ترجمات

“مليئةٌ بالكراهية ومتعطشة لسفك الدماء” الفصائل الموالية لتركيا متهمة بانتهاكات ضد المدنيين

يتهم اللاجئون السوريون الجنود الموالين لتركيا بالتطهير العرقي حيث نزح حوالي مئتا ألف شخص من المنطقة

منذ أن تدخلت تركيا لإبعاد المقاتلين الكرد السوريين المتحالفين مع الولايات المتحدة من مساحة واسعة من شمال شرق سوريا، وخلال شهر فقط، تم توثيق انتهاكات كثيرة ضد القوات الموالية لتركيا والمتمثلة بالجيش الوطني؛ بحق السكان المحليين، وهذا ما يقوّض هدف تركيا المعلن؛ والمتمثل في إنشاء “منطقة آمنة” للمدنيين.

نزح أكثر من مئتي ألف شخص داخلياً بسبب الهجوم الذي قادته تركيا، وفقا للأمم المتحدة.

تقول العائلات التي انتشرت في جميع أنحاء شرق سوريا إن فصائل العرب السوريين في تركيا والتي تحارب بالوكالة عن تركيا نفذوا عمليات إعدام بلا محاكمة؛ وضربوا؛ وخطفوا؛ واحتجزوا أقربائهم؛ ونهبوا منازلهم ومنشآتهم وممتلكاتهم.

يقول اللاجئون إن النتيجة هي شكل من أشكال التطهير العرقي – ويرون أن هذه العملية مصممة -جزئياً- لإبعاد السكان الأكراد والمتعاطفين معهم واستبدالهم بالعرب الموالين لتركيا.

شنت تركيا هجوماً عسكرياً عبر الحدود المجاورة لسوريا في 9 أكتوبر بهدف دفع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة بعيدًا عن حدودها. وهي مزيج من القوات يقودها الأكراد.

حيث قادت قوات سوريا الديمقراطية حملة بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش في شمال شرقي سوريا.

لكن تركيا اعتبرت وجود قوات سوريا الديمقراطية بالقرب من الحدود تهديداً لفترة طويلة، وذلك بسبب العلاقات مع جماعة انفصالية كردية في تركيا، أو حزب العمال الكردستاني، أو PKK، الذي صنفته كل من الحكومتان التركية والأمريكية كمنظمة إرهابية.

وبشكل أساسي، لقد فوضت تركيا الهجوم البري للقوات المقاتلة بالوكالة عنها، الجيش الوطني السوري، وهي مظلة تضم مجموعة في شمال سوريا تتألف من تشكيلة متنوعة من قوات متمردة معارضة لحكومة الرئيس السوري بشار الأسد.

لقد حاربت العديد من فصائل هذه الجماعة بناءً على طلب تركيا في عمليتين عسكريتين سابقتين على مدى السنوات الثلاث الماضية، والمؤلفة بمعظمها من المقاتلين العرب السوريين.

يلقي العديد من السكان المسؤولية على عاتق الجيش الوطني السوري بسبب عمليات النهب التي حصلت ضد المدنيين الذين طردوا بالآلاف من المنطقة.

من بين هؤلاء النازحين، شخصٌ يُدعى فاتح، وهو حلّاق يبلغ من العمر 38 عامًا من بلدة رأس العين الحدودية في شمال شرق سوريا.

كعربي من أصل تركي، كان من بين أولئك الذين كان من المتوقع أن يدعموا التوغل التركي. لكن في مقابلة عبر الهاتف من مدينة الرقة شمال وسط سوريا، حيث فر هو وعائلته، أعرب عن كرهه للجيش الوطني السوري.

وقال فاتح، الذي اشترط عدم ذكر اسمه الكامل خوفًا من الانتقام، “لقد تمت تعبئة هؤلاء الأشخاص بالكراهية والتعطش لسفك الدماء”

إنهم لا يميزون بين العرب والكرد وبين المسلمين وغير المسلمين.” لقد اتصلوا بي قبل الهجوم وقالوا إنه كمسلم عربي، من واجبي الانتقام من الأكراد ومساعدة تركيا في غزو مدينتي”.

ورفض فاتح التواصل معهم، والذي كان أحد أنصار قوات سوريا الديمقراطية وتمثيلاتها الدبلوماسية والإدارية، وانضم إلى أصدقائه الأكراد في الفرار من رأس العين.

وقال محمد عارف، اختصاصي الأشعة من بلدة تل أبيض الحدودية، إنه تلقى مكالمة هاتفية، تتضمن تهديداً. حيث قال: “اتصل بي أحدهم وقال ببساطة” نريد رأسك “، كما لو أن سرقة منزلي وإخراجي من مدينتي لمجرد أنني كردي لم يكن كافياً”.

وقال عارف، الموجود الآن في كوباني، على بعد حوالي 50 كم إلى الغرب من تل أبيض، إن هذا التوغل ذكّره عندما غزا داعش بلدته في عام 2013.

وقال إن أفراد الجيش الوطني السوري “دمروا تمثال حجري لأسد عند مدخل بنايتنا، معتقدين أنه كان رمز لعبادة الأصنام”. “أخذوا سجاداتنا وفرشوها في الشارع لأداء صلاة الجماعة”.

كما أدى الهجوم إلى نزوح ميكائيل محمد، الكردي صاحب متجر للملابس في تل أبيض. هو وعائلته الآن في الرقة، مع ثلاث عائلات أخرى في شقة مكتظة من غرفة نوم واحدة والتي هجرها سكانها.

وقال محمد عبر الهاتف: “لنكن واضحين، إن تل أبيض ليست تحت سيطرة تركيا”. “إنها تحت سيطرة مرتزقة تركيا”. “لقد استولوا على منازل الأكراد وجعلوها ملكًا لهم”.

وتحدث السيد محمد إن أقاربه الذين لم يستطيعوا أن يخرجوا من تل أبيض أخبروه أن أُسر مقاتلين من داعش استولوا على مبناه، هؤلاء الذين فروا من مخيم للمعتقلين قريب من المنطقة.

وقال عن مقاتلي الجيش الوطني السوري “كل واحد من هؤلاء المرتزقة يتصرف كما لو كان مسؤولاً عن المدينة”.

“يذهبون إلى داخل المنازل ويحجزونها لأنفسهم. إنهم يخطفون ويُعدمون الناس بحجة أنهم “ملحدين” أو “كفار”. “وهم ينهبون ممتلكات الناس في وضح النهار “.

متظاهرة تحمل ملصقًا يحمل صورة للسياسية الكردية هيفرين خلف التي أُعدمت ميدانياً على أيدي أفراد من الجيش الوطني السوري (بيتر كولمي /AFP عبر Getty Images)

بالنسبة إلى عامل إغاثة كردي سوري من رأس العين، تحدث قائلاً ” بالنسبة للكرد يفضلون عدم العودة إلى بيوتهم في ظل سيطرة هذه الفصائل”.

قال أحد عمال الإغاثة النازحين، والذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته. بأن مقاتلي الجيش الوطني السوري “يعتقدون أنهم بقتلك ينفذون الأوامر الإلهية، وأن سرقة الممتلكات الخاصة بك هي مكافأة لهم” وهو يعيش الآن في القامشلي، المدينة التي تبعد حوالي مائة كم شرق رأس العين.

وقال عامل الإغاثة إن السلوك الإجرامي للمقاتلين يتزايد في غياب القوات التركية.

“عندما يكون الأتراك موجودين، يمتنع المرتزقة السوريون عن نهب الممتلكات أو إيذاء أي شخص”، أوضح. “الأتراك على دراية بمثل هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان، ويحاولون الحد منها، لكن ليس بالقدر الكافي”.

في حديث مع الصحفيين، دافع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن حلفائه المتمردين السوريين، قائلاً: “إنهم ليسوا “إرهابيين” بل محاربون إسلاميون مقدّسون كانوا “يدافعون عن أرضهم هناك، يداً بيد وكتفاً إلى كتف وجنباً إلى جنب مع جنودي”

بموجب الصفقة التي عقدت بين موسكو وأنقرة في 23 أكتوبر / تشرين الأول تنازلت فيها عن الأراضي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية بشكل فعلي -تمتد بعرض 120كم وعمق 32 كم، من تل أبيض إلى رأس العين.

في الشهر الماضي، واجه الجيش الوطني السوري إدانة قوية بعد أن أظهرت مقاطع فيديو مصوّرة مقاتلين من فصيل أحرار الشرقية، وهم يقومون بإعدامات ميدانية بحق الأسرى على طريق الدولي (4M) الذي استولوا عليه بالقرب من تل أبيض.

كما اتُهمت المجموعة نفسها بقتل هفرين خلف، وهي سياسية كردية سورية، بعد أن نصّبت كميناً لسيارتها جنوب المدينة في 12من تشرين الأول/ أكتوبر.

في استجابة لردود الفعل التي ظهرت، شكّل الجيش الوطني السوري لجنة مكلفة بالتحقيق في الجرائم التي يزعم أن أفراد المجموعة ارتكبوها، ويرأس اللجنة العقيد حسن حمادة، نائب وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة للمعارضة.

وقال العقيد حمادة لصحيفة واشنطن بوست: “نعترف بأن لدينا جنوداً يرتكبون انتهاكات لحقوق الإنسان”. “عدم تجانس الجيش الوطني السوري يجعل مهمة انضباط الجميع أكثر صعوبة. يبدو الأمر وكأننا نرقع الملابس الممزقة. “

ومع ذلك، فقد رفض معظم الاتهامات التي تم تداولها عبر الإنترنت، واصفا إياها بأنها جزء من حملة تشهير تقوم بها قوات سوريا الديمقراطية. ولم يحدد التهم التي اعتبرها مزيفة.

وقال العقيد حمادة “مع هذه الاتهامات الخاطئة، يريدون تصويرنا كوحوش همجيين”. “لقد تسببت هذه الشائعات في فرار العديد من الناس من مدنهم وقراهم حتى قبل أن نحررها”.

ولكن بالنسبة للنازحين مثل فاتح ومحمد، فإن الانتهاكات أكثر من مجرد شائعات.

روى فاتح قائلاً “دخل أربعة رجال مسلحين يرتدون ملابس عسكرية إلى متجر صغير لأخي في رأس العين، وتناولوا السجائر وأشياء أخرى ومن ثم رفضوا دفع ثمنها”.

“عندما أصر أخي على أن يدفعوا، وأخبرهم أن لديه أطفالًا لإطعامهم، ضربوه وحطموا زجاج الواجهة لمتجره.”

ووصف ما يحدث في شمال شرق سوريا بأنه بمثابة التطهير العرقي.

وقال فاتح “تتحدث تركيا الآن عن حماية السكان المحليين ومنح السلطة للمجالس المحلية في المناطق التي استولت عليها”.”ما هي المجالس المحلية التي تتكلم عنها؟ لا توجد مجالس محلية حقيقية عندما يتم تهجير السكان المحليين وتشريدهم في محاولة لتغيير التركيبة السكانية في المنطقة “.

بقلم: آسر خطاب وفهيم كريم

ترجمة عن الانكليزية: مركز الفرات للدراسات – قسم الترجمة.

رابط المقال

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى