قضايا راهنة

السياسة التركية في آسيا الوسطى

انصبَّ اهتمام المجتمع الدولي في الآونة الأخيرة على آسيا الوسطى، وذلك بسبب التطورات الجديدة التي حصلت هناك، والتي تتعلق بشكل مباشر أو غير مباشر بالمنطقة، كوصول حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان، والأحداث الأخيرة في كازاخستان، وتنشيط منظمة معاهدة الأمن الجماعي .. وما إلى ذلك.

على هذه الخلفية، بدأت تركيا في إظهار نشاط معين، كتنصيب نفسها على أنها زعيمة (العالم التركي)، ومحاولة الانخراط في ما يحدث، على قدم المساواة مع الجهات الفاعلة الرئيسية غير الإقليمية مثل روسيا والصين.

تزامنت بداية هذا النشاط مع انهيار الاتحاد السوفيتي، والذي أدّى إلى ضعف أهمية تركيا كجبهة أمامية (للكتلة الغربية). أصبح انتشار نفوذ تركيا في جمهوريات آسيا الوسطى – المشكّلة حديثاً – مسألة موضوعية بالنسبة لها، وكأداة رئيسية في هذا السياق، تم النظر إلى نموذج التنمية التركية، الذي جمع بين نظام سياسي ديمقراطي علماني يحترم القيم الإسلامية، وسياسة الدولة ذات التوجه الاجتماعي، واقتصاد السوق.

اُستُخدم أهمية عامل القرب العرقي والطائفي لهذه البلدان، كحجة لصالح تركيا، لتشكيل حالة أو تشكيلة جديدة على  الساحة الدولية “تسمى الجمهوريات التركية”، وتكون تركيا على رأسها. ولكن إحجام دول المنطقة عن مواصلة التنمية تحت قيادة (الزعيم القادم)، أجبر تركيا على الاكتفاء بالتفاعل الاقتصادي والثقافي والانساني معها، ومن المجالات الرئيسية للتعاون بين تركيا ودول آسيا الوسطى، التي يمكن ذكرها:

  1. التعاون الاقتصادي

يُعتبر التعاون الاقتصادي من الأدوات الرئيسية التي تسعى تركيا من خلالها اليوم إلى تعزيز مكانتها في المنطقة، حيث تَعتبر أنقرة آسيا الوسطى منطقة واعدة للاستثمار في البنية التحتية للنقل.

يُعد إنشاء طرق سريعة وجديدة، أمراً ضرورياً للتغلب على اعتماد البنية التحتية للجمهوريات ما بعد الاتحاد السوفيتي على روسيا، لذلك تقدم دول المنطقة العديد من المشاريع.

في معرض سلع دول المجلس التركي، الذي أقيم في ديسمبر 2018، لُوحظ أن الاستثمارات التركية في آسيا الوسطى تتجاوز 85 مليار دولار، على سبيل المثال، من الاستثمارات العديدة لتركيا من المشاريع الكبيرة في السنوات الأخيرة، بناء ميناء دولي في مدينة عشق آباد، وترميم أبنية مدينة تركمنباشي، علاوة على ذلك في عام 2020 استحوذت الشركة التركية tav Airports”” على 100% من أسهم مطار “الماتا”، إحدى أكبر مدن كازاخستان، كما أن الخطط المستقبلية لها طموحة، حيث تعتزم تركيا مع الصين تنفيذ مشروع النقل العابر لبحر قزوين، وهو الشريان الذي سيربط دول العالم التركي. ومن خلال بناء هذا الممر ستوفر تركيا لنفسها مدخلاً مباشراً إلى آسيا الوسطى، مما سيزيد من تصدير السلع المصنّعة، فضلاً عن استيراد المواد الخام.

المنطقة تهمُّ أنقرة أيضاً من حيث تنويع إمدادات الطاقة لتركيا. وكذلك تسعى تركيا إلى زيادة إمدادات النفط الكازاخستاني، عبر خط أنابيب باكو – تبليسي – جيهان، والغاز التركماني عبر أنابيب خط الغاز العابر من الأناضول، وهو جزءٌ من مشروع “ممر الغاز الجنوبي”.

كما نرى أن مثل هذه الخطط تشهد على نية أنقرة في أن تصبح “مركزاً للطاقة” في أوراسيا، حيث ستتلقى أوروبا من خلالها الغاز في روسيا وآسيا الوسطى وأذربيجان وشرق البحر المتوسط.

على الرغم من التحديات العديدة التي تواجه أنقرة في تحقيق أهدافها، إلا أنها تتمتع بهيكل اقتصادي يختلف جوهرياً عن دول آسيا الوسطى، وبفضله تستطيع تركيا تلبية مطالب دول المنطقة، لتلك الأنواع من البضائع التي لا ينتجونها بأنفسهم، ومع ذلك فإن حجم الصادرات التركية إلى تلك الدول يبقى محدوداً، بسبب نقص البنية التحتية المتطورة.

في 2010 – 2020 زادت التجارة بين تركيا ودول آسيا الوسطى من 5,5 مليار إلى 6,3 مليار دولار، ومع ذلك، فإن هذا الرقم يزيد قليلاً عن 1,5% من إجمالي حجم التجارة الخارجية لأنقرة.

أكثر الدول التي تتاجر معها تركيا في دول آسيا الوسطى هي أوزباكستان وكازاخستان، حجم التجارة مع كل من هاتين الدولتين على حدى، يتجاوز 2 مليار دولار، ولكن في قائمة الشركاء التجاريين الرئيسيين لهذه الجمهوريات تركيا ليست حتى في المراكز الثلاثة الأولى.

من الصعب بالنسبة إلى تركيا التنافس مع روسيا والصين، ونجاح أنقرة في تعزيز وجودها الاقتصادي في آسيا الوسطى يتضائل مقارنة بإنجازات الجهات الفاعلة الأخرى.

  1. التعاون العسكري

بالإضافة إلى تعميق التعاون الاقتصادي، تسعى تركيا أيضاً إلى تعزيز العلاقات مع دول آسيا الوسطى في المجال العسكري.

الحديث هنا – في المقام الأول – عن الاتصالات الثنائية مع دول المنطقة، حيث وصلت في الآونة الأخيرة إلى مستوى جديد.

اليوم يتم مناقشة فكرة إنشاء “جيش توران”، وهو كتلة عسكرية للدول الناطقة بالتركية بشكل نشط.

الخطوات الأولى نحو هذه المبادرة اتخذت في 2013، بعد تأسيس ” منظمات القوات المسلحة الأوراسية للأمن” (TAKM)، والتي تضم تركيا، وأذربيجان، وقيرغيزستان، ومنغوليا – كما أعربت كازاخستان عن رغبتها في الانضمام إلى (TAKM).

كان الغرض من المنظمة تطوير التعاون بين مؤسسات الأمن العسكرية للأعضاء، حيث حدّدت مهمة TAKM في مكافحة الجريمة المنظمة، والإرهاب، والتهريب، في القوقاز وآسيا الوسطى.

ومع ذلك لم تحقق TAKM نجاحاً كبيراً حتى الآن، على الرغم من أنها كان المحاولة الأولى لإنشاء نموذج أولي لمنظمة عسكرية، لديها القدرة على أن تصبح منصة التواصل بين جميع المؤسسات الأمنية والعسكرية في المنطقة تحت قيادة أنقرة.

بدأت المحادثات حول تعزيز التعاون العسكري بين تركيا ودول آسيا الوسطى، بعد استئناف الصراع في “كارا باخ” في عام 2020. في اكتوبر من نفس العام، وفي خضمّ  الأعمال  العسكرية، زار وزير الدفاع التركي “خلوصي آكار” كازاخستان وأوزباكستان، خلال الزيارة تم التوقيع على اتفاقية للتعاون العسكري والتقنية العسكرية بين تركيا واوزبكستان، كما تمت مناقشة الشراكة الاستراتيجية التركية الكازاخستانية. اعتبر المحللون هذه الجولة الصغيرة بمثابة بداية مشروع لإنشاء جيش موحّد للدول الناطقة بالتركية.

نشط الحديث عن “جيش توران” مرة أخرى بعد زيارة وزير الخارجية التركي “مولود شاويش أغلو” إلى أوزبكستان، وقيرغيزستان، وطاجكستان، في مارس 2021، وكان الهدف من الزيارة تشكيل كتلة عسكرية سياسية بقيادة أنقرة، يمكن أن تساعد في تعزيز موقف تركيا في صراعها المحموم على القيادة الإقليمية.

ولكن يقف ضدّ مشروع تركيا الطموح عدة عوائق في آن واحد، وهي:

  • القوى المؤثرة الأخرى في آسيا الوسطى، مثل روسيا والصين وإيران، فهذه الدول قد تعتبر تشكيل جيش توران تهديداً لأمنها.
  • لا يجب أن ننسى بأن كازاخستان وقيرغيزستان عضوان في منظمة معاهدة الأمن، وأن تركيا نفسها عضو في الناتو.

عندما تنضم هذه الدول إلى الكتلة الجديدة، من المؤكد سيظهر السؤال الحتمي حول كيفية احتفاظ هذه الدول بتحالفاتها التقليدية.

  1. القوة الناعمة

جنباً إلى جنب مع الاقتصاد، في تسعينيات القرن الماضي اعتمدت تركيا استخدام مجموعة واسعة من أدوات القوة الناعمة في آسيا الوسطى.

وهكذا تشكّلَ أساس السياسة التركية في المنطقة – إلى حد كبير- من خلال عدة إنجازات رئيسية، من بينها: يمكن للمرء أن يميز السياسة المتعلقة بتعميم اللغة التركية، والثقافة، والتاريخ، وبمعنى أوسع – التعليم. في إطار السياسة التي يتم تنفيذها، يمكن تمييز العديد من الأهداف والأولويات الرئيسية التي يسعى إليها الجانب التركي.

وهذا يشمل تطوير “هوية تركية جديدة” تحت قيادتها، تستند  في الأساس إلى فكرة المجتمع الثقافي الديني، الذي يشكل مجموعة واحدة من القيم لسكان البلدان الناطقة بالتركية. وهذا سيكون في المستقبل بمثابة أساس للتفاعل النشط على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، علاوة على ذلك، الحفاظ على العلاقات مع الأتراك العرقيين القادرين على تمثيل المصالح التركية في الخارج، وخلق ظروف مواتية لتطوير أنشطتها في الخارج.

وتم ضمان ذلك، أولاً وقبل كل شيء، من خلال الحفاظ على المعرفة بالتاريخ، والثقافة – اللغة التركية، والشعوب الناطقة بالتركية، من خلال إنشاء برامج للأطفال ثنائي اللغة، وتنظيم الأنشطة التعليمية المتعلقة بتاريخ وثقافة البلاد.

ولا تقل أهمية – بالنسبة لتركيا – مهمة إنشاء صورة جديدة للبلاد، والحفاظ عليها، والتي شهدت تحولاً كبيراً منذ عام 2010.

تم وضع ” النموذج التركي” في البداية على أنه توليفة فعّالة للقيم الإسلامية، والمبادئ الاجتماعية الديمقراطية، واقتصاد السوق المزدهر، فمنذ عام 2010 بسبب عدد من العوامل، منها الخارجية مثل ” الربيع العربي”، وكذلك الداخلية مثل ” تحوّل سياسة حزب العدالة والتنمية الحاكم”، بدأت تركيا في التأكيد على صورتها والتي تتمثل في “المدافع عن المسلمين والأتراك” في جميع أنحاء العالم.

وتعمل تركيا، لتحقيق هذه الأهداف، على نشر منتجات الثقافة الجماهيرية التركية “صناعة السينما وقطاع الترفيه ككل “بشكل نشط، وهكذا يتم إدخال الصورة الضرورية أو المطلوبة، لتقوية تركيا ثقافياً وتاريخياً، ودينياً، في الوعي العام لبلدان آسيا الوسطى والمنطقة بشكل عام.

كذلك تسعى تركيا إلى تفعيل سياسة تقديم الدعم لدول المنطقة، والتي لم تتضمن فقط بعض المدفوعات النقدية، وشطب الديون، وإنما أيضاً إقامة مشاريع البنية التحتية واللوجستية ضمن مناطق محددة.

  1. الأساس المؤسساتي للسياسة التركية في منطقة آسيا الوسطى

يُعدُّ المكوّن المؤسسي للسياسة التركية في آسيا الوسطى، أحد أكثر عناصرها إثارة للجدل. من جهة، هناك شبكة واسعة من المؤسسات التي استخدمها الجانب التركي بشكل مكثف منذ التسعينات كقائد للمنطقة، ومن جهة أخرى، لا يمكن لأحد أن ينكر التشرذم، وقلة فعالية هذه المؤسسات الاسمية إلى حد كبير، حيث يعكس ضعفها.

في هذا الصدد يجب أخذ هذا الجانب في الاعتبار عند دراسة سياسة ومواقف تركيا في المنطقة، وتقسيم شبكة المؤسسات القائمة إلى عدة كتل، في سياق السياسة التركية في آسيا الوسطى:

  • الكتلة الأولى هي مجلس التعاون للدول الناطقة بالتركية (2021)، ومجموعة من المنظمات العاملة تحت رعايتها.

هذه هي المنظمة التي تضعها تركيا اليوم، كمنصة مركزية للتكامل والتفاعل بين الدول الناطقة بالتركية، تتجلى رغبتها في زيادة أهمية هذه المؤسسة، من خلال مشاركتها في عملية حل الأحداث الأخيرة في كازخستان.

في الوقت الحالي، يضمّ أعضاء هذه المنظمة كلاً من أذربيجان، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وتركيا، وأوزباكستان، وفي إطارها توجد فروع، مثل المنظمة الدولية للثقافة التركية (TURKSOY) والجمعية البرلمانية – للبلدان الناطقة بالتركية والأكاديمية التركية الدولية، وكذلك مؤسسة الثقافة والتراث التركية.

تشارك هذه المؤسسات في نشر وتقوية الروابط الثقافية، وتعزيز الحوار السياسي، والتطوير في دراسة العالم التركي، وكذلك الحفاظ على التراث الثقافي للدول التي تمثل الأتراك وحمايته.

عند الحديث عن الهدف العالمي لهذه الكتلة المؤسسية، تجدر الإشارة إلى أنها تهدف إلى تطوير التكامل الفعّال بين ممثلي العالم التركي، على أساس تعزيز الروابط الثقافية، والتعليمية، والاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية. كل هذا يعتمد على أطروحات تركيا حول مفهوم وجود عالم تركي واحد، وبالتالي الهوية التركية.

  • الكتلة الثانية من المؤسسات مرتبطة بالبعد التعليمي، وبمعنىً أوسع، الاجتماعي والثقافي لنشاط تركيا، والذي يشكل أساس سياسة أنقرة في آسيا الوسطى.

في هذا السياق تجدر الإشارة إلى مؤسسة “يونس امري”، وكذلك معهد يونس امري، بالإضافة إلى مكاتبها التمثيلية حول العالم، على شكل مراكز يونس امري الثقافية، رغم أن المراكز في الوقت الحالي ليس لها تمثيل في بلدان آسيا الوسطى، إلا أن الصندوق (FOND) ككل، ينفذ المشاريع التي تركز على هذه المنطقة وسكانها .

وكذلك مؤسسة “معارف”، التي تقوم بتعميم التعلم باللغة التركية، وتطوير العلاقات الدولية التركية، والإشراف على عمل المؤسسات التعليمية التركية في الخارج.

بالإضافة إلى ذلك، فإن أنشطة مكتب إدارة شؤون الأتراك في الخارج، والمجتمعات القريبة منها عرقياً، تقوم بعمل مهم بالإضافة إلى عملها مع المواطنين، من حيث رعاية برنامج المنح الدراسية الحكومي “المنح الدراسية التركية”، وتعزز التعليم باللغة التركية، والتاريخ، والثقافة في الخارج، وبشكلٍ كثيف في بلدان آسيا الوسطى، والتي تركّز عليها جميع مؤسسات هذه الكتلة.

كما يتم تنفيذ المهام المساعدة، في إطار الاتجاه الاجتماعي والثقافي، من قبل منظمات مثل مكتب الشؤون الدينية (ديانت)، الذي يعمل في أكثر من 140 دولة حول العالم، ويساهم في التعليم الديني، وتعريف السكان بالقيم الثقافية، من خلال شبكة من المدارس والجامعات والدورات التعليمية، وما إلى ذلك .

  • الكتلة الثالثة من المنظمات، إنسانية مرتبطة بالعمل على تنفيذ مقترح من أحمد داوود أوغلو، في أوائل العقد الأول في القرن الحادي والعشرين، تستهدف الانسان، وتحسين ظروف وجوده بالمعنى العالمي. في هذا السياق تجدر الإشارة إلى أنشطة الوكالة التركية للتعاون الدولي والتنمية (TIKA)، والتي تم انشائها في الأصل مع التركيز على جمهوريات آسيا الوسطى.

TIKA هي المؤسسة الرئيسية في سياق تنفيذ المساعدة الإنمائية الرسمية (ODA) لتركيا، كعضو في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). لقد وسّعت أنشطتها إلى ما هو أبعد من آسيا الوسطى، ونفذت مشاريعاً في الشرق الأوسط، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية.

تركيا اليوم، تضع نفسها كقائد في عدة مناطق من العالم في وقت واحد، بما في ذلك (العالم التركي)، مما يؤكد الأهمية العالمية للبلاد، كمركز لقوة متنامية في إطار النظام العالمي المتعدد الأقطاب، ويجعل من سياستها في آسيا الوسطى أكثر أهمية. ومع ذلك يجب أن يكون مفهوماً أنه على الرغم من النشاط والطموح الظاهر لتركيا، فإن لهذه السياسة عدد من المعوقات، فهي لاعبٌ غير إقليمي وثانوي في آسيا الوسطى. وهذا ما يؤكده نشاطها المحدود في المسائل الأمنية، وعدم قدرتها في التدخّل المباشر في عملية حلّ أزمات دول آسيا الوسطى، لأن الأمر بالدرجة الأولى من امتيازات روسيا الاتحادية في تلك المنطقة.

لذا، نرى بأن تركيا تركز على تلك المجالات، التي يكون فيها تأثير اللاعبين الآخرين محدوداً، رغم خطابها النشط في مسألة التعاون العسكري، لذلك -على سبيل المثال -فهي تركّز على المجال الثقافي، والتعليم، والاقتصاد، وموضوع الانسان.

ومع ذلك، فإن هذا النوع من التوجه لا يعني حتى الآن نجاحه وفعاليته، بالنظر إلى الطبيعة  الخاصة لتجلي نتائج أدوات السياسة الخارجية غير التقليدية. بالإضافة لذلك، يبدو أن عدم النجاح على طريق “إدخال المنطقة تحت القيادة التركية”، وانتشار التفاعل الثنائي، القائم أساساً على إيديولوجية القومية التركية، يشكّلان أيضاً عائقاً أمام تحرك تركيا في آسيا الوسطى. ومع ذلك يبقى التأثير الفعلي للإطار المؤسسي القائم للتفاعل منخفضة.

أخيراً، ربما أحد أبرز المعالم، هو افتقار تركيا الموضوعي إلى الموارد الداخلية الكافية (المالية، والعسكرية، والتكنولوجية .. وما إلى ذلك)، مقارنة بالجهات الفاعلة غير الإقليمية الأخرى في آسيا الوسطى (بشكل أساسي روسيا والصين)، ولكن بكل الأحوال، لايزال هناك – وإن كان أقل وضوحاً – النهج التركي المتعدد الاتجاهات للسياسات الخارجية .

كل هذا يشير إلى أنه، على الرغم من النشاط الواضح والظاهر للسياسة التركية في آسيا الوسطى وخطتها الطموحة، وكذلك التراكم الحالي لنمو نفوذ تركيا في المنطقة، يبدو أنها مبالغ فيها من نواحٍ عديدة، وغير قابلة للتطبيق على المدى الطويل.

زر الذهاب إلى الأعلى