الانفتاح العربي على دمشق.. محاولة تطبيع أم “دبلوماسية الكوارث”
تعتبر الكثير من وسائل الإعلام الغربية – وحتى العربية – الحراك والانفتاح العربي والدولي، ما بعد الزلزال تجاه سوريا، على أنه يقع في نطاق ما يسمى بـ “دبلوماسية الكوارث والأزمات” في العلاقات الدولية، وهو شكل من أشكال الدبلوماسية المرنة والناعمة، لها أدواتها الخاصة، وتتيح للفاعلين الدوليين إبداء التضامن مع بعضهم البعض؛ للتخفيف من تداعيات الكوارث الكبيرة، عبر تقديم المساعدة، التي تصل إلى حد المشاركة المباشرة في إدارة الكارثة. ويفتح هذا الأمر – نظرياً على الأقل – المجال أمام تحييد الحسابات السياسية للقوى المختلفة، والتركيز – بدرجة أكبر – على الجانب الإنساني.
ويبدو أن كارثة الزلزال فرضت على غالبية الدول العربية إبداء الانفتاح أو التقرب من سوريا، باعتبار أن “دبلوماسية الكوارث” باتت عرفاً دولياً، وترفع الحرج عن الدول العربية المختلفة سياسياً مع حكومة دمشق. لذا، فإن الحراك والانفتاح العربي الإغاثي والدبلوماسي جاء كواجب إنساني وأخلاقي مفروض على تلك الدول تجاه سوريا، والأمر ليس بالضرورة متعلق برغبةٍ جادةٍ لدى تلك الدول في التطبيع مع دمشق.
ولكن، هذا الحراك أعاد السؤال عما إذا كانت هذه الاستجابة مدخلاً ملائماً لعودة الاتصالات العربية مع دمشق إلى الواجهة مرة أخرى، في ظل ممانعة أمريكية وغربية تبدو مُتصلّبة في مجملها حتى الآن؟ وما هي فرص العودة السورية إلى محيطها العربي؟ وما تداعيات أي تقارب عربي مع دمشق على المعارضة السورية المدعومة من تركيا.
انفتاح عربي واعتراض أمريكي-غربي
يبدو أن الحراك الأخير صوب دمشق، بات كصراع بين موقفين مُتعارضين: الأول، يدعو إلى رفض التعامل مع النظام السوري مهما كانت الأسباب، وهذا الموقف تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض القوى الغربية الأخرى مثل فرنسا. والثاني، يُطالب بالتعاطي مع الواقع السوري بناءً على مقاربات جديدة، تُعطي الأولوية لإعادة تموضع الدول العربية في الملف السوري، بعد أن هيمنت نفوذ إيران وتركيا على الملف، مستفيدين من وقوف العرب على الحياد. ويقود هذا الاتجاه العديد من الدول العربية، كالإمارات ومصر وحتى بعض الدول الأوروبية.
بالنظر إلى هذه المواقف، والمتغيّرات التي أفرزها الزلزال، وفتحه لأبواب الحراك العربي صوب دمشق، يمكننا استنتاج بعض الأسباب والأهداف التي دفعت لهذا الانفتاح العربي. بالإضافة إلى البحث عن القواسم المشتركة بين مصالح تلك الأطراف فيما يخص الملف السوري.
أولاً- أسباب وأهداف الانفتاح المصري وبعض الدول العربية
تشي زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى العاصمة السورية دمشق، والتي تُعتبر المرة الأولى التي يزور فيها وزير مصري سوريا منذ أواخر عام 2011، حين جمّدت الجامعة العربية عضوية النظام السوري فيها، بسبب رفضه التعاطي مع الجهود العربية لتطويق الأزمة، أن هناك توجهاً جديداً لدى الحكومة المصرية تجاه النظام السوري، الذي يحاول الاستفادة من التعاطف العربي إثر الزلزال، لتحقيق مكاسب سياسية تعيد تعويمه في المحيط العربي. إلّا أن شكري أكد خلال مؤتمر صحافي عقده مع وزير خارجية النظام فيصل المقداد، أن زيارته إلى دمشق “إنسانية في المقام الأول، وللتضامن مع شعب سوريا بمواجهة آثار الزلزال”. وأضاف شكري: “في هذه المحن نتعامل من أرضية ما يربطنا من أواصر إنسانية وهذا ما نركز عليه حالياً”.
من الواضح، أن تركيز مصر على الطابع الإنساني لجولة وزير خارجيتها، يهدف إلى عدم منح تفسيرات سياسية حرجة لتحركاتها الجديدة، قبل أن تتمكن من تهيئة الأجواء مع حلفاء إقليميين ودوليين، ومع بعض الدول المتدخلة في الشأن السوري؛ كتركيا وقطر. فقد يمثل انفتاح القاهرة على دمشق حالياً إزعاجا متفاوتاً للحلفاء الغربيين وبعض الدول الخليجية، وقد يوحي الانفتاح بتغيير في التوجهات الإقليمية لمصر، وهذا لن يكون سهلاً بالنسبة لمصر، التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة، وتتلقى الدعم المالي والاقتصادي من الدول الخليجية، وعلى رأسها السعودية، ومؤخراً من قطر، بعد التصالح بين البلدين. لذا، لا يمكن لمصر اتخاذ قرار التطبيع مع دمشق بدون أخذ مواقف الدول الخليجية بعين الاعتبار، خاصة أن مصر نفسها وقفت في وجه محاولات دول عربية عدة – خلال السنوات الماضية – لإعادة النظام السوري إلى مقعده في الجامعة العربية، في تناسق مع مواقف السعودية وقطر.
ولكن، كان الملاحظ أنه رغم رفض مصر عودة دمشق للجامعة العربية، إلّا أن حكومة “السيسي” لم تغلق الباب كاملاً أمام النظام السوري، حيث أبقت على تنسيق أمني معه، كشفت عنه زيارة قام بها رئيس مكتب “الأمن الوطني” التابع للنظام، اللواء علي مملوك، إلى القاهرة عام 2018، بدعوة من رئيس جهاز المخابرات المصرية، عباس كامل. ويعود السبب لوجود قواسم مشتركة عديدة بين النظامين المصري والسوري، فكلاهما ينحدران من خلفية الأنظمة القوموية العروبية، ويُعتبران من الأنظمة العسكرية الانقلابية، التي وصلت إلى السلطة بالقوة العسكرية. بالإضافة إلى العداء التاريخي بين هذه الأنظمة وجماعة الإخوان المسلمين، والدول التي تدعم الإخوان، وهذا يعني أن رفض مصر السابق لعودة النظام السوري لجامعة الدول العربية، كان نابعاً من رغبته في عدم الخروج عن الإجماع العربي ومواقفهم حيال النظام السوري المدعوم من إيران، إلّا أن مصر ما كانت لتبدي انفتاحاً في الوقت الحالي على دمشق؛ لو لم تسبقها بانفتاح على كل من تركيا وقطر، ومرونة في التعاطي العربي مع النظام السوري وخاصة من قبل الإمارات، وهذا ما كان واضحاً من خلال زيارة رئيس وزراء مصر، مصطفى مدبولي لقطر، بالتزامن مع زيارة وزير خارجية مصر لدمشق وتركيا. فمصر تحاول عبر هذه التحركات الأخيرة الاستفادة من رغبة تركيا وقطر في التطبيع مع القاهرة، لتحقيق هدفين: الأول، إضعاف تنظيم الإخوان، عبر دفع تركيا وقطر إلى التخلي عن دعم إخوان مصر. والثاني، إعادة نفوذه إلى سوريا عن طريق النظام. ما يعني أن حكومة مصر لا تزال تفضّل بقاء النظام السوري القائم، لأن سقوطه قد يفتح الباب أمام الإسلاميين للصعود إلى السلطة.
وما يؤكد ما ذهبنا إليه، هو التواصل من قِبل الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” مع الأسد، وإرساله كمية كبيرة من المساعدات للمنكوبين السوريين عن طريق النظام، وهذا مؤشر بأنه، إضافة إلى مشاركة القاهرة دمشق خصومتها مع “الإخوان المسلمين”، لدى السيسي هاجس الحفاظ على هيكل الدولة والجيش في سوريا، الذي يعتبره جزءاً من “الأمن القومي العربي” كائناً من كان الحاكم في سوريا.
وبالتالي، فإن مصر – حتى وإن لم يكن هدفها الراهن هو تطبيع العلاقات مع دمشق – تحاول على الأقل منح النظام السوري متنفساً سياسياً جديداً لإطالة عمره، لحين التوصل إلى حل سياسي.
أما بالنسبة لباقي الدول العربية، فإنه – و”بدوافع إنسانية”- وصل إلى دمشق بتاريخ 26 فبراير/شباط 2023 وفد برلماني عربي، يضم رئيس الاتحاد البرلماني العربي محمد الحلبوسى، ورؤساء مجلس النواب في مصر، والإمارات العربية المتحدة، والأردن، وفلسطين، وليبيا، بالإضافة إلى رؤساء وفود سلطنة عُمان ولبنان، والأمين العام للاتحاد البرلماني العربي. ويبدو أن ما شجع الدول العربية – بشكل عام – على هذا الانفتاح الواسع صوب دمشق (ماعدا استغلال فرصة “دبلوماسية الكوارث”) هو أن الظروف الدولية وموازين القوى اختلفت بعد الحرب الأوكرانية – الروسية، وخاصة بالنسبة لطهران، التي تقدم الدعم بشكلٍ قوي للنظام السوري، مع احتدام مشكلاتها الداخلية والخارجية، ما يمنح الفرصة لتغيراتٍ جديدةٍ، مع وجود إدراك بأن دوافع القطيعة مع دمشق خدمت قوى أخرى أكثر من محافظتها على المصالح العربية. وهذا ما بدا واضحاً من خلال المرونة ما بعد الزلزال، ويبدو أنه جاء بهدف المزاودة على إيران، التي تقول بأنها “الجهة الوحيدة التي تدافع عن دمشق”.
ومع ذلك، فإن الانفتاح العربي على دمشق – في الوقت الراهن – لا يهدف بالضرورة إلى إبعاد النظام السوري عن إيران، بقدر ما هو إعادة تثبيت الوجود العربي في سوريا، لمزاحمة الوجود الإيراني، لتيقن الدول العربية أنه لم يعد بالإمكان قطع العلاقات بين النظام السوري وإيران؛ بسبب هيمنة الأخيرة على كافة مفاصل السلطة في سوريا. وهذا ما يمكن ملاحظته من الموقف السعودي الذي عبّر عنه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود في 19 يناير/ كانون الثاني 2023، في جلسة حوارية على هامش مؤتمر “ميونيخ” للأمن، حين قال إنه: “لا جدوى من عزل سوريا، في ظل غياب سبيل لتحقيق “الأهداف القصوى” من أجل حل سياسي”. وهذا مؤشر على أن الدول العربية باتت بحاجة إلى معالجة مشكلة اللاجئين السوريين في دول الجوار ومعاناة المدنيين، ومشكلة تحوّل سوريا إلى بؤرة لتصنيع وتهريب المخدرات صوب الدول العربية، وخاصة صوب الأردن ولبنان والسعودية.
لذا، تجد الدول العربية ضرورة في العودة إلى دمشق للتنسيق معها، في محاولة لإيجاد حلول، أو التخفيف من عواقب مسألة اللاجئين، وتهريب المخدرات.
وفي نفس السياق، تتخوف بعض الدول العربية والخليجية من مساعي تركيا إلى التطبيع مع دمشق بوساطة روسيا وبإشراف إيراني، لأنها ترى أن الصراع الجيوسياسي الدولي الدائر بين القوى الكبرى سيكون طويل الأمد. وبحسب الرؤية العربية، فإن تلك الأطراف “لا تضع وزناً لمصالح الدول العربية”، فجميع اللاعبين لهم نفوذ وتدخلات في الساحة السورية باستثناء العرب، الذين يَبدون خارج اللعبة، ودورهم ينحصر فقط في حصد النتائج السلبية للصراع السوري والتنافس الدولي. وبالتالي، باتت تلك الدول ترى أن بقاء العرب خارج “الحلبة السورية” سيضعهم أمام ثلاث خيارات كلها سلبية بالنسبة لهم، وهي:
1- إعطاء إيران الفرصة لتُكرِّس نفسه في مستقبل سوريا دون أي مقاومة عربية، وانتظار تحوّل سوريا إلى محميّة إيرانية بالكامل، بحيث يُصبح من المستحيل تغيير هذا الوضع، الذي سيتحوّل بالتبعية إلى نقطة ضعف مهمة للنظام والأمن العربيين.
2- الاستمرار في هذا الوضع، يعني ترسيخ حالة الاحتلال والانقسام في سوريا، مما يؤدي إلى خلخلة البناء العربي، ورفع مناسيب الخطر بداخله.
3- خروج سوريا نهائياً من الحسابات العربية، وتركها للمشاريع الخارجية تقرّر مصيرها. وهذا المسار من الممكن أن يكون له عواقب كبيرة على الأمن العربي.
ثانياً- الموقف الأمريكي والأوروبي من الانفتاح العربي
صحيح أن أميركا والدول الغربية أبدت مرونة في التعاطي العربي مع الوضع الإنساني في سوريا، عبر فتح خطوط إيصال المساعدات والإغاثة إلى منكوبي الزلزال، إلّا أن مواقفها السياسية حيال الانفتاح أو التطبيع العربي مع دمشق كانت صارمة وواضحة. حيث أفادت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان بتاريخ 6 مارس/آذار 2023، بأنه بينما تقدم الولايات المتحدة والعالم مساعدات للشعب السوري في أعقاب زلزال الشهر الماضي «نتذكر أن معاناته الإنسانية سبقت هذه الكارثة الطبيعية بوقت طويل»، مضيفة أن هذا الشهر يصادف الذكرى السنوية الـ 12 للحرب التي «ارتكب خلالها نظام الأسد فظائع لا حصر لها؛ بعضها يرقى إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية». وفي نفس السياق، شدّد السيناتور الجمهوري، والعضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي، جيم ريش، على أن “كارثة الزلزال لن تمحو جرائم بشار الأسد بحق الشعب السوري”، وقال: “يجب منع إعادة تأهيل النظام، أو إعادته إلى الجامعة العربية”.
فيما لوح السيناتور بورقة العقوبات في حال قرر أي طرف عربي التطبيع مع النظام، ورأى ريش “أن الموجة الأخيرة من التواصل مع نظام الأسد لن تفيد الشركاء العرب، ولن يكون من شأنها إلا فتح الباب لعقوبات أميركية محتملة”.
أما أوروبياً، أكدت دائرة العمل الخارجي الأوروبي في الاتحاد الأوروبي، عقب اجتماع لها في 17 يناير/كانون الثاني 2023، في العاصمة البلجيكية بروكسل، على “اللاءات الثلاث”، بما يخص الأزمة، وهي: لا للتطبيع، لا لإعادة الإعمار، لا لرفع العقوبات عن النظام، ما لم يسر بشكل فعّال في الحل السياسي.
ويأتي الموقف الأوروبي الموحد، مدفوعاً برفضه المسبق للتقارب التركي أيضاً مع النظام السوري، والتي تتوسط فيها روسيا. ويتماهى موقف الاتحاد الأوروبي – تماماً – مع الموقف الأميركي الرافض بشدة لأي انفتاح أو تقارب مع نظام بشار الأسد، سواء من الجانب التركي أو من الدول العربية.
لذا، لا يمكن أن ينتج الحراك السياسي العربي حلولاً في سوريا؛ نظراً لخضوع موقف دمشق للقرار الإيراني، التي دخلت مرحلة جديدة من المواجهة مع الغرب بتورطها في حرب أوكرانيا، سواء عبر تزويدها موسكو بطائرات مسيّرة (بحسب الاتهام الأوكراني والأميركي لها)، أو عبر ما جرى تسريبه عن اتفاق روسي – إيراني لبناء مصنع للمسيّرات في روسيا، وهي تطورات تزيد من الاستقطاب الإقليمي بحيث يتعذر سعي بعض الدول العربية إلى اجتذاب دمشق صوب المحيط العربي.
ثالثاً- الانفتاح العربي على دمشق يُخيف الائتلاف السوري المعارض
إن الانفتاح العربي -وخاصة المصري- أثار مخاوف الائتلاف السوري المعارض المدعوم من تركيا. ومن المفارقات التي أظهره الانفتاح، أن الائتلاف الذي التزم الصمت، وحاول إيجاد مبررات للاستدارة التركية نحو دمشق، وإعلانه المُضيّ في التطبيع معه، سارع لإصدار بيان يرفض فيه التقارب العربي مع دمشق، رغم أنه جاء في إطار الملف الإنساني والإغاثي، ووصف “الائتلاف” ما تفعله بعض الدول العربية تجاه التطبيع مع النظام بـ “التصرف الخاطئ”، مؤكداً “أن أي مساعي لإعادة تدوير النظام تعد قبولاً بجرائمه”، فيما لم يصف الائتلاف التطبيع التركي مع دمشق بأنه “قبول بجرائمه”.
لا شك أن هذا الموقف من قبل “الائتلاف” يأتي من مخاوفه بأن ينجح الأسد – ولو جزئياً – في استغلال الزلزال، لإعادة ترسيخ مكانته كمحاور شرعي بالنسبة للدول العربية. ويبدو أن الأسد هو الآخر يدرك أن إعادة بناء العلاقات مع المزيد من العواصم العربية ليست هي غايته، بل ما يهمه هو عودته إلى جامعة الدول العربية ليلحق بذلك ضربة قاصمة في ظهر المعارضة السورية المدعومة من تركيا. خاصةً بعد تراجع الاهتمام العربي بالمعارضة، بعد تحول “الائتلاف” إلى الحضن التركي والقطري وهيمنة الإخوان على الائتلاف، وتحويل تركيا وقطر الفصائل السورية المسلحة إلى “مرتزقة”، استخدمت بعضهم ضد مصالح الدول العربية كما في ليبيا المجاورة لمصر، ما اعتبره الأخير تهديداً تركياً لأمنها القومي، وأدت إلى تخلي مصر عن دعم المعارضة السورية.
وبالتالي، فإن عودة مصر والدول العربية للتعامل مع حكومة دمشق، واعتباره ممثلاً رسمياً لسوريا، يعني – بشكل تلقائي – إسقاط الشرعية عن “الائتلاف”.
التقييم
إن الانفتاح المتواصل لعواصم عربية على دمشق، سواءً قبل الزلزال أو بَعده، يُواجه معوّقات عديدة واختبارات صعبة، أبرزها الموقف الأميركي الرافض لهذا التطبيع، والتهديد بالعقوبات الأميركية أحادية الجانب المفروضة على سوريا.
حيث أن أبرز ما استفاد النظام منه على خلفية “دبلوماسية الكوارث” هو حصوله على كميات كبيرة من المساعدات الإغاثية من الدول العربية، وعودة “الأسد” إلى الواجهة السياسية، وبروزه كممثل شرعي لسوريا -عربياً- نتيجة إرسال غالبية الدول العربي المساعدات إلى سوريا عن طريقه، وتقديمها التعازي لـ “الأسد” في ضحايا الزلزال.
ولكن في المحصلة، من المستبعد أن يصل هذا الانفتاح على دمشق لمستوى عودة التطبيع العربي مع سوريا في وضعها الراهن، إنما ستحاول تلك الدول دفع دمشق نحو مسار الحل السياسي، فالتقارب العربي مع الأسد هو تقارب مرحلي وليس استراتيجي، لأن الكل بات مدركاً أنه لا يمكن أن يكون للأسد مكان في مستقبل سوريا.