دراسات

تحليل الواقع المعيشي في شمال شرق سوريا

 مقدمة

بات هم المعيشة وتأمين مستلزمات الحياة اليومية يتصدر قائمة المساعي الرئيسية اليومية لدى الأسر في المجتمع المحلي خصوصاً والمجتمع السوري عموماً. فقد شهدت الأوضاع المعيشية في الآونة الأخيرة تردّياً واضحاً تجلت آثارها في عجز الكثير من الأسر عن تأمين احتياجات حياتهم الأساسية. حيث شهدت الأسواق ارتفاعات جنونية ومتسارعة في الأسعار نتيجة ارتفاع مستويات التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي؛ وانتهازية الكثير من تجار السلع والمواد وخاصة الغذائية في استغلال حالة عدم الاستقرار في السوق وفي سعر الصرف وعدم فعالية الرقابة التموينية مما دفع بالأسعار لمستويات قياسية بلغت ما بين 50 إلى 70 ضعفاً مقارنة بأسعار ما قبل عام 2011 وما بين 3 إلى خمسة أضعاف مقارنة ببداية العام الحالي.

وإذا نظرنا من حولنا سنلاحظ ببساطة أن منطقة شمال شرق سوريا لا تعد من المناطق الفقيرة بالموارد الاقتصادية، إلا أن مشاهد الفقر كحالة اقتصادية واجتماعية وتزايد الأزمات المعيشية باتت تقض مضاجع الكثير من المواطنين وأسرهم. وازدادت ضراوة بعد التدني القياسي في سعر صرف الليرة السورية الذي بلغ الشهر الماضي أكثر من 3600 ليرة؛ وهذا ما شكل حجة قوية أمام التجار لرفع أسعار سلعهم وخدماتهم الأمر الذي أدى إلى خسارة نسب عالية من القدرات الشرائية للأفراد ليصبحوا أمامها عاجزين عن مواجهة نسق الحياة دون الطبيعية.

أولاً- أسباب تردّي الحالة المعيشية

يشكل الرفاه الاقتصادي إلى جانب الاستقرار الأمني وسيادة القانون العوامل التي تشعر الأفراد بالاستقرار؛ وتؤمن لهم ولأسرهم حياة حرة وكريمة. وإن غياب أحد أو جملة هذه العوامل قد يخلق نوعاً من التوتر المستمر وحالة من السلبية في حياتهم. وفي هذا السياق فإن أي تردي في الوضع المعيشي للأفراد سينجم عنه العديد من الآثار السلبية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي داخل المجتمع بشكل عام وضمن الأسرة الواحدة بشكل خاص.

وحيث شهدت منطقة شمال شرق سوريا ارتفاعات جنونية في الأسعار وصلت إلى أرقام قياسية لم تعد عقول الناس قادرة على استيعابها، الأمر الذي تسبب في تدنّي الوضع المعيشي في المنطقة؛ وخلق حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي؛ سواءً في الأسواق أو داخل المجتمع. وهنا يمكننا تلخيص أهم الأسباب التي دفعت بتلك الأوضاع نحو الانحدار وتتمثل في ما يلي:

  • غياب الخطط الاستراتيجية والإدارة السليمة عن آليات استغلال الموارد الاقتصادية المتاحة. فالمهم ليس توفر الموارد ولا إقامة الاستثمارات بل الأهم هي العقول التي تستثمر تلك الموارد بالشكل الأمثل وتدير تلك الاستثمارات بكفاءة وفعالية عالية.
  • التخبط في استخدام السياسات الاقتصادية وتطبيقاتها على أرض الواقع؛ وغياب التنظيم فيما بينها وخاصة تلك المتعلقة بالسياسات المالية من حيث الإنفاق العام والقنوات التي يتم صرف الأموال العامة فيها. وعدم استخدام أسلوب التكامل الاقتصادي في ترخيص أو إقامة أو تنفيذ المشاريع والاستثمارات.
  • تراجع في نوعية وجودة الخدمات العامة وخاصة الرئيسية منها؛ كالكهرباء والماء والإنترنت والطرق والشوارع العامة. الأمر الذي يتسبب في تزايد الأعباء المالية للمواطنين ويثقل كاهلهم بها.
  • البدء بسحب الدعم عن السلع والمواد الأساسية كالخبز ووقود السيارات الخاصة (البنزين) دون إجراء أية دراسات علمية للواقع أو للأثار التي قد تنجم عن القيام بهذه الخطوة؛ ولا حتى تهيئة الأجواء لاتخاذ مثل هذه القرارات الخطيرة اقتصادياً واجتماعياً ولا اختيار التوقيت المناسب لطرحها. أمام عدم تمتع المواطنين بقدرات شرائية عالية قد تتطلبها الأوضاع الجديدة الناجمة عن سياسات رفع الدعم.
  • سيطرة القطاعات غير الإنتاجية وذات الربح السريع؛ كالتجارة والاستيراد والتصدير وعمل الصيرفة على الاقتصاد المحلي. إلى جانب القطاعات الريعية؛ الأمر الذي يقوض تحقيق أية تراكمات رأسمالية أو قيم مضافة قد تكون أساساً لاستمرار العمل والتوسع في الإنتاج وخلق فرص عمل جديدة مستقبلاً من خلال إقامة الاستثمارات والمشاريع الإنتاجية.
  • تلاعب التجار بحركة الأسواق والتجارة وتنامي ظاهرة الاحتكار مقابل تراجع الرقابة التموينية وضعف خبرات أجهزتها والرضوخ في أحيان كثيرة لطلبات التجار وضعف قوانين محاسبتهم.
  • ارتفاع مستويات التضخم لأرقام خيالية وعدم القدرة على كبح جماحه. الأمر الذي يتجسد بارتفاعات كبيرة في الأسعار وانخفاض في القوة الشرائية لليرة السورية التي فقدت حتى الآن أكثر من 98% من قيمتها. مما يقلل من القدرة الشرائية للمواطنين ويتسبب في ضعف إمكاناتهم على تأمين مستلزمات حياتهم الأساسية.
  • تقدير وربط مستويات أسعار السلع والخدمات بسعر صرف الدولار الأمريكي فقط؛ وهي آلية نهب لمدخرات وقدرات الأفراد المواطنين بشكل مباشر. ذلك أن سعر الصرف هو أحد المكونات الاقتصادية للسعر وليس كلها. وبالتالي ينعكس أي ارتفاع في سعر الدولار ارتفاعاً في أسعار السلع والخدمات مما يشكل أعباءً كبيرة على كاهل المواطنين.
  • الاعتماد الكبير على استيراد مستلزمات الأسواق والمنطقة من السلع والمواد وخاصة المواد الغذائية والأدوية والحياتية الأخرى سواء من اقليم كوردستان؛ أو توريدها من الداخل السوري؛ مما يرفع من أسعارها بسبب الرسوم التي تفرض عليها وارتفاع نفقات شحنها ونقلها والأتاوات التي تفرضها الحواجز الحكومية كل ذلك يرفع من تكاليفها وبالتالي تنعكس ارتفاعاً في أسعارها.
  • عدم قيام المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة بعملها على الوجه الأنسب؛ للمساهمة في تنمية وتطوير وتأمين احتياجات المنطقة كما هو هدفها الأساسي. ويعود السبب في ذلك للعقلية الشللية والعائلية في توظيف أعضائها؛ إضافة إلى حالات الفساد المرافقة لجل المشروعات التي تقوم بها هذه المنظمات لتبقى غايتها الحصول على أموال المانح وليس تحقيق النتائج الإيجابية على صعيد المنطقة ومساعدة ساكنيها.
  • عدم التكامل الإداري والاقتصادي في المشروعات التي تنفذها الإدارة الذاتية وقصر الرؤى الاستراتيجية لديها. والتعامل فقط من خلال الحلول الإسعافية للقضايا والأزمات المعيشية التي تظهر يوماً بعد آخر.
  • رضوخ الإدارة الذاتية لأهواء ورغبات العديد من القطاعات العاملة في القطاعات الاقتصادية الحياتية؛ كأصحاب المولدات والسرافيس وتجار اللحوم وسواهم؛ وإصدار قرارات تعتمد على الوسطية بينها وبينهم؛ بعيداً عن إجراء أية دراسات علمية للحالات ذات الصلة من حيث التكاليف والإنتاج؛ والصعوبات التي تعتريها وغير ذلك. الأمر الذي – ربما كان لو تم – سيدفع بالإدارة نحو اتخاذ القرارات السليمة ذات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية على المديين القريب والبعيد.
  • عدم الخبرة في تنفيذ المشاريع في المنطقة؛ وفقدان القائمين عليها للمقومات الإدارية العلمية أو الخبرات الكافية لتنفيذها بالشكل الأمثل. إلى جانب حالات الفساد المرافقة للتنفيذ أو لعقد صفقات الإمداد والتوريد بالنسبة للسلع والمواد واستفحالها في الفترة الماضية مما يرفع من تكاليف الاقتصاد وبالتالي ارتفاعاً في أسعار السلع والمواد.
  • تداعيات العقوبات الغربية وقانون قيصر الأخير على عموم الساحة الاقتصادية السورية؛ والآثار الخطيرة التي تتركها على القدرات المالية والإنتاجية داخل الاقتصاد السوري؛ الأمر الذي يمكن أن نتلمس تداعياته على منطقة شمال شرق سوريا بسبب الارتباطات المالية والتجارية مع المركز دمشق.

ثانياً- مقارنة الدخل وتكاليف المعيشة بين عامي 2010 و2020 

تضم السلة الاستهلاكية المعتمدة من المكتب المركزي للإحصاء 13 حاجة ضرورية لحياة الأفراد والأسر وتطورها ونموها وهذه الحاجات هي : الطعام – المسكن – اللباس – الصحة – التعليم – المواصلات – الاتصالات – الأدوات المنزلية – الترويج والثقافة – المطاعم والفنادق – المشروبات الكحولية – التبغ – سلع وخدمات أخرى.

فإذا اعتمدنا الحاجات الثماني الأولى كحاجات ضرورية للحياة لا يمكن أن تستمر بدونها فقد بلغ مجموع النفقات الضرورية لتغطيتها في الوقت الحالي ووفق نسب التضخم السائدة الآن حوالي 753000 ليرة سورية للأسرة الواحدة المؤلفة من خمسة أشخاص وهي تشكل ضعفي ما كانت عليه في بداية العام الحالي (نسبة 191.6%). وإذا ما أضفنا عليها نسبة 8% للحاجات الأخرى المكملة للحياة في السلة الاستهلاكية يصبح مجموع ما يلزم للأسرة الواحدة بحدود 814000 ليرة سورية شهرياً.

وبالعودة قليلاً إلى الوراء، فقد أشارت نتائج مسح نفقات الأسرة التي قام بها المكتب المركزي للإحصاء في سوريا عام 2009 أن متوسط الرواتب والأجور بلغ 11300 ليرة سورية وان نفقات أسرة مؤلفة من خمسة أشخاص كانت تبلغ 14000 ليرة لتأمين سلة الغذاء والمشروبات فقط. كما بلغ الرقم القياسي لأسعار المستهلك الصادر عن المكتب حينها والكافي لتغطية كامل نفقات السلة الاستهلاكية التي تضم 13 حاجة حياتية كانت بحدود 30 ألف ليرة وتعادل حينها 600 دولار أمريكي.

هذا يعني أن الأسرة المؤلفة من خمسة أشخاص تحتاج اليوم إلى 1470000 ليرة لتغطية نفقات سلتها الاستهلاكية وتحتاج إلى 686000 ليرة لتأمين احتياجاتها الشهرية من الطعام فقط حتى تعيش بمستوى عامي 2009 و 2010.

بالنتيجة نستطيع القول ووفقاً للأرقام السابقة أن مؤشر تكاليف الحياة قد ازداد بمقدار الضعفين مقارنة ببداية العام الحالي وبخمسة أضعاف تقريباً مقارنة مع العامين الماضيين في حين أنه ازداد بأكثر من 25 ضعفاً مقارنة مع عام 2010. والشكل التالي يوضح لنا ذلك:

شكل (1) تزايد مؤشر تكاليف الحياة خلال العشر سنوات الماضية

 

  • حساب نفقات سلة الغذاء المعتمدة

تغطي سلة الغذاء – المعتمدة في مؤتمر الإبداع والاعتماد على الذات لنقابات العمال السورية عام 1987 – الحاجات الغذائية الأساسية والتي تبقي الفرد وأفراد عائلته على قيد الحياة وتتألف من ثماني مكونات وبمجموع 2400 حريرة يومياً يحتاجها الشخص الواحد وهي الخبز والبيض واللحم والجبن والخضار والفواكه والرز والسكر وفق الجدول التالي:

 

الأسعار بالليرة السورية
السعرات الحرارية (حريرة)
الوزن (غرام)
نفقات السلة الغذائية للفرد يومياً تموز 2020
357
1275
500
الخبز
90
75
50
البيض
576
108
75
اللحم
67
200
25
الجبن
215
65
250
خضار
400
60
200
فواكه
140
280
70
رز
532
337
112
سكر
2377
2400

المجموع

جدول رقم (1) تكاليف السعرات الحرارية للفرد الواحد يومياً تموز 2020

من الجدول السابق يمكننا أن نلاحظ أن نفقات غذاء الشخص الواحد يومياً غير متضمنة أي نوع من الشراب تبلغ 2377 ليرة سورية وهذا يعني أن أسرة مكونة من خمسة أشخاص ستحتاج  لـ 356550 ليرة سورية لتغطية نفقات غذائها شهرياً.

وإذا اعتمدنا أن الأسرة تنفق 60% من دخلها على الطعام هذا يعني أن تكاليف معيشة الأسرة الواحدة تبلغ شهرياً 594250 ليرة سورية لتغطية متطلبات الحياة الاعتيادية. والشكل التالي يوضح لنا المقارنة بين نفقات الطعام خلال عدة أعوام؛ بداية بعام 2010 وانتهاء بتموز من العام الحالي 2020.

شكل رقم (2) مقارنة نفقات الطعام بين الأعوام من 2010 وحتى 2020 نسبة إلى عام 2010

 

  • آثار تردّي الوضع المعيشي على المواطنين

إن تردّي الحالة المعيشية لأفراد المجتمع لا بد سيفضي إلى تزايد نسبة الفقر وظهور مظاهر غريبة كالسطو والسرقة والنهب العشوائي وغير العشوائي والتهريب واستنزاف مقدرات الشعب ومدخراته. وفي ذلك يمكننا تلخيص هذه الآثار فيما يلي:

  • تآكل القدرات الشرائية للمواطنين وعدم تمكنهم من تأمين مستلزماتهم الأساسية وخاصة الحاجات الرئيسية من الطعام والسكن واللباس ونفقات الصحة والتعليم.
  • استغناء الكثير من الأسر عن العديد من السلع والمواد الغذائية التي كانت تعتبر صديقة المائدة كالبيض واللحوم الحمراء والحليب والجبنة.
  • كل الأصناف المذكورة سابقاً تساهم في تنشئة الأطفال وتحفظ لهم نمواً سليماً وفقدانها من المائدة يقودنا إلى القول أن الجيل الحالي من الأطفال لا بد سيعاني من مشاكل صحية مستقبلاً تتعلق بالبنية العضلية والذهنية السليمة مما سيؤثر على مسار حياتهم اليومية من جهة وعلى مستقبلهم من جهة ثانية.
  • اضطرار الأهالي للدفع بأبنائهم الصغار إلى سوق العمل تحت ضغط ظروف المعيشة الصعبة؛ ليساعدوهم على تأمين متطلبات أسرهم مما سيدفع بالأطفال لترك المدارس والتعليم؛ الأمر الذي سيترك آثاراً خطيرة على مستقبلهم اقتصادياً واجتماعياً.
  • تزايد أعداد الفقراء بكل ما تتضمنه حالة الفقر من كوارث اقتصادية واجتماعية تتسبب في خلخلة البنيان المجتمعي على مختلف الصعد وتزيد من نسبة التخلف والجريمة فيه.

ثالثاً- خط الفقر وحساب الفجوة الاستهلاكية

يُعد الشخص فقيراً إذا قلّ دخله عن مستوى معين؛ يسمى بخط الفقر الذي حدده البنك الدولي بـ 1.9 دولار يومياً.

كما يمكن الاعتماد على بيانات الاستهلاك لتحديد نسبة الفقراء فجميع الأشخاص الذين يخصصون أكثر من 60% من دخلهم لتأمين الحاجات الاستهلاكية الأساسية لهم يعتبرون فقراء.

أما الأشخاص الذين لا يستطيعون تأمين احتياجاتهم من المواد الغذائية أو يحصلون على أقل من 1.9 دولار يومياً كدخل فهم يعيشون تحت خط الفقر ويتم تصنيفهم تحت حالة الفقر المدقع.

وبالحساب وفق أسعار الصرف اليوم يعتبر الشخص فقيراً إذا قل دخله عن 4655 ليرة يومياً. وتعد الأسرة المؤلفة من خمسة أشخاص فقيرة إذا قل مدخولهم عن حوالي 700000 ليرة شهرياً.

من هنا يمكننا القول ووفقاً للزيادة الأخيرة للرواتب والأجور من قبل الإدارة الذاتية أن وسطي الرواتب والأجور هو 350000 ليرة وهذا يعني أنه يجب أن تتضمن الأسرة الواحدة المؤلفة من خمسة أشخاص عاملين على الأقل حتى تعيش عند خط الفقر. أما الأسر التي يعيلها شخص واحد فتبلغ مقدار الفجوة الاستهلاكية التي تفصلها عن خط الفقر بحدود 350000 ليرة سورية وفق متوسط الرواتب والأجور والحد الأدنى من الحاجات الأساسية للأسرة الواحدة.

أما بالنظر للتكاليف الحقيقية اللازمة للأسرة الواحدة شهرياً والتي تبلغ بحدود 814000 ليرة سورية بذلك تكون الفجوة الاستهلاكية الحقيقية تبلغ مقدار 464000 ليرة في أسرة يعيلها شخص واحد وتبلغ 114000 في أسرة يعيلها شخصان وفق متوسط رواتب وأجور الإدارة الذاتية. وتزداد الطامة سوءاً إذا ما اعتمدنا وسطي الرواتب والأجور لدى الحكومة السورية 66000 ليرة لأن الكثير من المواطنين ما يزالون يعملون في مؤسسات الدولة السورية ويقبضون رواتبهم منها.

والشكل التالي يوضح نسبة متوسط الأجر إلى تكاليف الحياة باعتماد معيل واحد للأسرة أومعيلين.

شكل (3) نسبة متوسط الأجر إلى مؤشر تكاليف الحياة تموز 2020

رابعاً- الحلول الممكنة في الظروف الراهنة

أمام الارتفاعات الشاهقة للأسعار وانخفاض القدرات الشرائية للأفراد وفي ظل تدنّي الحالة المعيشية سنحاول أن نقدم بعضاً من الحلول التي نرى بأنها قد تمنع من تزايد نسبة الفقراء؛ وتحسين الوضع المعيشي للأسر في المنطقة:

  • اتباع سياسات اقتصادية تكاملية ناجعة تعمل على توجيه الطاقات الإنتاجية نحو توفير السلع والمواد الضرورية لحياة المواطنين.
  • تخصيص سلة غذائية وحصة تموينية كاملة للأسر التي تعاني من حالات الفقر المدقع؛ أو تلك التي لا معيل لها أو تعاني من ضعف قدراتها الشرائية.
  • تقديم كل الدعم اللازم للقطاع الزراعي؛ وخاصة زراعة الخضار والفواكه لتوفير حاجة الأسواق المحلية منها. والتركيز على زراعة المحاصيل الاستراتيجية كالقمح والقطن.
  • الحفاظ على أسعار نواقل الطاقة وأسعار المشتقات النفطية منخفضة لما لها من علاقة مباشرة في تكوين تكاليف الإنتاج والنقل وبالتالي تخفيضاً في أسعار السلع والمنتجات.
  • تأهيل كفاءات إدارية لها القدرة على اتخاذ القرارات الإدارية السليمة المتعلقة بالنواحي الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع والسير به بسوية علمية متمكنة.
  • عدم الرضوخ لأهواء وطلبات التجار وأصحاب المهن إلا ضمن الرؤى والاستراتيجيات المجتمعية والتي تسير به نحو تحسين وضعه الاقتصادي والاجتماعي.
  • منح قروض تشغيلية للمشاريع الإنتاجية في مجال تربية وتحسين الثروة الحيوانية، مما قد يساهم في توفير اللحوم والبيض والألبان ومشتقاتها في السوق لسد حاجة الناس إليها و بأسعار مناسبة.
  • منع التهريب بجميع أشكاله والتوقف عن تصدير السلع والحاجات التي تعاني الأسواق نقصاً في كمياتها أو ارتفاعاً في أسعارها كالأغنام والخضار والفواكه والبيض والألبان والأجبان.
  • تخفيض نسب الضرائب والرسوم على السلع والمواد الغذائية المستوردة بهدف تخفيض أسعارها في السوق.
  • تحسين جودة ونوعية الخبز الذي تصنعه الأفران العامة؛ من خلال صيانة وتجديد خطوط الإنتاج؛ وتحسين نوعية الطحين المقدم لها؛ وزيادة أعدادها؛ وتوزيعها وفق حاجة المناطق الجغرافية وكثافة السكان فيها.
  • زيادة دور الرقابة التموينية على الأسواق؛ وضبط عمل التجار؛ ومراقبة الأسواق؛ واتخاذ إجراءات قانونية صارمة بحق المحتكرين؛ والمتلاعبين بقوت الشعب.
  • تحسين الخدمات العامة من كهرباء ومياه؛ وتحسين الواقع الصحي؛ وتزويد المشافي بحاجاتها من الأدوية والمستلزمات الطبية؛ ومنح الحوافز اللازمة للأطباء؛ لضمان استمرارهم في العمل ضمن المشافي والمستوصفات العامة؛ مما سيخفف من الأعباء المالية الناجمة عن الخدمات الصحية الخاصة لدى الأفراد.
  • تبني سياسات مالية وضريبية تستهدف كبار التجار والصرافين والأغنياء؛ مما سيرفد الخزينة العامة بإيرادات إضافية؛ وتخفيف العبء الضريبي عن كاهل المواطنين أصحاب الدخل المحدود والمتوسط. وتحديد الحد الأدنى المعفى من الضريبة بمقدار وسطي الرواتب والأجور والبالغ 350000 ليرة لدى جميع الفئات التي يتم تكليفها.
  • معالجة الفساد ومحاولة تفكيك حلقاته؛ لما يلحقه الفساد بزيادة تكاليف الحياة؛ واغتناء طبقات معينة على حساب باقي فئات الشعب؛ ويساهم في نهب ثرواته؛ وتركز رؤوس الأموال بأيدي أعداد قليلة من الأفراد؛ حيث يتحكمون بتوزع الثروة وتحقيق الأرباح الفاحشة على حساب الشعب.

بقي أن نقول أن معدلات التضخم العالية التي وصلت لحدود 5000% مقارنة بعام 2010 أي زيادة في الأسعار لأكثر من 50 ضعفاً وفقدان الليرة نسبة 98% من قوّتها الشرائية؛ يترك آثاراُ خطيرة على البنية الاقتصادية بشكل عام والمعيشية بشكل خاص؛ وعلى قدرة أفراد المجتمع على تأمين مستلزمات حياتهم اليومية من السلع والحاجات الرئيسية دون أي حديث عن حاجات كمالية أو رفاهية، ويمكن إذا ما استمرت تلك المعدلات بالارتفاع أن تقود المجتمع إلى منعطفات اقتصادية واجتماعية أخطر بكثير مما نشهده الآن، فتزايد معدلات الفقر والبطالة وتراجع القدرة على التعليم وفقدان أسس ومقومات التنمية المستدامة ستلحق ببنيان المجتمع الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي آثاراً سلبية ستفتك بمستقبله ومستقبل أبنائه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى