ترجمات

مظلوم كوباني: الحوار الكردي-الكردي هو المفتاح الرئيس للوصول إلى الحل السوري-السوري

رابط المقال الأصلي

مقابلة حصرية مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم كوباني؛ أجراه موقع Syrian Democratic Times (SDT)

SDT: من هو مظلوم كوباني؟ كيف كانت تبدو حياتك قبل البدء بالعمل السياسي؟

الجنرال مظلوم كوباني: ولدتُ في مدينة كوباني الكردية الواقعة في الريف الشمالي لمدينة حلب في عام 1967. ارتدتُ المدرسة الابتدائية في مدينتي، ومن ثم انتقلت إلى مدينة حلب لاستكمال مرحلتيّ الإعدادية والثانوية، وأُهلّت للدراسة في كلية الهندسة المعمارية في جامعة حلب. انخرطت في العمل السياسي والتنظيمي مع الطلّبة الكُرد في أوائل الثمانينات حينما كنت في مدينة حلب.

SDT: هل تجد نفسك أقرب إلى العمل السياسي أم العسكري؟

مظلوم كوباني: أن تكون كردياً يعني أن تجمع بين السياسة والعمل العسكري؛ إذ من غير الممكن حماية الشعب الكردي دون العمل على كلا الصعيدين. بدأت العمل في الشؤون الإدارية والسياسية في الوقت نفسه مع بداية الحراك الثوري في سوريا، ولكن مع تزايد وتيرة الهجمات على مناطقنا من قِبل ما يسمى بالجيش السوري الحر والقاعدة وداعش، أردت البدء بالعمل العسكري من خلال تنظيم القوات العسكرية في روج آفا لحماية شعبي. والآن أهتم بكِلا الجانبين؛ السياسي والعسكري.

SDT: كنت من القادة الأوائل الذين سارعوا إلى المشاركة في الانتفاضة السورية بداية عام 2011. ما هي الاختلافات بين بدايات عملكم السياسي وعملكم في ثورة روج آفا، وما هي الفوارق في المجتمع بين المرحلتين؟

مظلوم كوباني: واجهنا ضغطاً هائلاً من النظام السوري ضد أي حراك سياسيّ في سوريا في الثمانينات. وكان الشعب آنذاك يخشى مضايقة أجهزة الأمن السورية، ولكني أستطيع القول بأننا كنا قادرين على تنظيم الغالبية العظمى من الطلّبة الكرد في الجامعات السورية، والكتل الشعبية في المدن والأرياف. حتى أني اُعتقلت لثلاث مرات. أصبح الشعب أكثر تنظيماً في الوقت الحالي؛ حيث نعتبر إيصال هذا الشعب إلى بر الأمان وحمايته من المجازر من مسؤوليتنا الكبرى.

SDT: ماذا بإمكانك أن تخبرنا بخصوص الفترة الممتدة ما بين 2011 و2014؟ ماذا كانت الصعوبات؟ من المعروف أن المواقف السياسية للقوى الدولية تجاه ثورة روج آفا لم تكن واضحة، على سبيل المثال؛ موقف الولايات المتحدة الأمريكية. كيف نجحت في استثمار القدرات التي كنت تملكها عندما لم يكن هنالك أية مساعدات أو تعاون من الخارج، على عكس قوى المعارضة الأخرى التي تلقت الدعم المادي والسياسي، وغير ذلك من أشكال الدعم الأخرى؟

مظلوم كوباني: بدأنا بتنظيم وحدات حماية الشعب (YPG) مع بداية الحراك الثوري السوري في عام 2011. حيث كانت المسألة معتمدة تماماً على القدرة الذاتية لشعبنا. لم نتلقَ دعماً من أي طرف آخر. حيث دعمَنا الشعب في البداية، بحملهم العصي وبـأسلحتهم وسياراتهم وأموالهم الخاصة. أتذكر أنّ أقوى أسلحتنا في ذلك الوقت كانت بنادق الصيد. ولكن بعد هجمات داعش على مدينة كوباني والمقاومة العظيمة التي أبداها مقاتلونا؛ بدأت الطائرات الحربية للتحالف الدولي بتزويد مقاتلينا بالدعم الجوي. ومع كل خطوة قمنا بها في تحرير الجغرافيا السورية من إرهاب داعش، كنا نفي بالتزاماتنا بالتعاون بشفافية مع التحالف الدولي. وقد مكننا هذا من توفير منبر للتعاون وتلقي الدعم.

SDT: لماذا اختارت وحدات حماية الشعب (YPG) بعد معركة كوباني أن تكون حليفةً للتحالف الدولي لهزيمة داعش؟

مظلوم كوباني: كانت وحدات حماية الشعب (YPG) ملتزمة بشكل كامل بالدفاع عن كوباني، حيث قاومت مدة 120 يوماً ضد منظمة إرهابية كانت قد غزت مدناً كبيرة مثل الموصل والرقة ودير الزور ومنبج في غضون بضعة أيام. وبعد تحقيق التعاون مع التحالف الدولي، أُلزمت وحدات حماية الشعب (YPG) نفسها بخطط التحالف، الرامية إلى تقديم الدعم الجوي، وحققت النجاح في هذا الصدد. وكانت هذه أول قوة في المنطقة تحقق النصر على تنظيم داعش، ضمن إطار هذا الدعم الجوي المقدم.

SDT: أخبرنا عن شعور القوات العسكرية  ومعنوياتهم  كـأول تجربة في محاربة أقوى تنظيم إرهابي في العالم؟ والفترة الحرجة عندما كانت كوباني على حافة السقوط. ما هي العوامل التي قلبت موازين القوى؟

مظلوم كوباني: لا أنكر بأن هذه الحرب شكلّت نقطة تحول مهمة في تاريخ نضالنا. هاجمتنا داعش في منطقتي الجزعة وتل كوجر قبل كوباني، وكنا قادرين على دحر هجماتهم في تلك المناطق. حيث حضّرت داعش نفسها لهجمات أكبر ضد كوباني، رداً على تلك المقاومة. منذ بداية الحراك الثوري، تعهدنا بحماية شعبنا وأراضينا ضد أية هجمات – ليس فقط في كوباني وتلك المرحلة – وألزمنا أنفسنا بتحقيق ذلك بكافة الأشكال.

SDT: هل تأكد تواطؤ الدولة التركية مع داعش؟ هل كانت معركة كوباني نقطة تحول في الحرب ضد داعش من الناحية العسكرية؟ وكم عدد الشهداء الذين ارتقوا في معارك كوباني؟

مظلوم كوباني: التواطؤ التركي مع داعش واضح للرأي العام، وتم توثيقه بشكل علني عن طريق التقارير والأشرطة الإعلامية المصورة. أعتقد أن كل الأجهزة الاستخباراتية النشطة في المنطقة قد وثقت هذا التواطؤ. جميع إرهابيّ داعش وصلوا إلى سوريا عبر الأراضي التركية. خلال معركة كوباني؛ أطلقت داعش أكبر هجماتها على المدينة مستخدمة المعابر الحدودية التركية، بمساعدة المدرعات التركية في ساحة المعركة. وكما هو معروفٌ للرأي العام بأن المعابر الحدودية السورية مع تركيا كانت مفتوحة خلال سيطرة داعش عليها بين عامي 2014 و2016، ولكن أُغلقت المعابر الحدودية مع تركيا في وجهنا وهي ماتزال مغلقة حتى الآن. لقد حصلنا على وثائق المعاملات التجارية التي تمت في ذلك الوقت بين داعش وتركيا. نعم كانت معركة كوباني بداية النهاية لداعش. وقد استشهد خلالها نحو 1253 من مقاتلينا وداعمينا في معركة الدفاع عن كوباني.

SDT: كيف تأسست قوات سوريا الديمقراطية (SDF) ولماذا؟

مظلوم كوباني: بعد تحرير كل المناطق الكردية بقيادة وحدات حماية الشعب (YPG)، بدأنا التخطيط لتحرير المناطق ذات الغالبية العربية بدعم من التحالف الدولي. وفي ذلك الوقت، كان من الضروري إشراك شباب وشعب تلك المناطق في تشكيل عسكري أوسع نطاقاً لوحدات الحماية. ولقد استفدنا من تجربة وحدات الحماية الشعبية، التي تضمنت كافة المكونات الإثنية والدينية في المنطقة، ووسعنا من قاعدتها لكي تصبح قوات سوريا الديمقراطية. واليوم قوات سوريا الديمقراطية هي تشكيل عسكري يضم مجالس عسكرية يديرها سكان كل منطقة محلية على حدة.

SDT: من المعروف أن القوى الكبرى كانت عازفة عن إرسال قواتها الخاصة لتحرير الرقة من داعش. لماذا تم اختيار القوات الكردية وقوات سوريا الديمقراطية التي أنشئت حديثاً لمحاربة داعش في “عاصمة الخلافة” المزعومة في الرقة؟ ألم تخف من الفشل؟ ما الذي عزّز من تصميمك على إنهاء تنظيم داعش في سوريا؟ هل تعتبر ذلك معركة كردية أم معركة عالمية ضد الإرهاب؟

مظلوم كوباني: لقد التزمنا مع التحالف الدولي لتحرير كل الأراضي السورية من التهديد الإرهابي لداعش، وكنا على استعداد للذهاب إلى كل مكان لمحاربة هذا التنظيم. حيث كانت الرقة العمود الفقري للإرهاب في ذلك الوقت، وكان من الواجب تحرير هذه المدينة لإنهاء سيطرة داعش على المنطقة. في البداية كانت تركيا ضد ذلك تماماً وعرقلت توجهنا نحو الرقة. وفي ذلك الوقت، كنّا قد اكتسبنا خبرة من تحرير مدينة منبج، بالإضافة إلى كسبنا ثقة الشعب السوري في القدرة على تحرير المناطق وإدارتها بشكل ديمقراطيّ.

كانت معركتنا هي لإنقاذ الإنسانية من قبضة داعش؛ حيث شاركَنا في ذلك الكثير من الشباب الأمميين من كل أنحاء العالم، واستشهدوا هنا جنباً إلى جنب مع الشباب الكرد والعرب والسريان.

SDT: هل قسد هي قوات كردية أم سورية؟ وهل تستطيع أن تصف لنا قوات سوريا الديمقراطية في جملتين؟

مظلوم كوباني: قوات سوريا الديمقراطية هي قوات وطنية. ونحن نواة لتشكيل الجيش السوري المستقبلي.

SDT: كانت معركة عفرين ومقاومتها وتضحياتها مؤلمة. أخبرنا عن ذلك. لماذا انسحبتم في اللحظات الأخيرة بالتزامن مع اقتراب تركيا من مركز المدينة، بعد المقاومة الشرسة والتضحيات الكبيرة في الريف؟ ما هي أسباب الانسحاب؟ ولماذا اُحتلت عفرين؟ لماذا لم تحقق النجاح الذي حققته كوباني؟

مظلوم كوباني: أُجبرنا على القتال في عفرين ضد قوة دولية في معركة غير متكافئة. ومع ذلك، قاومت قواتنا لوحدها، مع الشعب في عفرين، لمدة شهرين، الطائرات، وثاني أكبر قوة برية في الناتو. واُستشهد أكثر من ألفيّ مقاتل من قواتنا. وبدأت تركيا بارتكاب المجازر في المدينة في الأيام الأخيرة من المعركة. حيث بدأت طائراتهم بقصف مركز المدينة المكتظ بالسكان وقتلت المئات من المدنيين بينهم الأطفال والنساء. وقد أُجبرنا على الانسحاب لتجنب المجازر والدمار الشامل للمدينة. كانت تركيا تستهدف آلاف المدنيين وساعدها في ذلك، المؤامرة الدولية من خلال الصمت المتواطئ تجاه كل الانتهاكات التي ارتكبها الجيش التركي. 

SDT: بخصوص معركة سري كانيه/رأس العين وكري سبي/تل أبيض. كان من المفترض إنشاء “منطقة آمنة” بينكم وبين تركيا بعمق 5 كيلو متر وبضمانة الولايات المتحدة وقوات التحالف الدولي. حيث سُحبت الأسلحة الثقيلة، ولكن الغزو التركي الخارجي أدى إلى احتلال مساحة بعرض 140 كيلو متر وبعمق 20 كيلو متر. ماذا حصل خلف الكواليس؟

مظلوم كوباني: في ذاك الوقت كنا نعمل مع الأمريكان للوصول إلى اتفاق مع الجانب التركي، طرحنا الآلية الأمنية وشاركنا كل بنود الاتفاق بشفافية مع الرأي العام. والتزم شعبنا بكل هذه البنود: بدءاً من إزالة التحصينات الدفاعية وصولاً إلى سحب كافة مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية والأسلحة الثقيلة. قمنا بسحب قوات الدفاع من النقاط الحدودية، بناءً على ثقتنا بالوساطة الأمريكية. انتهكت تركيا الاتفاقية ولم يحقق الأمريكان التزاماتهم كوسطاء في هذه الاتفاقية، وكنا أمام حرب شرسة ثانية في غضون ساعات.

SDT: كيف تتعامل مع القوى العظمى في المنطقة الواقعة تحت سيطرتكم؟ روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والنظام السوري. إنها معضلة كبيرة. كيف يمكنك التعامل معهم جميعاً؟

مظلوم كوباني: نحن على يقين بأن حل الأزمة السورية يمر عبر اتفاق مع القوى الدولية المذكورة آنفاً. ونسعى إلى العمل ضمن آليةٍ تتمثّل في التنسيق مع هذه القوى. المعضلة صعبة بالطبع، ولكننا نعمل في إطار القضية السورية، وهذا النوع من العمل ضروري.

SDT: لقد طرحت مبادرة الحوار الكردي-الكردي. إلى أين وصلتم؟ وكيف تصف مخاوف القوى الإقليمية وشركائكم بخصوص التقارب الكردي؟ هل سيخدم هذا الحوار؛ الحوار السوري-السوري؟

مظلوم كوباني: سيشكّل الحوار الكردي-الكردي المفتاح الرئيس للوصول إلى الحل السوري-السوري.  إنّ عملية الوحدة الكردية، هي صعبة جداً، نظراً  لتدخل القوى الخارجية وتأثيرها السلبي. حيث أعلنت القوى الخارجية معارضتها للوحدة الكردية، ولكننا نعمل مع حلفائنا الأمريكان ودعم القوى الدولية الأخرى لإنجاح هذه المبادرة، ولقد توصلنا ، حتى اللحظة، إلى اتفاق بين كِلا الطرفين، من أجل تبني رؤية سياسية مشتركة، و نحن نعمل على استكمال الخطوات التالية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى