قضايا راهنة

الحوار الكردي- الكردي.. الأهمية والنتائج

تمهيد

أصبحت المفاوضات الكردية– الكردية في روج آفا -المدعومة دولياً- حديث الساعة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع التحولات السياسية والاقتصادية في سوريا؛ ولا سيما مع تطبيق قانون قيصر الذي يهدف إلى تغيير النظام السوري القائم.

أُطلِقت مبادرة توحيد الصف الكردي من قِبل القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، ولاقت ترحيباً من الأطراف الكردية، جميعاً، ودعماً دولياً من الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الدولي، وأعْلن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية انتهاء المرحلة الأولى بنجاح.

تُراجع الأطراف السياسية في روج آفا أوراقها مجدداً الآن، ولكن هذه المرة في ظل أجواء سياسية إقليمية ودولية أكثر حساسية من ذي قبل، حيث بات الكرد في المنطقة عموماً وسوريا على وجه الخصوص أمام مفترق طرق، وبات مصيرهم محفوفاً بمخاطر وجودية، وبناءً عليه فهم اليوم مطالبون، أكثر من أي وقت مضى، بخلق أرضية موحدة، ومرجعية سياسية تتكون من مستقلين ومثقفين وأحزاب.. يتجاوز ولاؤهم الأيديولوجيات الحزبية الضيقة، وتنطلق رؤيتهم من صميم الواقع المعاش.

تشهد الساحة الكردية هذه الأيام تقارباً في وجهات النظر، وإجماعاً عاماً على نقاط محورية لبناء مرجعية سياسية. يساندها مقاربة أمريكية- غربية من باب استراتيجية الحفاظ على مصالحها في المنطقة، وضمان شرعية وجودها.

وقد أُجهضت- سابقاً- مساعي إنعاش المصالحة الكردية في وثيقتي هولير (1) و(2) عام 2012، واتفاقية دهوك عام 2014 لأسباب كثيرة أبرزها:

أولاً- التدخل التركي لمنع حصول كرد سوريا على أي مكسب قومي كما حصل في العراق.

ثانياً- عدم جهوزية أطراف الحوار لعقد اتفاقية استراتيجية طويلة الأمد، بل كان الهدف التقارب بشكل مرحلي.

نحاول في هذا البحث، إلقاء الضوء على أهمية الحوار والاتفاق السياسي بين الأحزاب الكردية في سوريا، والبحث في المعضلات التي قد تواجهها، وتقييم النتائج التي قد تنجم عنها.

الأجندات الدولية في الأزمة السورية

تميّزت الأجندات والتدخلات الدولية في الأزمة السورية بكونها متشابكة ومضطربة في الكثير من الأحيان، وشكّل التدخل الدولي (الولايات المتحدة الأمريكية، والتحالف الدولي، وروسيا)؛ بالإضافة للتدخل الإقليمي (إيران وتركيا)، دوّامة من الّلا حل والتحالفات غير المتوقعة.

اتصفت الاستراتيجية الأمريكية في سوريا بالضبابية، حيث يشبّه عالم الاجتماع الأمريكي إيمانويل فالرشتاين ذلك بـ”المدفع الطليق Loose Cannon” المتذبذب. استثمرت روسيا الفراغ الذي نجم عن الانسحاب الأمريكي من بعض المناطق الحدودية الذي مهد لاحتلال تركيا منطقتي سري كانيه وكري سبي/تل أبيض. ولكن، وبعد إعادة تموضع القوات الأمريكية في مناطق النفط شرقي الفرات، أُعيد ترتيب الأوراق بشكل أو بآخر، وبات الكل يدرك بأن روسيا مجبرة على الاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية لجني ثمار الحرب السورية، وهو أمرٌ يرتبط بما صرّح به مبعوث الرئاسة الأمريكية في سوريا جيمس جيفري بأن وظيفته هي جعل سوريا مستنقعاً للروس. الآن، وفي ظل تغييرات المشهد السوري، أصبح إعادة ترتيب الأوراق حاجة ملحّة لكل الأطراف، وقد بات واضحاً بأن الولايات المتحدة تدعم الحوار السياسي الكردي من أجل الضغط على النظام وإيران وحتى روسيا. بمعنى آخر، تتمثل أجندات الولايات المتحدة الحقيقية في تشكيل جبهة قوية ضد النظام السوري وإيران، حيث سيجبر الخطاب الكردي الموحد النظام على القبول بالواقع الحالي والحل السوري المتمثل في قرار الأمم المتحدة 2254؛ بالإضافة إلى ذلك، ستشكّل المشاركة السياسية للكرد في المفاوضات ضغطاً على النظام. ومن ناحية أخرى؛ تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى إقامة تحالف بين الإدارة الذاتية وما يسمى بالمعارضة المعتدلة وتوحيدها في جبهة واحدة لخلق بديل عن النظام. ولكن لابّد من القول بأن شروط تحقق ذلك متعلقة بتركيا أيضاً، كونها القوة التي تحتل جزءاً من الشمال السوري.

أما الأجندات الروسية فهي مختلفة؛ إذ لم تكن موسكو تمتلك أية رؤية للحل السياسي للأزمة السورية، وقد كان الهدف من منصتيّ سوتشي وآستانا ضرب المعارضة عسكرياً، واستعادة الحكومة المركزية سيطرتها على كافة الأراضي السورية. أما الآن فقد باتت روسيا مقتنعة بأنه يجب تغيير سلوك النظام، وتقليص النفوذ الإيراني في سوريا، مقابل التسهيل الأمريكي لعملية سياسية حقيقية في سوريا. ومن الواضح بأنها لن تدعم الحوار الكردي، ولكنها لن تعيق مساراته أيضاً.

يعاني العقل الجمعي الكردي من فوبيا المؤامرة بسبب ما عاناه الكرد في القرن الماضي, فقد تم اتخاذ قرار دولي بإبقاء القضية الكردية دون حل في مؤتمرات القاهرة ولوزان وسايكس بيكو، وينظر الكرد اليوم بعين القلق إلى المبادرات الدولية بخصوص قضيتهم العادلة.

بنية الأحزاب الكردية في سوريا

تشكّلت أغلب الأحزاب الكردية بشكل قسري، حيث لم تتحول إلى أحزاب سياسية بأبعادٍ أيديولوجية وتنظيمية كما هو متعارف عليه؛ فهي تأسست في ظل تناقضات القوى الإقليمية (تركيا وإيران وسوريا والعراق)، والدولية (بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وروسيا)، وأصبحت لهذه القوى نفوذ قوي داخل هذه الأحزاب ما ساعد- بالإضافة للتشرذم الاجتماعي- في بقاء التناحر مستمراً بين القوى الكردستانية الكبرى.

تشّكلت الحالة السياسية الكردية السورية بداية من عام 1957 بتأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا، ولكن – الحالة السياسية الكردية – بدت ضعيفة الفاعلية منذ البداية، ويمكن إجمال أسباب ذلك في عوامل داخلية وأخرى خارجية:

العوامل الداخلية:

  1. عدم تطور البنية الاجتماعية للكرد في سوريا، وتشكّل الأحزاب حول محاور التناحرات العائلية والعشائرية؛ وبرؤية سياسية ضيقة.
  2. لم تتأسس هذه الأحزاب وفق أفكار ورؤى أيديولوجية مستقلة، وبقيت في طور التبعية السياسية.
  3. أدت تبعية هذه الأحزاب للأجزاء الكردستانية الأخرى إلى تشرذمها وانقسامها فيما بينها.

العوامل الخارجية:

  1. سطوة بعض القوى الإقليمية على بعض الأحزاب الكردية واستخدامها بما يلائم مصالحها الإقليمية.
  2. اتباع النظام سياسة صهر الهوية الثقافية الكردية، وإبقاء المجتمع الكردي في سوريا بعيداً عن المشاركة السياسية.

أهمية الاتفاق السياسي الكردي

يُعدّ الحوار السياسي بين الأحزاب السياسية الكردية في سوريا بمثابة أرضية لتشكيل مرجعية سياسية للكرد في روج آفا بشكل خاص، وفي سوريا بشكل عام. وعليه، تكمن أهمية الحوارات الجارية بأنها تدفع الكرد لتمثيل أنفسهم بمرجعية موحدة في المحافل الدولية والإقليمية لحل الأزمة السورية.

تسبّب توزّع الأحزاب الكردية ضمن قوى سياسية مختلفة في عدم مشاركتهم في مفاوضات سوتشي وجنيف، وقد أدت هذه الحالة من التشرذم في النهاية إلى خسارة أجزاء حيوية من روج آفا. لذا, من الأهمية بمكان، التوصّل للاتفاق والسلام، وإلا ستتكرر التراجيديا الكردية، التي لا زالت مستمرة منذ مئات السنين.

يمكننا إيجاز أهمية الاتفاق السياسي الكردي في سوريا فيما يلي:

  1. تمثيل الكرد برؤية موحدة في المفاوضات الدولية المتعلقة بحل الأزمة السورية.
  2. قطع الطريق أمام أطماع تركيا الاحتلالية في روج آفا.
  3. قطع الطريق أمام محاولة تدخل القوى الإقليمية في الشؤون الكردية واستغلال حالة الانقسام بين الأحزاب الكردية.
  4. حماية المكتسبات المتحققة حتى الآن المتمثلة في الإدارة الذاتية الديمقراطية وقوات سوريا الديمقراطية.
  5. استقلالية القرار السياسي في روج آفا.

لا يمثل الاتفاق الكردي السياسي في روج آفا- فيما لو تحقق- العصا السحرية لحل كل شيء؛ ولكنه مهم بالمعنى المصيري للكرد في هذه المرحلة، وفيما يلي توضيح لبعض جوانب أهميته:

  1. الدفع نحو الحل السياسي

سيشكّل الاتفاق السياسي بين الأحزاب الكردية في سوريا أرضية مهمة لمشاركة الكرد في المحافل الدولية بتوجيه خطاب سياسي موحد، فقد انعكست حالة الانقسام في الشارع الكردي-سورياً- سلبًا على الكرد، حيث شكّلت مشاركة المجلس الوطني الكردي في الائتلاف السوري المعارض المدعوم تركياً حالة سلبية عانى الكرد من نتائجها في عفرين وسري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض)، وأدت؛ بالإضافة إلى الفيتو التركي، إلى إبعاد الإدارة الذاتية الديمقراطية عن المفاوضات السياسية المتعلقة بحل الأزمة السورية.

سيفتح هذا الاتفاق – فيما لو تحقق – الباب للدعم الدولي في المفاوضات السياسية لحل الأزمة السورية. بمعنى آخر، سيكون هذا الاتفاق بمثابة خطوة باتجاه الاعتراف الدولي بالإدارة الذاتية الديمقراطية، والذهاب نحو حل سياسي سوري شامل.

  1. قطع الطريق أمام أطماع تركيا الاحتلالية

سيقطع الاتفاق السياسي للأحزاب الكردية في سوريا الطريق أمام أطماع تركيا الاحتلالية في سوريا، حيث لن تستطيع أنقرة استخدام طرف كردي ضد آخر، مما سيؤدي لأسلوب آخر من العلاقة مع تركيا. في الواقع، بدت تركيا حتى مرور أسابيع على مباحثات الطرفيين الكرديين غائبة عن المشهد، إلا أنها لم تخفِ انزعاجها لاحقاً؛ إذ أنه من شأن هذه الحوارات أن تقطع الطريق أمام ذرائع أنقرة في التوغل مجدداً داخل المناطق الكردية السورية.

إنّ أبرز هواجس تركيا ومخاوفها من سير الحوار الكردي- الكردي بنجاح، هو تطبيق تجربة كردستان العراق في سوريا، بعد أن يضفي المجتمع الدولي الشرعية القانونية على الكيان التشاركي في شمال وشرق سوريا– حدودها الجنوبية-، وهذا ما يمكن أن نشهده في الأيام المقبلة حال توصلت الأطراف السياسية الكردية إلى توافق على ورقة سياسية موحدة، ترضي جميع الأطراف.

بناءً على ما تم ذكره، حركت تركيا أوراقها في الأيام القليلة الماضية، خاصة في ضوء المعطيات الحالية عن تحقيق نتائج إيجابية بين المتفاوضين الكرد، والاتفاق على محاور الجولة الأولى من الحوار.

وكخطوة استباقية وإجراء احترازي لمنح المعارضة السورية هالةً من الشرعية الصورية في حال انسحاب المجلس الوطني الكردي، أشركت أنقرة ما يسمى “رابطة الكرد المستقلين” ضمن الائتلاف السوري المعارض، وهي ذاتها التي رحبت بالاحتلال التركي والفصائل المتشددة الموالية لأنقرة لمدينة عفرين الكردية.

كما يمكن أن تلجأ تركيا في وقت لاحق إلى إغراء بعض شخصيات المجلس الوطني الكردي بحصص وحقائب إدارية، والتضييق على بعضهم الآخر في حال سارت المفاوضات الكردية على النحو الذي لا ترجوه أنقرة.

ولكن، إن توّج الحوار السياسي بين الأحزاب الكردية بمرجعية سياسية للكرد في سوريا، فإن تركيا مجبرة على القبول بالواقع الحالي، وليس من المستبعد– نتيجة الأزمة الداخلية التركية والضغط الدولي وخارطة الطريق المقترحة من قبل السيد عبد الله أوجالان– أن نشهد عملية سلام جديدة.

  1. حماية المكتسبات

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على أكثر من 20 بالمئة من الأراضي السورية، حيث تحققت هذه المكتسبات نتيجة حرب طويلة ضد تنظيم داعش الإرهابي، وتبنّت مكونات المنطقة وشعوبها نموذج التعايش المشترك حول العقد الاجتماعي الذي أدى لبناء الإدارة الذاتية الديمقراطية.

تمثّل الإدارة الذاتية الأنموذج الأكثر معقولية للحل في سوريا، وأكثرها نجاحاً إلى الآن. تاريخياً؛ وخاصة بعد تشكّل الفكر القومي المستند للحداثة في الشرق الأوسط بعيد الحرب العالمية الأولى، لم يُجرَّب أنموذج حول التعايش المشترك والإدارة التشاركية المستندة للديمقراطية المباشرة في المنطقة؛ لذلك فإن الإدارة الذاتية، رغم بعض أخطائها، تمثّل تجربة مهمة لنماذج الحل السياسي السوري والشرق أوسطي عامة.

بناء عليه؛ على الكرد أن يمثّلوا أنفسهم بقوة في الإدارة كونهم أصحاب المشروع القائم. لذا؛ لا ضير من الانتخابات وإعادة رسم الإدارة في ظل هذا النموذج التشاركي.

استقلالية القرار السياسي في روج آفا

ليس خافيًا بأن أجزاء كردستان مترابطة، ولها تأثير متبادل فيما بينها بحكم الخارطة الجيوسياسية والانتماء الاجتماعي– السياسي، ولكن من الأهمية بمكان، أخذ خصوصية الأجزاء الكردستانية بعين الاعتبار، حيث تفرض الأجندات الدولية سياسات مختلفة لكل جزء، لذا من المهم الربط بين الجزء والكل كعلاقة تكافلية ومتبادلة. وعليه، من المهم جداً أن تمثّل المرجعية الكردية السياسية القرار المستقل للشعب الكردي في روج آفا.

لذا؛ ستشكّل المرجعية الكردية الصوت الكردي في المفاوضات الدولية المتعلقة بحل الأزمة السورية، وفي حال نجاح هكذا نموذج، يمكن تعميم نموذج الوحدة السياسية الكردية في سوريا على الحالة الكردية العامة في الأجزاء الأخرى.

ما هي العقبات أمام هذا الحوار؟

لكل حوارٍ سياسي شروطه وظروفه الخاصة به، حيث يوجد لكل طرف أجنداته وأهدافه الخاصة، وكل طرف يدّعي بأنه يمتلك الحقيقة والحل، وإن الطرف الآخر سبب المشاكل والويلات.

يشكّل الاعتراف المتبادل والتواصل العقلاني أهم شرط لنجاح أي حوار يهدف لاتفاق حقيقي، ويمكن الاستفادة من التجارب العالمية، مثل تجربة الاتحاد الأوروبي واتحاد ألمانيا واتحاد الولايات المتحدة تحت قيادة جورج واشنطن. وكل مقاربة تقوم على الاستعلاء ولوم الآخر؛ “كأنه منبع السيئات”؛ لن يكتب لها النجاح وستؤدي إلى المزيد من التعقيد والّلا حل، وقد شكّلت هذه المقاربة السبب الرئيس في فشل اتفاقات هولير ودهوك السابقة.

تأسس الاتحاد الأوروبي بناءً على أفكار عالم الاجتماع والفيلسوف الألماني يورغن هابرماس، وتوحدت ألمانيا بفضل أفكاره، فقد اقترح هابرماس إنشاء فضاء عام استناداً إلى “العقلانية التواصلية”، وتأطيرها بالقوانين والمشاركة المجتمعية بهذا الفعل السياسي. فما هي المشكلة في تشكيل نوع من الاتفاق السياسي بين الأحزاب الكردية بناءً على العقلانية التواصلية والمصالح الوطنية المشتركة، حيث حان الوقت لتجاوز الأخطاء السابقة التي تسببت في تشرذم المجتمع الكردي

يمكننا إيجاز العراقيل أمام الحوار السياسي الكردي- الكردي بما يلي:

  1. الارتباط بالأجندات الإقليمية التي كانت السبب في عقم الحل.
  2. عدم استقلالية قرار الأحزاب السياسية في روج آفا.
  3. المقاربة التي تكمن في الصراع على السلطة (تقسيم الكعكة)، وليس الحوار الهادف إلى الاتفاق السياسي.
  4. المقاربات غير العقلانية، والمحصورة بالمصالح الحزبية الضيقة.
  5. غياب الوعي السياسي القائم على التعددية والتشاركية، وانحصار الرؤية السياسية ضمن إطار النطاق الحزبي الضيق ودائرة الاتهامات المتبادلة.
  6. عدم الأخذ بعين الاعتبار أن خصوصية الكرد في سوريا مختلفة عن الأجزاء الأخرى.

من يسعى لنسف الحوار؟

يمكننا القول بأن كل طرف كردي مرتبط بالأجندات الإقليمية يسعى لنسف الحوارات القائمة لغاية في نفس يعقوب، وستستخدم إيران وتركيا والنظام السوري- الأنظمة التي تدّعي السيادة وتشكّلت نتيجة الفكر القومي الغربي- نفوذها داخل بعض القوى الكردية لنسف الحوار الكردي، لإبقاء القضية الكردية في دوامة العقم والّلا حل.

يمكننا أن نجمل القوى الساعية لنسف الحوار الكردي- الكردي بما يلي:

  1. ستعمل كل من تركيا وإيران بشتى الوسائل على نسف الحوار السياسي بين الأحزاب الكردية في سوريا، لأن الخطاب الكردي الموحد في السياسة الإقليمية والدولية، لا يصبّ في مصلحتهما.
  2. لا تصب هذه الحوارات في مصلحة النظام السوري وروسيا، وهما سيحاولان بدورهما عرقلة هذه الحوارات.

خاتمة

إنّ أية بادرة سلام أو رؤية ايجابية بين القوى السياسية الكردية ستأتي بآثار محمودة على المنطقة، وستزيد من فرص تحقيق الثقة والأمن والاستقرار بين الكرد أولاً، وبين الكرد– بعد توحيدهم- وباقي المكونات في شمال وشرق سوريا ثانياً، بما يضمن تمثيلاً حقيقياً للجميع.

إن مهمة إنجاح الحوار الكردي- الكردي وتوجيهها نحو إيجاد الحلول، ليست بالوظيفة السهلة، ولكنها ليست مستحيلة أيضاً، حيث ستعمل الغلاديوهات الإقليمية والدولية بشتى الوسائل على تخريب الاتفاق السياسي بين الأحزاب الكردية، والاستمرار في سياسة “فرق-تسد”؛ لإبقائها مبعثرة بما يتيح التحكم المستمر بها.

إن حماية المشروع التشاركي للإدارة الذاتية المبني على التعايش المشترك في سوريا يمّر عبر الاتفاق السياسي بين الأحزاب الكردية، وفي حال عدم تحققه، لن يكون الحضور الكردي في مستقبل سوريا لائقاً ومعبّراً عن تطلعات الشعب الكردي ومستوى التضحيات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى