مقالات رأي

الأربعاء الأحمر بداية الخلق ونهاية الفوضى الكونية

الأربعاء الأحمر

بداية الخلق ونهاية الفوضى الكونية 

يحتفل الإيزيديون بعيد رأس السنة الإيزيدية الذي يصادف أول أربعاء من شهر نيسان الشرقي الذي يتأخر عن التاريخ الميلادي الغربي بثلاثة عشر يوما، ويطلق عليه الإيزيديون اسم “جارشمبا سور/ الأربعاء  الأحمر”, وهو عيد مقدّس في الديانة الإيزيدية، حيث يتمّ فيه الدعاء لله وشكر “ملك طاووس” وبحسب المعتقدات الإيزيدية فإنّ “طاووس ملك رئيس الملائكة قد بعِث من قبل الرب إلى الأرض ليحوّلها إلى أرض حيّة من ماء وتراب كما هي وينبت فيها الربيع بألوانه”،

فهو عيد التكوين والخليقة وبداية الحياة بحسب ما ورد في الميثيولوجية والتاريخ الإيزيدي.

الأربعاء الأحمر عيد كغيره من الأعياد يتضمن مجموعة من الطقوس ومنها تحريم الزواج في شهر نيسان، وذلك لاعتقادهم أنّ نيسان هي عروس الأشهر ولا تقبل أن يكون غيرها عروس، فنيسان يمثل بداية فصل الربيع لديهم، وهو الشهر المبارك الذي تتزاوج فيه الآلهة فيما بينها، وتقوم بفعل الخلق المقدّس حسب ما ورد في الإيزيدية، ويرجِع البعض هذا التحريم إلى ارتباطه بالاعتقاد السومري بزواج (دوموزي) إله الزراعة مع إنانا آلهة الحب والحرب لتأكيد خصوبة الإنتاج .

والجدير بالذكر أنّ طقوس الزواج هذه في الديانة الإيزيدية تتطابق إلى حدّ كبير مع طقوس الزواج في عيد أكيتو العيد القومي للآشوريين والذي يصادف بداية شهر نيسان.

من الطقوس المتبعة أيضا في رأس السنة الإيزيدية تكسير البيض الملّون، حيث يرمز البيض عندهم إلى الكون، أما فعل التكسير؛ أي تكسير البيض الملّون فهو يرمز إلى  ظاهرة الانفجار العظيم التي أدت إلى نشوء الكون وتلوين البيض بعدة ألوان وخاصة اللون الأحمر والأخضر والأصفر طقس لابدّ منه، اعتقادا منهم أنّها تمثل وترمز إلى ألوان الطبيعة الزاهية في فصل الربيع  .

بعد تكسير البيض تجمع قشوره من قبل الفلاحين وتوزّع على الأراضي الزراعية دلالة خصوبة الإنتاج، إيماناً منهم بأنّها سوف تزيد وتضاعف من عطائها وبركته, وأيضا تؤخذ قشور البيض الملون وتعلق مع شقائق النعمان/ أزاهير نيسان فوق أبواب البيوت لزيادة الخصوبة التي تنتج عنها حياة جديدة، وهي بمثابة دعاء للخالق كي يزيد تعداد أفراد تلك البيوت ويحفظهم ويبعدهم عن أي مكروه.

في شهر نيسان يحرم أيضا الحرث وحفر الأرض اعتقادا من الإيزيديين أنّ الأرض حبلى بالنباتات وأنّها ستموت إذا ما تمّ حفرها، وهذا كله سيؤدي إلى تشوّه جمال وزهو الطبيعة .

من العادات المتبعة أيضا في عيد الأربعاء الأحمر تبادل الزيارات مع الأهل والأقارب وتقديم البيض الملّون كهدية إليهم، إضافة إلى زيارة المراقد الدينية والقبور في صباح يوم العيد، أيضا تقوم النسوة بعمل نوع من الخبز وهو عبارة عن عجينة مصنوعة من القمح وتسمى سوّك، يتم خبزها على هيئة قرص ثخين نوعا ما ويطلى بالدهن، ويوزع على الناس بأسماء موتى العائلة بالتساوي، ويوزع قسم منها أثناء زيارتهم للقبور.

إضافة إلى ذلك، يقوم الإيزيديون بنحر القرابين قبل يوم العيد؛ أي الثلاثاء، وإشعال النيران مساءً؛ لأنه لا يجوز ذبح أيّ شيء يوم الأربعاء، والنار في الديانة الإيزيدية هي رمز النور والشمس، وهي “رمز الحياة على الأرض وقبلة الإيزيديين، الذين لا يحبّون الظلام والعتمة”.

كلّ هذه الطقوس والعادات الدينية التي كانت ومازالت تمارس من قبل الإيزيديين في عيد رأس السنة الإيزيدية وغيرها، كان لابدّ لهم من المحافظة عليها رغم كلّ الظروف الصعبة وحملات الإبادة والقتل والتهجير الذي تعرضوا له، تأكيدا منهم على وجودهم للعالم أجمع، وإيمانا قاطعا بتمسكهم بدينهم وعقائدهم لعلّ في أنّ الآتي أجمل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى