قضايا راهنة

“قافلة النّور” ما بين خلفيات منظّميها وفرص النجاح والمخاطر

منذ بداية شهر سبتمبر/ أيلول الجاري، انضم الآلاف من اللاجئين السوريين في تركيا لحملة واسعة، أُطلقت على وسائل التواصل الاجتماعي من قِبل “مجهولين” للتحضير لهجرة جماعية، عبر قافلة تنطلق من تركيا نحو أوروبا، مطلقين عليها اسم “قافلة النور”، والتي أصبحت حديث الساعة لدى السوريين، داخل سوريا وخارجها، الباحثين عن بصيص أمل، يخرجهم من ظلام عَقْدٍ من الحرب والدمار، الذي عصف بهم وببلدهم، ليصل عدد المشتركين في “كروب القافلة” إلى أكثر من 100 ألف سوري، بحسب القائمين عليها.

رغم الزخم الذي تحظى بها هذه المبادرة، إلّا أنّها باتت تثير الشكوك لدى البعض في حقيقتها ومصداقيتها، خاصة أن منظمي الحملة لا زالوا مجهولين ولا يكشفون عن هويتهم الحقيقية، بالإضافة إلى الغموض في موقف الحكومة التركية، التي لا تزال تلتزم الصمت حيال تشكيل هكذا قافلة ضخمة؛ للتوجه صوب أوروبا، وهي الملتزمة مع أوروبا باتفاقية لمنع توجه اللاجئين صوبها، فيما يثير توقيت إعلان هذه الحملة – مع قرب الانتخابات التركية، وعودة الصراع بين تركيا واليونان في بحر إيجة، وإعلان الحكومة التركية نيتها التصالح مع حكومة دمشق – الشكوك بأن تكون الحكومة التركية هي نفسها من تروّج لتنظيم هكذا قافلة من اللاجئين، كنوع من الابتزاز لأوروبا.

فهل “قافلة النور”، هي حقاً مبادرة من نشطاء سوريين، جاءت كإحدى النتائج المترتبة على قرار تركيا تطبيع العلاقات مع سوريا، ويأس السوريين من الظروف الاقتصادية المتدنية، والمعاملة العنصرية التي يواجهونها في تركيا؟ أم أنها مخطط ممنهج من قبل الحكومة التركية، لابتزاز أوروبا واليونان، وتهدئة الداخل التركي المحتقن ضد اللاجئين السوريين؟ وما هي فرص نجاح هكذا حملة، وما هي مخاطر فشلها على اللاجئين؟

من هم منظمو حملة ” قافلة النور” وما هي أهدافهم؟

هي حملة أطلقت باسم “ناشطين سوريين”، ويُقدم شخص يطلق على نفسه اسم “جاد سليم” على أنه مؤسس الحملة، ويقتصر نشاطها على مجموعات في “تليغرام” وبعض وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يقول المشرفون عليها إن عدد المنخرطين فيها ناهز 100 ألفاً، ولكن رغم مرور حوالي ثلاثة أسابيع على انطلاقتها، ليس معروفاً الهوية الحقيقة للقائمين عليها وخلفياتهم، فيما حدد المنظمون – عبر بيان بتاريخ 19 سبتمبر الجاري – موعداً لبدء تحرك اللاجئين صوب نقطة التجمع، عبر دعوة اللاجئين السوريين للتوجه بشكل عشوائي صوب مدينة أدرنة التركية على الحدود مع اليونان وبلغاريا، والتجمع هناك، وسط حديث بعض الوسائل الإعلامية عن وصول دفعة من اللاجئين بالفعل إلى أدرنة، بعد أن سهلت الحكومة التركية لهم الوصول إليها.

هذا التطور الأخير يحيلنا إلى التساؤل عن خلفيات منظمي القافلة وأهدافهم؟ وهل هي مبادرة من نشطاء فقط، أم أن هناك يد للحكومة التركية تقف خلفها؟ سنحاول الإجابة على تلك الأسئلة بحسب المعطيات الموجودة، ودلالات توقيت الإعلان عن هذه الحملة، لنتمكن من فهم خلفيات القائمين عليها، وبالنظر إلى توقيت المبادرة، والأهداف المحتملة منها، يمكن استنتاج عدة دلالات:

أولاً: أعلن القائمون على تنظيم القافلة – عبر تسجيل صوتي، نُشر بتاريخ 16 سبتمبر الجاري – أنهم قرروا وبشكل رسمي خروج القافلة بشكل عشوائي، والزحف باتجاه الحدود الأوروبية، إلا أن هذه الخطة في تسيير القافلة، مع هذا العدد الضخم الذي أعلنوا عنه، تبدو غير منطقية.

إذا افترضنا أن تنظيم القافلة هي “مبادرة شخصية من نشطاء سوريين”، لأنه لا يمكن دعوة كل هذه الأعداد للتوجه من مختلف المناطق التركية صوب أدرنة إذا لم يكن هناك تسهيلات أو موافقة مسبقة من قبل الحكومة التركية، باعتبار أن في تركيا قانون لتنقل اللاجئين بين الولايات، وكل من يرغب في الانتقال أو زيارة منطقة أخرى داخل تركيا عليه تقديم طلب “إذن سفر” قبل عدة أيام من موعد السفر، وبدون وجود سبب مقنع لا يتم منحهم الإذن، وبالتالي فإنه لا يمكن وصول الآلاف إلى أدرنة بدون موافقة من قبل الحكومة، ووصول أول دفعة إلى أدرنة مؤخراً هو مؤشرٌ على أن الحكومة التركية تقف خلف تنظيم هذه الحملة باسم النشطاء السوريين. خاصة أن الحكومة التركية لم تصدر حتى الآن أي بيانات رسمية تعلن فيها رفضها أو بأنها لن تسمح بتشكيل هكذا قافلة، باعتبارها غير قانونية.

ثانياً: إن عدم كشف القائمين عليها عن هويتهم الحقيقية، والاعتماد على مجموعة “التيلغرام” كمنفذ وحيد للتواصل مع الراغبين بالانضمام إليها، عزّز المخاوف بشأن الجهات المجهولة التي تقف خلف الحملة برمتها. الأمر الذي دفع بالمنظمين إلى إصدار بيان بتاريخ 12 سبتمبر لتبديد تلك المخاوف، حيث ادّعوا فيها أنهم لا يكشفون عن هويتهم لخشيتهم “من التبليغ عنهم وتعرضهم للاعتقال بتهمة المتاجرة بالبشر، وبالتالي ستفشل الحملة” وهذا الادّعاء يبدو غير مقنعاً، لأنه بكل الأحوال حين جمعهم وتنظيمهم للقافلة والإشراف عليها في منطقة “أدرنة” التركية سيضطرون للكشف عن شخصياتهم الحقيقة حتى يتمكنوا من مرافقة القافلة، وعدم الكشف يرجّح بأنهم مرتبطون بالاستخبارات التركية، وبالتالي فإن عدم كشفهم لهويتهم سببه هو خشيتهم من اكتشاف خلفياتهم وتوجهاتهم، وبالتالي سيثير ذلك أزمة سياسية بين تركيا والاتحاد الأوربي، وما يرجح هذه الفرضية هو خطاب منظمي الحملة الذي يمتدح تركيا، رغم أنه من المفترض أنهم أطلقوا الحملة لرغبتهم في الهروب من تركيا، بسبب العنصرية والمخاوف من مخططات حكومتها التي تنوي ترحيلهم إلى سوريا، إذ يقول المنظمون في إحدى بياناتهم التي نشروها على قناة “تيليغرام”، “نحن في تركيا منذ 10 سنوات. نحن محميون… لكن الدول الغربية يجب أن تشارك في العبء”. هذا الخطاب يشير بأن مَن ينظمون هذه القافلة هم مرتبطون بالحكومة التركية، ولا يريدون تشويه صورة تركيا بإعلان هذه المبادرة.

ثالثاً: كما يثير توقيت الإعلان عن هذه المبادرة، التي تتزامن مع قرب الانتخابات الرئاسية التركية،  الشكوك بأن الحكومة تقف خلف تنظيمها، بهدف إيهام الداخل التركي المحتقن ضد اللاجئين السوريين، بأن تركيا ستتخلص من عبء اللاجئين الذين سيغادرون إلى أوروبا. خاصة أن قضية الهجرة واحدة من الاهتمامات الرئيسية التي يطرحها الناخبون الأتراك، لاستخدامها في الدعاية الانتخابية، وتعهد كل منهم بترحيل السوريين بعد الانتخابات، حيث أشار “استطلاعٌ” أجراه معهد Metropoll إلى أن %82 من المستطلعة آراؤهم يريدون ترحيل السوريين. ويحاول حزب العدالة والتنمية الحاكم أن يقتنص أصوات الشارع المعارض، لا سيما نداءات الأحزاب المعارضة بطرد السوريين أو إعادتهم لبلدهم، وبالتالي تسحب هذه الورقة لمصلحتها.

رابعاً: هناك توقيت آخر يرجح أن تكون الحكومة التركية هي من تقف خلف تنظيم هذه القافلة الضخمة، وهو تزامن الإعلان عن الحملة مع عودة الصراع والتصعيد بين تركيا واليونان حول بحر إيجة، لذا يبدو أن تركيا ترغب في تهديد وابتزاز اليونان بتوجيه هكذا قافلة من المهاجرين صوبها في هذا التوقيت، كرسالة تهديد لليونان، لإثارة مخاوفها من موجة اللاجئين، واستخدام هذه القافلة كورقة ضغط ضدها، لإجبارها على الرضوخ لتركيا، خاصة أن أردوغان بأمس الحاجة في هذا التوقيت لأي نصر سياسي.

خامساً: تتمثل الأهداف المحتملة للحكومة من تنظيم هكذا حملة، باستغلال الظروف الصعبة التي تمر بها أوروبا، المقبلة على الشتاء مع وجود مأزق إمدادات الطاقة، التي تواجهها بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية، وذلك لابتزاز أوروبا، للحصول على مكاسب اقتصادية ودعم سياسي منها، حيث تتهم تركيا دول الاتحاد الأوروبي “بعدم الالتزام ببنود الاتفاق” الذي وقعه الطرفان في 18 مارس/آذار 2016، مثل إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول إلى دول الاتحاد، وتقديم مساعدات مالية بقيمة 6 مليارات يورو للاجئين في تركيا، وتحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي، وكذلك تسريع مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد. ولا شك أن حصول الحكومة في هذا التوقيت على هكذا مكاسب ستفيدها في الدعاية الانتخابية.

فيما يرى مراقبون أن هذه الحملة حظيت بكل هذا الاهتمام من قِبل اللاجئين السوريين، لتخوفهم من تداعيات إعلان الحكومة التركية مؤخراً التصالح مع النظام السوري من جهة، وإعلان تركيا عن مشاريع “العودة الطوعية” من جهة أخرى، والتي أثارت الخوف لدى اللاجئين، وخاصة الفارين من المحافظات السورية الداخلية، أن يتم شملها بمشاريع ترحيلهم من قبل تركيا إلى سوريا، وتوطينهم في مناطق شمال سوريا، المحتلة من قبل تركيا؛ بدلاً من إعادتهم لمناطقهم الأصلية في سوريا، بهدف تنفيذ مخطط “المنطقة الآمنة” الذي لازال الغرب وأميركا غير مقتنعين بها. لذا ستحاول تركيا عبر ابتزاز أوروبا بهذه القافلة، الحصول منهم على موافقة ودعم مالي وسياسي لتشكيل “المنطقة الآمنة”، ونقل مليون سوري إليها. وما يؤكد ذلك دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان – خلال خطاب له ألقاه الثلاثاء 20 سبتمبر الجاري، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك – العالم إلى دعم مشروع التجمعات السكنية الذي ستنفذه بلاده في سوريا.

فرص نجاح “قافلة النور” ومخاطرها؟

رغم كل التضخيم الإعلامي لهذه المبادرة، إلا أنه يتساءل الكثير من السوريين عن مدى نجاحها بعبور الحدود الأوروبية، في الوقت الذي فشلت فيه قوافل أخرى في الوصول، ولم يلق المهاجرون خلالها سوى العذاب، ففي أيلول 2015 نظّم مئات السوريين حملة للاعتصام في مدينة أدرنة التركية على الحدود مع اليونان وبلغاريا، أطلقوا عليها اسم “عابرون لا أكثر”، ولكن حينها، سبق الاعتصام إصدار وزارة الداخلية التركية تعميماً لشركات النقل، بعدم نقل اللاجئين من إسطنبول إلى أدرنة، ومنعت السلطات التركية المهاجرين من التوجه إلى الحدود اليونانية، ما دعا المعتصمين للإضراب عن الطعام، وفي النهاية فوجئوا بتفرقة السلطات للمحتشدين في ولاية أدرنة، وإحضار باصات لنقلهم بعيداً عن الحدود. فيما يتعلق بموضوع “قافلة النور” لم تعلن عن موقفها في السماح للقافلة أو عدمه من الوصول إلى الحدود مع اليونان حتى الآن، ما يرجح فرضية أنه في حال تمكنت تركيا من الحصول على تنازلات ومكاسب من أوروبا واليونان أن تفرق القافلة، وتعيد اللاجئين إلى تركيا، أو ترحلهم عبر الباصات إلى سوريا، واتهامهم بأنهم خالفوا القوانين التركية.

ولا بد من الإشارة إلى أنه في حال لو ألقت السلطات التركيّة القبض على المُشاركين في القافلة، وهُم حصراً من حَمَلَة الجنسيّة السوريّة، فإنها أيضاً ستكون مُستفيدة، فهي وفق خبراء القانون، تستطيع رفع الحماية عنهم، وترحيلهم إلى الشمال السوري، ونظراً لأعدادهم المهولة والمُشاركة في القافلة، فإن تركيا ستكون قد تخلّصت من عدد لا بأس به من اللاجئين السوريين، إلى جانب خطّة أعدّها الرئيس أردوغان لفرض مخطط “المنطقة الآمنة” شمال سوريا.

كما إن تركيا لا تزال ملزمة باتفاقية 2016 مع الاتحاد الأوروبي، والقاضية بأن تحتفظ باللاجئين السوريين على أراضيها، وتمنعهم من التوجه غرباً، مقابل التزام أوروبي بإرسال حزمة مساعدات لتركيا، وإن عدم منح تركيا حتى الآن أي تصريح رسمي لانطلاق أي قافلة إلى الحدود، يعني أنها ملتزمة بالاتفاقية، وبالتالي لا يمكن أن يتجمع المشاركون في مكان محدد، خاصة أن في تركيا لا يمكن للاجئين التنقل من مكان لآخر بدون الحصول على إذن سفر، وبالتالي كل من سيحاول السفر بدون إذن رسمي سيعرض نفسه لخطر كبير، وكل السيناريوهات مفتوحة من إعادة قسرية للولاية، إلى إبطال الكملك (البطاقة الشخصية للاجئين)، وقد تصل إلى الترحيل إلى سوريا.

وما يرجح فشلها – أيضاً – اتخاذ بلغاريا واليونان مؤخراً إجراءات صارمة على حدودها بما لا يسمح بعبور القافلة، حيث أعلنت اليونان عن إجراءات جديدة على حدودها مع تركيا، تستهدف منع تدفق اللاجئين القادمين من الأراضي التركية، وذلك وسط تصاعد وتيرة التوتر مع أنقرة، خلال الفترة الأخيرة، حيال العديد من القضايا الخلافية بين البلدين.

لذا يقلل العديد من المراقبين من “جدوى القافلة”، مستذكرين بأن القوافل السابقة لم تنجح، بل “فتحت الأعين، وأضرت بالمهاجرين، بعد التشدد على الحدود التركية واليونانية، مثل قافلة “عابرون لا أكثر” عبر بحر إيجة، وقافلة “الأمل” عام 2019 في ولاية أدرنة، فكلها فشلت في الوصول إلى أوروبا. ورغم مناشدة القائمين على القافلة المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان لمساعدتهم، لتسهيل عبور القافلة بشكل إنساني إلى أوروبا، ولكن لم تستجيب أي منظمة لهم حتى الآن، وهذا يزيد من فرضية فشل الحملة. بل إن المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تركيا أصدرت بياناً، حذرت فيها اللاجئين السوريين من الانضمام إلى “قافلة النور”، مشيرةً إلى أنهم قد يواجهون خطر الموت في الطريق.

أما في حال كانت هذه الحملة يتم تنظيمها فعلاً من قبل نشطاء سوريين ولا علاقة للحكومة التركية بتنظيمها، فإن الفشل سيكون مصيرها الحتمي، لأنه لا يمكن لنشطاء تحمل مسؤولية جمع الآلاف من اللاجئين وحمايتهم ضمن الطرق والممرات الخطرة التي سيسلكونها صوب اليونان وأوروبا، فمثل هكذا قوافل تحتاج إلى جهات دولية راعية لها، أو منظمات أممية ومنظمات مجتمع مدني، تقدم لها الرعاية، وتحميها، حتى تتمكن من التحرك والوصول لوجهتها، وهذا الدعم ليس متوفراً حتى الآن.

ختاماً

إن أوروبا، التي هي على أبواب الشتاء، تعاني من نقص في موارد التدفئة، لذلك فهي غير مستعدة لفتح حدودها لاستقبال كل هذه الأعداد من اللاجئين، لذا قد تحاول منع تدفق اللاجئين عبر التفاوض مرة أخرى مع تركيا، لأن الرضوخ لابتزازات تركيا في هذه الظروف، سيكون أسهل عليها من فتح الحدود أمام موجة جديدة من اللاجئين.

من المخاطر المحتملة على اللاجئين السوريين في تركيا بعد فشل انطلاق القافلة، هي أنه قد تحصل تركيا على موافقة من الغرب لإقامة “المنطقة الآمنة” شمال سوريا، وتقديم الدعم المادي واللوجستي لها، لترحيل اللاجئين السوريين من تركيا إلى شمال سوريا، وتوطينهم في مستوطنات ومخيمات تبنيها تركيا، برعاية وتمويل من قبل قطر، والكويت، والإخوان المسلمين، وخاصة في المناطق ذات الغالبية الكردية، وبذلك سيصبح اللاجئون السورين في تركيا ضحية التفاهمات التركية الأوروبية.

وفي حال لم تتمكن الحكومة التركية من تحصيل أية مكاسب من ابتزاز أوروبا بهذه القافلة من اللاجئين، فإنها قد تعمد إلى تنظيم قافلة من اللاجئين، وترسلهم إلى الحدود مع أوروبا، ولكن ذلك سيكون مكلفاً بالنسبة لتركيا؛ لأن ذلك سيزيد السخط الغربي على حكومة العدالة والتنمية، ويقطع الدعم الذي كان يقدمه لتركيا، لرعاية اللاجئين، وإيوائهم في تركيا، وستعمد الدول الأوروبية إلى تشديد الحدود أكثر أمام اللاجئين السوريين، وبالتالي ستزداد الضغوطات والسخط داخل تركيا على حكومة العدالة والتنمية الحاكم.

وبغض النظر عمن يقف خلف تنظيم القافلة، إلا أنه ورغم المخاوف من ردة الفعل العكسية لـ”قافلة النور”، وما قد يصاحبها من المزيد من التشدد التركي أو الأوروبي تجاه السوريين، فإن المشاركة في الحملة ستُعدُّ محاولة لتسليط الضوء على معاناة السوريين، “قد تنتبه المفوضية السامية بالاتحاد الأوروبي، وتسهّل هجرة السوريين عبر إعلان دول عن حاجتها للاجئين، كما تعلن كندا وأحياناً هولندا”. ويمكن أن تكون عامل ضغط، سواء في الداخل التركي، لتغيير التعامل العنصري، وتقليل خطاب الكراهية، أو على الدول الأوروبية، لتعيد فتح الحدود، كما في عام 2015، لأن البقاء بتركيا بكل الأحوال لم يعد ممكناً، بواقع الغلاء والخطاب العنصري المتزايد، تزامناً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى