قضايا راهنة

اغتيال قاسم سليماني.. كرةُ النار في ملعب إيران

في خطوةٍ تصعيديةٍ كبيرة، قامت الولايات المتحدة الأمريكية، وبقرارٍ مباشر من الرئيس دونالد ترامب، فجر الجمعة 3 كانون الثاني/ يناير باغتيال قائد فيلق القدس الإيراني- الذراع الاستراتيجي للحرس الثوري في الخارج – الفريق قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس العراقي- الإيراني- وهو أحد قادة الحشد الشعبي في العراق- وقادة آخرين في فيلق القدس والحشد، عبر استهداف موكبهم بطائرة مسيرة قرب مطار بغداد.

هذا التصعيد بدأ عندما تعرضت إحدى القواعد الأمريكية في مدينة كركوك شمالي العراق إلى هجومٍ بالصواريخ، وأدى إلى مقتل مقاول أمريكي وإصابة عدد من العسكريين الأمريكيين والعراقيين بجروح، واتهمت الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو إيران بالوقوف وراء هذه الهجمات.

أعقب ذلك، في 29 كانون الأول/ ديسمبر استهداف طائرة مسيرة أمريكية مواقع للحشد الشعبي في مدينة القائم غربي مدينة الأنبار، ما أسفر عن مقتل 25 عنصراً من الحشد وجرح أكثر من خمسين عنصراً، وذلك بحسب ما نقلته وسائل إعلام إيرانية رسمية، واعتبرت وزارة الدفاع الأمريكية هذا الهجوم ردّاً على ما سمته بالهجوم المتكرر من قبل حزب الله العراقي (أحد كتائب الحشد الشعبي) على قواعد التحالف الدولي ضدّ تنظيم داعش في العراق.

أدى مقتل عناصر الحشد إلى خلق رد فعل غاضب من قبل متظاهرين موالين للحشد الشعبي وإيران، حيث قاموا بمهاجمة السفارة الأمريكية في بغداد التي تقع ضمن المنطقة الخضراء شديدة التحصين، وأضرموا النار في بوابتها وحاصروها إلى أن تدخلت القوات الأمريكية  وتلاها انسحاب المتظاهرين من محيط السفارة.

لاشكّ أنّ الإدارة الأمريكية اعتبرت الهجوم على السفارة الأمريكية بمثابة اعتداء على الأراضي الأمريكية، وهي أدركت مدى التصعيد الكامن وراء هذا الهجوم على إحدى خطوطها الحُمر، فجاء الردّ سريعاً وصادماً من خلال اغتيال قاسم سليماني ثاني أهمّ رجل في إيران بعد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي، حيث يعتبر سليماني مهندس النفوذ الإقليمي لإيران في المنطقة من خلال تسليح وتدريب جماعات موالية لإيران خارج حدودها كما في العراق وسوريا ولبنان واليمن،  ويُعتبر هذا النفوذ الإقليمي من خلال هذه الجماعات أحد أركان القوّة الإيرانية الأساسية إلى جانب الملف النووي وبرنامج الصواريخ البالستية والجيش الإلكتروني.

وتتضمّن عملية الاغتيال هذه رسالة واضحة بعدم تنازل الولايات المتحدة عن شروطها الإثني عشر مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المدمّرة عن إيران، حيث أنّ ستّة من هذه الشروط تتعلق بإيقاف دعم إيران للجماعات الموالية لها خارج حدودها وإيقاف تدخّلها في شؤون دول المنطقة.

اعتبرت إيران هذه العملية أكبر خطأ استراتيجي ارتكبته أمريكا وأكدت أنها لن تفلت بسهولة من تبعات هذا الخطأ، جاء هذا في بيانٍ أصدره مجلس الأمن القومي الإيراني الذي عقد اجتماعاً طارئاً عقب عملية الاغتيال وترأس الاجتماع المرشد الأعلى علي خامنئي لأوّل مرة في تاريخ الجمهورية الإسلامية؛ ما يدل على مدى أهمية سليماني ليس بالنسبة لنظام الحكم في إيران وحسب بل بشكل شخصي للولي الفقيه الذي منحه دون غيره أرفع وسام في الجمهورية الإسلامية وهو وسام “ذو الفقار”.

خطوة سريعة لسدّ الفراغ

بعد إعلانها الحداد لثلاثة أيام، سارعت إيران إلى تعيين خلفٍ للجنرال سليماني، حيث عينت نائبه في فيلق القدس العميد اسماعيل قآاني وهو أحد أبرز قادة الحرس الثوري خلال الحرب الإيرانية- العراقية، وجاءت سرعة هذا التعيين كمحاولة لسدّ الفراغ الكبير الذي خلفه سليماني، لا سيما أنّ قاآني أيضاً هو شخصٌ معروفٌ بولائه لمنظومة الحرس الثوري ومبادئ الثورة الاسلامية.

لكن رغم كلّ هذا، فإنّه من الصعب أن يكون بإمكان العميد قاآني أن يقوم بالدور الاستراتيجي الذي كان يؤديه سليماني لإيران في المنطقة؛ فالأخير استطاع تأسيس شبكة من الجماعات الشيعية والسنية المسلحة الموالية لإيران والعمل على توسيعها، مستغلاً السياسات الأمريكية الخاطئة في المنطقة، كما أنّه استطاع خلال العقدين الأخيرين من تأسيس تعلق شخصي وعاطفي عميق مع هذه الجماعات في المنطقة، حتى غدا بمثابة أسطورةٍ حيّة لديهم، لا سيّما أنّ الوليّ الفقيه والذي يُعتبر المرجعية العقائدية العليا لهذه الجماعات كان أطلق عليه لقب “الشهيد الحيّ”، ولذلك يبدو من الصعب على قاآني أن يملأ مكانه بهذه السهولة سيّما أنه لا يمتلك شخصية كارزماتية مثله، وبحسب بعض المحللين الإيرانيين فإنّ ذلك سيؤثر بشكلٍ كبير على إضعاف الحرس الثوري الإيراني.[1]

تحوّل في السياسة الأمريكية:

يمكن اعتبار انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي مع إيران في 8 أيار/مايو 2018 بداية التحوّل في سياستها تجاه إيران، حيث دعت إلى صياغة جديدة للاتفاق النووي كما أنها أقحمت شروطاً أخرى تعتبر مصيرية بالنسبة لإيران ضمن ملف الاتفاق النووي، لا سيّما ملف الصواريخ الباليستية والمجموعات الشيعية المسلحة التي تدعمها إيران، وقد فرضت حصاراً اقتصادياً شديداً على إيران ومنه السعي لتصفير صادراتها النفطية، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر سلباً على تمويلها لهذه الجماعات، كما أنها أقدمت على إدراج الحرس الثوري الإيراني على لائحة المنظمات الإرهابية في نيسان/ أبريل من العام الفائت؛ الخطوة التي وصفها بومبيو بالتاريخية حينها، وبأنها تبعث رسالة واضحة إلى الحرس وإلى قاسم سليماني[2].

أدركت إيران خطورة النوايا الأمريكية المضمرة وراء هذا التصعيد، ولم ترضخ للتضييق الأمريكي الخانق عليها لجرّها للجلوس إلى طاولة المفاوضات وفق الشروط الأمريكية، حتى بعد التلويح بالخيار العسكري من قبل الولايات المتحدة وذلك من خلال إرسالها الجنود والبوارج والقاذفات الاستراتيجية إلى مياه الخليج العربي، وبادرت إيران بالهجوم في خطوةٍ تعتبر هروباً إلى الأمام لجسّ نبض ردّ الفعل الأمريكي من خلال إسقاط طائرة أمريكية مسيّرة من طراز (غلوبال هوك) بنيران الدفاع الجوي للقوة الجوفضائية للحرس الثوري في جنوب إيران بعد اختراقها للأجواء الإيرانية، وذلك بحسب ما ذكره التلفزيون الإيراني الرسمي حينها.

اعتبرت الولايات المتحدة إسقاط طائرتها المسيرة استفزازاً كبيراً لها، وجاء الرد حينها بتجميد أصول لمسؤولين إيرانيين كبار بملايين الدولارات ومن بينهم وزير الخارجية جواد ظريف والمرشد الأعلى علي خامنئي.

وهنا بدت ملامح الطريق المسدود بين إيران وأمريكا تزداد وضوحاً، من خلال الخطوات التصعيدية من الطرفين، حيث اشتعلت التوترات في مضيق هرمز ذي الأهمية الاستراتيجية البالغة للملاحة البحرية والذي يمرّ عبره حوالي خُمس احتياجات العالم من النفط يومياً، هذا المضيق الذي كانت إيران تهدّد مراراً بإغلاقه في حال واجهت مزيداً من الضغوطات.

وجاءت عمليات الهجوم على ناقلات النفط ومنشآت آرامكو، وقد اتهمت الولايات المتحدة إيران بالوقوف وراء هذه الهجمات.

تمثلت هذه الفترة العصيبة بين الطرفين بأفعال وردود فعل محدودة و محسوبة بدقةٍ عالية، وتوضّح أنّ كلا الطرفين لا يريد التراجع والرضوخ  للآخر، وفي الآن ذاته لا يريدان إشعال فتيل الحرب، ولو أنها كانت بمثابة مغامرة على حافة الهاوية، غير أنّ آمال الطرفين كانت مختلفة؛ ففي حين كانت الولايات المتحدة مصمّمة على دفع إيران لاختيار إحدى الأمرّين؛ الحرب والتي لا تريدها إيران ولا تتحمّل تبعاتها، أو الرضوخ. كانت إيران تحاول الحفاظ على موقفها والاستمرار في لعبة الـ “لا مفاوضات واللا حرب” وكسب المزيد من الوقت على أمل عدم تولّي ترامب  دورة رئاسية ثانية، ومجيء رئيس أكثر مرونة معها شبيه  بالرئيس السابق أوباما.

لقد قوّض ترامب، من خلال اغتيال الجنرال سليماني، قواعد اللعبة المعقدة بين الولايات المتحدة وإيران وحطّم القمقم الذي يرقد فيه مارد الحرب المؤجلة بين الطرفين منذ أربعة عقود، وهذا ما اعتبرته إيران أيضاً خروجاً عن القواعد العسكرية الدولية.

أوضح ترامب من خلال هذه الضربة القاصمة بأنّ أمريكا ترامب ليست أمريكا أوباما، بل وحتى ليست أمريكا بوش أيضاً، فالرئيسان السابقان تحاشيا تصفية سليماني خشية أن يؤدي ذلك إلى اندلاع حربٍ لا تُحمد عقباها.[3]

وبحسب ما يقوله المحلل الإيراني سعيد قاسمي نژاد فإنّ الأمريكيين أخرجوا سليماني من دائرة استهداف العمليات الإسرائيلية خلال العِقدين الأخيرين وأنقذوا حياته، ومع وجود أسباب كثيرة فإنّهم لم يسعوا إلى تصفيته.[4]

لقد وضع ترامب الكرة مجدداً في ملعب إيران، لكن هذه المرّة هي كرةٌ من نار. فهل ستردّ إيران على ما سمته خطأً استراتيجياً كبيراً من أمريكا بخطأ استراتيجي آخر أيضاً؟

خيارات الردّ الإيراني

لا شكّ أنّ إيران في وضعٍ صعب  للغاية، فهي تجد الردّ والانتقام ضرورةً لا مناص منها، نظراً لأنّ العملية جاءت في صميم نظام الجمهورية الإسلامية وقوتها العسكرية، وبشكلٍ ما عقيدتها التاريخية؛ على اعتبار أنّ نظام الجمهورية الإسلامية هو امتداد للإمامة الشيعية بحسب المادة الخامسة من الدستور الإيراني التي تنصّ بشكلٍ صريحٍ على ذلك، ويُعتبر سليماني أحد أهمّ أركان ودعائم هذا النظام؛ ويتضح هذا من خلال إعادة استذكار وخلق حالة حداد شبيهة بالحداد والحزن على مقتل الإمام الحسين، لا سيما أنّ سليماني أيضاً قتل على أرض العراق على يد “الشيطان الأكبر” حسب الوصف الذي كان أطلقه الخميني على الولايات المتحدة قبل عقود. وما يدلّل على ذلك هو نشر الجهات الرسمية صوراً للحسين وهو يحتضن سليماني، ورفع الراية الحمراء على ضريح الإمام المهدي في مسجد جمكاران قرب مدينة قُم، والتي كُتب عليها (يا لثارات الحسين) وهو شعار تاريخي أطلقه الشيعة للانتقام لدماء الحسين، وهو يعبّر في الموروث الشيعي عن بدء الحرب و يتضمن دعوة محبّي آل  البيت إلى الانضمام إليها، وأيضاً الطواف بجنازة سليماني في مدينة مشهد ذات القدسية الخاصة لدى الشيعة والتي فيها ضريح الإمام الرضا ثامن الأئمة الإثني عشر.

ماذا يمكننا أن نفهم من هذه الطقوس التي جرت في تشييع سليماني؟ يمكننا قراءة هذا المشهد على أنّه محاولة لإثارة عواطف الشعب الإيراني- الشيعي في غالبيته- ولحشد الموالين لإيران من مختلف أنحاء العالم، وهي دعوة خاصة لشحذ همم الجماعات المسلحة منها في المنطقة  للردّ على الولايات المتحدة من خلال استهداف تواجدها في المنطقة، وهذا ما عبّر عنه صراحةً الجنرال أحمد حاجي زادة قائد القوة الجوفضائية في الحرس الثوري بقوله إنّ أقلّ ثمن لدماء سليماني هو الإخراج الكامل لأمريكا من المنطقة. وقد بدأت إيران بالعمل على هذا الأمر داخل إيران، ويتضح ذلك من خلال صور لاستمارات تناقلها ناشطون إيرانيون على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي لتسجيل أسماء المتطوعين الراغبين بالانضمام إلى العمليات “الاستشهادية” ضدّ أمريكا وإسرائيل.

تعتقد إيران أنّ هذا الردّ هو الردّ الأمثل، ذلك أنّها تدرك جيداً عواقب توجيه ضربات عسكرية من الأراضي الإيرانية بشكلٍ مباشر إلى القوات الأمريكية، سواءً في الخليج العربي أو في قواعدها المنتشرة في المنطقة، ولذلك فهي ستلجأ إلى وكلائها لضرب القواعد الأمريكية في العراق وسوريا والخليج وربما في أفغانستان، وبالتوازي مع ذلك ستحاول إيران تنفيذ اغتيالات لشخصيات أمريكية أو على علاقة بها؛ فالحرس الثوري لا ينشط داخل إيران والمنطقة وحسب، وإنما تمتد شبكته إلى مختلف دول العالم من خلال سفراء إيران المقربين من الحرس الثوري بشكل مباشر، وذلك وفقاً لدراسة أصدرتها الرابطة الأوربية (EIFA) عام 2015. [5]

ستلجأ إيران أيضاً إلى القيام بعمليات سايبيرية (هجمات إلكترونية) نوعية ضدّ مواقع أمريكية حساسة عن طريق جيشها السايبيري الضخم الذي يضم حوالي 2400 محترف إلكتروني،  ويعمل بالنيابة عن الحرس الثوري في الفضاء الإلكتروني، ويعتقد بعض المختصين أنّ احتواء برنامج الحرب الإلكترونية الإيرانية أصعب من احتواء برنامجها النووي، وقد نفذ هذا الجيش عمليات قرصنة ضد موقع توتير عام 2009، وتمكن من اختراق خوادم الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 2012. [6]

ويرى بعض المحللين أنّ ردّ إيران يمكن أن يتمثل في إلغاء الاتفاق النووي بشكلٍ نهائي بل وحتى الانسحاب من معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية، وبالفعل فقد أعلنت إيران الأحد 5 كانون الثاني/ يناير عن “الخطوة الخامسة والنهائية” لتقليص التزاماتها في الاتفاق النووي، وعن عدم بقاء أية قيود في المجال العملياتي فيما يتعلق بمستوى التخصيب ونسبته وكمية المواد المخصبة،  والبحث والتطوير، وقد رأى وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أنّ هذه الخطوة قد تؤدي إلى إلغاء الاتفاق النووي.

خطأ استرتيجي أم قرار مدروس؟

يرى بعض المحللين إنّ شخصية قاسم سليماني يعني لإيران ما يعنيه لأمريكا مدير وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) وقائد القوات المركزية الأمريكية في المنطقة والمبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لمحاربة داعش، مجتمعين، وهذا يُحتّم على إيران القيام بردّ سريع، للحفاظ على موالي الجمهورية الإسلامية  في الداخل وحفظ ماء وجهها  كقوة إقليمية كبيرة في المنطقة من جهة، ومن جهة أخرى لضمان عدم زعزعة ثقة وكلائها الحاليين بها، ولضمان استقطاب وكلاء جدد لها، ولرأب الصدع الكبير الذي حدث في عمقها الاستراتيجي الذي حرصت على تأسيسه منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979.

لكن في المقابل أيضاً ثمة تربّصٌ من قبل الجانب الأمريكي الذي يعلن في كلّ لحظة على لسان الرئيس ترامب عن الاستعداد لردّ مضاعف وشديد؛ فقد نشر ترامب مؤخراً في تغريدة على تويتر للرد على تلميح إيران بإلغاء الاتفاق النووي أنّه لن يسمح بامتلاك إيران للسلاح النووي، وقبل ذلك ردّ على تصريحات قادة الحرس الثوري بتحديد نقاط أمريكية لاستهدافها وأعلن بدوره عن تحديد 52 هدفاً إيرانياً سيتم استهدافه في حال ألحقت إيران الأذى بمواطنيها، وربط عدد الأهداف بعدد الأسرى الأمريكيين الـ 52 الذين احتجزوا في السفارة الأمريكية بعد تعرضها للهجوم من قبل الطلبة الموالين للخميني عقب انتصار الثورة الإسلامية بسبب استقبال أمريكا للشاه المخلوع حينها.

إنّ هذا الربط  الدقيق بين ماضي الأزمة بين البلدين وحاضرها لا يشي بأنّ ترامب قد اتخذ قرار تصفية سليماني بشكلٍ اعتباطي في هذا التوقيت؛ ويبدو أنه قد عمل على تهيئة الأرضية لاتخاذ قرارٍ خطيرٍ كهذا منذ إعلانه انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وذلك من خلال التضييق الاقتصادي الخانق على إيران؛ هذا الاختناق الاقتصادي الذي لن يخوّل إيران للقيام بحرب كبيرة وباهظة التكاليف مع الولايات المتحدة، فضلاً عن عدم وجود تكافؤ في القوة العسكرية بين البلدين، وكان من تبعات هذا الحصار الاقتصادي إحداث شرخ هائل بين غالبية الشعب الإيراني ونظام الجمهورية الإسلامية، ولا سيما بعد القمع الدموي لاحتجاجات تشرين الثاني من العام الفائت ومقتل نحو 1500 متظاهر وذلك بحسب ما أعلنته رويترز، وبذلك يضمن ترامب عدم اصطفاف الشعب الإيراني إلى جانب النظام، الذي كان ينجح في استقطابه حوله عندما تتعرض الأراضي الإيرانية لاعتداء خارجي كما حدث في الحرب مع العراق في الثمانينات، وربما يعوّل عليه في تغيير النظام في حين توفّرت المشيئة الأمريكية لذلك. كلّ هذا طمأن ترامب للقيام بالتصعيد الكبير الذي يرمي منه إلى إخضاع إيران في النهاية، مع تشكل قناعة تامة لديه بأنّ إيران ستعدّ حتى الألف قبل أن تشعل حرباً مباشرةً بينها وبين الولايات المتحدة رغم كلّ التهديدات التي يطلقها القادة الإيرانيون.

وفي النهاية يبقى الباب مفتوحاً أمام كلّ الاحتمالات نظراً لحساسية الوضع الراهن الذي يعيشه  الشرق الأوسط ككل، وإنّ أيّ خطأ في الحسابات بين طرفي الصراع البارزين في المنطقة أي أمريكا وإيران من الممكن أن يؤدي بالمنطقة إلى كارثة لا يمكن التوقع بنتائجها.

[1] آیا صبر استراتژیک آمریکا در قبال «تروریسم شیعی» به پایان رسیده است؟

[2] . واشنطن تدرج الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب.

[3] For Trump, a Risky Decision on Suleimani Is One Other Presidents Had Avoided.

[4] آیا صبر استراتژیک آمریکا در قبال «تروریسم شیعی» به پایان رسیده است؟

[5] سياسة شبكة اغتيالات في أوروبا.. إيران تحرق العالم بـ”دبلوماسية النار”

[6] الجيش السيبراني الإيراني القوة السرية المدمرة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى