
تركيا والأزمة السورية.. بين دعم التنظيمات المتطرفة وغزو الأراضي السورية
محاور الدراسة:
- مساعي تركيا لإيجاد موطأ قدم لها في الأراضي السورية دون التدخل عسكرياً:
- الخطوات التي أتبعتها تركيا، لغزو الأراضي السورية:
- بداية التدخل العسكري التركي في سوريا:
- اتفاقات تركيا مع روسيا والهدف منها:
- احتلال تركيا لعفرين وتحويلها لأكبر ساحات الصراع على الإطلاق:
- تركيا وأهدافها في إدلب:
- أسباب تعاون تركيا مع جبهة النصرة:
- كيف اثبتت تركيا أن أهدافها في المناطق التي دخلتها احتلالية، ولا علاقة لها بمزاعم مساندة الثورة السورية:
- أطماع تركيا في منبج وشرق الفرات واعلان واشنطن “الانسحاب من شرق الفرات”
تمهيد: يتوجب على كل متابع للأوضاع في الأزمة السورية معرفة الدور التركي في هذه الأزمة، فبدون معرفة هذا الدور لا يمكن للمرء أن يفهم الأسباب التي أدت إلى تدهور الأوضاع في سوريا وظهور كل هذه التنظيمات المتطرفة على الأرض، كما أن الدور التركي في سوريا مر بالعديد من المراحل، فهي بدأت بالتدخل من خلال دعم جماعات متطرفة دون التدخل العسكري ومن ثم بدأت تخطط للتدخل العسكري إلى جانب دعم تنظيمات متطرفة ومسلحين.
كما أدى التدخل التركي في الأزمة السورية إلى تدهور العلاقات بين أنقرة وواشنطن، إضافة لتوطيد العلاقات التركية الروسية.
وكان للتدخل التركي في سوريا دوراً في ترصيص صفوف مسلحي داعش، من خلال دعمها عسكرياً ولوجستياً وتنظيمياً، وهو ما تم تثبيته من خلال أدلة دامغة، أبرزتها صحف عدة وأكدتها أيضاً وسائل إعلامية واستخباراتية.
أهمية الدراسة: تكمن أهمية الدراسة في التعريف بالدور التركي في الأزمة السورية، والتي أثرت سلباً وعلى جميع الجوانب على سوريا، كما أن دور تركيا في دعم المتطرفين لا يمكن إخفاءه من خلال إثباتات عدة قدمتها مصادر موثوقة، إضافة لتسجيلات أبرزتها العديد من الوسائل الإعلامية.
أهداف الدراسة: بالطبع من أهم الأهداف التي نسعى الوصول إليها من خلال هذه الدراسات هي إبراز الانتهاكات التركية، ومساعيها لاقتطاع أراضٍ من الجغرافية السورية، كما نسعى لجمع أدلة كافية في هذه الدراسة عن أسباب دعم تركيا لمسلحين، تحت مسمى “المعارضة السورية” وأيضاً دعمها لداعش من خلال إثباتات عدة.
التعريفات الإجرائية للدراسة:
درع الفرات: هي فصائل تدعمها أنقرة، سلمت مناطق من الداخل السوري للنظام، بعد صفقات بين روسيا وتركيا، وانتقلت إلى شمال سوريا لمحاربة مشروع الإدارة الذاتية، وتتشكل من عدة مجموعات متطرفة منها “فرقة الحمزة، فيلق الشام، فرقة السلطان مراد، حركة نورالدين الزنكي، الجبهة الشامية، أحرار الشرقية”.
الاتفاقات التركية الروسية: اتفاقات عدة أبرمتها روسيا مع تركيا، تمت بموجبها انسحاب فصائل “المعارضة” من مناطق عدة، مقابل منح الأتراك من الجانب الروسي ضوء أخضر بغزو مناطق في الشمال السوري (هذا التعريف وصفه وسائل إعلام دولية وعربية).
المنطقة العازلة: هي مساحة معينة من أراضي دولة تحددها الأمم المتحدة أو أطراف دولية بغرض السيطرة عليها عسكرياً وفرض الحماية والوصاية الأمنية عليها تحت مسمى حماية السلم والأمن الدولي ومن ثم تحقيق أهداف عسكرية وسياسية انطلاقاً من هذه المنطقة العازلة.
المدخل
يتساءل العديد من المراقبين عن دور تركيا الدولة التي تحتل مساحات واسعة من الأراضي السورية، في ظل الازمة التي أطاحت بالبلاد.
فكيف تدخلت تركيا في الأزمة السورية، وما هي أهدافها، ومن هي الجماعات التي تحصل على دعم من هذه الدولة.
فمن المعروف لدى الجميع أن تركيا بدأت بـ “استنكار” ما سمته بعنف نظام بشار الأسد بسبب الاحتجاجات في يوليو 2011، وتدهورت علاقاتها مع النظام السوري، بعد تلك الردود، إضافة لإيوائها ما تسمى بالمعارضة، وفتح الطريق لهم للدخول إلى سوريا، كما زودتهم بحسب العديد من التقارير لوجستياً وعسكرياً اعتقاداً منها بأن تلك الاحتجاجات ستؤدي إلى اسقاط نظام الأسد.
وتقول العديد من التقارير أن تركيا فتحت أبواب حدودها لإدخال كل مَن يريد الالتحاق بـ “المعارضين”، سواء “المعتدل” منهم أو المتطرّفين.
مساعي تركيا لإيجاد موطأ قدم لها في الأراضي السورية دون التدخل عسكرياً:
بالرغم من عدم دخول تركيا بعساكرها إلى الأراضي السورية في بادئ الأمر إلا أنها حاولت بكل الامكانات، من خلال عدة خطوات لإيجاد موطأ قدم لها في المنطقة.
ونستعرض لكم من خلال هذه الدراسة تلك الخطوات بحسب تسلسلها الزمني.
ففي 1 يونيو/ حزيران من عام 2011 عقدت فصائل ما تسمى بالمعارضة مؤتمراً في مدينة أنطاليا برعاية تركية، تحت عنوان أعمال المؤتمر السوري للتغيير زعمت آنذاك أن المؤتمر يهدف لـ “صوغ خطة الإصلاح الديمقراطي في سوريا”.
وأعلنت السلطات التركية آنذاك أن جماعة الإخوان المسلمين حضرت المؤتمر، وهو ما أكده أيضاً القائمون على المؤتمر.
وجاء عقد مؤتمر انطاليا بعد اجتماع أول شارك فيه “معارضون” في اسطنبول في السادس والعشرين من نيسان/ابريل بدعوة من منظمات تركية تحت رعاية استخباراتية، لبحث مجريات الأحداث في سوريا.
بكل تأكيد فإن هذا المؤتمر (المؤتمر السوري للتغيير) عقد برعاية تركية، حيث أن الحكومة التركية كانت تعتقد بأن أيام حكومة الأسد معدودة، وأرادت أن تدخل في سوريا من خلال نقل الحكم من عائلة الأسد، إلى جماعة الاخوان المسلمين، المحظورة في سوريا، والتي تدعمها تركيا بكل وضوح حتى الآن.
فيديو للمؤتمر السوري للتغيير
وبالرغم من دعم تركيا لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا كما فعلت ذات الشيء في تونس، ومصر وليبيا، إلا أنها لم تعلن في ذاك العام عن نيتها من التوغل العسكري في سوريا، ففي تاريخ 9 نوفمبر/تشرين الثاني قال وزير الخارجية التركي آنذاك أحمد داود أوغلو إن بلاده لا تحبذ التدخل العسكري في سوريا، لكنها مستعدة لكل السيناريوهات، بما في ذلك إقامة منطقة عازلة على الحدود.
ومع مطلع عام 2012 بدأ سجال حاد بين النظام التركي والسوري، ففي تاريخ 26 آذار بدأت تركيا بإغلاق سفارتها في العاصمة دمشق، وزعمت أن اغلاق السفارة كانت نتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة، إلا أنها كشفت في وقت لاحق قطع كامل علاقاتها مع النظام السوري، وأعلنت مساندتها لمسلحين تحت مسمى المعارضة.
وفي شهر آب من ذات العام دعت تركيا لإنشاء منطقة عازلة داخل سوريا، لإيواء اللاجئين، حيث قالت أن تركيا استقبلت عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين، ومن هنا وبحسب العديد من المراقبين بدأ سيناريو الأطماع التركية ضمن الأراضي السورية، وبكل تأكيد وبالنظر إلى مصطلح منطقة آمنة بالمنظور الدولي، فأن هذه الخطوة تعني فرض حظر جوي على المنطقة إضافة لتدخل عسكري، وهو ما لم يتحقق آنذاك نظراً لصعوبة تحقيق الأمر.
وفي ذات العام وافق البرلمان التركي على التوغل العسكري التركي في سوريا بحجة حماية أمنها القومي، كما اعترفت بـ “الائتلاف” كممثل رسمي للشعب السوري.
الخطوات التي أتبعتها تركيا، لغزو الأراضي السورية
وشهدت تلك الفترة العديد من الانتهاكات التركية بحق أبناء الشعب السوري، فقد استغلت العديد من الجوانب تحضيراً للتدخل في سوريا، ونبرز لكم من خلال هذه الدراسة ثلاث خطوات قامت بها تركيا تحضيراً لغزو سوريا:
الخطوة الأولى: هذه الخطوة تتطلب المزيد من الدراسة لكننا سنكتفي معكم بالقدر الذي نطرحه لكم.
فقد دعمت الحكومة التركية مسلحين للضغط على حكومة الأسد وإضعافها، واستغلت العامل الطائفي لكسب شعبية أبناء المناطق السنية، ويبرز نقاط دعم تركيا للمتشددين من خلال العديد من التفاصيل أبرزتها مصادر موثوقة عن دعم تركيا لداعش.
وتضمن الدعم التركي لداعش من خلال.
1 – دعمها بالسلاح: ففي يوليو 2014 على سبيل المثال قدّم رئيس بلدية ماردين آنذاك أحمد تورك إلى سفير الاتحاد الأوروبي في تركيا ومجموعة من الصحافيين، في جلسة عقدت في ماردين، تقريراً مفصلاً وموثقاً ومدعوماً بالأدلة الدامغة من صور واشرطة فيديو عن الدعم الرسمي الذي تقدمه تركيا لتنظيم “داعش”، ومنها تنقل أفراد منه يرتدون البزة العسكرية التركية، والآليات العسكرية التركية داخل البلاد، وكيف أن رئيس بلدية جيلان بينار، وهو من “حزب العدالة والتنمية”، يلتقي داخل أحد الخيم مقاتلين من مسلحي “داعش”.
محمد نورالدين وهو كاتب مختص في العلاقات التركية العربية كتب في مقالة له بجريدة السفير اللبنانية في يوليو 2014 “لم يعد السؤال هل أنقرة تدعم “داعش” أم لا، فهذا بات محسوماً، ومنذ زمن طويل. لكن السؤال هو لماذا تدعم تركيا، بقيادة “حزب العدالة والتنمية”، هذا التنظيم الخطير والعنيف، والذي لا ينسجم أبداً مع القيم التي يحملها الإسلام”.
https://www.youtube.com/watch?v=344-tC1rxR0
فيديو يظهر علاقة تركيا بداعش
فيديو نشره فضائية روناهي عن وثائق تثبت التورط التركي بدعم داعش
فيديو: عندما سمحت تركيا لداعش بالهجوم على كوباني من حدودها
2- دعمها تنظيماً: هذا وأكدت أيضاً مصادر موثوقة آنذاك أن تنظيم داعش الإرهابي وأثناء تشكله طلب من كل الذين يريدون الالتحاق بهم، أن يبقى قسم منهم في تركيا لينشؤوا نواةً مستقبلية من الممكن الاستفادة منها، وهو ما حصل بالفعل، فقد كان الإرهابيون ولا يزالون حتى الآن ورقة ضغط لتركيا تهدد بها بلدان العالم.
http://center-lcrc.com/index.php?s=news&id=14921
ومن أبرز النقاط الأخرى التي تؤكد دعم تركيا لمسلحي داعش أيضاً، هي أفراج داعش عن 49 رهينة تركية في مدينة موصل العراقية، فقد زعمت تركيا بأن عملية سرية أودت إلى الافراج عنهم، وأكدت تركيا أنها لم تدفع أي فدية مالية لداعش.
وكانت هذه العملية هي أول عملية تفاوض من قبل طرف معين مع مسلحي داعش، حيث أن المسلحين لم يتفاوضوا بشأن الرهائن مع أي جهة بل كانت تقدم على إعدام كل الرهائن التي بحوزتها” وكانت هذه العملية مصدر تساؤل لدى العديد من المراقبين.
وبالتأكيد فإن تركيا كانت ترغب في جعل مسلحي داعش، طرفاً قوياً على الأرض السورية، ولذلك فأنها لم تحاربهم على الإطلاق، وأهمل الأمن التركي ملاحقة أفراد التنظيم في البلاد، على قاعدة أن داعش لم يلحق أضرارا بتركيا وأن عدو عدوي صديقي.
ورفضت تركيا المشاركة في التحالف الدولي لضرب داعش سواء في سوريا أو العراق. وكانت تصريحات المسؤولين الأتراك تشكك دوماً في حقيقة تنظيم داعش ومن يقف وراءه.
وفي أغسطس 2015 استهدف مسحلي داعش مدينة سروج من خلال “انتحاري” وأودى الانفجار بحياة أكثر من 30 شاباً كردياً، ورغم ذلك اعتبر مسؤولين في الحكومة التركية أن التفجير استهدف الكرد انتقاما لكوباني ولم يستهدف تركيا، وأهمل الأمن التحقيق في الهجوم.
وتغير موقف تركيا من داعش فجأة، إذ انضمت للتحالف الدولي وفتحت له قواعدها العسكرية بحجة إطلاق داعشي النار على حرس الحدود وقتل جندي تركي، لكن أنقرة استغلت الأمر لتمرر هجماتها على مواقع لوحدات حماية الشعب، ولم ينل داعش من ضرباتها ضمن التحالف شيئا يذكر.
فيديو.. أنصار داعش يتجولون في أوتوبيس داخل تركيا
3- دعمها مادياً: بالرغم من ادعاء تركيا بمحاربة داعش ظهر فيما بعد النقيض تماماً، حيث بدأت تركيا بشراء النفط الخام من مسلحي داعش، حيث أصدرت وزارة الدفاع الروسية بداية شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 2015 أدلة تظهر أن معظم تجارة النفط غير المشروعة من قبل داعش يتجه إلى الأراضي التركية، حيث عرض نائب وزير الدفاع اناتولي أنطونوف في لقاء مع الصحفيين أشرطة فيديو فضلاً عن خرائط مفصلة تبرز الطرق التي يتم عبرها تهريب نفط داعش إلى تركيا.
وأوضحت الوزارة في مؤتمر صحفي عقدته في الـ2 ديسمبر/كانون الأول أن عائدات “داعش” من الاتجار غير الشرعي بالنفط كانت 3 ملايين دولار يومياً.
وقال أناتولي أنطونوف نائب وزير الدفاع الروسي في المؤتمر: “تعتبر العائدات من الاتجار بالنفط من أهم مصادر تمويل أنشطة الإرهابيين في سوريا. وتبلغ عائداتهم قرابة ملياري دولار سنويا، إذ يتم إنفاق هذه الأموال على تجنيد المرتزقة في أنحاء العالم كافة، وتسليحهم وتزويدهم بالمعدات. وهذا هو السبب وراء حرص تنظيم “داعش” على حماية البنية التحتية للإنتاج النفطي اللصوصي في سوريا والعراق”.
وشدد المسؤول العسكري الروسي على أن القيادة التركية العليا والرئيس رجب طيب أردوغان متورطون شخصياً في الاستخراج غير الشرعي للنفط السوري والعراقي وتهريبه إلى أراضي تركيا.
مشاهد من محاولة شاحنات نفط داعش إلى تركيا…. المصدر: الدفاع الروسية.
الخطوة الثانية:
أما النقطة الثانية تحضيراً للتدخل العسكري في سوريا فكانت ما يلي:
استغلت تركيا قضية اللاجئين السوريين، في المحافل الدولية، وحصلت على مبالغ مالية طائلة من الاتحاد الأوربي، ففي 29 نوفمبر عام 2015 على سبيل المثال وقع الاتحاد الأوربي اتفاقاً مع تركيا وعرضت عليها مبلغ 3 مليار دولار، مقابل وقف تدفق المهاجرين إلى أوربا، كما حصلت تركيا آنذاك بالإضافة للحوافز المالية على ما سموه بـ “حوافز سياسية”.
وبالتأكيد فإن استغلال قضية اللاجئين كانت من بين أهم أوراق الضغط التركية على الاتحاد الأوربي، وبالرغم من تقديم الاتحاد الأوربي لمبالغ مالية طائلة لتركيا، إلا أنها استغلت تلك الأموال ودعمت بها فصائل متشددة، وأرسلت شحنات عديدة من الأسلحة إلى سوريا، تحضيراً لتدخلها العسكري في سوريا.
الخطوة الثالثة
أعلنت تركيا أنها وبالتنسيق مع الولايات المتحدة بدأت بعملية تدريب مقاتلي ما تسمى بالمعارضة السورية “المعتدلة” على الأراضي التركية، وذلك تمهيدا لانخراطهم في القتال ضد داعش بحد زعم تركيا.
وكانت تركيا ترغب من تلك الخطوة إلى ضرب مشروع الإدارة الذاتية، بعد أن تبسط تلك القوات سيطرتها على مناطق في شمال سوريا، والتي كانت تحت سيطرة إرهابيي داعش.
وكشفت تلك القوات نواياها لواشنطن، وكشفت أيضاً نوايا الدولة التركية، بعد أن سلمت أسلحتها لمسلحي النصرة، وقال أعضاء جمهوريون في مجلس الشيوخ الأمريكي آنذاك خلال مناقشة برنامج تدريب وتسليح ما يسمى “المعارضة المعتدلة” في سورية أن هذا البرنامج ليس سوى “مهزلة وفاشل تماما”.
وبكل تأكيد وبحسب المعطيات على الأرض فإن تلك القوى كانت من أهم الخطوات بالنسبة لتركيا لتدخل في سوريا عسكرياً.
بداية التدخل العسكري التركي في سوريا:
تركيا بدأت تتحضر للدخول إلى سوريا عسكرياً بحسب العديد من التقارير منذ بداية عام 2014، وتم اصدار ملف صوتي في اليوتيوب لمناقشات بين مسؤولين اتراك حول الاستراتيجيات التركية السورية في الـ 27 من آذار عام 2014 ناقش المسؤولون عملية تؤدي إلى غزو سوريا و بالتالي تم حظر الفيديو في اليوتيوب في تركيا .
مصدر هذه المعلومة ويكيبيديا (فقرة خطط الغزو في عام 2014)
http://www.ortas.gov.sy/index.php?d=100244&id=145957
تفاصيل النقاشات التركية بقلم عبدالباري عطوان..
ومع بداية عام 2016 بدأت القوات التركية والتي تحتل الآن مساحات من الأراضي السورية بالتخطيط للتدخل في مناطق سوريا، ففي 14 كانون الثاني/ يناير زعمت القوات التركية أن قواتها قصفت مواقع لداعش في سوريا والعراق، إلا أن ذاك القصف بدا يتجلى تفاصيله بشكل أوضح، وتم التوصل للهدف من تلك الخطوة.
فتركيا أدركت أن قوات سوريا الديمقراطية باتت على أعتاب تحقيق انتصار كبير على الأرض، ضد مسلحي داعش، وأصبح حديث العالم وحديث الصحافة هو تضحيات أبناء الشمال السوري، فقصفت تركيا في تاريخ 19 شباط من العام ذاته وبالمدفعية الثقيلة مناطق لقوات سوريا الديمقراطية، وأقرت أن قوات سوريا الديمقراطية تشكل خطراً على أمنها القومي، وبدأت باستخدام كافة أوراقها للضغط على التحالف الدولي للاستغناء عن شراكتها مع قوات سوريا الديمقراطية.
وأعلنت تركيا في تلك الفترة بوضوح أنها ستتدخل في سوريا، لمحاربة داعش، ومحاربة قوات سوريا الديمقراطية، إلا ان العالم بأسره يعلم بشكل جيد أن هدف تركيا هو الكرد فحسب، وأن داعش لم تشكل لها تهديداً على الأطلاق بل أن الجميع يدرك بأن تركيا هي الداعمة الرئيسية حتى الآن لداعش، وتجلى هذا الدعم من خلال العديد من المواقف التي ذكرناها.
وبدأ الغزو التركي في شهر آب عام 2016 في مدينة جرابلس، و”توغلت تركيا” في غضون ساعتين إلى قلب المدينة، بالرغم من تواجد أكثر من 20 ألف عنصر من مسلحي داعش في المدينة، ومئات الجرحى من داعش، الذين جرحوا إثر معارك طاحنة قادتها قوات سوريا الديمقراطية بالتنسيق مع التحالف الدولي في منبج والتي أسفرت عن تحرير المدينة في 12 آب 2016.
وقال الصحفي في وكالة أنباء هاوار أكرم بركات في مقالة له “الكثيرون يسألون، أين ذهب 20 ألف مرتزق، أين جثثهم”.
إذاً احتلال تركيا لجرابلس كانت عملية لتبديل الألبسة لا أكثر، فعضو الكونغرس الأمريكي عن الحزب الجمهوري وعضو لجنة العلاقات الخارجية للكونغرس توماس غاريت، أثناء خطابه أمام جلسة للكونغرس الأمريكي في 19 كانون الأول أوضح بالقول “إحدى القصص التي سمعتها هي كيفية دخول الجيش التركي إلى جرابلس بذريعة محاربة داعش والقضاء عليه، قام الدواعش بتغيير ملابسهم العسكرية فقط، والآن يعملون في تركيا ومع تركيا تحت ملابس عسكرية أخرى ومسميات أخرى”.
وقال العديد من المحللين في صحف عربية عدة أن تركيا أيقنت بأن قوات سوريا الديمقراطية ستتوجه إلى جرابلس والباب وغيرها من المناطق لذا بدأت بخطة الغزو قبل أوانها.
واستمرت سلسلة العمليات التركية في مناطق أخرى من الشمال السوري، بعد أن فشل المسلحين المدعومين من قبلها “سواءً المعارضة أو داعش” في تحقيق مرادها لتصبح تركيا تسيطر على مساحات واسعة من الأراضي السورية، متمثلةً بمناطق جرابلس، الباب، وأعزاز، وبعدها كانت عفرين المنطقة الآمنة التي تحولت بعد الاحتلال التركي لأكبر ساحات الصراع بين المسلحين المدعومين تركياً”.
وعلى خلاف ما روجه العديد من المسلحين التابعين للاحتلال التركي، بأن تركيا تهدف لمساندة “الثورة السورية”، وأن أهدافها ليست احتلالية، اكد في أكثر من مرة، محللين سياسيين مقربين من رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، أن مناطق جرابلس، الباب، وأعزاز ومنبج هي مناطق أجدادهم، وسيعيدون ضمها إلى تركيا.
اتفاقات تركيا مع روسيا والهدف منها:
بالتأكيد فإن دخول تركيا عسكرياً إلى سوريا لم يأتِ بدون تحضيرات فهي التجأت إلى الاتفاق مع روسيا، لتحقيق مصالحها لأنها أدركت أنها لا تستطيع أن تسير وحيدة، فهي بحسب المعطيات التي نجدها على الأراض تركت كل أمر يتعلق بـ “الثورة السورية” والتجأت إلى تحقيق سياساتها الاحتلالية فدخول الاحتلال التركي إلى مناطق جرابلس والباب وأعزاز تزامن مع حصار حلب من جانب النظام السوري، إذاً هل هذه الخطوة صدفة أم كانت عبارة عن اتفاقية روسية تركية.
فبتاريخ 5 أيلول 2016 أعلن رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، “تأمين” 91 كم من مساحة الشريط الحدودي السوري-التركي، وتزامن ذلك مع إعادة قوات النظام السوري حصار مدينة حلب.
وقال ناشطون سوريون أن من بين الأسباب التي أدت إلى خسارة حلب، هي توجه فصائل ما تسمى بالمعارضة للقتال في صفوف درع الفرات، وأكد أيضاً الناشطون أن تزامن معركة “درع الفرات” مع معركة حلب، كانت نتيجة صفقة تركية روسية.
صحيفة الشرق الأوسط اللندنية نقلت عن إسماعيل حقي تكين، نائب رئيس حزب الوطن التركي، والدبلوماسي ورجل المخابرات التركي السابق، قال “مع دخول القوات من تركيا إلى سوريا فسنرى خلال أيام قليلة أن حلب تعود بواسطة جيش النظام السوري، وبمساعدة روسية”.
وأضاف أنه إذا “تقدمت تركيا خطوة واحدة نحو الأسد فسيتقدم الأسد 4 خطوات”، لافتاً إلى “أن الأسد يبدي توجهاً إيجابياً اتجاه الجهود الروسية المبذولة لإصلاح العلاقات مع تركيا”.
وبالنظر إلى تصريحات اسماعيل حقي تكين فإن المرء يدرك بأنها ليست توقعات، أو تحليل سياسي فرجل المخابرات التركي أدرك جيداً أن التدخل التركي العسكري لم يأت بدون تفاوض، وادرك جيداً أيضاً أن تزامن دخول القوات التركية لسوريا، مع دخول النظام لحلب لم تكن صدفة أبداً.
وبدأت بعد تلك الاتفاقية القوات الروسية بالتوصل للمزيد من الاتفاقات مع الجانب التركي، حتى تم تطهير الداخل السوري بالكامل من ما تسمى بالمعارضة مع تعزيز الجيش التركي لتواجده في مناطق الشمال السوري، لضرب مشروع الإدارة الذاتية واحتلال المنطقة.
احتلال تركيا لعفرين وتحويلها لأكبر ساحات الصراع على الإطلاق:
بعد دخول تركيا لمناطق واسعة في الشمال السوري بدأت أنظارها تتجه نحو مدينة عفرين، التي كانت تخضع لسيطرة وحدات حماية الشعب.
وبدأ الغزو التركي لعفرين بتاريخ 20 يناير/كانون الثاني من عام 2017 وسط تعامي دولي عن الانتهاكات التي ارتكبتها تركيا ومسلحيها من الفصائل التي سلمت جميع الأراضي التي سيطرت عليها من النظام للانصياع للأوامر التركية والبدء بأعمال إجرامية بحق الكرد.
فمع بدء الهجمات على عفرين، قال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن أنه يصح أطلاق اسم عملية شلال الدم على الهجوم وليس اسم غصن الزيتون، في إشارة منه لهمجية الاحتلال التركي ومسلحيه.
ونشر المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال المنتدى الدولي عن التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي حول عفرين تقريراً وثق فيها جميع المجازر التي ارتكبتها تركيا والفصائل التي تدعمها وجاء في التقرير “تنام عفرين على انتهاك وتستفيق على صوت السلاح، وفي كثير من الأحيان لا يكون ليلها إلا أضواء آليات عسكرية وصياح المتقاتلين المتناحرين على المنهوبات، وفي كل يوم يزداد الانتهاك بشكل أكبر.
وأكد المرصد أن عفرين تعرضت للمجازر حيث استشهد بحسب الإحصائيات التي حصلت عليها المرصد نحو 380 مدني بينهم 55 طفلاً و36 مواطنة، من المدنيين من المواطنين الكرد والعرب والأرمن، واستشهد غالبية هؤلاء نتيجة القصف التركي، إضافة لجرح المئات وتشريد مئات آلاف آخرين، فيما بقيت الانتهاكات والممارسات اللاإنسانية حصة من تبقى من سكان منطقة عفرين ممن رفضوا الخروج من المنطقة، وترك منازلهم ومزارعهم للقوات التركية والفصائل التي تناهبت وعفَّشت وسرقت واستولت على ممتلكات المدنيين والممتلكات الخاصة والعامة في كامل منطقة عفرين.
ولم تقف الأمور عند هذا الحد فقط بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، إذ أن المسلحين التابعين للقوات التركية وبدعم مباشر من القوات التركية ولعدم وجود ما يردعها، عن ممارسة الانتهاكات بحق المواطنين الكرد من سكان منطقة عفرين، عمدت إلى إيجاد أسلوب انتهاك جديد يتمثل باختطاف السكان وتوجيه تهم إليهم أولى هذه التهم هي الارتباط أو الانتماء لوحدات حماية، وهذا ما سهل على هذه الفصائل توسعة نشاطها واعتقال المزيد من المدنيين، وممارسة القتل حتى دون اكتراث أي من الأطراف الدولية أو الإقليمية وحتى المحلية بما تتعرض له المنطقة من انتهاكات.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان نحو 2380 مواطناً جرى اعتقالهم، من ضمنهم أكثر من 840 لا يزالون قيد الاعتقال، فيما أفرج عن البقية بعد دفع جميعهم لفدية مالية، يفرضها عناصر موالين لتركيا، وتصل في بعض الأحيان لأكثر من 10 ملايين ليرة سورية.
ما شهدته عفرين، لم تشهده أي منطقة أخرى، فتركيا التي توجهت – وفي أعينها شرارة الكراهية – إلى عفرين، أباحت كل شيء لمرتزقتها، فقد استخدمت تركيا في هذه الحرب جميع الاسلحة ومن بينها الاسلحة المحرمة دولياً، دون أن تتلقى أي تنديداً من الأطراف الدولية، التي تدعي الإنسانية.
بالطبع فإن تركيا نفذت جميع هذه المجازر بحجة أنها ستنشأ “منطقة آمنة” على الحدود السورية وانها تهدف لإعادة اللاجئين السوريين، لكن عمليات تركيا أدت إلى نزوح مئات الآلاف من أبناء عفرين، وأبناء جرابلس والباب وأعزاز أيضاً، فجميع هذه المناطق تتعرض لانتهاكات يومية، كما أنها لم تشهد الاستقرار في يومٍ من الأيام.
ولنثبت مدى كذب الادعاءات التركية التي تدعي أنها تهدف لإعادة اللاجئين السوريين إلى أرضهم لنلقي نظرة على هذه الأرقام، حيث نتحدث فيها عن عدد سكان عفرين قبل الهجمات.
فقد بلغ عدد سكان منطقة عفرين 523,258 نسمة حسب احصائيات الحكومة السورية في عام 2012.
لكن العدد وبحسب الاحصائيات الدقيقة والتي نشرتها BBC والعشرات من المواقع الإخبارية العالمية ارتفع في ظل حكم الإدارة الذاتية بسبب حركة النزوح الداخلية من محافظة حلب والمدن والبلدات المجاورة ليصل إلى أكثر من مليون نسمة، أي أن عدد سكان عفرين تضاعف، أما الآن فالعالم بأسره يدرك أن مئات الآلاف نزحوا، وأسكنت تركيا مسلحين وسكان الغوطة في تلك المنطقة، وبدأت بعملية تغيير ديموغرافي في المنطقة الكردية.
تركيا وأهدافها في إدلب:
بالطبع ولمعرفة كيفية جلب تركيا لجميع المسلحين الذين حاربوا إلى جانبها والذين ساهموا في الاحتلال التركي لمناطق عدة في الشمال السوري لا بد من معرفة الوضع في إدلب وكيف حافظت تركيا عليها حتى الآن، فالعالم بأسره يدرك أن جميع الفصائل التي نقلت بالباصات الخضراء من مناطق التسوية (مناطق دخلتها النظام بموجب اتفاقيات أطلقت عليها اتفاقات التسوية) إلى إدلب هي فصائل تدعمها أنقرة.
فمدينة إدلب السورية تحولت من مدينة سورية إلى بؤرة يجتمع فيها جميع المسلحين ومن جميع بقاع العالم، ممن يطلقون على أنفسهم اسم المعارضة السورية، وعمدت أنقرة من خلال تلك المدينة إلى جمع جميع “الفصائل المعارضة” في منطقة واحدة وأصبحت هدفها فقط افشال مشروع الإدارة الذاتية، وتنفيذ الأوامر التركية لتحقيق أهدافها في سوريا، فإدلب كانت ولا تزال، شرارة الأمل بالنسبة لتركيا.
فمن المعلوم أن فصائل “ما تسمى بالمعارضة كانت تسيطر على مساحات واسعة من الأراضي السورية، قبل الاتفاقات الروسية التركية التي افضت إلى تسليم جميع تلك المناطق مقابل فسح الطريق لتركيا للدخول لبعض مناطق الشمال السوري وافشال مشروع الإدارة الذاتية.
ولكن لماذا كل هذا الحرص التركي على إدلب، فلابد أن يكون لها أهداف أخرى، فذريعة مساندة الثورة السورية تكون قد انتهت بعد كل هذه التنازلات التركية وبعد إجبارها لما تسمى بالمعارضة على “التسوية” فالمناطق الخاضعة لسيطرة ما تسمى بالمعارضة تبعد عن دمشق معقل “الأسد” بأكثر من 300 كم.
بالتأكيد فإن أهداف تركيا ليست مساندة الشعب السوري كما تدعي وليست أيضاً “اسقاط” النظام كما روجت، وليس أيضاً إيواء اللاجئين و”حمايتهم”، فأهداف تركيا وبحسب المعطيات هي كما التالي.
- افشال مشروع الإدارة الذاتية وخصوصاً بعد النجاحات التي حققتها الإدارة الذاتية سياسياً وقوات سوريا الديمقراطية عسكرياً.
- كما ذكرنا سابقاً جمع جميع المسلحين الموالين لها في منطقة واحدة واستغلالهم لتحقيق أهدافها من خلال الزج بهم في معارك مميتة.
- الحصول على منطقة نفوذ دائمة عند الحدود، كما حصل شمال قبرص، فطبيعة منطقة إدلب، من خلال جبالها والتي تطل على حلب واللاذقية دفعت تركيا لوضع أنظارها على تلك المنطقة.
- السيطرة على الطرق الاستراتيجية التي تربط حلب باللاذقية ودمشق، وعلى بعض المعابر الحدودية كباب الهوى في محافظة إدلب.
إذاً وبعد النظر إلى جميع التطورات التي طرأت على السياسة التركية في الأزمة السورية، فإننا سندرك بان الموقف التركي يختلف من عام إلى عام آخر، فتركيا التي أسقطت طائرة سوخوي روسية بحجة أنها دخلت الحدود التركية التي أدت إلى تدهور العلاقات بينها وبين روسيا، عقدت اتفاقات عدة مع الجانب الروسي.
وسنذكر أيضاً خلال هذه الدراسة أهم أسباب التعاون التركي مع الجانب الروسي والتي هي على النحو التالي:
- هدفت تركيا من خلال التعاون مع روسيا كما ذكرنا سابقاً، لجمع كل المتشددين في منطقة واحدة والسيطرة عليهم.
- مساعي تركيا الضغط على الولايات المتحدة وتهديدها بالعديد من الأمور منها صفقة إس 400، وجعل الولايات المتحدة طرفاً غير شرعياً في سوريا بعد التوصل لاتفاق مع روسيا وإيران في عقد اجتماعات بشأن الأزمة السورية، وذلك للحيلولة دون وصول الكرد لأي مكتسبات.
- مساعي روسيا وإيران من تقليص الدور الأمريكي في سوريا.
- ضمان تركيا لمصالحها الاستراتيجية في سوريا، ومحاربة الكرد.
أسباب تعاون تركيا مع جبهة تحرير الشام “النصرة”
أدركت تركيا جيداً أنه بدون جبهة تحرير الشام “النصرة سابقاً” لا يمكن أن تحقق أهدافها في إدلب، فهذا التنظيم كان ولا يزال يسيطر على إدلب بشكل شبه كامل، لذا ظهر التعاون بين تركيا وهذا التنظيم من خلال خطوات عدة:
- عملت تركيا مع جبهة النصرة والجماعات والتنظيمات الأخرى على إقامة “إدارة مدنية” مشتركة.
- أقنعت تركيا بحل أو إعادة تشكيل “هيئة تحرير الشام”، وهو ما حصل بالفعل.
- إعادة تنظيم الجماعات المسلّحة الموالية لتركيا، ومن بينها “حركة أحرار الشام”، بتوافق ودعم إقليمي ودولي، وتمكينها من “إزاحة” جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام عن واجهة المشهد، ربما إبعادها إلى ريف المدينة.
- الضغط من أجل تشكيل قوات شرطة في المدينة، على غرار ما حدث في مدينتي الباب وجرابلس، فيما تنسحب التنظيمات المسلّحة إلى أطراف المدينة وريفها، مع تمكين “جبهة النصرة” من تشكيل واجهات مدنية وأمنية وشبه عسكرية.
لذا يبدوا أنه من الواضح أن استهداف “جبهة النصرة” ليس أولوية لدى أنقرة، صحيح أنها أدرجتها في قائمة الإرهاب، إلا أنها تمثّل في الوقت نفسه أحد أهم مصادر دعمها وإمدادها.
وأدرجت تركيا جبهة النصرة في لائحة الإرهاب نظراً لعدم قدرة الاستخبارات التركية في اقناع “النصرة” بالانصياع لأوامرها كما فعلت الفصائل الأخرى.
كيف اثبتت تركيا أن أهدافها في المناطق التي دخلتها احتلالية، ولا علاقة لها بمزاعم مساندة الثورة السورية:
وكما يبدوا للعيان فمن المعلوم أن تركيا تؤكد أن أهدافها هي احتلالية، فبالنظر إلى مناطق سيطرة تركيا، نرى بوضوح التغيير الديموغرافي والتطهير العرقي، فمناطق عفرين، جرابلس، الباب، وأعزاز وإدلب أفرغت بشكل شبه تام من سكانها، واستوطنوا فيها عائلات من مناطق أخرى من عوائل المسلحين التابعين لتركيا.
فتحتَ ذريعة محاربة تنظيم داعش وتحجيم أي دور للكرد، اتسعت رقعة النفوذ التركي شمالي سوريا على نحو غير مسبوق، منذ أن أطلقت أنقرة عملية “درع الفرات” في أغسطس 2016، ودخلت دباباتها للأراضي السورية لأول مرة.
فقد استعادت تركيا مؤخراً الحقبة العثمانية في سوريا (1516-1918)، ولوحت بوجود وثائق تؤكد أحقيتها في بسط سيطرتها على 15 قرية بمحافظة إدلب المتاخمة للحدود التركية.
وهو ما أكده أيضاً الصحفي المقرب من حزب العدالة والتنمية محمد زاهد غول الذي قال في أكثر من مرة أن أراضي جرابلس ومنبج ومناطق في إدلب هي مناطق تتبع لتركيا خلال لقاءات أجرته معه قناة العربية الحدث.
ومن أجل تحقيق هذا الغرض، دفعت تركيا بتعزيزات عسكرية لإنشاء نقاط مراقبة على الطريق الدولي الواصل بين إدلب والحدود السورية مع تركيا والحدود السورية مع الأردن. واستندت تركيا في السابق على وثائق عثمانية مشابهة لتبرير سيطرتها على مدينتي جرابلس ومنبج، كما تذرعت بوجود مقابر تعود لقادة عثمانيين في مناطق أخرى شمالي سوريا، لبسط نفوذها عليها.
وكالة فرانس برس أشارت في تقرير لها أن الهيمنة التركية لم تقتصر في سوريا على قضم الأراضي بل امتدت لتشمل الكتب المدرسية ولافتات الطرق والمؤسسات العامة التي باتت تعج باللغة التركية.
ووجدت المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة التركية خلال العامين الماضيين، موطئ قدم لها في هذه المنطقة.
وأنشأت أنقرة على سبيل المثال شبكة كهرباء في مدينة جرابلس، حيث عُلقت صورة للرئيس التركي أردوغان على جدار في مستشفاها الرئيسي المدعوم من أنقرة.
ويحصل بعض السكان على البضائع عبر “المديرية العامة للبريد التركية” الرسمية، التي فتحت مكتبا لها في مدينة أعزاز يعمل فيه موظفون أتراك.
ويُسمح في مكتب البريد باستخدام الليرة التركية فقط، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد المستوردة من تركيا.
وما يبرز أيضاً مساعي تركيا لتتريك المناطق التي تسيطر عليها وقضمها من الأراضي السورية هي تغيير الهويات السورية، وتبديلها بأخرى مرتبطة بالنفوس التركية.
ونشر ما يسمى بالمجلس المحلي للمعارضة في مدينة أعزاز تعميماً قبل أشهر دعا فيه المواطنين جميعا “كبارا وصغاراٍ” إلى إصدار الهوية الجديدة، لاستخدامها في جميع الدوائر الرسمية في المدينة ومعاقبة كل متخلف عن حيازة البطاقة الجديدة”.
وكان ما يسمى بالمجلس المحلي لمدينة الباب قد عمد على إصدار بطاقات شخصية لسكان المدينة ، كتجربة أولى في مناطق سيطرة الاحتلال التركي.
وقال مدير المكتب الإعلامي للمجلس، محمود نجار عقب إطلاق هذه التجربة، إن هذه البطاقات تتميز بأن لها “رمزاً خاصاً ونظاماً مرتبطاً مع النفوس في تركيا”، وهو يدل على الاعتراف بالاحتلال التركي، ويعترفون بتبعية هذه المناطق لتركيا.
وأكد أيضاً المدعو محمود نجار أن التجربة ستطبق حالياً في الباب، على أن تعمم على بقية مناطق درع الفرات ومن بينها أيضاً منطقة عفرين.
خلاصة الأمر من موضوع “تركيا تؤكد أهدافها الاحتلالية”
بعد الاحتلال التركي لعفرين، أصبح تواجده في سوريا يغطي ما مساحته نحو 400 كيلو متر مربع، صبغت بطابع تركي على المستويات العسكرية والأمنية والمدنية.
ونبرز أهم الخطوات التي عمدت إليها تركيا منذ احتلالها لتلك المناطق، والتي تثبت أهداف تركيا الاحتلالية:
1- تشكيل مؤسسة عسكرية متكاملة شمالي حلب:
اندمجت جميع الفصائل بضغوط تركية، إعلامياً، بعد 8 سنوات تحت راية واحدة، ولكن ما تزال الفصائلية موجودة في صفوف المسلحين فكل مجموعة مرتبطة بقيادتها الفصائلية، ولا يزال الاقتتال في الأحياء المدنية، والمظاهر المسلحة داخل المدن وانتشار المقرات العسكرية في أحياء سكنية مستمراً.
2- شركات تركية تقتحم المنطقة
تفرض شركات تركية خاصة واقعاً استثمارياً جديداً في تلك المنطقة، بعدما أقحمت نفسها ووضعت موطئ القدم بمشاريع كبيرة.
3– الرواتب بالليرة التركية
الملف الأكثر ارتباطًا بتركيا على صعيد المواطنين ومعاملاتهم اليومية هو رواتب العاملين في المشاريع الجديدة والموظفين في المجالس المحلية والمدرسين والمؤسسات العسكرية، والتي حولتها أنقرة جميعها إلى الليرة التركية.
4- إشراف تركيا على التعليم:
ظهرت البصمة التركية بصورة جلية من الناحية التربوية، فتركيا أدخلت لغتها في المناهج واصبحت اللغة التركية لغة رسمية إلى جانب العربية في تلك المدارس، إضافة إلى ذلك، تسمّى العديد من المدارس بأسماء تركية.
5- مناطق تبدلت أسماؤها:
غالب البلدات والمدن السوري في مناطق سيطرة تركيا ومسلحيها تبدلت اسمائها لأسماء تركية، فمدينة الراعي اصبح اسمها /جوبان باي/ وباتت اسماء القرى والمدن والبلدات والاحياء والساحات العامة تكتب باللغة التركية والعربية.
وفي عفرين وتيرة تتريك الاسماء ظهرت بسرعة فـ دوار كاوا الحداد أصبح اسمه دوار غصن الزيتون. ودوار نوروز أصبح اسمه دوار صلاح الدين الأيوبي. وساحة مبنى السرايا أصبح اسمها ساحة رجب طيب أردوغان. واصبح اسم قرية قسطل مقداد ، سلجوق أوباسي. اما قرية كوتانا أصبح اسمها ظافر أوباس، واصبح اسم قرية كرزيلة جغر أوباسي.
أطماع تركيا في منبج وشرق الفرات واعلان واشنطن “الانسحاب من شرق الفرات”
على الرغم من تحقيق الاستقرار في مناطق شمال شرق سوريا، بعد الجهود التي بذلتها الإدارة الذاتية، إلا أن التهديد التركي باجتياح هذه المنطقة إلى جانب، منبج لم تتوقف في أي يوم من الأيام، فهي تتذرع دوماً بأن وجود الكرد “تهدد أمنها القومي” على الرغم من أن وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية المتواجدين على الحدود مع القوات التركية لم يستهدفوا برصاصة واحدة القوات التركية على الحدود وهو ما أكده أكثر من مرة قياديين في وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية.
وفي هذه الفترة التي تهدد بها تركيا بـ “اجتياح مناطق شمال شرق سوريا” تسعى قوات سوريا الديمقراطية لاستئصال داعش بشكل نهائي بعد اقتراب معركة دحر الإرهاب من نهايته” فـقسد تسعى لإنهاء تواجد مسلحي داعش من سوريا، وعلى ما يبدوا فإن تركيا لا ترغب في خسارة التنظيم، وتتوعد بالهجوم على مناطق الإدارة الذاتية في كل مرة يقترب منه ق س د من إنهاء تواجد التنظيم.
وازادت التهديدات التركية باجتياح المنطقة في 12 كانون الأول من عام 2018، بعد تمكن قوات سوريا الديمقراطية من تحقيق انتصارات كبيرة بالتعاون مع التحالف الدولي كما أرسل أردوغان قوات تركية والمعارضة إلى مناطق محاذية لمنبج، وسريه كانيه (رأس العين) وتل أبيض.
بالطبع فإن هذه التهديدات لها صلة بالانتخابات التركية التي تبدأ في شهر آذار بتركيا فأردوغان يدرك جيداً أن النبرة القومية وتهديد الكرد ستزيد من شعبيته وشعبية حزبه بين الأتراك القومويين، لكن هذه التهديدات بكل تأكيد له طابع آخر بحسب العديد من المحليين والمختصين بالشأن التركي.
فتركيا أدركت أن تعاونها مع روسيا، تثير غضب واشنطن، لذا بدأت تطالب من الولايات المتحدة الاستغناء عن شريكها (قوات سوريا الديمقراطية) في سوريا مقابل استغناء أنقرة عن منظومة الدفاع الروسية إس 400، وهو ما تم بالفعل “إعلامياً” في فترة ما فقد أعلنت تركيا بعد قرارها بالهجوم على مناطق الإدارة الذاتية أنها حصلت على منظومة باتريوت الأمريكية، كما أعلن بعدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من سوريا، بالرغم من اعتراض مسؤولين أمريكيين على القرار، وكذلك اعتراض حلفاء واشنطن في التحالف الدولي لمحاربة داعش.
ويبقى السؤال الأهم ما غاية تركيا من هذه التهديدات؟
ولماذا تعلن واشنطن الإنسحاب من سوريا الآن؟
بعد اعلان تركيا بغزو مناطق شمال شرق سوريا ومنبج، قررت التريث بعد قرار واشنطن الانسحاب من سوريا، وهو ما دفع الكثيرين إلى التساؤل هل هو اتفاق أم أن تركيا نفسها لا تدرك حتى الآن الموقف الامريكي وأهدافه من الانسحاب من سوريا، فأردوغان لم يعلق على الانسحاب الأمريكي من سوريا إلا بعد يومين، وهو ما يؤكد أن القيادة التركية ليست على دراية بما يخطط له ترامب، كما أن الولايات المتحدة انشأت قاعدة عسكرية في هجين بعد يوم من إعلان الانسحاب من سوريا وهو ما وضع أيضاً العديد من إشارات الاستفهام فعلى ما يبدوا أرادت واشنطن أن تهدأ من روع التهديدات التركية، وأرادت أيضاً أن تبعدها عن الحلف الروسي الإيراني.
وما يؤكد أيضاً أن قرار الانسحاب الأمريكي، لم يأت بعد توافق مع تركيا، هو توجه وفد رفيع المستوى من أنقرة إلى موسكو للتباحث حول منطقة منبج وشرق الفرات، فلو كان هناك توافق أمريكي تركي كما تطرقت له العديد من الصحف والمواقع الإخبارية لما توجه الوفد التركي إلى موسكو أنما كان سينفذ “الاتفاق” مع واشنطن على الفور كونها ترى الكرد يهددون الأمن القومي التركي.
وبالنظر إلى المعطيات فندرك أنه ربما يكون هناك توافق أمريكي روسي، فالولايات المتحدة قالت إن انسحابها من سوريا سيكون بطيئاً ومدروساً، وروسيا قالت أنه لا داعي لتواجد القوات الإيرانية في سوريا، أي أنه ربما يكون هناك توافق أمريكي روسي مضمونه، البدء بعملية سياسية في مدة أقصاها 3 أشهر، فالولايات المتحدة تستطيع أن تنسحب من سوريا في غضون أيام قليلة لكن وضع مهلة زمنية تتمثل في ثلاثة أشهر، هي أن الولايات المتحدة لها أهداف أخرى، والانسحاب لا يعني ترك كل شيء.
كما أن تصريحات السيناتور الأمريكي لينزي غراهام عقدت التحليلات، فبالرغم من اعتراضه على قرار ترامب بالانسحاب من سوريا، وطالب بمساعدة شركاء واشنطن (قوات سوريا الديمقراطية) في سوريا، إلا أنه قال بعد لقاءه بترامب، أنه اطمئن بعد لقاءه بترامب كما أبدى تفاؤله.
وبالطبع فإن هذه التصريحات تؤكد، أن غراهام حصل تطمينات من ترامب بأن الولايات المتحدة لن تتخلى عن شركائها قبل التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا، وخصوصاً بعد أن أظهرت تركيا بأنها لن تتخلى عن إيران وروسيا فيما يتعلق بالأزمة السورية.
ويقول العديد من المحللين أن الوضع الراهن في منبح حيث يتواجد فيها وما حولها كل من “الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، روسيا، تركيا، إيران ، قوات سوريا الديمقراطية، النظام السوري، ما يسمى بالجيش الحر” يدل على شيئين، أما نهاية الأزمة السورية والبدء بعملية سياسية، أو البدء بحرب جديدة تخلط فيها جميع الموازين وستعيد تشكيل التحالفات بين الدول على الأرض السورية.
كما أن زيارة بولتون لأنقرة والتوتر الذي حصل بين واشنطن وأنقرة كشفت جميع النوايا التركية والنوايا الأمريكية أيضاً، فالولايات المتحدة على ما يبدوا لن تنسحب دون تسوية سياسية في سوريا.
خلاصة الدراسة:
أثبتت تركيا بتدخلها في سوريا، أنها دولة احتلالية، تستخدم مسلحي “المعارضة” لتحقيق أهدافها القومية، كما تسعى لإنهاء الوجود الكردي، بحجة حماية أمنها القومي، كما أنها تهدف لقضم مساحات أوسع من الأراضي السورية تحت ذريعة مساندة الشعب السوري، وأن الدولة التركية بدأت بسياسة تتريك في الأراضي السورية التي دخلتها من خلال الاثباتات التي قدمناها خلال الدراسة.
ومن خلال النظر إلى المعطيات فأن المرء يدرك بأن تركيا مستعدة للتنازل عن كل شيء مقابل ضرب أي مشروع يستفيد منه الكرد، لذا فأنها تعاونت مع مسلحين من فصائل عدة، كما تعاونت مع روسيا وإيران ومستعدة في الوقت الحالي للتعاون مرة أخرى مع النظام فقط لضرب أي مشروع يشارك فيه الكرد.
ويبدو أيضاً على الأرض أن تركيا فشلت في اقناع واشنطن للتخلي عن الكرد وخصوصاً بعد الزيارة التي قام بها بولتون إلى تركيا.
المراجع:
دراسة للباحثة سهام فتحي سليمان أبو مصطفى بعنوان (الأزمة السورية في ظل تحول التوازنات الإقليمية: من 2011 إلى 2013).
http://library.iugaza.edu.ps/thesis/116324.pdf
المركز اللبناني للدراسات والأبحاث
http://center-lcrc.com/index.php?s=news&id=14921
الاستفادة من بعض النقاط في ويكيبيديا
المصادر الإعلامية:
المرصد السوري لحقوق الانسان
وكالة أنباء هاوار
روسيا اليوم
رويترز
فرانس برس
الجزيرة نت
وسائل إعلام مقربة من حزب العدالة والتنمية التركي