مصالح الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فدوما نرى معسكرين؛ الأول يرى في مسألة معالجة أسباب الإرهاب وتحديد تعريف شامل يميّز بين الإرهاب –بكافة أشكاله وأساليبه- وحركات التحرّر الوطني وأنشطتها، أمر لابد منهما للتوصل إلى اتفاق دولي شامل ومقبول بشأن مكافحة الإرهاب الدولي، بينما نجد المعسكر الثاني والذي تقوده الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، على الرغم من رغبتهم الجامحة في التوصل إلى اتفاق دولي شامل لمكافحة الإرهاب يتفق مع رؤاهم، قد عمل على تغيير مسارات الجمعية العامة للأمم المتحدة في مسألة نظرتها لموضوع الاسباب ووجوب العمل على معالجته كسبيل لابد منه لمعالجة هذه الظاهرة والقضاء عليها، فبتأثير الظروف الدولية ما بعد حرب الخليج الثانية وانهيار الاتحاد السوفيتي كقوة مواجهة للولايات المتحدة، وانفراد الولايات المتحدة بالساحة الدولية كقطب منفرد يحيط به تحالف كبير، تغيّر مسار الجمعية العامة بشأن موضوع الإرهاب وكيفية معالجته ففي الدورة السادسة والثلاثين بتاريخ 9/12/1991 صدر قرار الجمعية العامة (46/51 )، الذي مثل انتقالة خطيرة توضح مدى تأثير البيئة السياسية بمسألة كيفية معالجة الأمم المتحدة لهذه الظاهرة، فقد تبدّل عنوان البند المتعلّق بالإرهاب الذي كان سابقا منذ الدورة السابعة والعشرين بعنوان “التدابير الرامية إلى منع الإرهاب الدولي الذي يعرّض للخطر أرواحا بشرية بريئة أو يؤدي بها أو يهدد الحريات الأساسية، ودراسة الأسباب الكامنة وراء أشكال الإرهاب وأعمال العنف الناجمة عن البؤس وخيبة الأمل والضيم والقنوط، والتي تحمل بعض الناس على التضحية بالأرواح البشرية، بما في ذلك أرواحهم هم، في محاولة لإحداث تغييرات جذرية”، إلى عنوان جديد هو ” التدابير الرامية إلى  القضاء على الإرهاب الدولي” دون الإشارة إلى  مبرر هذا التبديل، الذي لا يخرج عمّا بيّناه آنفا.

لا، بل إنّ هذا المعسكر يصرّ على أنّ وضع تعريف شامل للإرهاب يستوجب عدم التمييز بين حركات التحرّر الوطني والإرهاب، أي نسخ أية شرعية مفترضة أو واقعية لموضوع حركات التحرّر وأنشطتها، على اعتبار أنّ كلّ هذه الأعمال من وجهة نظرهم تتسم بالعنف وتستهدف ضحايا أبرياء لا ذنب لهم حتى لو كانوا عسكريين، وهذا ما كان ولا زال موضع خلاف كبير وعائق بوجه توحيد الجهود الدولية بشأن التوصّل إلى اتفاقية شاملة لمكافحة الإرهاب وعدم الاكتفاء بالاتفاقيات الموجودة المشتملة على مكافحة مظاهر وأساليب متنوعة للإرهاب، فالمعسكر الأول الذي تقوده دول عانت من ضيم الاحتلال والاستعمار مجمعة بموقف واحد على عدم إتاحة الفرصة لأي محاولة تستهدف إنهاء شرعية حركات التحرّر الوطنية التي أقرّها القانون الدولي، وما صدر من قرارات عديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة كالقرار (1514) لعام 1960 “إعلان تصفية الاستعمار”، وقرارات أخرى صادرة عن منظمات دولية وإقليمية متعدّدة كالقرارات الصادرة عن منظمة دول عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي، بالإضافة إلى ما يقرّره الفقه الدولي وما جرى العمل عليه دوليا، على الرغم من الضغوطات الكبيرة التي يفرضها أصحاب المعسكر الثاني.

وفي ظلّ الأحداث الدولية الحالية رأينا تجدّد موضوع سبق وإن تمسّكت به دول في السبعينيات والثمانينيات وما تلاها في القرن الماضي – على الرغم من عدم قبول المجتمع الدولي بهذا المنطق حينها – في تبريرها لأعمالها العدوانية “الإرهابية” تجاه الدول المستهدفة، لنجد أنفسنا أمام علاقة وثيقة تولّد بين الإرهاب وذريعة الدفاع عن النفس، هذا الدفاع عن النفس، يمكن القول وبجدارة ووفق ما نراه من مستجدات للأحداث، أنّه يُولد بشكل جديد، فالدفاع عن النفس الوارد في المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة والذي يمثل بشروط معروفة محددة استثناء للمادة (2) فقرة (4)، يختلف عما يجري الآن من تذرّع به، ومن سكوت دولي غير رافض لمنطوقه، لنجد منطوق جديد تحاول الدول المتسيّدة فرضه، رغم أنه مرفوض وغير مقبول قانونيا، ألا وهو الدفاع عن النفس الوقائي باستخدام الضربات الاستباقية، متناسية –هذه الدول – أنّها بذلك تمارس “إرهابا دوليا”.

إلا أنّ ما ذكرناه آنفا لا يعني أن نتغاضى عن الجهود الدولية المبذولة في سبيل مكافحة هذه الظاهرة، فعلى الرغم من التباين الواضح في المصالح الدولية والتي أثّرت بشكل واضح في مسألة مكافحة الإرهاب، فإنّ الأمم المتحدة قد عملت وبشكل جاد ومكثّف لاحتواء هذه الظاهرة ومحاولة مكافحتها فقد وضعت و طورت – الأمم المتحدة وكالاتها المتخصّصة -العديد من الاتفاقيات الدولية لتمكّن المجتمع الدولي من اتخاذ الاجراءات اللازمة لقمع الإرهاب ومحاكمة المسؤولين عنه، عاكسة بذلك تصميم المجتمع الدولي على إزالة هذا الخطر، حيث تقدّم هذه الاتفاقيات، التي يرجع أقدمها إلى  عام 1963، أدوات قانونية أساسية لمحاربة الإرهاب الدولي بكافة أشكاله – من خطف الطائرات إلى  حجز الرهائن إلى  تمويل الإرهاب – وإنّ غالبية بلدان العالم قد صادقت على معظم هذه الاتفاقيات حيث تم وضع هذه الاتفاقيات من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة الطيران المدني والمنظمة البحرية الدولية والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

لا، بل إنّ الجمعية العامة للأمم المتحدة قد وضعت بندا خاصا بهذا الموضوع ومنذ الدورة السابعة والعشرون عام 1972، على إثر أحداث ميونيخ، حيث تجري مناقشة الموضوع بشكل دوري مستمر وعبر لجان متخصّصة تم إنشاؤها بغرض تكثيف الجهود للتوصل إلى نتائج إيجابية بصدد الموضوع، إلا إنّ هذه الجهود كانت تعترضها دائما مسألة اختلاف الرأي بين أعضاء الجمعية العامة والتي أساسها يبقى في اختلاف المصالح الدولية.

وإذا كانت معالجة القضايا الإرهابية قد استحوذت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة، واعتبرتها تهديدا للسلم والأمن الدوليين، فإنّ مجلس الأمن قد أسهم هو الآخر في تعزيز الحملة الدولية القانونية لمكافحة الإرهاب، فقد عالج مجلس الأمن مسألة الإرهاب الدولي بصورة مركزة منذ نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات ولا زال عبر عدة قرارات وبيانات رئاسية؛ أي إنّ معالجة مجلس الأمن للمسألة لم تترافق زمنيا مع معالجة الجمعية العامة التي باشرت النظر فيها منذ عام 1972، وتوزعت معالجة مجلس الأمن لمسألة الإرهاب الدولي في قرارات تناولت حالات وأوضاع بلدان محدّدة وقرارات استهدفت القضاء على الإرهاب بصورة شاملة، وإنّ التسلسل التاريخي لقرارات مجلس الأمن يوضّح طبيعة هذه المعالجة وتطوّرها الموضوعي وأثر البيئة السياسية ومصالح الدول المؤثرة في صنع قرارات مجلس الأمن، خاصة وأنّ المعالجة كانت في مرحلة ما قبل أحداث 11 ايلول 2001 مختلفة عن المعالجة القانونية لمرحلة ما بعد احداث 11 ايلول 2001 بتأثير من الظروف السالفة الذكر، حيث تصدّى مجلس الأمن بعد أحداث 11 ايلول وبشكل مباشر لهذه الظاهرة بسلطات الفصل السابع من الميثاق، لضمان تنفيذ قرارات المجلس، كما أنّ القرارات الصادرة في هذه المرحلة قد اتصفت بالشمولية لكلّ المنافذ التي تحاصر هذه الظاهرة، وارتفاع هذه القرارات إلى مستوى الإلزام القانوني والعملي، كما أنّها أصبحت تحظى بحساسية خاصة، وتنفيذ جبري، لا، بل إن تأثير هذه المرحلة قد وصل إلى حدّ تغييب أيّ تمييز بين الإرهاب وحركات التحرّر بتأثير من سطوة نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية والحلف الذي تقوده في حربها المعلنة ضدّ الإرهاب.

ولم يتبقى لنا إلا أن نقول، في خضم ما يجري حاليا على الساحة الدولية من أحداث ومجريات في ظلّ انقياد العالم خلف قوة منفردة تحقّق ما تريد بالتهديد والوعيد وتؤثّر بشكل أو بآخر في مسار الجهود الدولية القانونية وبالصورة التي تلائمها، إنّ العالم لن يسلم من الإرهاب الدولي كتهديد خطير ولن يتمّ القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة، لا، بل إنّها محتملة الازدياد والتوسع، إن لم يتفق المجتمع الدولي على :

1- معالجة أسباب الإرهاب والتي هي أساس خروج الظاهرة للوجود، فالقضاء على الأسباب يعني معالجة الظاهرة والقضاء عليها أما إذا ظلّ الأمر على ما هو عليه بإهمال معالجة الأسباب، فستكون النتائج كارثية وعلى المستقبل البعيد.

2- وضع تعريف شامل وجامع للإرهاب لتحديد ما هو إرهاب وما هو غير إرهاب؛ أي وضع الحدود والفواصل القانونية لهذا الغرض، وعدم تجاهل حقوق الشعوب في تقرير مصيرها وحقّها في النضال والكفاح المسلح لتحقيق هذا الحق، وبالتالي الإقرار الكامل بوجوب التمييز بين ما هو إرهاب غير مشروع، وبين ما هو كفاح مسلّح لحركات التحرّر الوطني مشروع ومقرّ دوليا.

3- وضع اتفاق دولي شامل لمكافحة هذه الظاهرة تشتمل ما ذكرناه آنفا (معالجة الأسباب – وضع تعريف مناسب) وتضع الحدود المعقولة وتبيّن التزامات الأطراف الدولية ومن كافة النواحي القانونية لتجعل من مهمّة مكافحة الإرهاب مهمّة إنسانية تقع على عاتق المجتمع الدولي والإنسانية بأجمعها.


قائمة المصادر والمراجع

أولا : الكتب

1- د. إسماعيل الغزال : الإرهاب والقانون الدولي ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت ، ط1، 1990.

2- د. إمام حسانين خليل : الإرهاب وحروب التحرير الوطنية ، دار مصر المحروسة ، القاهرة ، ط1، 2002 .

3- د. أمل يازجي – د. محمد عزيز شكري : الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن ، دار الفكر ، دمشق ، ط1، نيسان 2002 .

4- د. حسن عقيل أبو غزالة : الحركات الأصولية والإرهاب في الشرق الأوسط – إشكالية العلاقة – ، دار الفكر ، عمان ، ط1، 2002.

5- د. صلاح الدين عامر : المقاومة الشعبية المسلحة في القانون الدولي العام ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1977.

6- د. عبد العزيز محمد سرحان : الإطار القانوني لحقوق الإنسان في القانون الدولي العام ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، ط1، 1987.

7- عبد الناصر حريز : الإرهاب السياسي ، مكتبة مدبولي ، القاهرة ، ط1، 1996.

8- عبد الناصر حريز : النظام السياسي الإرهابي الإسرائيلي – دراسة مقارنة مع النازية والفاشية والنظام العنصري في جنوب أفريقيا ، مكتبة مدبولي ، القاهرة ،ط1، 1997.

9- نعمة علي حسين : مشكلة الإرهاب الدولي ، مركز البحوث والمعلومات ، بغداد ، 1984.

ثانيا  : البحوث والدراسات والتقارير

1- التقرير الاستراتيجي العربي ، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهـرام ، القاهرة ، ط1، مايو 2002 .

2- تصنيف وزارة الخارجية الأمريكية الخاص بالأعمال والمنظمات الإرهابية لعام 1999-2000 ( www.us.inf.org) .

3- حسن محمد طوالبة : العنف والإرهاب في المنظور السياسي الديني “مصر والجزائر” ، رسالة ماجستير ، معهد القائد المؤسس ، الجامعة المستنصرية ، 1982.

4- فؤاد قسطنطين نيسان : الإرهاب الدولي- دراسة تحليلية في طبيعة الظاهرة ومكانتها في التقاليد والممارسات الصهيونية ، رسالة ماجستير ، كلية العلوم السياسية ، جامعة بغداد ، حزيران 1999.

5- هيثم عبد السلام محمد : الإرهاب في ضوء الفقه الإسلامي ، رسالة دكتوراه ، كلية الفقه وأصوله – جامعة صدام للعلوم الإسلامية ، 2002 .

ثالثا . الموسوعات والمعاجم والقواميس

1- د. عبد الوهاب الكيالي واخرون : موسوعة السياسة ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت ، ط2، 1985.

2- موسوعة المعلومات الأمريكية – إنكلترا – الجزء الثاني –  CD.No.2 .

3- موسوعة المعلومات البريطانية –  CD.No.2 .

رابعا . المقالات

1- إبراهيم أباش : العنف السياسي بين الإرهاب و الكفاح المشروع ، مجلـة الـوحدة ، العدد 67، أبريل 1990 .

2- باسيل يوسف: تطور معالجة الأمم المتحدة لمسألة الإرهاب الدولي بين الجوانب القانونية و الاعتبارات السياسية 1972-2001 ،مجلة دراسات قانونية ، بيت الحكمة ، بغداد ،السنة الثالثة، العدد الرابع ، 2001.

3- د. بطرس غالي : كلمة في افتتاح مؤتمر شرم الشيخ حول ما سمي بالإرهاب  في 13 آذار ، مجلة السياسة الدولية ،العدد 127، كانون الثاني 1997.

4- د. حسن محمد طوالبة : الإرهاب و العنف الثوري ، مجلة الحكمة ، بيت الحكمة، بغداد العدد 21 ،السنة الرابعة، كانون أقاول 2001 .

5- د. عبد العزيز محمد سرحان : حول تعريف الإرهاب الدولي وتحديد مضمونه ، المجلة المصرية للقانون الدولي ، المجلد التاسع والعشرون ، 1973 .

6- د. عصام صادق رمضان : الأبعاد القانونية للإرهاب الدولي ، مجلة السياسة الدولية ، العدد 85 ، يوليو 1986.

7- د. محمد وليد عبد الرحيم : المقاومة و الإرهاب الإسرائيلي و القانون الدولي ، مجلة شؤون المقاومة ، بيروت ، العدد الثالث ، 2001 .

8- د. هيثم عبد السلام محمد : الإرهاب ومفهومه في الشريعة الإسلامية ، مجلة الحكمة بيت الحكمة ، بغداد ، العدد 21 ، السنة الرابعة كانون الأول ، 2001.

خامسا . العهود والاتفاقيات الدولية والإقليمية

1- الوثيقة الدولية لحقوق الإنسان – المتضمنة

أ-الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 .

ب-العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966.

ج-العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966.

د-البروتوكول الاختياري .

2- اتفاقيات جنيف المؤرخة في 12 آب 1949 ، اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، جنيف ، 1987 .

3-الاتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل ، الأمم المتحدة ، الجمعية العامة ، الوثائق الرسمية ، الدورة الثانية والخمسون ، البند 152 من جدول الأعمال ، القرار 52/164. (A/RES/52/164) في 15/12/1997.

8- الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب ، الأمم المتحدة ، الجمعية العامة ، الوثائق الرسمية ، الدورة الرابعة والخمسون ، البند 160 من جدول الأعمال ، القرار 54/109 (A/RES/54/109) ، في 9/12/1999.

9- الاتفاقية الخاصة بمنع وقمع ومعاقبة أفعال الإرهاب ، منظمة الدول الأمريكية ، 2 شباط 1971.

10-الاتفاقية الأوربية لمنع وقمع الإرهاب ، ستراسبورغ ، 27/1/1977.

11-الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب ، جامعة الدول العربية ، الأمانة العامة ، القاهرة ، نيسان 1998.

سابعا . المصادر باللغات الأجنبية

1- Eric Morris , terrorism : Threat and Respone . Houndmills : Mc Millan press , 1987.

2- Noemi Gal , or . International cooperation to suppree terrorism – London : Groom Helm , 1985.

[1] د. إمام حسانين خليل: الارهاب وحروب التحرير الوطنية، دار المحروسة للطباعة، القاهرة، ط1،2002، ص11.

[2] نفس المصدر، ص15.

[3]  نعمة علي حسين: مشكلة الارهاب الدولي، مركز البحوث والمعلومات، بغداد،1984، ص13.

[4]–  د. محمد عزيز شكري، الإرهاب الدولي، دار العلم للملايين، ص21.

– [5] د. امام حسانين خليل، مصدر سابق، ص16.

[6] د. حسين عقيل أبو غزالة: الحركات الأصولية والإرهاب في الشرق الأوسط، إشكالية العلاقة، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، عمان، ط1،2002،ص25 نقلاً من قاموس المحيط وتاج العروس، مادة “رهب”.

[7] انظر في هذا الشأن : محمد فؤاد عبد الباقي :المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، دار الجيل، بيروت، 1988 ص325 حيث وردت مشتقات كلمة “رهب” في اكثر من اثني عشر موضعاً في القرآن الكر يم، منها قوله تعالى: ” وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ” سورة البقرة”، آية 40.

” تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ ” الانفال، آية 60.

[8] عبد الناصر حريز، الارهاب السياسي، ص 19-21.

[9] موسوعة المعلومات الامريكية – انكارتا – الجزء الثاني CD2.

[10] د. عبد الوهاب الكيالي و اخرون : موسوعة السياسة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط2، 1985، الجزء الأول، ص 153.

[11] عبد الناصر حريز، مصدر سابق، النظام السياسي الارهابي الاسرائيلي، ص19 نقلا عن :-

Grand Larousse Encyclopedique, Paris : Libraiarie Larousse, 1964, Tome dixieme, P, 261.

[12] الموسوعة البريطانية للمعلومات C D.No.2

[13] د. عبد العزيز محمد سرحان :حول تعريف الارهاب الدولي وتحديد مضمونه، المجلة المصرية للقانون الدولي، المجلد التاسع والعشرون، 1973،ص 173-174

[14] د. صلاح الدين عامر: المقاومة الشعبية المسلحة في القانون الدولي العام، دار الفكر العربي، القاهرة،1977،ص 486 –487

[15] راجع في هذا الشأن : د. حسن عقيل أبو غزالة، مصدر سابق، ص 29.

  • عبد الناصر حريز، مصدر سابق، النظام السياسي الارهابي الاسرائيلي، ص22-23.
  • Noemi Gal. Or , op , cit, p.440.
  • Leonard B. Weinberg and paul B. Davis, op. Cit, p, 166.

[16] انظر في هذا الشأن :

  • Noemi Gal. Or , op , cit, p.232.and seq
  • Leonard B. Weinberg and paul B. Davis, op. Cit, p, 468.
  • د. حسن عقيل أبو غزالة، مصدر سابق، ص 30.

[17] نعمة علي حسين، مصدر سابق، ص 36.

[18] عبد الناصر حريز، مصدر سابق، الإرهاب السياسي، ص 31-32.

[19] انظر في هذا الخصوص :

  • نعمة علي حسين، مصدر سابق، ص34.

[20] انظر :

-عبد الناصر حريز، مصدر سابق، الإرهاب السياسي، ص 32.

-نعمة علي حسين، مصدر سابق، ص 34.

[21] عبد الناصر حريز، مصدر سابق، ص32.

[22] فالقرار 3034 تناول موضوع الارهاب الدولي– الرسمي واللارسمي – بكل اشكاله وانواعه، ودعى الدول من اجل استنباط الاجراءات الفعالة لمنع وقوعه ومعاقبة مرتكبيه، وإلى دراسة أسباب الإرهاب الأساسية من أجل إيجاد الحلول العادلة والشاملة لها، وفيما أخرج القرار نضال الشعوب من إطار الإرهاب الدولي بإعلانه شرعيّة نضال حركات التحرّر الوطني، اعتبر إرهاباً دولياً أعمال القمع التي تمارسها الأنظمة الاستعمارية وأنظمة التمييز العنصري والهيمنة الاجنبية، حيث جاء بنصّ القرار الآتي:

1-تعرب الجمعية العامة عن قلقها العميق من تزايد أعمال العنف التي تهدد أو تقضي على أرواح بشرية بريئة أو تعرّض الحريات الأساسية للخطر.

2-تحثّ الجمعية العامة الدول على تكريس عنايتها الفورية لإيجاد حلول سلمية عادلة للأسباب التي تسبّب أعمال العنف.

3-تعيد الجمعية العامة التأكيد على الحق الثابت في تقرير المصير والاستقلال لجميع الشعوب التي ترزح تحت الاستعمار وأنظمة التمييز العنصري أو أنواع الهيمنة الأجنبية الأخرى, وتعلن عن دعمها لشرعية نضال هذه الشعوب خصوصاً نضال حركات التحرّر الوطني.

4- تعلن الجمعية العامة عن إدانتها لاستمرار أعمال القمع والإرهاب التي تمارسها الأنظمة الاستعمارية والعنصرية في إنكار حق الشعوب الشرعي في تقرير المصير والاستقلال وغيرها من حقوق الإنسان الأساسية.

5-تدعو الجمعية العامة الدول إلى اتخاذ كلّ التدابير الملائمة على المستوى الوطني من أجل إزالة مشكلة الإرهاب الدولي بصورة سريعة ونهائية، واضعة نصب أعينها نصوص هذا القرار.

[23] انظر: -Eric Morris et al., op.cit. p. 38and seq.-Noemi Gal-or,op.cit., p.2 and p.148

-د. امام حسنين خليل ، ص 78-83

– عبد الناصر حريز، الارهاب السياسي، ص 174-177

[24] د. امام حسانين خليل، ص 84-85.

[25] د. محمد عزيز شكري، ص 129-130.

[26] نفس المصدر، ص130.

[27] نفس المصدر , ص 120

[28] د. اسماعيل الغزال، ص 22-23.

[29] عدد النظام الأساسي لإنشاء محكمة جنائية دولية (روما) في مادته (8/1) أ و ب، (36) انتهاكا، معتبرا اياهم جرائم حرب تقع زمن النزاعات المسلحة الدولية.

[30] عدد النظام الأساسي لروما في مادته (7/1)، (11) انتهاكا، اعتبروا بمثابة جرائم ضد الإنسانية متى ارتكب الفعل في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضدّ أيّ مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بالهجوم.

[31] عرفت المادة (5) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية (روما) الإبادة الجماعية أي “فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه، إهلاكا كليا أو جزئيا:-

(أ) قتل أفراد الجماعة. (ب) إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة. (ج) إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها الإهلاك الكلّي أو الجزئي. (د) فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة. (هـ) نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.

[32] يكون النزاع المسلّح مشروعا إذا كان في إطار الدفاع المشروع عن النفس أو في إطار تطبيق نظرية الأمن الجماعي، ويكون غير مشروعا إذا كان عدوانا.

[33] المادة (33) من الاتفاقية.

[34] وبالتالي يعد قصف المنشآت اللبنانية الخاصة بتوليد الكهرباء خلال عملية “عناقيد الغضب” الإسرائيلية عملا إرهابيا، بينما تعد مجزرة صبرا وشاتيلا جريمة ضدّ الانسانية، ويطال ميثاق روما الأساسي مرتكبي الجرائم ضدّ الإنسانية، لكن الإرهاب يقع خارج نطاقه حتى مرور سبع سنوات على الأقل على دخول النظام حيز التنفيذ.

[35] تحمي أحكام الاتفاقية الأولى ضحايا النزاعات المسلحة البرية، بينما تحمي الاتفاقية الثانية ضحايا النزاعات المسلحة البحرية.

[36] تحمي أحكام الاتفاقية الثالثة أسرى الحرب.

[37] د. محمد عزيز شكري، ص 23-25 نقلا عن:

“inkrdiction des actos de terrorisme dans le droit inkrmatienal hamanitire”.Hans Peter Gesser. Juillet-aeent 1968.

[38] تعتبر المادة (85) من البروتوكول الأول في فقرتها (4/أ) أنّ ” قيام دولة الاحتلال بنقل بعض سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها أو ترحيل أو نقل كلّ أو بعض سكان الأراضي المحتلة داخل نطاق تلك الأراضي أو خارجها، مخالفة للمادة (49) من الاتفاقية الرابعة “. هذا يعني أن المستوطنات غير مشروعة دوليا وأن المستوطنين هم جزء من جريمة حرب، وبالتالي فهم ليسوا مدنيين ولا المستوطنات أهدافا مدنية.

[39] د. محمد عزيز شكري، ص 28-29، نقلا عن :

“Inkrdictien ds actes de terrorisme

[40] تطبق احكام هذا البروتوكول على النزاعات الواقعة بين القوات المسلحة التابعة لدولة ما وقوات مسلحة منشقة عنها، أو جماعات نظامية تحت قيادة مسؤولة عن جزء من الإقليم، مسيطرة سيطرة تسمح لها بالقيام بعمليات عسكرية متواصلة ومنسقة ولا يسري على حالة الاضطرابات الداخلية مثل أعمال الشغب وأعمال العنف العرضية “المادة (1) من البروتوكول”.

[41] راجع فيما يتعلق بأشكال الارهاب وفقا لزمن وقوعه (الإرهاب زمن السلم والإرهاب زمن النزاعات المسلحة ): د.محمد عزيز شكري، ص21-29.

[42] انظر تقرير اللجنة المخصصة لموضوع الارهاب الدولي، الجمعية العامة، الوثائق الرسمية، الدورة الرابعة والثلاثون، الملحق رقم 37 (A/34/37)، الامم المتحدة، 1979، ص12.

[43] نفس المصدر، ص 18.

[44]   د. إمام حسانين خليل،مصدر سابق،ص 103-105

[45]  فمن الباحثين من يرى وجوب دراسة وتحليل تلك الدوافع والمسببات وفقاً للمستويات الثلاثة الانفة الذكر ومنهم الباحث Noemi Gal.or، في حين يتجه البعض الأخر الى دراسة دوافــع الإرهــاب ومثيراته بصفة عــامة دون الوقــوف عنــد مستويــات محــددة وخــاصةً المستــوى الفردي ومنهم  Eric Morrise , Alan Hoe and John potter  للمزيد انظر :

  • Noemi Gal or. international cooperation to suppree terrorism. London : Groom Helm ,1985 ,p19
  • Eric Morris , terrorism : Threat and Respone – Houndmills : MC Millam. Press 1987, p58

[46] – تلعب العوامل الشخصية والنفسية دورا معينا في الإرهاب، حيث حددت ورقة عمل قدمت الى اللجنة الخاصة بالإرهاب- الامم المتحدة- هذه العوامل بأنها ” الهروب من تنفيذ حكم معين أو التزامات معينة، وحب الظهور أو الشهرة أو الدعاية، أو الاستخفاف بالأنظمة والعقوبات الدولية، والجنون أو الاختلال العقلي، والحصول على مساعدات مادية لصالح أفراد أو مجموعات تعيش في ضنك أو في ظروف معيشية صعبة “،للمزيد راجع: الورقة التي تقدمت بها قطر،تقرير اللجنة الخاصة، 1979، ص14-15.

[47]. د.امام حسانين، مصدر سابق، ص 109-110.

[48]. نفس المصدر، ص111.

[49]. فؤاد قسطنطين نيسان :الإرهاب الدولي ـ دراسة تحليلية في طبيعة الظاهرة ومكانتها في التقاليد والممارسات الصهيونية. رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة الى جامعة بغداد ـ كلية العلوم السياسية حزيران 1999 ص 43.

[50]. د.إمام حسانين خليل، مصدر سابق، ص 112.

[51] – د. امام حسانين خليل، مصدر سابق، ص 122-114. د. هيثم عبد السلام محمد – الارهاب والشريعة الاسلامية، مجلة الحكمة  – بيت الحكمة  – بغداد، العدد 21، السنة الرابعة، كانون الأول 2001، ص 58.

[52] – د. امام حسانين خليل، مصدر سابق، ص 114.

[53]– فعلى سبيل المثال قامت امرأة في 11 اذار /1972 باختطاف طائرة إيطالية كانت في طريقها من روما الى ميلانو، وقد أكرهت قائد الطائرة بالتوجه إلى ميونيخ ثم استسلمت بعد هبوط الطائرة وظهر بعد فحصها أنّها مصابة بخلل عقلي… للمزيد انظر هيثم احمد حسن الناصري : خطف الطائرات ” دراسة في القانون الدولي والعلاقات الدولية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت – ط1، 1976، ص 11-13.

[54] – على سبيل المثال محاولة اغتيال الرئيس الامريكي ” رونالد ريغان ” من شخص مصاب بخـلل عقلي انظر : د. امام حسانين خليل، مصدر سابق، ص 115-117.

[55] – عبد الناصر حريز : الإرهاب السياسي – مكتبة مدبولي – القاهرة – ط1 – 1996، ص 195.

[56]–  عبد الناصر حريز :   النظام السياسي الإرهابي الإسرائيلي – دراسة مقارنة مع النازية والفاشية والنظام العنصري في جنوب أفريقيا، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط1، 1997، ص 62  – د. هيثم عبد السلام محمد، مصدر سابق، ص 58 – د. إمام حسانين، مصدر سابق، ص 136.

[57] – د. بطرس غالي، كلمة في افتتاح مؤتمر شرم الشيخ حول ما يسمى بالإرهاب في 13 آذار، مجلة السياسة الدولية، العدد 127 – كانون الثاني 1997، ص 337.

[58] – د. إمام حسانين خليل، مصدر سابق، ص 122-123.

[59] – هيثم عبد السلام محمد، مصدر سابق ” الرسالة “، ص 72.

[60] – د. إمام حسانين خليل، مصدر سابق، ص 123-124 – محمد شفيق : الجريمة والمجتمع ” محاضرات في الاجتماع الجنائي والدفاع الاجتماعي “، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، 1993، ص 11.

[61] – ويذكر ان تفجر موجة الارهاب العالمية عام 1968 جاءت بعد فشل ثورة الطلاب والحركات الطلابية التي اجتاحت انحاء العالم في الستينات من القرن الماضي والتي عرفت بحركة الشباب العالمي، فقد زادت حوادث العنف الارهابي منذ عام 1968 والخسائر الناجمة عنها، نتيجة ظهور بعض المنظمات الارهابية شديدة الخطورة بين صفوف الطلاب، ومنها جماعة بادر مانهوف الالمانية. د. امام حسانين خليل، مصدر سابق، ص 124 – محمد شفيق، مصدر سابق، ص 11-12.

[62] – د. جلال عبد الله معوض : ندوة العنف والسياسة في الوطن العربي، مجلة المستقبل العربي، العدد 110، تموز 1987، ص 171.

– عبد الناصر حريز، مصدر سابق، الارهاب السياسي،  ص 195

– د. امام حسانين، مصدر سابق، ص 127.

*  فقد نتج عن الارهاب في المملكة المتحدة على أيدي منظمة الجيش الجمهوري الايرلندي 2060 قتيل في عام 1979 منهم 1286 مدني بالإضافة إلى 20 ألف جريح، وبلغت قيمة التعويضات للجرحى والمرضى 146 مليون دولار بينما بلغت التعويضات عن خسائر المملكة 884 مليون دولار.

[63]  ظهر ذلك على سبيل المثال في مصر، حيث لاقت الجماعات الاسلامية، التي ينسب اليها حوادث العنف والارهاب التي وقعت على ارض مصر في التسعينات، تشجيعاً من السلطة في الستينات والسبعينات من القرن الماضي مما شجعها على اختراق التجمعات الطلابية والعمالية وممارسة المزيد من الانشطة حتى تغلغلت في معظم المؤسسات الصناعية والسياسية.

[64] –  يعرف المنهج الأول بالمدرسة الاشتراكية في تفسير الجريمة، والذي يرجع الى اشكال الظلم الاجتماعي وعدم المساواة بين الافراد فالجريمة تعبير عن الصراع بين الطبقات وهذا يظهر في المجتمع الرأسمالي من خلال الصراع بين الطبقة البرجوازية وبين طبقة العمال، في حين يرى هذا الاتجاه  اختفاء الجريمة في المجتمع الاشتراكي : انظر : يسر انور علي وامال عثمان، الوجيز في علم الاجرام وعلم العقاب، القاهرة 1987، ص 189.

[65] – د. امام حسانين خليل، مصدر سابق، ص 133—134

– حسن محمد طوالبة : العنف والارهاب في المنظور السياسي الديني” مصر والجزائر “- رسالة ماجستير مقدمة الى معهد القائد المؤسس للدراسات القومية والاشتراكية العليا – الجامعة المستنصرية،1998، ص 33.

[66] – انظر فيما يتعلق بالعوامل الوجدانية : د. امام حسانين خليل، مصدر سابق، ص 134-135.

[67] – عبد الناصر حريز، مصدر سابق، النظام السياسي الارهابي الاسرائيلي،  ص 69.

[68] – انظر فيما يتعلق بالأسباب السياسية إلى المصادر التالية :- د. عصام صادق رمضان : الأبعاد القانونية للإرهاب الدولي، مجلة السياسة الدولية، العدد 85 يوليو 1986.

– Leonard B. Weinberg and Paul B. Davis op. Cit., p43

– عبد الناصر حريز، مصدر سابق، النظام السياسي الإرهابي الإسرائيلي، ص 69.

– ورقة العمل المقدمة من كل من تونس و الجزائر وسورية وإيران ويوغسلافيا وبربادوس وبنما وزائير وفنزويلا ونيجيريا وزامبيا إلى اللجنة الخاصة بموضوع الإرهاب الدولي، 1979، مصدر سابق، ص20-21

[69]– انظر : – د. امام حسانين خليل، مصدر سابق، ص 142.

– الورقة المقدمة من قطر الى اللجنة الخاصة، مصدر سابق، ص14-15.

[70] الفقرة (2) من المادة (5).

[71] د. برهان حماد : تقرير الوفد الدائم لجامعة الدول العربية في الامم المتحدة، ص 40-45.

[72] نعمة علي حسين، مصدر سابق، ص83-84.

[73] الفقرة (3) من القرار.

[74] الفقرة (16).

[75] وثيقة مجلس الامن S/23500.

[76] خلال جلسته (3915).

[77] خلال جلسته (4385).

[78] الفقرة (1).

[79] الفقرة (2).

[80] الفقرة (3).

[81] الفقرة (6).

[82] انظر: الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الدورة الرابعة والثلاثون، الملحق(23).

[83] ففي نطاق جامعة الدول العربية، انشئت المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة، كمنظمة متخصصة عاملة، حيث اسست بناءً على اتفاقية عقدت بين الدول الاعضاء في الجامعة العربية واكتملت المصادقة عليها عام 1965، وتنص الاتفاقية على ان الغرض من انشاء المنظمة هو توثيق التعاون بين الدول الاعضاء بهدف الوقاية من الجريمة ومكافحتها ومعالجة اثارها وذلك في المجالات التشريعية والقضائية والشرطوية، “المادة (1) من الاتفاقية”. وتتفرع عن المنظمة ثلاثة مكاتب وهي : المكتب العربي لمكافحة الجريمة ومقره بغداد والمكتب العربي لشؤون المخدرات ومقره عمان والمكتب الثالث هو المكتب العربي للشرطة الجنائية ومقره دمشق، ويساهم هذا المكتب في مجال مكافحة الارهاب الدولي، حيث يقوم بتأمين التعاون بين أجهزة الشرطة في الدول الأعضاء في مجال مكافحة الجريمة وتعقب المجرمين واستردادهم في حدود القوانين والانظمة المعمول بها في كل دولة من الدول الاعضاء. كما لدى المكتب ارشيف بالمعلومات الخاصة بالمجرمين والمطلوبين والمشبوهين في كافة الدول العربية، ويقوم المكتب بتوثيق التعاون مع منظمة الانتربول لتتبع المجرمين الاجانب لدى وصولهم اراضي الدول العربية، كما انشئ في نطاق المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي في مجلس الوزراء الداخلية العرب، وتتلخص مهامه في السعي لتنفيذ وتوثيق التعاون العربي في مجال الامن ومكافحة الجريمة كهدف قومي ورسم سياسة جنائية وامنية عربية، وتشجيع الدراسات التحليلية للوضع الامني ومكافحة الجريمة في الوطن العربي وصيانة وتامين وحماية الثروات القومية في صورها المادية والحضارية والعمل على تطوير القوانين المتعلقة بالمجرم والجريمة “المادة (2) من نظام مجلس وزراء الداخلية العرب “. للمزيد بشأن هذا الموضوع، راجع:

  • عبد الحسين سعيد عداي : منظمة الانتربول ودورها في تعقيب المجرمين واستردادهم، رسالة ماجستير، كلية القانون والسياسة،1983، ص394-419.
  • نعمة علي حسين، مصدر سابق، ص 69.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى