دراسات

ما مصير عائلات عناصر تنظيم “داعش” المحتجزة في شمال شرق سوريا؟

 وحدة الدراسات في مركز الفرات

المحتوى:

– مقدمة.

– بطاقة تعريفية لمخيم روج.

– مواقف الدول التي تنتمي إليها العائلات المحتجزة.

– رغبة العائلات.

-أهمية احتواء العائلات.

– خاتمة

مقدمة

بات السجال الدائر حول عودة عائلات عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) المحتجزة لدى الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا، إلى بلدانها، بات الحديث الرئيس لما بعد الانتصار، حيث ترفض هذه الدول البت في أوضاع عائلاتهم، ودمجهم في مجتمعاتهم من جديد.

وبغية إغناء هذه الورقة البحثية التي توضّح مدى رغبة عائلات عناصر “التنظيم” الاندماج في مجتمعاتها من جديد، قام مركز الفرات للدراسات برصد إجابات بعض نساء عناصر التنظيم في مخيّم روج للاحتجاز، والسؤال عن رغبتهن بالعودة إلى بلدانهم إذا ما فكّ حجزهنّ، وهنّ عشرة نساء، أتين جميعاً من خارج سوريا، من جنسيات مختلفة، وأغلبهنّ حاصلات على شهادات أكاديمية.

بطاقة تعريفية لمخيم روج :

يقع مخيم روج في شمال شرق سوريا، على بعد حوالي (25)كم جنوب غرب مدينة ديريك (المالكية)، يحوي المخيّم المئات من عائلات عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) وهن نساء ممن بقين دون أزواج، ولهنّ أطفال من زوج أو أكثر؛ يسكنون جميعاً المخيم.

افتتح المخيم في الشهر الثامن من العام 2016، لتؤوي النازحين العراقيين، بعد أن كان مقره السابق في قرية الحاكمية بديرك، ليتحول في الثامن من الشهر الثامن من العام 2017 الى مخيم عوائل تنظيم “الدولة”، ويضم حديقتين، بالإضافة لملعب كرة قدم، وملعب للأطفال.

أقدم عائلة في المخيم دخلت بتاريخ 8/8/2017

عدد العوائل المتواجدة ضمن المخيم (550) عائلة، منها (466) عائلة من عوائل تنظيم “الدولة”، من الجنسيات العراقية، والمصرية، والروسية، والأمريكية، والمغربية، والتركية، والعراقية، أما بقية العائلات فهم من النازحين العراقيين، وتم ترحيل ثلاثة عشر عائلة من روسيا، وداغستان، والشيشان، من المخيم منذ إنشائه.

تقضي ساكنات المخيم من زوجات رجال “التنظيم”، أغلب أوقاتهن في تربية أولادهن، والعبادة، وأعمال خيمهن، وأغلب مشاكلهن هي بسبب الأطفال، وانخرط قسم منهن في دورات الخياطة، البعض يعملن في المخيم ويبعن منتجاتهن خارج المخيم، كما خصص رقم هاتف وبريد الالكتروني للتواصل مع ذويهن.

مواقف الدول التي تنتمي إليها العائلات المحتجزة.

بادرت الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا بطرح موضوع عودة عائلات التنظيم المحتجزة لديها إلى بلدانها، وذلك من خلال عقد مؤتمرات صحفية، ووجّهت من خلالها نداءات الى الدول المعنية لأخذ مواطنيها من عناصر التنظيم وعائلاتهم، بينهم نساء وأطفال محتجزين لدى الإدارة الذاتية.

وجاء في إحدى المؤتمرات الصحفية بأنّ “عدداً كبيراً من عناصر تنظيم “داعش” الأجانب بينهم نساء وأطفال محتجزون في سجوننا، وأنّ الأعداد كبيرة جداً، ولا طاقة لدينا لتحمّل العبء، والدول الأوربية تريد أن تلقي بكرة النار هذه بين وجوهنا، وأن نتحمّل المسؤولية لوحدنا، وأن العدد وصل إلى (790) عنصراً و(1248) طفلاً و(584) امرأة وهم مواطنو (48) دولة.”

لكن النداء الذي وجهته الإدارة الذاتية لم يلق آذان صاغية إلا من قبل قلة من الدول، حيث بادرت إلى أخذ مواطنيها من عائلات التنظيم، كروسيا الاتحادية، وباتت مشكلة العائلات الرئيسية هي في عدم قبول محاكمتهم أو احتوائها لمواطنيها من عائلات التنظيم.

رغبة العائلات.

إن غداً مجهولاً، ومصيراً غامضاً، ينتظر عائلات مسلّحي تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) وأطفالها في مناطق شمال شرق سوريا، وسط غياب ما يكفل عودتهم إلى بلدانهم.

المئات من النساء والأطفال من عائلات “التنظيم”، جميعهم لمقاتلين أجانب قدموا من عشرات الدول إلى سوريا، وذلك عقب سيطرته على مدينة الرقة عام 2014.

لإلقاء الضوء على مشكلة العائلات العالقة ما بين عشرات الدول التي قدمت منها العائلات، والإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا، رصد مركز الفرات للدراسات إجابات عشر نساء من عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) عن السؤال حول رغبتهن بالعودة إلى بلدانهن الأصلية إذا ما فكّ حجزهنّ، فكانت الإجابات متشابهة في مضمونها ومختلفة في تعابيرها ما بين رفض العودة لامتناع دولهم عن استقبال عائلاتهم، وأخرى يحيطها الخوف من القادم، وإجابات يظهر فيها عدم الخوف والتردد في قبولهن بالعودة إلى البلد الأصل، بل وسابقاً محاولتهن الهروب من تنظيم الدولة بهدف العودة إلى الأهل والبلد الأصل.

وردت إجابات ثلاثة نساء متشابهات في المحتوى والتعبير “نحن لا نرغب بالعودة لأن دولنا ترفض استقبالنا” وأجابت ثلاثة نساء عن السؤال بغموض يلفّه الخوف من القادم “لا نعلم.. المصير مجهول” بينما أجابت أربعة نساء بطلاقة عن رغبتهن العودة إلى البلد الأصل، بل وزادوا على ذلك في محاولاتهن الهروب من مدينة الرقة سابقاً لأجل الوصول إلى بلدانهن وأهلهن “لأجل العودة حاولناً سابقا الفرار من الدولة الإسلامية واتصلنا مع الأهل والحكومات”.

من خلال الإجابات يتبيّن بأنّ النساء العشر لهنّ رغبة في العودة إلى البلد الأصل إذا ما أعطين الأمان في الاندماج من جديد، وعدم تعرّضهن للسجن والعقوبة، فذكرت ثلاثة منهنّ في إجاباتهنّ عن عدم رغبتهن بالعودة، وأعدن السبب إلى رفض الدول استقبالهنّ، كما أظهرت ثلاثة منهنّ تخوّفهن من المستقبل ونعت القادم بالمصير المجهول؛ ما يدل على الخوف من العودة، ولم تتوانى أربعة منهن في إظهار رغبتهن بالعودة علانية ودون الخوف من العاقبة.

هذه الإجابات إنّما هي نداء واضح من نساء عناصر “التنظيم” إلى دولهن في طلب العودة إلى أهلهنّ وبلدانهنّ شريطة عدم تعرضهن للسجن والعقوبة.

أهمية احتواء العائلات

المساهمة في الدفع نحو تدارس المشكلة من قبل الدول، لهي بداية حلّ معضلة عائلات “التنظيم”، وذلك لأنّ موضوع احتوائهم بات مشكلة تتخوّف الدول من الاقتراب منها، فكثير من الدول التي تنتمي إليها العائلات لا تبغي التقرّب من الموضوع وتدارسه، بل وترفض بأن تظهر العائلات التي تحمل جنسياتها عبر الإعلام حتى.

هذه المواقف لا تجدي نفعاً أمام مشكلة ملتهبة في قلب كومة قش قد تتمدد نارها إلى تلك الدول إذا ما أداروا ظهورهم للمشكلة، ولم يبادروا في إيجاد الحلول النافعة.

من المستحسن أن تتقبّل الدول دور المواجهة وإزالة العقبات القانونية أمام العائلات بدل النظر إلى المشكلة خلسة.

على الدول المعنية قبول النظر في الأمر كخطوة إيجابية نحو أمان مجتمعاتها، بل وأخذ العائلات إلى بلدانها، والسماح في إعادة الاندماج من جديد، بغية إزالة المخاوف الأمنية، وبخاصة أن أغلب العائلات لها رغبة العودة والاندماج مع الأهل والمجتمع.

 من المهم النظر في وضع أطفال أسر عناصر التنظيم وهم بالمئات، وتهيئة الظروف المناسبة لتأهيلهم وإعادتهم إلى مقاعد الدراسة، وذلك لقطع السبيل أمام حشو أفكارهم بالتعصّب وثقافة الانتقام، هذه الاجراءات من قبل الدول إنّما تصبّ في أمنها القومي قبل غيرها، والتعامل بالعكس سيجعل من العائلات وأطفالهم حشوة بارود لمستقبل مجهول.      

خاتمة

بقاء عائلات عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) في مخيم روج، هي مشكلة قائمة ومازالت دون حلّ، وهي مشكلة مؤجلة تواجهها الدول آجلاً أم عاجلاً، لكن مواجهتها في بدايتها ومنذ السنوات الأولى ربما يسهل الحلّ في اندماج العائلات من جديد مع مجتمعاتهم والتقرّب بسرعة من أهاليهم وأقاربهم، ويسهّل الأمر أكثر في تلقين أطفالهم دروس العيش المشترك وقبول الآخر، وذلك قبل أن تستفحل المشكلة ويترسّخ الفكر المتعصّب في أذهانهم، وتمتلئ ذاكرتهم بقصص الحرب والضغينة والانتقام، فكانت هذه المقالة البحثية التوضيحية لدقّ ناقوس الخطر، وتنبيه ذوي الشأن بخطورة الوضع، وفتح الملف أمام تدارس وتدارك المشكلة.     


مراجع:

  • موقع قناة كردستان 24 – آخر ولوج 13-11-2018

http://www.kurdistan24.net/ar/news/036856c0-5459-4ab8-bd2e-992f8b7b80a0

  • لقاءات مع نساء عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” بغاية خدمة الورقة البحثية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى