قضايا راهنة

هل سيؤثر تولي الأصوليين الحكم في إيران على سياستها والملف النووي؟

أسفرت انتخابات الرئاسة الإيرانية التي جرت في 18 حزيران/يونيو الجاري، عن فوز المترشح الأصولي إبراهيم رئيسي بنسبة 48,8% من قرابة 60 مليون إيراني ممن يحق لهم الانتخاب، وذلك بحسب ما أعلن عنه وزير الداخلية الإيراني “عبد الرضا فضلي” في اليوم التالي من إجراء الانتخابات، وهي انتخابات يصفها الكثير من الشعب الإيراني بأنها “انتخابات مهينة تمت هندستها”، وذلك بسبب خلوها من أية منافسة حقيقية، لا سيما بعد استبعاد الإصلاحيين من قبل مجلس تشخيص مصلحة النظام، الذي يسيطر عليه المتشددون، والذي يمتلك القرار الفاصل في تحديد مدى أهلية المترشحين.

وتعتبر هذه النسبة – التي حصل عليها “رئيسي” – هي الأقل في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ نشأتها في عام 1979، حيث كانت أدنى نسبة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية عام 1993، في فترة رئاسة أكبر هاشمي رفسنجاني، وبلغت 50,66%.[1]

ولعلّ اللافت في هذه الانتخابات، هو نسبة الأصوات الباطلة، والتي بلغت 3.7 مليون صوتاً، وهي عبارة عن أوراق بيضاء قدمها الناخبون للإدلاء بأصواتهم، لكونهم موظفين في الدوائر الحكومية، ويخشون من الملاحقات الأمنية.

تأتي هذه الانتخابات في ظل ظروف عصيبة تعيشها إيران في الداخل، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، والتداعيات الكبيرة التي تركتها جائحة كورونا في البلاد، وضعف حكومة الرئيس حسن روحاني في التصدي لها ومعالجتها، وحالة الاحتقان الشعبي الكبيرة ضد ممارسات النظام الإيراني، الذي يقوم على أسس دينية متشددة، تقمع كل ميل إلى التحرر والإصلاح، ولا يولي أدنى اهتمام بحال المواطنين الإيرانيين؛ وما عزّز هذه الحالة لدى شرائح واسعة من المجتمع الإيراني، هو القمع الدموي الذي تعرّض له المحتجون في انتفاضة البنزين أواخر 2019، وإسقاط الحرس الثوري الطائرة الأوكرانية، التي قضى فيها عشرات الطلاب الإيرانيين، وتهرب النظام الحاكم في إيران من مسؤولياته تجاه هذه الحادثة؛ إضافةً إلى مشكلة الملف النووي، الذي زعزع الاقتصاد الإيراني، عقب انسحاب الولايات المتحدة منه في أيار 2018.

ما أهمية انتخاب رئيسي في هذه المرحلة؟ 

على الرغم من أنّ الملفات الكبرى والاستراتيجية هي في يد المرشد الأعلى علي خامنئي شخصياً، إلا أنّ وصول رئيس متشدد ومتماهٍ مع جوهر فكر ولاية الفقيه، سيعزّز من قبضة التيار المحافظ الذي يمثله خامنئي، ويغلق الباب أمام أية اجتهادات تختلف عن رؤيته، لا سيما في الملف النووي والتعامل مع الداخل. كما يفسح المجال أمام المحافظين لفرض رؤيتهم داخل مؤسسات الحكومة، التي كانت تحظى بهامش من التباين مع رؤية المرشد في عهد الإصلاحيين؛ وإن كانت تفتقد إلى التأثير، ولا تتجاوز إطار التنديدات والتصريحات، كما حدث إبان قمع احتجاجات البنزين، حيث ندّد العديد من البرلمانيين بالممارسات القمعية من قبل القوى الأمنية الإيرانية بحق المتظاهرين.

لقد تم التمهيد لتعزيز قبضة المتشددين على جميع مفاصل الحكم في إيران، وذلك من خلال سيطرتهم على السلطات الثلاث في البلاد؛ وبالتالي الاتحاد الكامل بين مؤسسات الحكومة، والمؤسسات الموازية التي تديرها الدولة العميقة بقيادة المرشد، والحرس الثوري، والمؤسسة الدينية؛ والتي لها القرار الفاصل في المسائل الحساسة الداخلية، وفي رسم الخطوط العريضة للسياسة الخارجية للبلاد، وهذا ما كشفته المحادثة المسرّبة لجواد ظريف في حواره مع أحد مستشاري الرئيس حسن روحاني، حيث بيّن الدور الرئيسي للحرس الثوري في رسم السياسة الخارجية، ولا سيما الجنرال الراحل قاسم سليماني. وما عزّز هذا الميل لدى المرشد، هو تصاعد حدّة المظاهرات المتتالية التي شهدتها إيران، بدءاً من الحركة الخضراء عام 2009، وصولاً لاحتجاجات البنزين في 2019.

يبدو أنّ المرحلة الراهنة، التي تعيشها الجمهورية الإسلامية من وجهة نظر المرشد، هي بحاجة إلى انتهاج التصعيد حتى أعلى المستويات في مواجهة التصعيد الأمريكي؛ الذي يهدف إلى إعادة صياغة الاتفاق النووي، ومحاولة سدّ الثغرات الموجودة فيه، منذ عهد أوباما؛ وتحجيم دور إيران في المنطقة، وبرنامجها الصاروخي والفضائي، الذي بات يثير قلق المجتمع الدولي بشكل عام، وحلفاء أمريكا على وجه الخصوص، لا سيما دول الخليج وإسرائيل.

وعليه، فإنّ تعيين إبراهيم رئيسي، المدرج على قوائم العقوبات الأمريكية والأوروبية، والذي يعتبره الإيرانيون صاحب سجل أسود في ملف حقوق الإنسان، والمسؤول عن إعدام آلاف المعارضين والسجناء السياسيين عقب انتصار الثورة الإسلامية، يحمل عدة رسائل تصعيدية على مختلف الأصعدة. فمن جهة يعتبر ذلك بمثابة رد تصعيدي على العقوبات المفروضة على إيران، نتيجة الانتهاكات التي ترتكبها في ملف حقوق الإنسان، كما تعتبر رسالة إلى الداخل الإيراني أيضاً، وتهديداً مبطناً للشعب، الذي ما تزال جمرة توقه إلى الحرية، والانعتاق من النظام الإسلامي متوقدة تحت الرماد.

من جهة أخرى، يحمل تولّي رئيسي” منصب الرئاسة” في إيران دلالة على استمرار دعم إيران للميليشيات التابعة لها في دول الإقليم، وخلق حالة من الثقة والأمان لديها، لا سيما أنّ رئيسي كان يدير عام 2016 “العتبة الرضوية” في مدينة مشهد، وهي تعتبر أحد أغنى المنظمات الدينية في العالم الإسلامي، وتبلغ ميزانيتها مليارات الدولارات، وهي ذات دور بارز في تحشيد الأفراد، والجماعات، والتيارات الأصولية الموالية لنظام الجمهورية الإسلامية، وتقديم الدعم المالي واللوجستي الكبير لها. [2]

الموقف من محادثات فيينا

على الرغم من أنّ موقف المتشددين في إيران كان منذ البداية معارضاً لإبرام أي اتفاقات مع الغرب والولايات المتحدة، لعدم ثقتها بهذه القوى من جهة، وكي لا يسجّل التوصل لاتفاق نجاحاً للإصلاحيين من جهة أخرى، إلّا أنّ البراغماتية السياسية التي يتمتع بها النظام الإيراني ستجعله يتابع التوصل إلى اتفاق في هذا الملف، لتعزيز قوته وإنقاذ البلاد من خطر التداعيات الكبيرة والجمود الاقتصادي الناجم عن العقوبات القصوى المفروضة من قبل إدارة ترامب؛ لكن الاتفاق لا يعني بالضرورة امتثال إيران لكافة الشروط المفروضة عليها من قبل الإدارة الأمريكية السابقة.
فإيران ترفض بالمطلق إعادة صياغة الاتفاق، وإدراج بنود جديدة تعتبرها لا تمت إلى الاتفاقية المبرمة في عهد إدارة أوباما، ومن أهم هذه البنود: ملف الصواريخ الباليستية، وتدخّل إيران في الإقليم، وإشراك حلفاء أمريكا الإقليميين في الاتفاقية الجديدة، لا سيما إسرائيل والسعودية، والامتناع عن رفع جميع العقوبات المفروضة على إيران، والاكتفاء برفع جزء منها، وهي المتعلقة بالاقتصاد الإيراني، كالقطاعات النفطية والمصرفية، والشحن البحري.

تسعى إيران إلى حمل الولايات المتحدة على رفع أكبر قدر من العقوبات، والتي تتجاوز المسائل الاقتصادية، إلى العقوبات المفروضة على بيت المرشد، وأقاربه، وعشرات الأشخاص من حوله[3]. إضافةً إلى مطالبتها بشطب الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأمريكية، وكتابة الولايات المتحدة تعهداً خطياً لضمان عدم خروجها مرّة أخرى من الاتفاق النووي، وهذا الطلب يقابله صعوبات كبيرة في الحصول على موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي حياله. [4]

في هذا الصدد، أكّد المبعوث الأمريكي الخاص إلى إيران، روبرت مالي، إنه لا يتعيّن على الولايات المتحدة رفع جميع العقوبات التي فُرضت على إيران خلال فترة الرئيس ترامب، وأنّها على استعداد لترك المحادثات، في حال لم يخدم الاتفاق مصالحها الرئيسية. وبيّن أنّ تولي إبراهيم رئيسي سدّة الحكم في إيران، لن يؤثر على سير مباحثات الاتفاق النووي، وأنه بحسب تقييماتهم لا يوجد فرق بين من سيتولى الحكم في إيران، لأنهم لا يثقون بأحد منهم، والمسألة الأهم بالنسبة لهم هو التوصل لاتفاق، من شأنه إبعاد خطر حصول إيران على القنبلة النووية.[5]

في أول مؤتمر صحفي له، والذي جرى يوم الإثنين 21 حزيران/يونيو الجاري، أكّد الرئيس الإيراني المنتخب، على التزامه بالاتفاق النووي في حال التزم الجانب الأمريكي برفع العقوبات، وبيّن أنّ إيران لا تعارض التوصل لاتفاق في هذا الملف، لكنّه شدّد أيضاً على عدم القبول بإدراج ملف الصواريخ الباليستية، ودعم حلفاء إيران في الإقليم، ضمن الاتفاقية.[6]

إذن، يبدو أنّ التصعيد الذي انتهجته إيران في تخفيض التزاماتها النووية، وإيصال نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60%، وإعلانها إلغاء البروتوكول الإضافي الذي يقضي بمنع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلى المنشآت النووية، وإغلاق كاميرات المراقبة فيها، وعدم تزويد الوكالة بأشرطة الفيديو التي ترصد الأنشطة داخل هذه المنشآت، واستخدام أجهزة طرد مركزية لتخصيب اليورانيوم من نوع متطور، إضافةً إلى تفعيل مفاعل آراك للماء الثقيل، كلّ ذلك يشكل مصدر قلق للدول الموقعة على الاتفاق، ويحملها على ضرورة إيلاء الأولوية للتوصل إلى اتفاق في الملف النووي، وإطالة أمد وصول إيران إلى القنبلة النووية، وهذا ما أكده أيضاً وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، حينما قال: “إنّ مصلحتنا الوطنية تملي علينا إعادة برنامج إيران النووي إلى الصندوق الذي كان فيه”.

فالإدارة الأمريكية الجديدة تدرك جيداً مدى خطورة امتلاك السلاح النووي، وتأثير ذلك على أمنها وأمن حلفائها في المنطقة، وما سينجم عنه من سباق للتسلح النووي، وهي ستبذل قصارى جهدها في السيطرة على هذا التهديد الكبير، وإعادة وضعه تحت العين الفاحصة للمجتمع الدولي كما كان في 2015.

ويعتقد خبراء، ومن بينهم جو سيرينسيون، كبير الباحثين في معهد كوينسي، أنّ الإدارة الأمريكية ستسعى للعودة إلى الاتفاق النووي الذي تعتبره التهديد الأول، وبعد احتوائه ستبدأ بخوض محادثات تتعلق بباقي القضايا، مثل برنامج إيران الصاروخي وتدخلاتها في الإقليم.[7]

على أية حال، مادامت الولايات المتحدة تستبعد الخيار العسكري ضدّ إيران، نظراً لإدراكها خطورة ما سينجم عن مثل هكذا خيار، واحتمالية نشوب حرب واسعة النطاق تشمل الإقليم بأسره. لذا، فإنّ الولايات المتحدة ستركّز على التوصل لاتفاق بالطرق الدبلوماسية،[8] ولو أنّ المستجدات باتت تشير إلى اشتداد العقبات أمام التوصل إلى تفاهم، سيّما بعد عدم تمديد إيران الاتفاق المؤقت مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي انتهى يوم الخميس الفائت، وهو الاتفاق الذي كان بموجبه يتم السماح للوكالة بالوصول إلى معلومات حول المنشآت النووية؛ الأمر الذي سيعرّض المفاوضات للخطر بحسب دبلوماسيين غربيين.

الموقف الإسرائيلي من سير الأحداث

أثار تولي إبراهيم رئيسي للسلطة التنفيذية في إيران مخاوف إسرائيل، نظراً لأنها تعتبره أكثر الرؤساء الإيرانيين تطرفاً حتى الآن، ونتيجة لموقفه الداعم لامتلاك إيران للسلاح النووي، وتأييده المطلق لنشاط إيران في الإقليم، والذي يستهدف إسرائيل بالدرجة الأولى، من خلال الميليشيات التي تواظب إيران على توسيع مناطق سيطرتها في الإقليم، ودعمها بالصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة الحديثة، وبالتالي تشكل تهديداً دائماً لإسرائيل.

على الرغم من أنّ إسرائيل هي طرف خارج الاتفاق النووي، وترفض إيران بشدة ضمّها إلى أي اتفاق جديد، لكنها تبقى طرفاً فاعلاً بقوة في ملف إيران النووي، وهي تكرّس جميع طاقاتها للحيلولة دون وصول إيران إلى امتلاك القنبلة النووية، نظراً لأنّها ستكون الطرف الأكثر تضرراً في حال حدوث ذلك.

لذلك نجد أنّ إسرائيل تكثف من تصدّيها لمشروع إيران النووي، من خلال قدراتها الاستخباراتية في الداخل الإيراني، و”اختراقها قلب النظام الإيراني” بحسب تعبير رئيس الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين في مراسم توديعه لمنصبه[9]. كما ينسب إلى الموساد أيضاً، تصفية أب المشروع النووي الإيراني “فخري زادة” وعلماء نوويين آخرين، ووقوفه وراء سلسلة التفجيرات والهجمات الغامضة التي تعرضت لها المنشآت الحيوية والمواقع النووية الحساسة في إيران، والتي كان آخرها يوم الأربعاء الفائت، حيث استهدفت طائرة مسيّرة صغيرة، المؤسسة الإيرانية لتكنولوجيا الطرد المركزي قرب العاصمة طهران، وألحقت أضراراً جسيمة بها، وكانت هذه المؤسسة من ضمن الأهداف التي حدّدتها إسرائيل لإدارة الرئيس ترامب في أوائل عام 2020.[10]، ولعل اللافت في هذا الاستهداف، هو ترجيح إقلاع الطائرة المسيرة التي استهدفت المبنى من داخل إيران، ومن “نقطة غير بعيدة عن موقع الهجوم” وذلك بحسب ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز[11]، وإن صحّ هذا الترجيح، فإنّه يكشف عن مدى تغلغل إسرائيل داخل أكثر المراكز والنقاط حساسيةً في إيران.

تجلّى التصميم الإسرائيلي على التصدي لمشروع إيران في المنطقة، في استهداف المواقع الإيرانية بشكل مكثف داخل الأراضي السورية، والسعي لتوسيع نطاق اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية في سبيل تشكيل تحالف إقليمي يحدّ من السيطرة الإيرانية في الدول المحيطة بإسرائيل، وتهديد أمنها، لكن يبدو أنّ إيران أيضاً لديها أوراق لعرقلة تشكيل مثل هذا التحالف، ويمكن اعتبار إشعال فتيل الأزمة بين حماس وإسرائيل في أيار/ مايو من العام الجاري، وإثارة مشاعر الشعب العربي تجاه القضية الفلسطينية وتأليبه ضد إسرائيل، إحدى أوراق إيران لعرقلة مسير “اتفاقيات إبراهيم” للسلام.

ثمة مؤشرات تدلُّ على وجود تباينات في الرؤى بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فيما يتعلق بالعودة إلى الاتفاق النووي، فإسرائيل كانت دائمة الاعتراض على هذا الاتفاق، منذ توقيعه في فترة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، وكانت تهدّد باستمرار بشن ضربات استباقية على المنشآت النووية الإيرانية، والتي لن تكون ذات جدوى بحسب المعطيات التي تبيّن مدى حصانة هذه المواقع، وخطر اندلاع حرب مجهولة النتائج في الإقليم، فضلاً عن وجود خطر أهم، وهو دفع إيران للانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، التي وقعتها في فترة حكم الشاه محمد رضا بهلوي عام 1968، نظراً لأنّ أحد بنود هذه المعاهدة تسمح لإيران بالانسحاب منها بشكل رسمي في حال تعرّض أمنها  القومي لخطر خارجي؛ الأمر الذي يجعلها تمارس أنشطتها النووية بحرية وتعمل على تطويرها بشكل سري، بعيداً عن أنظار المجتمع الدولي، وبالتالي تصبح إيران بمثابة كوريا شمالية أخرى.[12]

لكن، رغم كل الاختلافات التكتيكية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فيما يتعلق بالخطر الإيراني، هناك لقاءات مكثفة جرت بين المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين، للتأكيد على أهمية العلاقة بين بلديهما، واشتراكهما في هدف جوهري، وهو منع وصول إيران إلى السلاح النووي، وتحجيم دورها في الإقليم. فبعد سلسلة لقاءات أجراها رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي “آفيف كوخافي” مع قيادات الجيش الأمريكي، ومسؤولين بارزين في معاهد الأبحاث وأصحاب النفوذ في الرأي العام، بيّن كوخافي أنّ التعاون العسكري بين الجيش الإسرائيلي والأمريكي وصل إلى مرحلة نوعية واستثنائية في التنسيق لمواجهة التحدي المشترك لهم في المنطقة، وهو إيران[13].

وفي هذا السياق، اتفقت أمريكا وإسرائيل، الشهر الفائت، على تشكيل لجنة خاصة لمواجهة التهديدات المتصاعدة للطائرات المسيّرة والصواريخ الموجّهة التي تزوّد بها إيران الجماعات الموالية لها، وقدّمت إسرائيل خلال هذه المباحثات مقترحاً لإنشاء منطقة حظر جوّي لمنع هجمات الطائرات المسيّرة الإيرانية.[14]

ضرورة التوصل إلى حلّ    

تحتّم الضرورة على إيران والولايات المتحدة، العودة إلى إحياء الاتفاق النووي لسببين اثنين:

1- التيار المحافظ في إيران، وعلى الرغم من موقفه المتطرف تجاه الغرب والولايات المتحدة، سيكون التوصل إلى اتفاق بمثابة نجاح له في نزع فتيل الأزمة، ورفع العقوبات عن إيران، ومحاولةً منه لإقناع الداخل الإيراني بمدى أهمية هذا التيار – الذي يشكّل بنية نظام الجمهورية الإسلامية – في حلحلة أمور البلاد، وتنشيط اقتصادها، وإعادتها إلى مسار الدبلوماسية العالمية، إضافةً إلى دعم مشاريع تسلحها، وطمأنة الجماعات الموالية، وتعزيز قناعاتهم وولائهم لإيران، والحصول على سيولة مالية لاستمرار تمويل هذه الجماعات.

2- الولايات المتحدة يهمها التوصل إلى تفاهم مع إيران، لضمان عدم امتلاك إيران السلاح النووي من جهة، ومن جهة أخرى ليكون هذا التفاهم بدايةً لتفاهمات أخرى حول الأنشطة العسكرية الإيرانية الأخرى، والتي تنطوي أيضاً على خطورة كبيرة في المنطقة، وليكون ذلك خطوة للتقرب من إيران، على حساب علاقة الأخيرة مع روسيا والصين، اللتين تتحالف معهما إيران في محور مناهض للولايات المتحدة.

وختاماً، يمكننا القول إنّ الوصول إلى هذا الاتفاق، لن يكون خالياً من العقبات، ومن التصعيد الذي سينتقل بين الحين والآخر من طاولة المفاوضات إلى تصعيد على الأرض، ولعلّ القصف الأمريكي الأخير لمواقع الميليشيات الإيرانية في العراق وسوريا، وردّ الأخيرة بقصف القاعدة الأمريكية قرب حقل العمر النفطي في دير الزور، هو بداية لهذا التصعيد الذي سيتم بشكل مدروس وحذر، وعلى نطاق محدود من قبل كل طرف، في سبيل دفع الآخر إلى الامتثال لشروطه في المفاوضات، التي يُرجّح أن تنتهي في نهاية المطاف بإضافة بنود تقنية للاتفاق، من شأنها الإبقاء على البرنامج النووي الإيراني عند الحدّ السلمي لفترة زمنية أطول.

……………………………………………………………………….

المراجع:

[1]  الانتخابات الرئاسية- إيران إنترناشينال- 19 حزيران 2021- استرجع بتاريخ 23 حزيران 2021

https://cutt.us/g8X5E

[2] العتبة الرضوية- علي رجب- 9 كانون الأول- استرجع بناريخ 24 حزيران 2021

https://cutt.us/5HBgf

[3] العقوبات المفروضة على بيت المرشد- إيران إنترناشينال- 20 حزيران 2021- استرجع بتاريخ 24 حزيران 2021
https://cutt.us/A7klR

[4] ايران خواستار تعهد كتبى آمريكا شد- RFI- 20 حزيران 2021- استرجع بتاريخ 24 حزيران 2021

https://cutt.us/2JWy4

[5] رابرت مالى- همه تحريم هاى ترامپ لغو نخواهد شد- العربیه فارسی- 26 حزیران 2021- استرجع بتاریخ 26 حزیران 2021
https://cutt.us/eCe7Z

[6] رئيسى- راديو فردا- 21 حزيران 2021- استرجع بتاريخ 24 حزيران 2021
https://cutt.us/1kYI3

[7] جو سيرينسيون- إيران وأمريكا ومصير الاتفاق النووي- مركز الفرات للدراسات- 23 شباط 2021- استرجع بتاريخ 26 حزيران 2021 https://firatn.com/?p=2519

[8]  قرار إيران النهائي بشأن الاتفاق النووي سيتخذه المرشد- إيران إنترناشينال- 21 حزيران 2021- استرجع بتاريخ 26 حزيران 2021
https://cutt.us/RbHq5

[9] رئيس الموساد الإسرائيلي في مراسم توديعه لمنصبه- إيران إنترناشينال- 10 حزيران 2021- استرجع بتاريخ 26 حزيران 2021

https://cutt.us/UVlQP

[10]  رسانه هاى اسرائيلى: حمله ى پهپادی کوچک به انرژی اتمی در کرج- RFI- 24 حزيران 2021- استرجع بتاريخ 24 حزيران 2021

https://cutt.us/BYy8u

[11] الطائرة المسيرة التي هاجمت مبنى منظمة الطاقة الذرية الإيرانية- إيران إنترناشينال- 24 حزيران 2021- استرجع بتاريخ 28 حزيران 2021

https://cutt.us/pvrQ5

[12] لماذا لا تجرؤ إسرائيل على ضرب المنشآت النووية الإيرانية-نعرف- 11 آذار 2021- استرجع بتاريخ 28 آذار 2021
https://cutt.us/60bRn

[13] كوخافي: إيران هدف مشترك للجيشين الإسرائيلي والأمريكي- العين- 22 حزيران 2021- استرجع بتاريخ 28 حزيران 2021

https://cutt.us/Iu8Jb

[14] إسرائيل به أمريكا پیشنهاد داد برای پهپادهای ایرانی منطقه پرواز ممنوع ایجاد شود- راديو زمانه- 24 حزيران 2021- استرجع بتاريخ 28 حزيران 2021

https://cutt.us/kMWeY

زر الذهاب إلى الأعلى