قضايا راهنة

تطبيع “حماس” مع دمشق.. الدوافع والأهداف

بعد عَقْدٍ من القطيعة والعداء، أعلنت “حركة حماس”، بتاريخ 19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، طيّ صفحة الماضي مع النظام السوري، وعَقَدَ قادتها لقاءً مع الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، حيث تُعتبر هذه الزيارة هي الأولى للحركة إلى دمشق منذ قطع علاقاتها مع النظام، ومغادرة دمشق عام 2012. وأكدت الحركة – بعد اللقاء – أنها اتخذت قرار العودة إلى دمشق بمفردها، لكنها أبلغت به دولاً لها علاقة بها، ولم يصدر منها أي اعتراض على خطوتها هذه، بما في ذلك تركيا، وقطر.

إن عودة “حماس” إلى دمشق، أثارت الكثير من التساؤلات والتحليلات حول الأسباب، والأهداف، والظروف، التي دفعت “الحركة” لاتخاذ مثل هذا القرار في الوقت الراهن، وما تداعيات ذلك على تنظيم “الإخوان المسلمين”، الذين انقسموا بين مؤيد ومعارض لها؟ وما دور كل من إيران وروسيا وتركيا في عودة “حماس” إلى دمشق، معتذرة عما بدر منها سابقاً من مواقف ضد النظام؟ وما موقف النظام وفائدته من تطبيع “حماس” العلاقات معه، بعد كل المتغيّرات والأحداث التي شهدتها سوريا طيلة العقد الماضي؟

الأهداف والعوامل التي دفعت “حماس” للعودة إلى دمشق

لمعرفة الأهداف أو العوامل التي دفعت “حركة حماس” للإعلان الرسمي عن تطبيع العلاقات مع النظام السوري؛ علينا النظر إلى المتغيّرات الإقليمية والدولية الراهنة، وتداعياتها على كل من “حركة حماس”، وإيران، وسوريا، وتركيا، وروسيا، ومن بين تلك الأهداف والعوامل يمكن أن نذكر:

1-الرغبة الإيرانية في إعادة الربط بين الحليفين القديمين

إن الضغوطات الإيرانية على الطرفين الحليفين (حماس، والنظام السوري) كانت من العوامل المهمة التي دفعت “حماس” إلى العودة إلى دمشق، فالنظام السوري كان متردداً في العودة إلى التعاطي مع “الحركة”، نتيجة عمق الأزمة في الفترة الماضية بين الطرفين، إلا أن إيران و”حزب الله” اللبناني” بذلا جهوداً لسنوات من أجل عودة “حماس” لسوريا؛ بهدف إعادة ربط ما يسمى “محور المقاومة”. ولتحقيق ذلك التقى رئيس المكتب السياسي “إسماعيل هنية” مع الأمين العام لـ”حزب الله” اللبناني حسن نصر الله في يونيو/حزيران الماضي، وسبق أن زار العاصمة الإيرانية طهران في 2021 للغرض ذاته. بالإضافة إلى لقاءات عديدة حتى مع النظام السوري في العاصمة دمشق. ويبدو أن ضغوطات إيران وحزب الله لإعادة العلاقة، عكست رغبة واسعة لدى جزء كبير من قيادات “الحركة” في الخارج وغزة للتطبيع، وهذا ما نتج عنه بيان الاعتذار، ومن ثم التطبيع.

ويُنظر إلى هذه العودة، على أنها انتصار للخط الإيراني داخل “حماس” نفسها، حيث واصلت الحركة التوجه نحو التطبيع رغم وجود تيار داخل “الحركة”، متمثل بمسار “خالد مشعل”، يرفض التطبيع، ما يؤكد نجاح إيران في الضغط على “الحركة”، عبر التحكم في درجة التمويل، وكميات الأسلحة؛ لإجبارها على العودة إلى دمشق، وتنفيذ أجندة إيران في غزة، كما يفعل “حزب الله” في لبنان. لذا حذّرت الولايات المتحدة، من أي تطبيع للعلاقات مع النظام السوري، وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية “نيد برايس”: “إن تواصل نظام الأسد مع هذه المنظمة الإرهابية يؤكد لنا عزلته”. لافتاً إلى أن “هذا يضر بمصالح الشعب الفلسطيني، ويُقوّض الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب في المنطقة وخارجها”.

2-الوساطة الروسية ورغبة “حماس” في إثبات حضور إقليمي ودولي

لا شك أن روسيا كان لها دور الوسيط أيضاً في عودة العلاقات، وهذا ما أكده “هنية”، حين صرّح بأنهم “توصلوا مع موسكو إلى قرارات مهمة بشأن تطوير العلاقات الثنائية مع سوريا”. هذا البيان جاء بعد زيارةٍ قام بها هنية إلى موسكو، بعد المتغيرات الدولية، على خلفية الحرب الأوكرانية، فيما وجدت حماس في ذلك فرصة لتأسيس نهج جديد (براغماتي)، والابتعاد ما أمكن عن إرث حركة “الإخوان المسلمين”، التي فشل مشروعها في الشرق الأوسط. فالحركة تسعى إلى الاستفادة من روسيا للانفتاح، وتسجيل حضور إقليمي ودولي أكبر، وهذا ما يفسر إصرارها على التصالح مع دمشق، رغم أنه كانت هناك تعقيدات كثيرة، وضغوط من بعض قادة “الإخوان المسلمين” الرافضين للتطبيع مع النظام السوري، لكن “الحركة” قررت المضي قدماً، في محاولة إظهار نفسها مبتعدة عن “الإخوان” نحو سياسات جديدة، وبالتالي، لتسير حماس اليوم بخط قريب من الدبلوماسية السياسية، بعدما وضعت المواجهة المسلحة على طرف، كأسلوب تكتيكي، حيث أن الهدف منه التحول إلى الخط السياسي. وكان هذا واضحاً في الحرب الأخيرة ضد “الجهاد الإسلامي” في قطاع غزة، فكان دور “حماس” فيها ضعيفاً. فالرؤية الدولية والإقليمية لكيفية الحل، والنهج التفاوضي، ساعدت في تعديل تفكير “الحركة”، لتصبح لاعبة على الساحة الدولية، ومحاولةً منها ليكون لها دوراً قوياً في صنع القرار الفلسطيني، وتقديم نفسها كبديل عن “منظمة التحرير الفلسطينية”.

3-تغيير بعض قيادات “حماس”

إن التغييرات التي طرأت على قيادات “حركة حماس”، وسيطرة الجناح المتشدد، القريب من سوريا وإيران، في الدورتين الأخيرتين على “الحركة”، ساعدت على اتخاذالحركةلقرار التطبيع مع النظام السوري في الوقت الراهن. فيما كان لغياب خالد مشعل عن قيادة الحركة، ووصول “صالح العاروري” إلى منصب نائب رئيس المكتب السياسي دوراً كبيراً كذلك، إذ أنه معروفٌ عنه قربه من محور إيران. وتعتقد “حماس”، أنها بعودة علاقاتها مع النظام السوري، عادت لوجودها الطبيعي، ومحورها الإيراني، الذي يستوعب وجودها من دون إملاءات وشروط، ويعطيها نوعاً من الاستقرار، وهي مضطرة إلى ذلك، لا سيما في ظل حظرها في بعض الدول.

4- إيجاد أرضية جديدة

من بين الأسباب الأخرى التي دفعت “حماس” للعودة إلى سوريا، هي أن الجغرافيا بدأت تضيق أكثر على “الحركة”، بعد حظرها في العديد من الدول، والانشقاقات التي ضربت تنظيم “الإخوان المسلمين” داخلياً وخارجياً. وبعد أن جُمدت لها أرصدة واستثمارات كبيرة في عدة دول، من بينها مشاريعها الواسعة في السودان، وهذا يقلص نطاق تحركها، سواءً على مستوى وجود القادة العسكريين، أو عناصر الإمداد، أو تنمية القدرات العسكرية. ومع غلبة التيار الأيديولوجي المتشدد على “حماس”، المحسوب على الجناح العسكري على “الحركة”، فإن هذا التيار بات أحوج إلى الدعم الخارجي (السلاح، والذخيرة، والمال)، وكل ذلك لا يمكن تأمينه في الظروف الراهنة، إلا من مصدر واحد وهو إيران، فيما طريق إيصال الدعم يمر من سوريا.

فلم يعد أمام “حركة حماس” أي منفذ لاستعادة البعض من قوتها المادية والعسكرية، سوى إقامة تقارب جديد مع النظام السوري، بعد قطيعة دامت سنوات، وهمّها في ذلك أن تستعيد متانة العلاقات مع إيران، وتكتسب نفوذاً في مواجهة الدول العربية، التي باتت تضيّق عليها الخناق.

5-الاستدارة التركية نحو إسرائيل ودمشق

لا شك أن إعادة تطبيع العلاقات بين أنقرة وتل أبيب من جهة، ومساعي تركيا للتصالح مع النظام السوري من جهة أخرى، كانت إحدى الدوافع والأسباب الرئيسية لهذا القرار، حيث تسعى الحركة لإيجاد بلد بديل يستضيف ناشطيها وقياداتها، التي تتوقع في أي لحظة أنهم قد يضطرون لمغادرة الأراضي التركية لأسباب مختلفة. ولا يخفى أن معظم قيادات “حماس” كانت توجد في تركيا، لكن مع استعادة أنقرة علاقاتها مع إسرائيل، بدأت تتعرض لضغوط بترك المنطقة. ولا شك أن للاستدارة التركية نحو دمشق – مؤخراً – ومساعيها في التصالح والتطبيع مع النظام السوري، دورٌ بارزٌ في استعجال “حماس” للتطبيع معه قبل تركيا، وذلك لأن حماس باتت تخشى أن تجد نفسها محشورة في الزاوية وحدها، في حال جرى التطبيع بين حليفها التركي والنظام السوري، فحينها سيكون موقف حماس حرجاً، لأنه من البديهي أن يكون من بين شروط التطبيع بين الدولتين تخلي تركيا عن دعم “الإخوان المسلمين”، ومن بينهم “حركة حماس” التي دعمت المعارضة السورية، لذا ستحاول “حماس” عبر استباق التطبيع بين تركيا ودمشق، إيجاد موطئ قدم بديل لها عن تركيا، وذلك بضوء أخضر تركي، لأن الأخيرة – ورغم مساعيها للتطبيع مع اسرائيل، ودمشق- لا ترغب في التخلي النهائي عن ورقة “الإخوان المسلمين”، ومن ضمنها حركة حماس، فتركيا المعروفة ببراغماتيتها المفرطة، قد تحتاج لهذه الورقة وسط المتغيرات السريعة التي تشهدها المنطقة.

ومن جانب آخر، يبدو أن “حماس” تخشى من المتغيرات، التي قد تفرضها نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية، التي ستشهدها تركيا منتصف العام المقبل، والتي قد تجلب تغيرات كبيرة في التركيبة السياسية التركية، في حال وصول المعارضة إلى الحكم في تركيا، وهذا يحمل في طياته سيناريو منع “حماس” من ممارسة أي نشاط على الأراضي التركية، وهو سيناريو يبقى قائماً، ويُعتقد أنه شكّل عامل ضغط كبير على “الحركة”، من أجل إيجاد بلد بديل، يكون جاهزاً لاستضافة ناشطيها وقادتها، في حال أُجبروا أو قرروا مغادرة الأراضي التركية.

6-التطبيع العربي مع إسرائيل وتشكّل تحالفات جديدة

إن للتحولات الجديدة في المنطقة، من حيث تعميق علاقات التطبيع العربي مع إسرائيل ودمشق من جهة، والمصالحات في إطار المحاور على المستوى الإقليمي من جهة أخرى، تأثيرٌ كبيرٌ على عودة “حماس” إلى دمشق، وذلك لرغبتها في أن تواكب تلك المتغيّرات والمصالحات، وأن تبقي خطوط التواصل ممدودة مع أي خيار يتاح لها، والانفتاح على الجميع، حتى لا تقع في حالة انعزال سياسي عن بعدها العربي والإقليمي، وهذا هو أحد أسباب قبول “حماس” التصالح مع الحكومة الفلسطينية، والتوقيع على “إعلان الجزائر” بتاريخ 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وكان “رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، واضحاً، عندما اعترف بمساعي “حماس” إلى استعادة العلاقة حتى مع الأردن ودول أخرى، بعد إعلان التطبيع مع النظام السوري.

كيف ينظر النظام السوري إلى التطبيع مع “حماس”؟

من خلال متابعة ردود فعل النظام السوري على زيارة وفد “حماس” إلى دمشق، ولقائه بالأسد، كان واضحاً أن النظام غيرٌ مهتم كثيراً بالتطبيع مع “حماس”، ولكن الأسد ليس بوارد الرفض أو القبول، وكان إعلام النظام السوري يقول إن “حماس ليست دولة ليتم تبادُل سفراء معها، وإنما هي مجرد تنظيم يجب النظر إليها من هذا الباب لا أكثر، وإن قرر أحدهم في هذا التنظيم زيارة سورية فأبواب سورية مفتوحة لكل مَن يقدم نفسه كمقاوم، وليسَ مَن يتاجر بملف المقاومة”، بحسب صحيفة “الوطن السورية”. وهذا الخطاب يشير إلى أن النظام لا زال يعتبر “حماس” مجرد متاجر بالسياسة، وليس صادقاً في موقفه من النظام. فيما شبّهت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية، موقف الأسد من حماس، كموقف مصر، التي تتعاطى مع تلك الحركة على مستوى الأجهزة الأمنية لا أكثر.

لكن، يبدو أن تشبيه الصحيفة يحمل رسائل إلى إسرائيل، لتؤكد بأنها لن تكون داعمة لـ”الحركة” ضد إسرائيل، وذلك لتجنب ردة فعل إسرائيل، التي باتت تكثف ضرباتها على سوريا، بسبب التواجد الإيراني، لذا لا يريد النظام أن يضيف مبرراً آخراً لإسرائيل، لقصف سوريا، بوجود قادة “حماس” هذه المرة. فالنظام يدرك أنه – سياسيّاً – لن يستفيد من التطبيع مع “حماس”، وهذا ما أكده موقع “ميدل إيست أونلاين” (Middle East Online) الذي نقل عن مصدر قيادي في “حركة حماس” بأن النظام السوري وضع شرطين اثنين لعودة العلاقة:

الأول: يُطلب من الحركة أن تصدر اعتذاراً عن موقف الجماعة الفلسطينية مما يجري في سوريا، وهذا ما قامت به “حماس” عبر بيانها الذي أصدرته في 15 سبتمبر/أيلول الماضي، والذي يعد الأول منذ قطع “حماس” علاقتها مع دمشق. حيث اعتذرت الحركة عن الموقف الذي اتخذته من نظام الأسد في عام 2012، ووافقت خلاله على الشروط التي وضعها النظام من أجل استئناف العلاقات؛ إذ اعترفت ببشار الأسد رئيساً، وتطلعت “لأن تستعيد سوريا مكانتها بين الدول العربية”، وأكدت أن “كل الأراضي السورية يجب أن تكون موحدة تحت حكمه” ورفضت المساس بذلك، كما دعمت الجهود التي وصفتها بـ”المخلصة” من أجل استقرار وسلامة سوريا، وازدهارها، وتقدمها.

الثاني: ينص على عدم احتضان سوريا لأي نشاط لـ”الحركة” على أراضيها، ومنع بعض الشخصيات، التي كان لها مواقف راديكالية تجاه النظام، من الإقامة على الأراضي السورية أو دخولها، ويبدو أن “حماس” قبلت بالشروط، لذا استقبل الأسد مؤخراً وفداً من قادة “حماس”.

ورغم أن النظام يدرك أنه لن يستفيد كثيراً من استئناف علاقاته مع “حماس”، لكن ما جرى هو تلبية لإيعاز إيراني مباشر إلى الطرفين، فرضته ضرورة المرحلة، وسط محاولات دولية وإقليمية لتحجيم طهران بالمنطقة العربية.

الرؤية

لا يبدو أن النظام السوري – بعد كل المتغيرات الراهنة – بحاجة لـ”حماس”، ولا حتى مرحِّب بالعلاقة معها، رغم ضغط إيران وحزب الله عليه، فالحركة” بصفتها فاعلاً فلسطينياً محلياً لن تمنح دمشق أي ميزة، خاصة أن النظام بات يتعامل بحياد مع إسرائيل، ويتمنّى على الإيرانيين أن يخففوا من نشاطهم المعادي لها، لذا يدرك أن سلبيات علاقته مع “حماس” قد تكون أكثر من إيجابياتها.

ورغم قبول النظام السوري التطبيع مع “حماس”، إلا أنه لن يسمح هذه المرة لأجهزة “حركة حماس” بالنشاط بين الفلسطينيين في سوريا، وأساساً قد لا يسمح بوجود تجمعات للفلسطينيين في مناطق معينة، بعد تدمير “مخيم اليرموك”، ومن المؤكد أن العلاقات بين النظام السوري و”حماس” لن تكون كسابق عهدها؛ بسبب تغيّر الأرضية السياسية حالياً، مقارنة بالوضع منذ أكثر من 10 سنوات، بالإضافة إلى عدد من العوامل، التي تؤدي دوراً مهماً في التقارب واستئناف العلاقات، والتي قد تتغير في أي وقت.

قد يكون سعي روسيا إلى إحداث تقارب بين دمشق وغزة مجرد تمثيلية، ورغبة منها في خلط أوراق إسرائيل وحلفائها في منطقة الشرق الأوسط. كما أن ظهور الشرخ بين “الإخوان المسلمين” من جهة، وبين قادة وأعضاء “حركة حماس” وخلافاتهم في مسألة التطبيع مع النظام من جهة أخرى، سيكون له تأثيراً على شعبية الحركة، فبوصلة “حماس” تتجه الآن نحو روسيا، كدولة لها حضور على الساحة الدولية، وكتحرك نوعي، حيث ترى فيها الطرف البديل للولايات المتحدة، التي ما زالت تعتبر “حماس” حركة إرهابية، تهدد وجود إسرائيل. في المقابل تسير “الحركة” بنهج مواز لإبقاء علاقتها جيدة مع قطر، وتركيا، والنظام السوري، في حال أعادت الأخيرة العلاقات معها كما كانت. وكامتداد إقليمي توسعي، يضمن لها عمقاً استراتيجياً عربياً، مع استمرارية تواصل الاتصال مع روسيا كعمق دولي.

ويبدو أن “حركة حماس”، تحاول محاكاة براغماتية بعض التنظيمات الجهادية العالمية، التي تحولت إلى تنظيمات وحركات محلية، كـ”حركة طالبان” في أفغانستان، و”هيئة تحرير الشام” في سوريا. فبوادر هذا التحوّل تمثّل سابقاً في التعديل الذي أجرته “الحركة” على وثيقتها السياسية الجديدة، والتي ألغت فيها تعريف “حماس” بأنها “جناح من أجنحة حركة الإخوان المسلمين في فلسطين”، لتعرّفها بأنها “حركة تحرّر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية، هدفها تحرير فلسطين، ومواجهة المشروع الصهيوني”. لذا ستحاول “حماس” فتح العلاقات الرسمية مع العديد من الدول العربية، وتغيير سلوكياتها وخطابها، لتغيير صورتها، وبالتالي دفع المجتمع الدولي إلى مرحلة الاعتراف بها كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، عوضاً عن “منظمة التحرير الفلسطينية”.

زر الذهاب إلى الأعلى